في هذا العصر الجديد الذي أصبحت فيه عجلة التقدم متسارعة في جميع المجالات، قد نتساءل لبرهة إلى أين ينحني مستقبل العلاج الطبيعي؟!
العلاج الطبيعي بالنهج الحديث تطلعاته حالياً أن لا يعتمد على نهج العلاج السلبي مع المريض، ولكن قد يتبادر للأذهان (كيف) هو علاج ونطلق عليه سلبياً؟!
العلاج السلبي: هو العلاج الذي لا يٌشرك المريض في النشاطات خلال رحلة التعافي وإنما يعتمد على المعالج فقط بما يستخدمه مع المريض من أدوات وتقنيات وأجهزة كهربائية.
وبالتالي تمكين المريض من المشاركة في مرحلة التعافي يلعب دور كبير في تحقيق الأهداف العلاجية والوقائية على المستوى البعيد ولا يقتصر فقط على مفهوم الالم بحد ذاته والركض خلف تحسنه الوقتي فقط لا غير.
علاوة على ذلك عندما يكون للمريض دور نشيط في مرحلة تأهيله هذا يعطيه ثقة كبيرة في نفسه وقدراته وأن جزء كبير من علاجه يعتمد على سلوكياته وأفكاره ومعتقداته والتزامه بتطبيق النصائح العلاجية وهذا سيجعله يشعر بالأمان عندما يكون خارج العيادة أو عندما يكون في فترة انقطاع عن العلاج كالحاجة للسفر أو وجود ظرف معين.
ومع وقوفنا على أعتاب هذا العصر الجديد حيث أن العلاج الطبيعي أصبح في قلب الرعاية الصحية علينا أن ننظر إلى ما أبعد من ذلك من خلال فتح المجال للمريض للتعبير – وايضاح مشكلته – وأن يكون المعالج الطبيعي موجهاً أو حتى مشاركاً له إن أمكن في نشاطات حياته بطريقة تلهمه ، قد يكون فيها أنشطة حركية بطابع ممتع أو ممارسة هواية معينة معه أو تشجيعه عليها وإدراج الأنظمة الحسية الحيوية في العلاج وجميعها قد تكون ما بين الحضور للجلسات أومتابعتها عن بُعد.
ولكن جميع المبادئ العلاجية التوجيهية علينا أن نهتم بأن تتحلى بطابع أخلاقي في تقديم الرعاية للمريض ويجعلنا نحافظ على الرابط الإنساني الذي يجمع المعالج بالمريض وتعاطفنا الصحي بأفكار علاجية خلاقة ومبدعة مع المريض قد تعزز من رحلة التشافي وتجعلها بداية لحياة جديدة.
وهذه العوامل تؤثر في مستقبل العلاج الطبيعي وتشكل جوهر مساره وسيساعدنا كمختصين في التأهيل أن نتقدم في هذا المجال بثقة وإبداع مستمر مواكب للتطورات العلمية التي تساهم في تقديم أفضل رعاية للمريض وتختصر عليه سنوات من الاستغراق في الصعوبات والألم عندما تتحول الحالة من حادة لمزمنة وتصل متأخره للتاهيل الذي قد يكون منقذاً للمعاناة من بداية المشكلة.
فمعاناة المريض مع الألم أو التقييد في النشاط الحركي لها مسببات ومهيجات وعوامل داخلية وخارجية محيطة ببيئة المريض ونمط حياته قد تكون عاملاً مهماً في تزامن مشكلته وطول مدتها وجعلها مقاومة للعلاجات المختلفة.
ومع وجود التكنولجيا وقدرة المختص بأن يستفيد من دمج الواقع الافتراضي مع عقليته في اتخاذ القرارات السريرية واتباع نهج شامل في التشخيص والقرارات العلاجية القائمة على الأدلة والبراهين أو توجيه المريض للمختص المناسب أياً كان موقعه سيساهم ذلك في تحفيز الاستقلال الجسدي والاجتماعي والنفسي وحتى التوفير المادي على المريض.
كما قد لا يعلم الكثير بان العلاج الطبيعي يشمل العديد من التخصصات الدقيقة كالعظام والأعصاب وصحة المرأة والأطفال والشيخوخه وهذا على سبيل المثال لا الحصر وبالتالي كما كان يستطيع المريض أن يختار الطبيب المناسب في تخصص معين يناسب مشكلته الصحية أصبح الأن متاحاً له اختيار مختص العلاج الطبيعي في التخصص الدقيق المناسب لمشكلته الصحية أيضاً وهذا سيجعل خبرات المختص في تعامله مع المشكلات المشابهة تنصب في قدراته ومهاراته في علاج المريض.
فالعلاج التأهيلي هو نبض الحياة وبذرة الأمل التي تحسن من نوعية الحياة ونتطلع مع كل هذه الأحداث في التوجه لجيل مبٌدع من المختصين يواكب عملية التطور وجيل واعي من الأفراد في المجتمع.
ودائماً ما أردد وأؤمن بأن: العلاج الطبيعي ليس سحراً بل فكراً وليس عقلاً بل قلباً ..
*أخصائي أول عظام علاج طبيعي