الإبداع يبدأ في المهد حيث يتمكن الأطفال من البدء في استيعاب اللغة والأفكار المركبة – ترجمة عدنان أحمد الحاجي

Creativity starts in the cradle
(موقع جامعة برينجهام الإلكتروني)

 يكتسب الطفل كلمات وأعداد ويؤلف بينها من خلال اللعب مع أحد أبويه

الإبداع(1) (creativity) البشري لا مثيل له بين الأنواع الأخرى (غير البشرية). أحد جوانب الإدراك البشري الذي له دور في هذه السمة الرائعة هو الفكر التركيبي (التوليفي)، أو القدرة على تجميع عدد غير معهود من الأفكار المعقدة من عدد محدود من المفاهيم البسيطة.

ويبدو أن الفكر التركيبي يرتبط ارتباطًا وثيقًا باستخدام اللغة، مما يجعل تركيب الأفكار المركبة ومشاركتها مع الآخرين أمرًا سهلًا.

يكتسب الطفل كلمات وأعداد ويؤلف بينها من خلال اللعب مع أحد أبويه

هنا، أثبتنا من خلال هذه الدراسة أن الأطفال الرضع يمكنهم التوليف بين مفاهيم متكونة من العدد وتمييز العدد (2) (المعدود) المستنبطة من الكلمات المتأصلة في تعبيرات ذات عناصر متعددة (أكثر من عنصر) (على سبيل المثال، “بطتين”؛ كلمة “اثنان” كانت كلمة مختلفة للعدد 2  المستخدم في تعليم الأطفال  أثناء التجربة). لذلك، العمليات التوليفية (بين العدد والمعدود) لتطوير الأفكار المركبة تبدأ بالعمل خلال السنة الأولى من سن الطفل وقد لا تكون نتيجة لاستخدام اللغة ولكنها متطلب أساسي للتعلم بشكل عام.

وجد الباحثون أن الأطفال قادرون بسرعة كبيرة على اكتساب كلمات جديدة كوصف بسيط [للمعدود أو تمييز العدد(2)] – وهو إنجاز مثير للإعجاب – والقدرة على ضمها تلقائيًا (آنيًا) مع كلمات مألوفة لفهم العبارة فهمًا تامًا.

أجرت الباحث الرئيس، الدكتور باربرا بوميتشوسكا (Barbara Pomiechowska) ، الدراسة(3)، التي نشر في وقائع الآكاديمية الوطنية للعلوم (PNAS) حينما كانت زميلة ما بعد الدكتوراه في جامعة أوروبا الوسطى (CEU) في بودابست الهنغارية. وهي الآن أستاذ مساعد في كلية علم النفس بجامعة برمنغهام في المملكة المتحدة.

وقالت الدكتور بوميتشوسكا: “الإبداع البشري ليس له حدود: لقد أخذنا إلى القمر ومكننا من علاج الأمراض الفتاكة – ولكن بالرغم من أهميته، إلا أننا لا نعرف حتى الآن متى وكيف تبرز هذه القدرة الرائعة على التوليف بين (تركيب) الأفكار لاختراع أشياء جديدة”.  هذه الدراسة تبين أنه علينا الرجوع إلى بداية اكتساب اللغة لإيجاد حل لهذه الأحجية.

في هذه الدراسة، عمل الباحثون مع مجموعة مكونة من 60 طفلاً، يبلغون 12 شهرًا تقريبًا. بدأوا بتعليم الأطفال كلمتين جديدتين لتعنيا عددًا (كمية معينة): “mize” لتعني “واحد”، و”padu” لتعني “اثنين”.

ثم طُلب من الأطفال تركيب (التوليف بين) هذه الكلمتين العدديتين الجديدتين مع أسماء أشياء مختلفة، على سبيل المثال للتعرف على “بطتين اثنتين” من بين مجموعة مختارة من الصور. وبتعليم كلمات جديدة ممثلة لكميات (لأعداد) معينة، تمكن الباحثون من اختبار قدرة الأطفال على التوليف بين المفاهيم في الوقت الفعلي، وليس مجرد اختبارهم على تذكر توليفة كلمات يعرفونها فعلًا من السابق.

وباستخدام تقنية تتبع حركة العين لرصد الاتجاه الذي ينظر إليه الأطفال، تمكن الباحثون من إثبات أن بإمكان الأطفال أن يولفوا بنجاح بين مفهومين [بين العدد والمعدود في هذه الحالة] لفهم ما يُطلب منهم.

وأضافت الدكتور أغنيس كوفاكس (Agnes Kovacs) ، من قسم العلوم الإدراكبة (المعرفية cognition) في جامعة أوروبا الوسطى ومركز التنمية المعرفية في جامعة أوروبا الوسطى: “بالنسبة للأطفال، من المرجح أن تساعد هذه القدرة على التوليف بين المفاهيم المختلفة ليس فقط في تفسير مدخلات اللغة المعقدة، ولكن أيضًا في التعرف على جوانب مختلفة من العالم المادي والاجتماعي”.

بالنسبة للراشدين (20 سنة وأكبر، بحسب التعريف)، فالإبداع هو القدرة التي تساعد على تجاوز كل ما تم التفكير فيه بالفعل، وفتح الذهن على احتمالات ليست محدودة.

مصادر من داخل وخارج النص:
1- “الإبداع (creativity) يمكن تعريفه إجرائياً أو شرطياً بأنه إنتاج جديد ومفيد وأصيل ومقبول إجتماعيًا، ويحل مشكلة ما منطقياً . كما أن هناك تعريفات أخرى له:  فالإبداع هو الإتيان بجديد أو إعادة تقديم القديم بصورة جديدة أو غريبة.  الإبداع هو التعامل مع أشياء مألوفة بطريقة غير مألوفة.  الإبداع هو -القدرة على تكوين وإنشاء شيء جديد، أو دمج الآراء القديمة أو الجديدة في صورة جديدة، أو استعمال الخيال لتطوير وتكييف الآراء حتى تشبع الحاجيات بطريقة جديدة أو عمل شيء جديد ملموس أو غير ملموس بطريقة أو أخرى.  الإبداع هو المبادرة التي يبديها الشخص بقدرته على الاختلاف عن النسق العادي في التفكير” ، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/إبداع
2- https://learning.aljazeera.net/ar/node/19761
3- https://www.pnas.org/doi/10.1073/pnas.2315149121

المصدر الرئيس:
https://www.birmingham.ac.uk/news/2024/creativity-starts-in-the-cradle

الأستاذ عدنان أحمد الحاجي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *