ومضات معرفية من كتاب: فهم الذكاء الاصطناعي – ترجمة* عبدالله سلمان العوامي

إسم الكتاب:
فهم الذكاء الاصطناعي
Understanding Artificial Intelligence

يهدف هذا الكتاب [فهم الذكاء الاصطناعي (Understanding Artificial Intelligence)] الصادر في عام ٢٠٢١م إلى إزالة الغموض عن موضوع الذكاء الاصطناعي للجميع، بما في ذلك أولئك الذين ليس لديهم خلفية في مجال تكنولوجيا المعلومات أو الرياضيات. سوف يمنح هذا الكتاب فهمًا أساسيًا لكيفية عمل الذكاء الاصطناعي ولماذا يرتكب أحيانًا أخطاء أو يقدم حلولاً غير مثالية.

الذكاء الاصطناعي (AI) يبهرنا ويتحدانا ويزعجنا. هناك العديد من الأصوات في المجتمع التي تتنبأ بتغييرات جذرية قد تأتي نتيجة للذكاء الاصطناعي – نهاية العالم المحتملة أو جنة عدن على الأرض. ومع ذلك، لا يفهم سوى عدد قليل من الأشخاص حقًا ماهية الذكاء الاصطناعي وما يمكن أن يفعله وما هي حدوده.

يشرح هذا الكتاب، من خلال سرد مباشر ورسوم توضيحية مسلية، كيفية عمل الذكاء الاصطناعي. إنه مكتوب للقارئ غير المتخصص، البالغ أو المراهق، المهتم بالذكاء الاصطناعي ولكنه يفتقد المفتاح لفهم كيفية عمله. يزيل المؤلف الغموض عن إنشاء ما يسمى بالآلة “الذكية” ويشرح الأساليب المختلفة المستخدمة في الذكاء الاصطناعي. ويعرض الإمكانيات الجديدة التي توفرها الخوارزميات، وأيضا الصعوبات التي يواجهها الباحثون والمهندسون والمستخدمون عند بناء مثل هذه الخوارزميات واستخدامها. يسمح كل فصل للقارئ باكتشاف جانب جديد من الذكاء الاصطناعي والإدراك الكامل للإمكانيات التي يوفرها هذا المجال الغني.

مؤلف الكتاب:

السيد نيكولاس سابوريت (Nicolas Sabouret) هو أستاذ علوم الكمبيوتر في جامعة باريس ساكلاي (Université Paris-Saclay)، إحدى الجامعات البحثية الأعلى تصنيفًا في فرنسا.

قام بتدريس الذكاء الاصطناعي لمدة عشرين عامًا للطلاب الجامعيين وطلاب الدراسات العليا والمهندسين وطلاب الدكتوراه. وقد أشرف السيد نيكولاس على العديد من المشاريع البحثية في هذا المجال. هدفه هو المساعدة في إعطاء الناس مفاتيح التفكير المستنير حول الذكاء الاصطناعي.

منصة الوميض** (Blinkist) قامت بتلخيص الكتاب في “خمس ومضات” معرفية ، وهي كالتالي:

مقدمة – ما الفائدة من هذا الكتاب؟ اكتسب فهمًا للذكاء الاصطناعي ولماذا ليس هو ذكيًا على الإطلاق؟

في هذه الأيام، يبدو أن الجميع يتحدثون عن الذكاء الاصطناعي. ولكن ما هو؟ ما هي حدوده؟ وهل يجب أن نخاف من قدراته؟

والحقيقة هي أن البشر كانوا دائما مخترعين. في عصور ما قبل التاريخ، صنعنا الحراب للصيد – وعندما ظهرت الزراعة، صنعنا الفؤوس والمناجل والعربات وحتى الأدوات اللازمة لصنع الأدوات. ثم جاءت الآلات، وكان بعض الناس يخافون من تطورها السريع. لكن تلك الآلات أيضًا كانت مجرد أدوات.

والآن هناك الذكاء الاصطناعي والأمور تتقدم قليلاً. حسنًا، انسى ما رأيته في الخيال العلمي. الذكاء الاصطناعي لن يحل محلنا أو يستعبدنا. ليس لديها إرادة حرة. الذكاء الاصطناعي هو أيضًا مجرد أداة. ولكن ما يجب علينا فعله هو أن نتعلم كيفية تسخير الذكاء الاصطناعي لتحقيق الخير وعدم إساءة استخدامه.

في هذه الومضات المعرفية من كتاب “لفهم الذكاء الاصطناعي” من قبل الكاتب السيد نيكولاس سابوريت، ستكتشف ما هو الذكاء الاصطناعي؛ ولماذا قد لا تكون الحلول التي يقدمها الذكاء الاصطناعي هي الحلول المثالية في الواقع، ولكنها ستظل جيدة بما يكفي لمعظم الأغراض؛ وأيضا ستكتشف إلى أين قد يتجه مستقبل الذكاء الاصطناعي.

ومضة رقم ١ – ما هو الذكاء الاصطناعي بالضبط؟:

لذلك دعونا نوضح شيئًا منذ البداية: أجهزة الكمبيوتر هي آلات. الذكاء الاصطناعي لا يجعلهم أذكياء. وما زالوا لا يفعلون أكثر مما نطلب منهم أن يفعلوه.

ومع ذلك، فقد قطعت أجهزة الكمبيوتر شوطا طويلا. في البداية، كانت مجرد آلات حاسبة بسيطة تتعامل مع الأرقام والرياضيات. ثم تطورت من التعامل مع الأرقام فقط إلى التعامل مع الكلمات، ثم الصور، ثم الصوت. وفي أيامنا هذه، لدينا أجهزة كمبيوتر – في هواتفنا الذكية على سبيل المثال – يمكنها الاستماع إلى طلباتنا وتحويلها إلى أفعال.

هذه الأجهزة قادرة على فعل كل ذلك بفضل الخوارزميات. كانت الخوارزمية البسيطة التي استخدمتها في المدرسة هي نفس العملية التي استخدمتها لجمع أعداد كبيرة معًا. يمكنك أيضًا التفكير في الخوارزمية باعتبارها وصفة طبية. مثلما يعرف الطاهي كيفية اتباع الوصفة ومكونات الوجبة، يتبع الكمبيوتر التعليمات الموجودة في الخوارزمية ليعطيك النتيجة المطلوبة.

في أوائل القرن التاسع عشر، كان السيد تشارلز باباج (Charles Babbage) هو أول من أنتج آلة قادرة على متابعة الخوارزميات. وبحلول عام ١٩٣٦م، أثبت السيد آلان تورينج (Alan Turing) أن أجهزة الكمبيوتر يمكنها، من الناحية النظرية على الأقل، اتباع أي خوارزمية، مهما كانت معقدة.

إذن، وماذا ترك ذلك الى الذكاء الاصطناعي حاليا؟ كبداية، ربما ينبغي علينا جميعًا استخدام مصطلح برامج الذكاء الاصطناعي بدلاً من الذكاء الاصطناعي. كل ما يفعله الذكاء الاصطناعي هو تطبيق خوارزمية كتبها الإنسان لإعطاء إجابات تبدو “ذكية”. يستخدم المبرمجون أيضًا الذكاء الاصطناعي نفسه لكتابة البرامج باستخدام تقنية تُعرف باسم التعلم الآلي. هذه تسمية خاطئة إلى حد ما وتتسبب في بعض الارتباك، حيث أن الطريقة التي ينتج بها الذكاء الاصطناعي برامج جديدة تعتمد في الواقع على جودة البيانات التي يتلقاها. لذا، كما كان الحال دائمًا، فإن القول المأثور القديم “إذا أدخلت قمامة (garbage in)، سوف تخرج قمامة (garbage out)” يظل صحيحًا.

ومضة رقم ٢ – إذًا هل الذكاء الاصطناعي ذكي حقًا؟:

هذا سؤال جيد جدًا، ولكن للإجابة عليه، علينا أولًا أن نفهم ما هو الذكاء. وهذا ليس سهلاً كما تظن.

وهل هو عكس الجهل؟ تأمل ثم ضع في اعتبارك هذا السؤال: لو سُئلت متى تأسست مدينة إسطنبول، هل ستعرف؟ على الأرجح لا. لكن هل هذا يجعلك غير ذكي؟ وهل يمكنك تعريف منصة ويكيبيديا (Wikipedia) على أنها ذكية لأنها يمكن أن تخبرك بالإجابة؟ (إنه القرن السابع قبل الميلاد، بالمناسبة).

ماذا عن القدرة على القيام بالرياضيات المعقدة؟ هل يمكنك إعطاء الإجابة على سبيل المثال لحاصل الضرب للرقمين ٢٤،٣٥٧ و٥٢٧؟ من المحتمل أن تتمكن من ذلك، مع مرور الوقت، ولكن الآلة الحاسبة البسيطة يمكنها القيام بذلك بشكل أسرع بكثير. هل تلك الآلة الحاسبة أكثر ذكاءً منك؟

في الواقع، لا الآلة الحاسبة ولا منصة ويكيبيديا ذكيتان. قد تكون أجهزة الكمبيوتر قادرة على التعامل مع المهام المرتبطة بالحساب والذاكرة، لكنها ليست ذكية بالمعايير البشرية. ففي نهاية المطاف، يستطيع البشر التفكير استناداً إلى خبراتهم السابقة، واتخاذ القرارات في مواقف معقدة للغاية بحيث لا يمكن وصفها بدقة للكمبيوتر، ويمكنهم تعلم مهارات جديدة، والحصول على أفكار، والتواصل باستخدام أفكار معقدة ومجردة.

إذن كيف يمكننا تقييم ذكاء الكمبيوتر؟ حسنا، هل تتذكر تورينج؟ لقد توصل إلى ما يعرف باسم اختبار تورينج. وإليك كيف يعمل:

يوجد إنسان في غرفة واحدة وجهاز كمبيوتر مزود بالذكاء الاصطناعي في الغرفة الأخرى. يمكنك التواصل مع كليهما باستخدام لوحة المفاتيح والشاشة لكل منهما، لكنك لا تعرف أيهما متصل بالإنسان وأيهما متصل بالذكاء الاصطناعي. تم تضمين التأخير للتأكد من أنك لا تستطيع معرفة أي منهما من خلال السرعة، ولكن فقط من خلال الاجابات نفسها. يهدف الاختبار إلى تحديد مدى قرب الذكاء الاصطناعي من الإجابة بطريقة تشبه الذكاء البشري.

منذ عام ٢٠٠٦م، كانت هناك مسابقة سنوية لتحديد روبوت الدردشة الأقرب لخداع الحكام. ومع ذلك، فإن الحكام ماهرون جدًا في جعل روبوتات الدردشة تستجيب بشكل غير صحيح، حيث يحتاج البعض إلى خمسة أسئلة فقط للتعرف على الذكاء الاصطناعي بشكل صحيح.

لكن اختبار تورينج معيب على أية حال. إذا أردنا اختبار ذكاء برنامج الذكاء الاصطناعي، فيتعين علينا أن نختبر أداءه في المهمة التي تم تطويره من أجل القيام بها ــ لعب الشطرنج، على سبيل المثال، وليس ما إذا كان يمكنه إجراء مناقشة فلسفية حول الشطرنج.

يجب أن نتذكر أنه عند إنشاء الذكاء الاصطناعي، فإننا لا نحاول إنشاء إنسان اصطناعي. لقد كان السيد إدسجر ديكسترا (Edsger Dijkstra)، عالم الكمبيوتر، هو الذي لخص الفرق بين الذكاء البشري والذكاء الاصطناعي بدقة عندما قال: “إن السؤال: فيما إذا كانت الآلات قادرة على التفكير هي ذات صلة بالسؤال: فيما إذا كانت الغواصات يمكنها السباحة”. الآلات لا تفكر. قد نعتقد أنها ذكية، ولكنها ليست كذلك.

ومضة رقم ٣ – ما هي خوارزمية الذكاء الاصطناعي؟

والآن بعد أن عرفت أن الذكاء الاصطناعي ليس ذكيًا بنفس الطريقة التي يتمتع بها الإنسان، دعنا نلقي نظرة على ماهية خوارزميات الذكاء الاصطناعي.

قد تتفاجأ عندما تعلم أن الخوارزميات ليست شيئًا مميزًا. إنها تشبه تمامًا وصفة الطبخ التي ذكرناها سابقًا – وهي طريقة خطوة بخطوة لحل المهمة. لكن الأمر استغرق بعض الوقت وسنوات من البحث لتطويرها. ولا يوجد نهج موحد أيضًا، مما يعني أن هناك العديد من خوارزميات الذكاء الاصطناعي المختلفة. ولكن لديهم بعض العناصر المشتركة، مثل: التغلب على القيود المفروضة على الذاكرة وقدرة المعالجة لأجهزة الكمبيوتر.

ولوضع ذلك في الاعتبار وفي منظوره الصحيح، يمكن لجهاز الكمبيوتر الشخصي الذي تم إنشاؤه في العقد الأول من القرن الحالي، وبالتحديد في عام ٢٠١٠م أن يقوم بمليارات العمليات العددية في الثانية. وقد استمر هذا الرقم في التزايد. ولكن، إذا كنت بحاجة إلى ١٠ مليارات خطوة، فسيتعين عليك الانتظار بضع ثوانٍ للحصول على النتيجة. وإذا كنت بحاجة إلى تريليون خطوة، قد تضطر إلى الانتظار لمدة ١٥ دقيقة. ومقابل ١٠٠ تريليون خطوة، ستحتاج إلى الانتظار ليوم واحد.

قد يبدو ١٠٠ تريليون رقما كبيرًا، لكن عدد العمليات الرياضية المطلوبة يمكن أن يرتفع بسرعة. على سبيل المثال، تخيل مدير مدرسة يحتاج إلى جدولة الطلاب والفصول الدراسية والمعلمين. إذا كانت المدرسة تحتوي على ١٠ غرف فقط و١٥ مادة، ففي كل ساعة هناك حوالي ٣٠٠٠ احتمال. ولكل ثماني ساعات في اليوم، يعني ذلك ست مليارات مليار مليار احتمال – أي ستة بها ٢٧ صفرًا. مع الأخذ في الاعتبار أن كل واحد من أولئك الذين لديهم جهاز كمبيوتر، حتى لو كان يعالج مليار عملية رياضية في الثانية، سيستغرق وقتًا طويلاً جدًا!

تعتبر هذه الحدود الحسابية مهمة جدًا للذكاء الاصطناعي وتُعرف بالعملية المعقدة. نحن بحاجة إلى التمييز بين تعقيد الخوارزميات وتعقيد المشاكل التي تحلها الخوارزميات. يعتمد تعقيد الخوارزمية على حجم المشكلة ومقدار البيانات المطلوبة. تعقيد المشكلة نفسها هو مقدار الحد الأدنى لعدد العمليات اللازمة لحلها. غالبًا ما يكون هذا التعقيد الأخير رقمًا نظريًا، وغالبًا ما يتم العثور على خوارزميات أخرى أقل أناقة وذات تعقيدات أعلى أثناء البحث عن الحل الأفضل.

كل شيء معقد بعض الشيء؟ حسنًا، دعونا نختصر القصة الطويلة، وبمعنى: تتمتع بعض المشكلات بتعقيد نظري مرتفع جدًا، على افتراض أننا نستطيع حتى كتابة أفضل الخوارزميات لحلها، فإن عدد العمليات التي تتطلبها يتجاوز بكثير ما يمكن حتى لكمبيوتر المستقبل إدارته – حتى لو كانت أسرع بملايين المرات.

لذلك عندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي، تكون الخوارزميات المستخدمة في بعض الأحيان أقل من مثالية – قد ترتكب خوارزمية التعرف على الوجه خطأً في بعض الأحيان أو تقوم خوارزمية الشطرنج بحركة خاطئة، على سبيل المثال – ولكنها غالبًا تقدم لنا أفضل حل ممكن في فترة زمنية معقولة.

ومضة رقم ٤ – كيف يمكن للذكاء الاصطناعي التوصل إلى حل؟:

هناك العديد من أساليب الذكاء الاصطناعي التي يمكن استخدامها لحل المشاكل. وكما أثبتنا بالفعل، فإن هذه الأساليب ليست ذكية ولا تقدم دائمًا أفضل الحلول للمشكلة التي تتم معالجتها. يقدم مؤلف الكتاب السيد سابوريت (Sabouret) العديد من الأمثلة على هذه الأساليب ولكن دعونا هنا، نتفحص المبادئ الأولى لطريقة الذكاء الاصطناعي والتي تسمى الاستكشاف.

تخيل أنك في ميدان ألكسندر (Alexanderplatz) في رحلة إلى برلين (Berlin) وترغب في زيارة جزيرة المتاحف (Museum Island).. يمكنك اتباع المسار على الخريطة وتدوين أسماء الشوارع والأماكن التي تحتاج إلى الانعطاف إليها. يمكنك رسم خارطة الطريق باستخدام ذكائك. ويمكن أيضا لمعظمنا أن يفعل ذلك، ولكن قد يجد البعض أنفسهم ضائعين بشكل ميؤوس منه. لحسن الحظ، لدينا هذه الأيام نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) لمساعدتنا. والسؤال: كيف، بالضبط، يعمل هذا النظام؟

حسنًا، يحدد نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) موقعك على الأرض من خلال الرجوع إلى ٢٨ قمرًا صناعيًا ويعرف الوقت الذي يستغرقه كل واحد منهم لإرسال إشارة. باستخدام هذه المعلومات وخريطة للمكان الذي تتواجد فيه، يمكن لنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) القيام بحساب المسار لك. ويقوم بذلك باستخدام موقعك الحالي ووجهتك النهائية ومواقع جميع النقاط الرئيسية بينهما، عن طريق إنشاء “رسم بياني” لجميع النقاط التي يجب عليك المرور عبرها في الطريق.

قد يبدو هذا أمرا بسيطًا ولكنه أكثر تعقيدًا بالنسبة للكمبيوتر؛ يجب عليه أن يأخذ في الاعتبار جميع النقاط المجاورة المحتملة أثناء تقدمه، ويخزن النقاط الأخرى في الذاكرة أثناء سيره. البديل هو الخروج بطريقة مختلفة وحلزونية مثلا من نقطة البداية. ولا تعتبر أي من الطريقتين فعالتين بشكل خاص. لذلك عندما تصبح المساحة التي يجب أن يأخذها الكمبيوتر في الاعتبار كبيرة جدًا، يصبح من المستحيل تقريبًا حل المشكلة في وقت معقول.

هذا هو المكان الذي تلعب فيه الاستدلالات دورا أساسيا. حيث يتم إنشاء خوارزمية إرشادية تقارب الحل. في هذه الحالة، سيكون الأمر مثل “السير في الاتجاه الصحيح تقريبًا والبقاء على الطريق الصحيح تقريبًا”. إذا أخذنا في الاعتبار تشبيه الوصفة، فبدلاً من وزن أونصة من الزبدة، من المحتمل أن نقطع ما يشبه أونصة من الكتلة التي يبلغ وزنها ثماني أوقيات. إنها ليست دقيقة ولكنها قريبة بما فيه الكفاية.

لذا فإن الطريق الذي أخذته للانتقال من ميدان ألكسندر إلى جزيرة المتاحف قد لا يكون في الواقع هو الأفضل، ولكنه سيكون جيدًا بما يكفي لإنجاز المهمة.

ومضة رقم ٥ – إلى أين يتجه مستقبل الذكاء الاصطناعي؟:

ربما تتساءل عما إذا كنا سنبني يومًا ما آلة ذكية حقًا، تتعلم مثل الطفل، وتدرك العالم من حولها، ويمكنها الشعور بالعواطف، والتي يمكننا من خلالها بناء المستقبل.

إنه سؤال يصعب الإجابة عليه، ولكن على الرغم من أن بعض الباحثين يعتقدون ذلك، يقول السيد سابوريت إنه لا يوجد حاليا أي دليل يشير إلى أن ذلك سيكون ممكنًا.

في السبعينيات، صاغ السيد جون سيرل (John Searle) مصطلح الذكاء الاصطناعي القوي ليعني الذكاء الاصطناعي الذي يحاكي الدماغ البشري بشكل مثالي. الآن، نستخدم أيضًا مصطلح الذكاء الاصطناعي الضعيف (Weak AI) للإشارة إلى الذكاء الاصطناعي الذي له غرض محدد فقط – مثل الفوز في لعبة (جو Go). إنه، بالطبع، ليس ضعيفا لأنه يتفوق بكثير على قدرة الإنسان العادي.

لكن بالعودة إلى الذكاء الاصطناعي القوي، يمكننا تقسيم ذلك إلى ذكاء اصطناعي عام ووعي اصطناعي. الذكاء الاصطناعي العام يعني إنشاء آلة قادرة على حل العديد من المشكلات على نطاق واسع مثل الحصول على شهادة جامعية، واجتياز اختبار تورينج، وتحضير القهوة في مطبخ غير مألوف. الوعي الاصطناعي شيء آخر. مثل هذه الآلة ستكون واعية بالعالم من حولها، ونعم، حتى بحقيقة أنها آلة. لكن هيئة المحلفين لا تزال غير متأكدة من كيفية تعريف الوعي للآلة وما هي الاختبارات التي تحتاج إلى اجتيازها لتكون “واعية”.

السؤال: هل أي من هذه التقنيات سوف نشهدها في الأفق؟ الجواب الصادق هو: من يدري؟

ليس هناك شك في أن الذكاء الاصطناعي يغير العالم وأن الآلات ستصبح أكثر إثارة للإعجاب. إن معدل التقدم يجعل من الصعب معرفة ما سيأتي بعد ذلك بالضبط. يستطيع الذكاء الاصطناعي بالفعل التغلب على البشر في لعبة (جو GO) و (بوكر Poker)، ولكن ليس في ألعاب الفيديو المعقدة، على سبيل المثال. وعلى الرغم من أنه قد يكون قادرًا على الوصول إلى المعلومات الطبية بشكل أسرع من الإنسان، إلا أنه لا يمكنه استخدام تلك المعلومات لتشخيص مشكلة المريض. ويرى السيد سابوريت أن العامل البشري الضروري لبعض المهام، مثل توظيف الأشخاص، يكاد يكون من المستحيل التقاطه في أي نظام للذكاء الاصطناعي، وسيكون البشر قادرين بسهولة على استخدام “البيانات المضادة” لخداع هذه الأنظمة.

فهل ينبغي لنا أن نقلق من أن الذكاء الاصطناعي قد ينتهي به الأمر إلى استعباد البشرية كما نرى في بعض أفلام الخيال العلمي؟

في الوقت الحالي، لا، لقد تم إنشاء الذكاء الاصطناعي الضعيف لمهام محددة، فهو لا يستطيع تخيل الأشياء ولا يمكنه الإبداع. ربما سنجد الذكاء الاصطناعي القوي يومًا ما، ولكننا لسنا قريبين من خلق وعي اصطناعي.

القلق الأكبر الآن هو إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، في عالم أصبحت فيه قنوات التواصل الاجتماعي هي المصدر الرئيسي للمعلومات لبعض الفئات العمرية، يمكن للدكتاتورية الشمولية من الناحية النظرية أن تسيطر على ما يُسمح لنا بمعرفته. بين عشية وضحاها. وعلى الرغم من أن السيارات ذاتية القيادة لن تهاجم سائقيها ما لم تتم برمجتها خصيصًا للقيام بذلك، إلا أن هناك دائمًا احتمال أن يتم استخدام هذه التكنولوجيا، يومًا ما، لإنشاء آلة يمكنها تحديد الهدف المستهدف والقضاء عليه.

ويتم بالفعل استخدام الذكاء الاصطناعي لارتكاب جرائم ذات مستوى أدنى بكثير – لاختراق بروتوكولات الأمن السيبراني، على سبيل المثال. لذا فمن الواضح أنه يمكن إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي، لكنه لن يفعل ذلك بشكل عفوي، بل يجب برمجته للقيام بذلك.

ولكن مهما يخبئه المستقبل، هناك شيء واحد يمكننا أن نكون متأكدين منه: لقد دفع الذكاء الاصطناعي البشرية نحو فهم أفضل لذاتها. كان علينا أولاً أن نفهم كيف يقوم الإنسان بمهمة ما لإيجاد طريقة للقيام بذلك بشكل أفضل. ربما، كما يفترض مؤلف الكتاب السيد سابوريت، فإن فهمنا لأنفسنا بشكل أفضل هو أعظم هدية يقدمها الذكاء الاصطناعي للبشرية.

مصدر الصورة: universite-paris-saclay.fr

الملخص النهائي:

على الرغم من أننا قد نعتقد أن الآلات وتقنيات الذكاء الاصطناعي ذكية، إلا أنها في الواقع ليست كذلك. إنها قادرة فقط على فعل ما برمجناها على القيام به. لقد رأيت أنه باستخدام الاستدلالات، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يوفر حلاً لمشكلة صعبة معينة خلال إطار زمني مقبول. وقد لا يكون هذا الحل مثاليا، ولكنه عادة ما يكون حلا “جيدا بما فيه الكفاية”. وأخيرًا، اكتشفت أن إنشاء آلة تتمتع بالوعي لا يلوح في الأفق حاليًا، ولكن في الأيدي الخطأ، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لأغراض خاطئة. لكن الشيء الوحيد الذي لن يفعله الذكاء الاصطناعي هو الانتفاض والتمرد ضدنا.

*تمت الترجمة بتصرف.

**المصدر: منصة الوميض (Blinkist) وهي منصة تقوم بتلخيص الكتب ، ومكتبتها تحتوي على آلاف الكتب ويشترك في هذه المنصة الملايين من القراء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *