ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية في أمريكا يقف كعقبة كأداء أمام انتقال الثروة لثلاثة أجيال متعاقبة (جيل الألفية وما قبله وما بعده) – ترجمة* عبدالله سلمان العوامي

Hey, Gen X, Z and millennials: Here’s why you may miss out on the great wealth transfer
(بقلم: السيدة: ميدورا لي – Medora Lee)

كتبت السيدة ميدورا لي (Medora Lee) موضوعا مهما ومثيرا للتفكير تحت هذا العنوان: “مرحبًا، بجيل إكس وزد والألفية: قد تنتقل الثروة العظيمة التي بين أيديكم إلى الرعاية الصحية، وليس إليكم”.

 وللتوضيح أكثر عن هذا الموضوع، هناك ملاحظتان من المفيد معرفتهما قبل قراءة الموضوع، وهما:
الملاحظة الأولى: هذا الموضوع يخص الفئات السكانية في أمريكا فقط. ولا يشمل أي فئة سكانية أخرى خارج أمريكا.
الملاحظة الثانية: من الجيد التعريف بالأجيال عبر الزمن، وهي كالتالي:

  • حسب الخريطة الزمنية فإن ترتيب الأجيال من الأكبر سنًا إلى الأصغر هو على النحو التالي: الجيل الضائع، جيل العظماء، الجيل الصامت، طفرة المواليد، جيل (X)، جيل الألفية أو (Gen Y)، جيل (Z)، جيل ألفا (A)
  • جيل الطفرة السكانية: وهم من مواليد ١٩٤٦م الى ١٩٦٤م.
  • جيل ما قبل الألفية، أو الجيل العاشر، ويختصر عادة إلى الجيل X، وهو الجيل الذي ولد في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ويسمى بطفل الطفرة التي لم يكن متفق عليها عالميا على الإطار الزمني، يشمل هذا المصطلح عادة الأشخاص الذين ولدوا في أوائل الستينات إلى أوائل الثمانينات (المولود بين عامي ١٩٦٥م و١٩٧٩م).
  • جيل الألفية، أو الجيلY المولود بين عامي ١٩٨٠م و١٩٩٥م.
  • جيل ما بعد الألفية: هم “المواطنون الرقميون” الجيل Z أو “generation Z” وهناك مصطلحات عدة للإشارة لجيل ما بعد الألفية الثانية. جيلٌ تتعامل أناملهم مع لوحة المفاتيح أكثر منه مع القلم. الجيل “Z” المولود منذ عام ١٩٩٥م، هو الجيل الذي لا يعرف العالم من دون تكنولوجيا. تنشئتُه الاجتماعية تكنولوجيّة وقد وُلِد في زمن ثورة الإنترنت والعالم الرقمي مروراً بمواقع التواصل الاجتماعي بكل منصاتها.

[بداية الموضوع]

لم يكن أحد يتخيل أنه عند سن التقاعد، ستكون عائلة السيدة جودي (Judi) وزوجها السيد ديفيد كونشاك (David Koncak) على وشك نفاد المال ولن يتمكنا من ترك أطفالهما بأكثر من أجر زهيد.

كلاهما خريجي الجامعة. كان لدى السيد ديفيد، البالغ من العمر ٨٤ عامًا، مشروعًا تجاريًا ناجحًا سمح لزوجته السيدة جودي بالتوقف عن التدريس للبقاء في المنزل وتربية طفليهما. لقد سافروا، وامتلكوا سيارات ومنزلًا، وأرسلوا طفليهما إلى الجامعة وادخروا بعض الأموال للتقاعد.

قالت السيدة جودي، ٨٣ عاما: “اعتقدت أننا سنقضي سنواتنا الذهبية بعد التقاعد جالسين على شاطئ في جزيرة هاواي (Hawaii) مع كأس من عصير الكوكتيل اللذيذ، حتى لو كان ذلك ونحن على كراسي متحركة”.

وبدلا من ذلك، أصيب زوجها بسكتة دماغية، وتم إجراء عمليات جراحية، بالإضافة الى اصابته بسرطان البروستاتا ــ وكل ذلك ساعد في استنفاد كل مدخراتهما وأكثر من ذلك.

لقد عادت السيدة جودي الآن إلى العمل بدوام جزئي وتكسب حوالي ١٥ دولارًا في الساعة، وتبيع بعض السلع في أحد الأسواق “مقابل أجر ضئيل”، وتلجأ إلى مؤسسة مصدر لكبار السن (The Senior Source) غير الربحية في مدينة دالاس (Dallas) الامريكية بولاية تكساس (Texas) من أجل المساعدة لدفع فواتيرها.

ومع اختفاء كل مدخراتهم، فإنها تشك في أن “منزلهم هو كل ما ستتركه” لأطفالها، وهي “ليست متأكدة حتى من امكانية إجراء بعض الإصلاحات والصيانة لأبنائها في البيت أم لا. ولا تعلم هل يمكنهم القيام بذلك”.

الرعاية الصحية أم الميراث؟

إذا كانت معاناة عائلة كونشاك مع تكاليف الرعاية الصحية مع كبار السن تبدو مألوفة، فهذا لأنها كذلك. وحتى مع وجود التأمين، فإن الأميركيين يكافحون من أجل دفع نفقات ومصاريف اضافية أخرى مثل: أقساط التأمين، والمدفوعات الطبية المشتركة، والتأمين المشترك، والخدمات الصحية غير المغطاة.

ونتيجة لذلك فإن نقل الثروة بشكل كبير من جيل الطفرة السكانية إلى الأجيال الشابة، وهو ما توقعه الباحثون، قد لا يكون عظيماً على أية حال، حيث أن قسماً كبيراً من أموال الأميركيين الأكبر سناً تذهب تجاه الرعاية الصحية.

كتب السيد جورج شين (George W. Schein)، المدير الفني للمجموعة الاستشارية المتقدمة (Advanced Consulting Group) في تقرير بحثي صادر عن معهد التقاعد الوطني (Nationwide Retirement Institute): ان أحد أكبر العوامل التي تؤدي إلى استنزاف الثروة أثناء التقاعد هي تكاليف الرعاية الصحية، بما في ذلك ارتفاع تكاليف العلاج الطبي واحتمال الحاجة إلى رعاية طويلة الأجل في وقت لاحق من الحياة”. وكتب أيضا: “إن النقل المأمول للثروة المتراكمة من الآباء من جيل الطفرة السكانية إلى أطفالهم من جيل الألفية وما بعده او قبله قد ينتهي به الأمر في نهاية المطاف إلى النظام الصحي”.

يقول ثلث المستفيدين من برنامج المعونة الطبية الحكومية (Medicare)، بما في ذلك أكثر من نصفهم تحت سن ٦٥عامًا، إنه من الصعب تحمل تكاليف الرعاية الصحية، وذلك وفقًا لدراسة استقصائية أجراها صندوق الكومنولث الاستثماري (Commonwealth Fund) حيث شملت الدراسة ٧٨٧٣ شخصًا بالغًا في الفترة من أبريل حتى يوليو من العام الماضي (٢٠٢٣م)، وهذا الصندوق هو منظمة غير ربحية تركز على قضايا الرعاية الصحية. وقال أكثر من ٢٠%، بما في ذلك أكثر من ٤٠% ممن تقل أعمارهم عن ٦٥ عامًا، إن نفقات الرعاية الصحية جعلت عليهم من الصعب تحمل تكاليف الغذاء وفواتير الماء والكهرباء. وقد قاموا بتأخير أو تفويت بعض مواعيد الرعاية الصحية اللازمة لقلة الموارد المالية.

وقالت السيدة كاثي كيرستيد (Kathy Kiersted)، ٦٤ عاماً، إنها وزوجها السيد خوسيه (Jose)، ٦٢ عاماً، واللذين يعيشان في ولاية أريزونا (Arizona)، يدفعان أكثر من ١٥٠٠ دولار شهرياً كاشتراكات للرعاية الصحية. لقد تم تسريحها من شركة أمازون (Amazon) واضطرت الاسرة إلى شراء تأمين كوبرا (COBRA) (قانون تسوية الميزانية الجامع الموحد) لأن السياسات من سوق التأمين الصحي كانت أكثر تكلفة.

وقالت: “لقد تحدثت حتى مع مكاتب وسطاء شركات التأمين، لكن التكاليف كانت مماثلة لـتأمين كوبرا ولكن مع خصومات أعلى بكثير”. وقالت: “لا أعرف حقًا كيف يتحمل الناس تكاليف الرعاية الصحية. فمن الأفضل تقريبًا أن تكون من ذوي الدخل المحدود من أجل أن تحصل على الرعاية الصحية”، في إشارة إلى برنامج المعونة الطبية (Medicaid) في ولاية أريزونا، الذي يدفع معظم تكاليف الرعاية الصحية إذا كنت من ذوي الدخل المنخفض جدًا.

تقدم السيدة كيرستيد استشارات بدوام جزئي لتساعدها في دفع تكاليف الرعاية الصحية. وتعتقد أنها لم تتمكن من العثور على عمل بدوام كامل بسبب تقدم عمرها. سوف تتزوج ابنتها قريبًا، ولكنها لن تكون قادرة على المساعدة في دفع تكاليف الزفاف. وتضيف قائلة: “إن ابنتها تعرف ذلك، ولكني كأم، فإن الأمر مفجع لي تماما”.

كما أضافت السيدة كيرستد: “نحن الطبقة الوسطى والطبقة الوسطى العليا، نستطيع دفع فواتيرنا ولدينا القليل من المال الإضافي، لكننا جميعا ننفق الكثير على الرعاية الصحية (لذلك) لسنا في وضع يمكننا من المساعدة أو ترك بعض الأموال للأطفال”. وتشير السيدة كونشاك، من ولاية تكساس، إلى التكلفة التراكمية للفواتير الصغيرة.

وقالت إن دفع “حتى بمبلغ ٢٠ دولارًا فقط في كل مرة سيتزايد بسرعة أيضًا، لأننا نذهب إلى العديد من المواعيد الطبية المختلفة مثل: العلاج الوظيفي، والعلاج الطبيعي، وأخصائي الأورام”، كما ان برنامج المعونة الطبي (Medicare) لا يغطي تكاليف طب الأسنان أو تكاليف النظارات، لذلك نحن مضطرون لدفع هذه النفقات. وأضافت: “يحتاج كل كبار السن إلى عمل نظارات طبية”. “ويحتاجون أيضا الى طب الأسنان”.

تبديد أسطورة “انتقال الثروة العظيمة”

مع وصول جميع جيل الطفرة السكانية (من مواليد ١٩٤٦ إلى ١٩٦٤) إلى عمر ٦٥ عامًا على الأقل بحلول عام ٢٠٣٠م وامتلاكهم ٥٢،٨٪ من الثروة في هذا البلد، يتوقع الباحثون انتقالا كبيرًا للثروة بين الأجيال تصل إلى ٨٤ تريليون دولار من الأصول على مدار العشرين عامًا القادمة.

ومن المتوقع أن يرث جيل ما قبل الألفية (١٩٦٥-١٩٨٠)، وجيل الألفية (١٩٨١-١٩٩٩٦)، وجيل ما بعد الألفية (١٩٩٧-٢٠١٢) ٧٢ تريليون دولار من هذا المبلغ. ومن المتوقع أن يذهب حوالي ١٢ تريليون دولار إلى الجمعيات الخيرية.

يتوقع معظم جيل الألفية أن كل واحد منهمم سيرث ما لا يقل عن ٣٥٠ ألف دولار من والديهم أو من أفراد الأسرة الآخرين، كما وثق ذلك السيد شين (Schein)، من المجموعة الاستشارية المتقدمة، في التقرير البحثي لمعهد التقاعد الوطني المذكور أعلاه.

لكن أكثر من ٢٥% من الأمريكيين يعتقدون أن دفع تكاليف الرعاية الصحية طويلة الأجل سيقلل من ميراث أطفالهم، حسبما أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد التقاعد الوطني في عام ٢٠٢٣م وشمل ١٤٣٩ عينة من جيل الطفرة السكانية وجيل الألفية وجيل ما قبل الألفية.

ما هي تكلفة الرعاية الصحية؟

منذ عام ٢٠٠٠م، ارتفعت أسعار الرعاية الطبية المعدلة حسب التضخم، بما في ذلك الخدمات المقدمة والتأمين والأدوية والمعدات الطبية، بأكثر من ١١٤٪، متجاوزة الزيادة البالغة ٨١٪ في الأسعار الإجمالية، حسبما قال أحد الباحثين في قطاع الرعاية الصحية غير الربحي.

في المتوسط، بلغت التكلفة السنوية للرعاية المنزلية للشخص الواحد في عام ٢٠٢١م حوالي ٤٢،٠٠٠ دولار (ولمدة ٣٠ ساعة من الرعاية الأسبوعية بسعر ٢٧ دولارًا في الساعة)، وهو أعلى بأكثر من ٢٠٪ مما كان عليه في عام ٢٠١٩م، حسبما ذكرت رابطة المتقاعدين الأمريكية (AARP). يبلغ متوسط التكلفة السنوية للرعاية المنزلية أكثر من ١٠٨،٠٠٠ دولار للغرفة الخاصة، أي أكثر من ضعف الدخل السنوي النموذجي للأشخاص الذين يبلغون من العمر ٦٥ عامًا أو أكبر.

ومع طول متوسط العمر المتوقع، فإن مبالغ أكبر من أصول المتقاعدين ستذهب نحو دفع تكاليف الرعاية الطبية وأقساط التأمين.

قال السيد جوش جوردون (Josh Gordon)، مدير السياسات والتشريعات الصحية للجنة الميزانية الفيدرالية المسؤولة، وهي منظمة سياسات وتشريعات عامة غير ربحية، إن ٦٠٪ من تكاليف الرعاية الصحية تأتي بعد سن ٦٥ عاما، وإذا كان عمرك أكثر من ٨٥ عاما، فإنك تستخدم خدمات الرعاية الصحية بثلاث مرات أكثر من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين ٦٥ و٧٥ عاما.

هل يمكن للناس تجنب الإفلاس لترك إرثهم جانبا؟

قال السيد جوستين سيلفرز (Justin Silvers)، المستشار المالي والمحامي المؤسس في قانون ستيفرز (Stivers Law)، إذا كنت لا تزال في الخمسينيات من عمرك وتتمتع بصحة جيدة، فقد تتمكن من شراء تأمين رعاية طويل الأجل للمساعدة في تخفيف تكاليف الرعاية الصحية الأكثر تكلفة. وإذا كنت أكبر من ذلك، فقد يكون الأمر مكلفًا للغاية.

قال السيد تشاد دروفينغا (Chad Druvenga)، الرئيس التنفيذي لشركة وساطة التأمين سي بي اس (CBS Brokerage)، إنه قبل حوالي ست إلى عشر سنوات من التقاعد، يمكنك البحث لاستكشاف الدخل المضمون باستخدام المعاش السنوي. حيث يمكن أن يوفر العائد السنوي دخلاً شهريًا إضافيًا أثناء التقاعد.

من هناك، لن يكون لديك سوى خيارات برنامج معونة الرعاية الطبية الحكومية (Medicare) أو الدفع الذاتي، وهو ما انتهى إليه بالفعل العديد من جيل الطفرة السكانية مثل السيد كونشاك والسيدة كيرستيد.

يغطي برنامج معونة الرعاية الطبية الحكومية (Medicaid) المخصص لذوي الدخل المنخفض كل شيء تقريبًا، بما في ذلك الرعاية طويلة الأجل، وفي بعض الحالات، حتى طب الأسنان والبصر. ولكن كل ولاية لديها قواعدها الخاصة لشروط الأهلية ومقدار التغطية.

قالت السيدة كيرستيد: “إنه أمر محزن للغاية … ما لم تكن في مكان يكون فيه كل شيء مجانيا لك أو لديك المال لدفعه”. “لكننا عالقون في المنتصف”. حيث لا توجد طبقة وسطى، وكل واحد منا يصنف من الطبقة العليا أو الطبقة الدنيا”.

وأضافت إن الأطفال من الأسر ذات الثروات العالية سيتمتعون عند انتقال الثروة بين الأجيال بالمال، لكن “هذا الشيء المتوفر للطبقة العليا، لم يعد متاحًا لكل طبقة بعد الآن”.

ماذا بقي للناس شيئا القيام به إذا كانوا مقيدين بالفعل؟

وبالإضافة إلى العمل بدوام جزئي، انتقل حفيد السيدة كونجاك (Koncak) البالغ من العمر ٢٤ عاماً للعيش معها، يدفع إيجاراً متواضعاً ويساعد في رعاية جده. باعت السيدة كونجاك سيارتها بالفعل وأصبحت تبيع أطباق الطعام القديمة التي تعلمتها من والدتها وأشياء من أعمال زوجها القديمة. ولم تستبعد أنها قد تضطر إلى بيع جميع مجوهراتها.

وقالت السيدة كونجاك: “لا أريد بيع مجوهراتي”. “لم أحلم قط بأنني سأضطر إلى القيام بذلك، ولكن قد أضطر إلى ذلك قريبا. لم يكن لدينا سوى بعض من المال المجزئ، ولكننا استنفدنا جميع البيض من هذه السلة”.

وفي غضون ذلك، قالت السيدة كيرستد: “لا يمكنني حتى التخطيط إلى هذا الحد لأنه أمر محبط للغاية. الرعاية الصحية هي أكبر ضغط على الشؤون المالية لكلينا. نحن ممتنون لأننا نستطيع الاعتناء حاليا بجميع النفقات والمصاريف، ولكن المستقبل يخيفني كثيرا”.

كاتبة الموضوع هي السيدة ميدورا لي (Medora Lee)، وهي مراسلة المال والأسواق والتمويل الشخصي في صحيفة يو إس إيه توديه (USA TODAY). يمكنك التواصل معها على البريد الاليكتروني: (mjlee@usatoday.com) والاشتراك في النشرة الإخبارية ديلي موني (Daily Money) المجانية والحصول على نصائح التمويل الشخصي وأخبار الأعمال كل يوم من الاثنين إلى الجمعة.

*تمت الترجمة بتصرف.

المصدر: 

https://www.usatoday.com/story/money/personalfinance/2024/03/31/the-great-wealth-transfer-goes-to-healthcare/73059782007/

الأستاذ عبدالله سلمان العوامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *