خلايا جذعية تعكس مرض السكري لدى إمرأة [الأولى من نوعها في العالم] – ترجمة* محمد جواد ىل السيد ناصر الخضراوي

Stem cells reverse woman’s diabetes — a world first
(Smriti Mallapaty – بقلم: سميرتي مالاباتي)

هي أول شخص مصاب بمرض السكري من النوع الأول يتلقى هذا النوع من الزراعة.

بدأت امرأة تبلغ من العمر 25 عامًا مصابة بمرض السكري من النوع الأول في إنتاج الأنسولين الخاص بها بعد أقل من ثلاثة أشهر من تلقي عملية زرع خلايا جذعية أعيد برمجتها[1]. وهي أول شخص مصاب بالمرض يتم علاجه باستخدام خلايا تم استخراجها من جسدها.

,قالت المرأة التي تعيش في مدينة تيانجين بالصين في مكالمة مع مجلة “نيتشر Nature”: “أستطيع أن آكل السكر الآن”. وقد مر أكثر من عام منذ عملية الزرع، وتقول: “أستمتع بتناول كل شيء – وخاصة الحساء الساخن”. وطلبت المرأة عدم الكشف عن هويتها لحماية خصوصيتها.

بدأت امرأة مصابة بمرض السكري من النوع الأول في إنتاج الأنسولين (باللون الأزرق) بعد عملية زرع الخلايا الجذعية. مصدر الصورة: لينارت نيلسون، شركة بوهرينجر إنجلهايم الدولية المحدودة، تي تي / مكتبة الصور العلمية.

ويقول البروفيسور جيمس شابيرو، جراح زراعة الأعضاء والباحث في جامعة ألبرتا في إدمونتون بكندا، إن نتائج الجراحة مذهلة. ويتابع: “لقد عكسوا مرض السكري تمامًا لدى المريض، الذي كان يحتاج إلى كميات كبيرة من الأنسولين مسبقًا”.

وتأتي الدراسة، التي نشرت في مجلة “الخلية Cell” اليوم [26 سبتمبر 2024]، في أعقاب نتائج من مجموعة منفصلة في شنغهاي بالصين، والتي أفادت في أبريل [2024] أنها نجحت في زرع خلايا منتجة للأنسولين في كبد رجل يبلغ من العمر 59 عامًا مصاب بمرض السكري من النوع[2]. كما تم استخلاص الخلايا المنتجة للأنسولين من خلايا جذعية أعيد برمجتها مأخوذة من جسم الرجل نفسه، وقد توقف منذ ذلك الحين عن تناول الأنسولين.

وتعد هذه الدراسات من بين عدد قليل من التجارب الرائدة التي تستخدم الخلايا الجذعية لعلاج مرض السكري، الذي يؤثر على ما يقرب من نصف مليار شخص في جميع أنحاء العالم. ويعاني معظمهم من مرض السكري من النوع الثاني، حيث لا ينتج الجسم ما يكفي من الأنسولين أو تقل قدرته على استخدام الهرمون.

وفي مرض السكري من النوع الأول، يهاجم الجهاز المناعي خلايا الجزر في البنكرياس [المترجم: جزر البنكرياس هي مجموعات من الخلايا التي تنتج الهرمونات، تُعرف باسم الجزر. يوجد عدة أنواع مختلفة من الخلايا في الجزر. على سبيل المثال، تنتج خلايا ألفا هرمون الجلوكاجون، الذي يرفع مستوى الجلوكوز (نوع من السكر) في الدم. المصدر: https://kidshealth.org/en/parents/islet-cells.html#].

ويمكن أن تعالج عمليات زرع الخلايا المنتجة للأنسولين المرض، ولكن لا يوجد عدد كافٍ من المتبرعين لتلبية الطلب المتزايد، ويجب على المتلقين استخدام أدوية مثبطة للمناعة لمنع الجسم من رفض أنسجة المتبرع.

ويمكن استخدام الخلايا الجذعية لزراعة أي نسيج في الجسم ويمكن زراعتها إلى أجل غير مسمى في المختبر، مما يعني أنها قد توفر مصدرًا لا حدود له لأنسجة البنكرياس. وباستخدام الأنسجة المصنوعة من خلايا الشخص نفسه، يأمل الباحثون أيضًا في تجنب الحاجة إلى مثبطات المناعة.

خلايا معاد برمجتها

في أول تجربة من نوعها، قام البروفيسور دينغ هونغكوي، عالم الأحياء الخلوية في جامعة بكين، وزملاؤه باستخراج خلايا من ثلاثة أشخاص مصابين بمرض السكري من النوع الأول وإعادتها إلى حالة متعددة القدرات، والتي يمكن من خلالها تشكيلها إلى أي نوع من الخلايا في الجسم.

وتم تطوير تقنية إعادة البرمجة هذه لأول مرة من قبل البروفيسور شينيا ياماناكا في جامعة كيوتو في اليابان منذ ما يقرب من عقدين من الزمان. ولكن البروفيسور دينغ وزملائه قاموا بتعديل التقنية[3]: فبدلاً من إدخال البروتينات التي تحفز التعبير الجيني، كما فعل البروفيسور ياماناكا، قاموا بتعريض الخلايا لجزيئات صغيرة. وقد أتاح هذا المزيد من التحكم في العملية.

ثم استخدم الباحثون الخلايا الجذعية متعددة القدرات المستحثة كيميائيًا لتوليد مجموعات ثلاثية الأبعاد من الجزر. وقد اختبروا سلامة وفعالية الخلايا في الفئران والرئيسيات غير البشرية [المترجم: هي مجموعة من الثدييات تتألف من القرود والقردة البدائية، مثل الليمور. وتنقسم القرود إلى مجموعتين فرعيتين: قرود العالم القديم، التي تنتمي إلى أفريقيا وآسيا، وقرود العالم الجديد، التي تنتمي إلى أميركا الوسطى والجنوبية. المصدر: https://ec.europa.eu/health/scientific_committees/opinions_layman/en/non-human-primates/l-2/1-use-eu.htm#]

وفي يونيو 2023، وفي عملية استغرقت أقل من نصف ساعة، حقنوا ما يعادل حوالي 1.5 مليون جزيرة [راجع تعريف جزر البنكرياس] في عضلات بطن المرأة – وهو موقع جديد لزراعة الجزر. ويتم حقن معظم عمليات زرع الجزر في الكبد، حيث لا يمكن ملاحظة الخلايا. ولكن بوضعها في البطن، يمكن للباحثين مراقبة الخلايا باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي، وإزالتها إذا لزم الأمر.

خالي من الانسولين

بعد شهرين ونصف الشهر، كانت المرأة تنتج ما يكفي من الأنسولين لتعيش دون الحاجة إلى جرعات إضافية، وحافظت على هذا المستوى من الإنتاج لأكثر من عام. وبحلول ذلك الوقت، توقفت المرأة عن تجربة ارتفاعات وانخفاضات خطيرة في مستويات الجلوكوز في الدم، والتي ظلت ضمن النطاق المستهدف لأكثر من 98٪ من اليوم. ويقول البروفيسور دايسوكي يابي، باحث في مرض السكري في جامعة كيوتو اليابانية: “هذا أمر رائع. إذا كان هذا ينطبق على مرضى آخرين، فسيكون رائعًا”.

النتائج مثيرة للاهتمام، ولكن يجب تكرارها على المزيد من الناس، كما يقول البروفيسور جاي سكايلر، أخصائي الغدد الصماء في جامعة ميامي بولاية فلوريدا، والذي يدرس مرض السكري من النوع الأول. ويريد البروفيسور سكايلر أيضًا أن يرى أن خلايا المرأة تستمر في إنتاج الأنسولين لمدة تصل إلى خمس سنوات، قبل اعتبارها “مشفية”.

ويقول البروفيسوردينغ إن النتائج التي حصل عليها المشاركان الآخران “إيجابية للغاية أيضًا”، وسيصلان إلى علامة مضي العام في نوفمبر [2024]، وبعد ذلك يأمل في توسيع التجربة لتشمل 10 أو 20 فردًا آخرين.

ولأن المرأة كانت تتلقى بالفعل مثبطات المناعة لعملية زرع كبد سابقة، لم يتمكن الباحثون من تقييم ما إذا كانت الخلايا الجذعية المحفزة متعددة القدرات تقلل من خطر رفض الطعم [الجزء الذي تم زرعه] [المترجم: الخلايا الجذعية المحفزة (أو المستحثة) متعددة القدرات (iPSCs) هي نوع جديد من الخلايا الجذعية متعددة القدرات تم إنتاجها لأول مرة في عام 2006 في الفئران. وهي تمثل موردًا مهمًا محتملًا للتطبيقات في الطب التجديدي. المصدر:    https://www.cira.kyoto-u.ac.jp/e/faq/faq_ips.html# ].

وحتى إذا لم يرفض الجسم عملية الزرع لأنه لا يعتبر الخلايا “غريبة”، ففي الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الأول، بسبب إصابتهم بحالة مناعة ذاتية، لا يزال هناك خطر من أن يهاجم الجسم الجزر [جزر البنكرياس]. ويقول البروفيسور دينغ إنهم لم يروا هذا في المرأة لأنها كانت تتناول مثبطات المناعة، لكنهم يحاولون تطوير خلايا يمكنها التهرب من هذه الاستجابة المناعية الذاتية.

خلايا المتبرع

يقول الباحثون إن عمليات زرع الخلايا باستخدام خلايا المتلقي لها مزايا، ولكن من الصعب توسيع نطاق الإجراءات وتسويقها. وقد بدأت عدة مجموعات تجارب على خلايا الجزر [جزر البنكرياس] التي تم تخليقها باستخدام خلايا جذعية من متبرع.

وقد تم الإبلاغ عن النتائج الأولية لتجربة واحدة، بقيادة شركة “فيرتكس للادوية” (Vertex Pharmaceuticals) في مدينة بوسطن، بولاية ماساتشوستس، في يونيو [2024]. فقد تلقى اثني عشر مشاركًا مصابًا بداء السكري من النوع الأول خلايا جزر [بنكرياس] مشتقة من خلايا جذعية جنينية متبرع بها تم حقنها في الكبد. وتم علاجهم جميعًا بمضادات المناعة. وبعد ثلاثة أشهر من عملية الزرع، بدأ جميع المشاركين في إنتاج الأنسولين عندما كان الجلوكوز موجودًا في مجرى الدم[4]. وأصبح البعض مستقلًا عن الأنسولين.

وفي العام الماضي، أطلقت شركة “فيرتكس” تجربة أخرى تم فيها وضع خلايا جزر [بنكرياس] مشتقة من خلايا جذعية متبرع بها في جهاز مصمم لحمايتها من هجمات الجهاز المناعي. وتم زرعها في شخص مصاب بداء السكري من النوع الأول، والذي لم يتلق مثبطات المناعة. ويقول البروفيسور شابيرو، الذي يشارك في إدارة الدراسة، والتي تهدف إلى تسجيل 17 فردًا: “هذه التجربة جارية”.

كما يعتزم البروفيسور ديسكاي ييب [جامعة كيوتو اليابانية] البدء في تجربة باستخدام خلايا الجزر [جزر البنكرياس] المنتجة باستخدام الخلايا الجذعية المحفزة متعددة القدرات من متبرع. وهو يخطط لتطوير صفائح من الجزر [جزر البنكرياس] ووضعها جراحيًا في الأنسجة البطنية لثلاثة أشخاص مصابين بمرض السكري من النوع الأول، والذين سيتلقون مثبطات المناعة. ومن المقرر أن يتلقى المشارك الأول عملية زرع الخلايا في أوائل العام المقبل.

*تمت الترجمة بتصرف

المراجع:

  1. Wang, S. et al. Cell 187, 1–13 (2024).
  2. Wu, J. et al. Cell Discov. 10, 45 (2024).
  3. Guan, J. et al. Nature 605, 325–331 (2022).
  4. Reichman, T. W. et al. Diabetes 72, 836-P (2023).

المصدر:

https://www.nature.com/articles/d41586-024-03129-3

المهندس محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *