في حضرة أستاذي العزيز – بقلم د. عبد الجليل عبد الله الخليفه

نقابل الكثير من البشر في مدرسة الحياة أو نقرأ عنهم أو نعيش في حضراتهم، نتعلّم من هذا ونكسب من ذاك.

بعضهم حيٌ وبعضهم غادر الحياة منذ سنين عديدة، لكنّ حياتهم تنبض حيويةً ودفقًا وعطاءً، وهنا بعض مشاعري مع أعظم هؤلاء الأساتذة عبر التاريخ.

درست عند هذا الأستاذ العظيم مذ فتحت عيني على الحياة، وما زلت أتعلّم منه كلّ يومٍ. كلّما غبتُ عنه فترةً وجيزةً، رجعت اليه بقلبٍ مشتاقٍ لا يطيق فراقه.

سألتُ نفسي لماذا هذا الشوق الشديد والعشق العظيم؟

هل هي عيني التي ربمّا سعدت بالنظر الى وجهه الكريم أو أذني التي ربّما عشقت سماع صوته الحنون؟
لا، ليس كذلك، فهناك من لا يبصر وهناك من لا يسمع، وهم يعشقونه مثلي.

هل هو عقلي الذي تشرّب بأفكاره وردّد أحاديثه طيلة السنين؟ ربّما، لكنّ هذا قد لا يفسّر شوقي الشديد للقائه وخفقان قلبي السريع في حضرته.

يبدو أنّ الحواس والأفكار لها دخلٌ في علاقتي بأستاذي لكنّها لا تكفي لتفسير هذا الإعجاب الشديد والشوق العظيم، فلغة القلوب لا تفسرّها الحواس والعقول.

لكن كيف سكن حبّ هذا الأستاذ في قلبي؟

تربيت على يديه منذ صغري، فأنار لي السبيل، فمنه عرفتُ البداية والنهاية وبفضله سلكتُ طريق الوصول. وكلّما اعتراني التعب وأوحشتني الوحدة، زرته شاكيًا، فآنس وحشتي ولبّى طلبي وأروى ظمأي، فأرجع بعزيمةٍ أقوى وبأسٍ أشّد.

لم يتبرّم مني او يطردني من حضرته رغم تقصيري الشديد معه، ولم يبخل عليّ بعطاياه السخية وجوده العظيم حتى أثناء غيابي بعيدًا عنه.

المصدر: kuntent.com

أقرأ أحاديثه دون ضجرٍ او مللٍ فهي نورٌ ورشدٌ، وأذكر اسمه في كلّ آنٍ بالفخر والثناء، فيقع بردًا وسلامًا على قلبي. فكيف لا أشكره وكيف لا أعشقه وكيف أستطيع فراقه وكلّ ما لديّ من الخير ببركة وجوده.

ذكرتُ أسمه في أحد المجالس فضجّ الجميع بصوتٍ عالٍ يثنون عليه ويفتخرون به. لقد أفصحوا جميعًا عن عظمة هذا الأستاذ وحبّه العظيم لهم، وكم هو حريصٌ عليهم، رؤوفٌ رحيمٌ بهم.

أستاذي العزيز:

أنّى لمثلي أن يشكرك أو يذكر بعض فضلك، وأنت لم تسأل أجرًا طيلة حياتك إلّا المودّة في القربى. وقد علمتُ يقينًا أنّ مودّة قرباك بلسمٌ يشفي صدري وصدور العالمين.

مصدر الصورة: ar.yassine.net

أرجوك يا سيدي الأستاذ:

أهديك مودتي وعشقي وكلّ ما لديّ، فاسمح لي أن أعيش بقية عمري طالبًا صغيرًا في حضرتك العظيمة، فقد جئتك حاملًا ثقلي على ظهري وليس لي إلّا رضاك.

[الى كلّ معلّمٍ مخلصٍ ومعلمةٍ مخلصة: تقبلوا منّا الف شكرٍ وتحيةٍ وتقدير]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *