[صفحة من تاريخ البحرين: قرط ابن جماح العبدي]
بطولات خارقة لرجال البحرين في الفتوحات الاسلامية ، قرط ابن جماح العبدي فارس معركة القادسية والبويب والمدائن.
يذكر التاريخ أن رجال البحرين كانوا على دراية تامة بالبحر وركوبه فعرفوا السفن وقيادتها وسافروا إلى الهند والسند وفارس وشاركوا في فتح بلدان ماوراء النهر وفي فتح بلدان أفريقيا.
فقد ذكر ابي الخياط في تاريخه في حوادث سنة ١٤٣ أن ابي الأحوص العبدي من آل عبد القيس ركب البحر وتوجه لفتح افريقيا في ستة آلاف من آل عبد القيس فنزل برقة – وبرقة بلدة تقع في ديار المغرب – وهي مدينة وسط ليست كبيرة وارضها خصبة مستوية يسكن البربر في باديتها لذلك فان البحر لم يكن غريبا على اهل البحرين فقد ألفوه وعرفوا تحركات الرياح والأمواج وطرقه ومسالكه لذلك كان الخلفاء الراشدون يستعينون بهم في الفتوحات الاسلامية.
وقد انتصر الامام علي عليه السلام برجال البحرين في واقعة الجمل وصفين حيث خرجت قبيلة عبد القيس بخيلها تقاتل في صفوف الامام علي في الجمل وصفين والنهروان ، وان قرط ابن جماح العبدي بن عمر وكان من الشخصيات البارزة في القادسية ومن القادة العسكريين ، فقد ذكر البلاذري في كتاب فتوح البلدان ج۲ صفحة ۳۱۱ أن قرط ابن جماح العبدي قاتل في هذه المعارك حتى انثنى سيفه من كثرة المبارزة.
واستطاع ان يسجل انتصارات باهرة ومذهلة حتى انصرف جيش المشركين وكان يقول لا أغمد سيفي حتى يفنى الأعداء ويرتفع شأن الاسلام وترتفع رايته خفاقة عالية وقد أورد الطبري أن الأعور الشني الشاعر المعروف والذي ينتمي الى قبيلة شن التي كانت تقطن البحرين أنشد أبياتا يصف فيها تلك المعارك التي خاضها قرط ابن جماح العبدي:
هاجت لأعور دار الحي احزانا @@@ واستبدلته بعبد القيس خفانا
وقد أرانا بها والجمع مشتمل @@@ إذ بالنخيلة صرعى جند مهرانا
غداة سار جماح بالخيول لهم @@@ فجندل الزحف من فرسي وجيلانا
سرى المهران والجيش الذي معه @@@ حتى أبادهم مثنى ووحدانا
وقد قاد معركة بسطام والمدائن والبويب ، وبسطام بلدة كبيرة بقومس على جادة الطريق الى نيسابور فيها أسواق عديدة أما المدائن فسميت بهذا الاسم لأن فيها سبع مدائن بين كل مدينة مسافة قريبة أو بعيدة وهي مدينة قديمة وعظيمة وهي من بغداد على مرحلة – أما البويب فذكر الطبري أنها مدينة تلي موضع الكوفة أما ابن الاثير فذكر أن البويب نهر بالعراق يتفرع من الفرات.
ولما فرغ المسلمون من حرب القادسية سار سعد بن ابي وقاص ومعه رجال عبد القيس من اهل البحرين وفي مقدمتهم الفارس المغوار قرط بن جماح العبدي قدم اليهم أهل الحيرة فصالحوهم والحيرة مدينة بالقرب من الكوفة على بعد ثلاثة أميال وهي مبنية قبل الكوفة وقيل ان سبب تسميتها بالحيرة ان الملك تبع لما سار الى موضع الحيرة مع جيوشه أخطأ الطريق فسميت الحيرة وأول من سكنها من العرب جذيمة الابرشي. وعندما صالحوهم بنوا فيها المساجد ونشروا تعاليم الاسلام وظل جهاد فارس هذه المعارك قرط ابن جماح العبدي خالداً على صفحات التاريخ. (المصدر: مجلة المواقف – العدد 1255).