بطاريات السيارات الكهربائية مصدر جديد مفاجئ لتلوث “المواد الكيميائية الأبدي” – ترجمة* محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

Electric Vehicle Batteries Surprising New Source of “Forever Chemical Pollution
(Catherine Boudreau – بقلم: كاثرين بودرو)

اكتشف العلماء مصدرًا جديدًا لتلوث “المواد الكيميائية الأبدي” الخطير، وهو بطاريات الليثيوم-أيون القابلة لإعادة الشحن الموجودة في معظم السيارات الكهربائية.

وتستخدم بعض تقنيات بطاريات الليثيوم-أيون فئة من مواد البيرفلورو ألكيل والبولي فلورو ألكيل الكيميائية (PFAS)[1]، أو المواد المتعددة الفلورو ألكيل، التي تساعد على جعل البطاريات موصلة للكهرباء، وأقل قابلية للاشتعال.

مصدر الصورة: ديب بلو 4 يو / صور غيتي

ووجد العلماء مستويات عالية من مواد البيرفلوروالكيل والبولي فلورو ألكيل في عينات الهواء والماء والثلج والتربة والرواسب بالقرب من المصانع التي تصنع تلك المواد الكيميائية في الولايات المتحدة وبلجيكا وفرنسا، وفقًا لدراسة تمت مراجعتها من قبل النظراء في مجلة “اتصالات الطبيعة” (Nature Communications).

وتُعرف مواد البيرفلوروالكيل والبولي فلورو ألكيل باسم “المواد الكيميائية الأبدية” لأنها تتراكم بسرعة في البيئة والناس والحيوانات ولا تتحلل لآلاف السنين. وقد تم ربطها بمجموعة من الحالات الصحية، بما في ذلك تلف الكبد وارتفاع نسبة الكوليسترول وانخفاض الوزن عند الولادة وأمراض الكلى المزمنة.

وتؤكد النتائج كيف أن التحول إلى السيارات النظيفة والطاقة المتجددة هو المفتاح لحل أزمة المناخ، ولكنه يأتي مع مجموعة من المقايضات الخاصة به التي لا تزال في طور الظهور ولم تتم دراستها بشكل كافٍ.

وفي حين أن الآثار البيئية والصحية لاستخراج الليثيوم والمعادن الأخرى المستخدمة في البطاريات والألواح الشمسية وتوربينات الرياح وغيرها من التقنيات موثقة جيدًا، إلا أن الباحثين اكتشفوا الآن فقط أن بطاريات الليثيوم-أيون مصدر للتلوث بمواد البيرفلوروالكيل والبولي فلورو ألكيل.

“إن خفض انبعاثات [ثاني أكسيد الكربون] بابتكارات مثل السيارات الكهربائية أمر بالغ الأهمية، ولكن لا ينبغي أن يأتي مع الآثار الجانبية المتمثلة في زيادة تلوث مواد البيرفلوروالكيل والبولي فلورو ألكيل”، قالت [في بيان لها] البروفيسور جينيفر غيلفو، أستاذ مشارك في الهندسة البيئية في جامعة تكساس للتقنية ومؤلفة مشاركة في الدراسة.

وقالت الدراسة إنها مسألة تثير قلقا عالميا لأن بطاريات الليثيوم-أيون تستخدم في جميع أنحاء العالم. وقد تم اكتشاف نفس الفئة من مواد البيرفلوروالكيل والبولي فلورو ألكيل مؤخرًا بمستويات منخفضة في المياه الأوروبية والصينية، لكن مصدر التلوث لم يكن واضحًا.

وتسمى الفئة المحددة من مواد البيرفلوروالكيل والبولي فلورو ألكيل،  التي وجدها فريق البروفيسور غيلفو، باسم ثنائي سلفونيميدات البيرفلوروألكيل (bis-perfluoroalkyl sulfonimides) ،  أو “بيس-فاسيز” (bis-FASIs)[2] . وقد اختبر العلماء أكثر من اثنتي عشرة بطارية ليثيوم-أيون مستخدمة في المركبات الكهربائية والإلكترونيات الاستهلاكية مثل أجهزة الكمبيوتر المحمولة، ووجدوا ثنائي سلفونيميدات البيرفلوروألكيل بتركيزات مختلفة.

وقال البروفيسور لي فيرغسون، الأستاذ المساعد في الهندسة البيئية بجامعة ديوك والمؤلف المشارك للدراسة، إنه من الصعب معرفة مدى انتشار المواد الكيميائية في بطاريات ليثيوم-أيون معينة لأنه لا يوجد ما يكفي من الأبحاث حتى الآن.

وقالت البروفيسور غيلفو إن ثنائي سلفونيميدات البيرفلوروألكيل يمكن مقارنتها بالمواد الكيميائية “الأقدم سيئة السمعة” مثل حمض البيرفلوروكتانويك (PFOA)، ويرجع ذلك جزئيًا إلى صعوبة تحللها للغاية، وتظهر الدراسات أن المواد الكيميائية تغير سلوك الكائنات المائية بتركيزات منخفضة. وقد تم التخلص التدريجي من مادة حمض البيرفلوروكتانويك في الولايات المتحدة ولكنها لا تزال تلوث مياه الشرب.

وكانت الدراسة أول تقييم “من المهد إلى اللحد” للتأثيرات البيئية لاستخدام ثنائي سلفونيميدات البيرفلوروألكيل  في بطاريات الليثيوم-أيون. ولم تتم دراسة آثار ثنائي سلفونيميدات البيرفلوروألكيل على البشر بعد.

واكتشف العلماء في ابريل [2024] مواد ثنائي سلفونيميدات البيرفلوروألكيل الكيميائية بمستويات أجزاء من المليار – وهي نسبة أعلى بكثير من الحدود التي حددتها وكالة حماية البيئة لمواد البيرفلوروألكيل و البوليفلوروألكيل في مياه الشرب. وقالت الدراسة إن استراتيجيات التخلص من مواد البيرفلوروألكيل و البوليفلوروألكيل في مياه الشرب يمكن أن تزيل أيضًا ثنائي سلفونيميدات البيرفلوروألكيل، والتي يجب أن يتم اعتمادها على نطاق أوسع بسبب لوائح وكالة حماية البيئة. ومع ذلك، فقد طعن صانعو المواد الكيميائية وبعض مرافق المياه في الوكالة في حكم المحكمة.

وتوجد طرق أخرى للتعرض لثنائي سلفونيميدات البيرفلوروألكيل. وتشير بيانات انبعاثات الهواء إلى أن المواد الكيميائية يمكن أن تنتقل إلى مناطق بعيدة عن مواقع التصنيع. ويمكنها أيضًا أن تتسرب إلى البيئة من مدافن النفايات، حيث ينتهي الأمر بأغلبية بطاريات الليثيوم-أيون.

وقالت الدراسة إنه يتم إعادة تدوير حوالي 5% فقط من بطاريات الليثيوم-أيون، وبحلول عام 2040، قد يكون هناك حوالي 8 ملايين طن من نفايات بطاريات الليثيوم-أيون.

وقالت البروفيسور غيلفو إن العلماء والمهندسين والمصنعين وصانعي السياسات بحاجة إلى تطوير تقنية بطاريات وحلول إعادة التدوير التي لا تؤدي إلى تفاقم تلوث مواد البيرفلوروألكيل و البوليفلوروألكيل.

وقالت البروفيسور غيلفو: “نحن بحاجة إلى إجراء تقييم دقيق لهذه المواد الكيميائية التي يتم استخدامها في البنية التحتية للطاقة المستدامة”. وتابعت: “يجب أن نقوم بتقييمها الآن قبل أن تصبح مشكلة أكثر انتشارًا. لدينا فرصة لتعظيم فكرة الاستدامة”.

وقالت الدراسة إن الشركات بما في ذلك 3ام (3M) وسولفاي (Solvay) واركيما (Arkema) إما تمتلك براءات اختراع لثنائي سلفونيميدات البيرفلوروألكيل أو تعلن عن إنتاجها أو استخدامها. وركز العلماء أبحاثهم على المناطق القريبة من مصانع تصنيع الشركات في مينيسوتا وكنتاكي وأنتويرب ببلجيكا وساليندريس بفرنسا.

وقامت شركة 3ام بتصنيع مواد البيرفلوروألكيل والبوليفلوروألكيل لعقود من الزمن، ووافقت العام الماضي على تسوية بقيمة 10 مليارات دولار مع المدن والبلدات الأمريكية بشأن مزاعمها بأن الشركة لوثت مياه الشرب بمواد كيميائية أبدية. وقالت الشركة إنها ستخرج من جميع عمليات تصنيع مواد البيرفلوروألكيل والبوليفلوروألكيل بحلول نهاية عام 2025.

وجاءت تسوية الشركة في أعقاب اتفاق آخر بين شركات كيمورز (Chemours) ودوبونت (DuPont) وكورتيفا (Corteva) لدفع 1.19 مليار دولار للمساعدة في حل آلاف الدعاوى القضائية.

*تمت الترجمة بتصرف

المصدر:

https://www.sciencealert.com/electric-vehicle-batteries-surprising-new-source-of-forever-chemical-pollution

الهوامش:

[1] مواد البيرفلوروألكيل و البوليفلوروألكيل (PFAS) هي مجموعة كبيرة ومعقدة من المواد الكيميائية الاصطناعية التي تم استخدامها في المنتجات الاستهلاكية في جميع أنحاء العالم منذ حوالي خمسينيات القرن العشرين. إنها مكونات في مختلف المنتجات اليومية. على سبيل المثال، يتم استخدام مواد البيرفلوروألكيل والبوليفلوروألكيل لمنع الطعام من الالتصاق بالتعبئة والتغليف أو أواني الطهي، وجعل الملابس والسجاد مقاوما للبقع، وإنشاء رغوة مكافحة الحرائق الأكثر فعالية. وتحتوي جزيئات مواد البيرفلوروألكيل والبوليفلوروألكيل على سلسلة من ذرات الكربون والفلور المرتبطة. ونظرا لأن رابطة الكربون والفلور هي واحدة من أقوى الروابط، فإن هذه المواد الكيميائية لا تتحلل بسهولة في البيئة. المصدر: https://www.niehs.nih.gov/health/topics/agents/pfc

[2] من المعروف أن ثنائي (فلوروألكيل سلفونيل) إيميدات، [(فلوروألكيل سلفونيل) (فلورو سلفونيل) إيميدات] ومشتقاته مفيدة في العديد من العمليات والتركيبات الكيميائية. في المحلول، تتصرف الإيميدات كأحماض قوية بسبب وجود مجموعات فلوروألكيل سلفونيل أو فلورو سلفونيل التي تسحب الإلكترون وتظهر استقرارا استثنائيا في ظل مجموعة متنوعة من الظروف. وقد وجد أن هذه المركبات مفيدة، على سبيل المثال، كإلكتروليتات خلايا الوقود، وكمحفزات للأسترة، وكمحفزات بلمرة للمونومرات الحساسة كاتيونيا مثل راتنجات الإيبوكسي. وقد وجد أن أملاح ثنائي (فلورو ألكيل سلفونيل) و (فلورو ألكيل سلفونيل) (فلورو سلفونيل) مفيدة كإلكتروليتات في بطاريات الجهد العالي المتقدمة. على وجه الخصوص، يظهر ثنائي الليثيوم (ثلاثي فلورو ميثيل سلفونيل) إيميد (CF3 SO2) 2 N- Li+ ، موصلية واستقرار ممتازين، ولكن يمكن أن يكون تآكلا تجاه الألومنيوم. تظهر بعض المتماثلات الأعلى لهذا المركب أداء مشابها لإلكتروليتات البطارية، وقد قللت من التآكل تجاه الألومنيوم. المصدر: https://patents.google.com/patent/US5874616A/en

المهندس محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *