الصيف وحب السفر واختيار المحطات – بقلم المهندس أمير الصالح

تحدث الكثير من الناس عن السفر وفوائده وادب الرحلات ومازال عدد غفير من الناس مولع بذلك الموضوع ، الا ان هناك من الناس من وصل حالة التشبع من خوض تجربة السفر السياحي وهناك من هو تواق لاكتشافه ومن هو في زمن الارتواء منه.

وجود اكثر من ناقل جوي اقتصادي بعروض ترويجية جذابة ، جعل قرار السفر يطرق اذهان الكثير ويقدم على تناوله الكثير من الافراد والعوائل.

مصدر الصورة: airfaregeeks.com

‏الا انه يبدو أن قرار اختيار وجهة قضاء الاجازة الصيفية السنوية في نهاية العام الدراسي المنهك لا سيما فصل الصيف الحالي صعبة جدا للبعض من الناس وخاصة من زار سلفا تكرارا ومرارا عدة وجهات سياحية قبل التغيرات المناخية الأخيرة وقبل صعود مستوى الجريمة وبزوغ نزعة الكراهية نحو الاجانب في كثير من الدول وتمدد حركات اليمين المتطرفة العنيفة وازدياد معدل التصخم في الاسعار وتمادي مستوى الاستغلال للسياح.

وبلحاظ مستوى المعيشة والخدمات المعيشية والطبية والامنية المرتفعة بحمد الله وفضله في دول الخليج ، فان ايجاد وجهة سياحية عائلية وديعة ذات مناخ مناسب وخدمات لائقة باسعار معقولة وامن وامان تتفوق على ما ينعم به ابناء الخليج واعتادوا عليه من امن وامان اضحى امر صعب او نسبيا آخد في التعقيد. وانحصرت الميزة في المحطات السياحية صيفا في الطقس ومدى جاذبية الاسعار للسياح الخليجيين.

‏يبحث معظم ارباب العوائل الخليجية على الوجهات الباردة طقسا للهروب من شدة الحر في بلدانهم وحبا في تجديد روح العطاء لابناءهم وانفسهم والانطلاق في الطبيعة. في السابق كانت دول الشام والعراق وتركيا ومصر هي الاكثر استقطابا للخليجيين بحكم الجغرافيا واللغة والمشترك الديني والعادات والطعام.

ولاحقا تغير سلم التصنيف لتصبح دول اوروبا الغربية على رأس القائمة (بريطانيا / فرنسا/ اسبانيا) تليها تركيا ومصر وماليزيا وجورجيا واذربيجان وبعض دول اوروبا الشرقية سابقا. فاذا علمنا ان معظم دول اوروبا الغربية حاليا اصبحت ذات طقس حار في ذروة الصيف او تتعرض لموجات حر شديدة وخدمات فنادقها دون المستوى المعلن واسعارها جنونية التكاليف ومعظم الفنادق الاوروبية بدون مكيفات ومعدل جرائم السرقة والسطو والنشل والكراهية للاجانب في تصاعد مستمر كما يرد في الاخبار وتبني بعض دول اوروبا شهر يونيو كشهر ترويج للشواذ ومظاهر الشذوذ وحماية المتحولين جنسيا واطلاق العنان في الاختلاط حتى عند استخدام الحمامات العامة المخصصة للنساء فحتما تصبح معظم محطات وعواصم ومدن دول اوروبا ومناطق اخرى غربية وجهات غير مفضلة في اشهر الصيف سياحيا للكثير من الاسر المحافظة ، لاسيما في السنوات الخمس الاخيرة.

وبناء على تلكم التداعيات وتفاقمها اخذ الكثير من أرباب الاسر المحافظة بالتفتيش عن بدائل محطات سياحية في فصل الصيف والبعض مد نطاق اكتشافه الى دول بعيدة ك استراليا وجنوب افريقيا وروسيا والصين واليابان حيث الطقس البارد المعتدل يحل هناك حينما يزور الصيف مناطق الخليج.

ولكن وبناء على تجربة سياحية شخصية لكلا من استراليا وجنوب افريقيا والصين واليابان ، فان محطة استراليا رحلاتها الجوية بعيدة وطويلة، ومكلفة ثمنا. الى جانب التكلفة المعيشية في استراليا الباهظة ثمنا ويشمل ذلك كل المدن الاسترالية (سيدني ، بيرث، مالبورن ، جولدن سيتي) . محطة جنوب افريقيا (كيب تاون / جوهانسبرج / مخيمات السفاري البرية) محطة رحلاتها الجوية نسبيا بعيدة ، وتذاكرها الجوية مكلفة ثمنا. والتكلفة المعيشية للسائح في جنوب افريقيا نسبيا مرتفعا بعض الشيء في كل المدن الرئيسية والامن الفردي تتوجس خيفة حتى في النهار لا سيما في مدينة جوهانسبرج وبعض احياء مدينة كيب تون. وبعض مناطق السفاري تحتاج ان تاخذ لقاح ضد مرض الملاريا.

مصدر الصورة: topchinatravel.com

الصين محطة سياحة مذهلة وقد نجح الصينيون في تجذير السياحة العلاجية والسياحة التجارية. حاجز اللغة و عادات الطعام وقلة توفر الطعام المناسب لذائقة الخليجيين في المناطق الريفية الجميلة الا في المدن الكبرى يجعل الكثير في تردد من زيارتها. شخصيا اوصي بزيارة كل او بعض تلكم المحطات بعد اعداد التخطيط المناسب والتنسيق المسبق عبر وكالات سياحة ذات قدرة مهنية عالية. اليابان كوكب اخر ومكلف ماليا وقد نجح اليابانيون في تجذير السياحة خارج بلادهم وحديثا اخذوا بالترويج لانفسهم. حاجز اللغة وعادات الطعام وقلة توفر الطعام المناسب لذائقة الخليجيين خارج المدن الكبرى يجعل الكثير في تردد من زيارتها.

روسيا لم تتاح لي الفرصة لزيارتها الا ان تقارير السياح الخليجيين عن العاصمة مشجع للسياح الافراد حسب ما اطلعت عليه. شخصيا اوصي بزيارة كل او بعض تلكم المحطات بعد اعداد التخطيط المناسب والتنسيق المسبق عبر وكالات سياحة ذات قدرة مهنية عالية ووضوح تام.

تساؤل:
في ظل وجود اجازة دراسية قصيرة نسبيا لفصل الصيف ، يتكرر السؤال: ما هي محطات السفر المتاحة للاسر الخليجية المحافطة والتي تكون فيها المحطات ذات مستوى خدمات عالية وترفيه عائلي مميز ونظيف ومرموق وطقس بارد ومصاريف يومية مقبولة؟

للجواب لدينا عدة اصناف من السياح:
١-سائح مستجد وقليل خبرة بالسفر
٢-سائح قديم وكثير السفر ومتمرس
٣-سائح عزف عن الترحال لكبر عمره وقلة حركته
٤-سائح عزف عن الترحال لوقوعه ضحية لاسباب مختلفة.
وعليه جوابنا سيكون متوافق مع حالة البعض دون الاخر.

تشبع البعض من السفر السياحي للخارج مع افراد اسرته ، واخذ ذلك البعض بالتفكير جديا في محطات سياحية قريبة غير مكتشفه من قبله سابقا كبدائل اكثر امننا واستقرارا والطقس مقبول فيها صيفا ، ومثال ذلك:
١-صلالة بعمان او ٢- ابها بالسعودية …
والبعض اخذ يفكر بجد في محطات سياحية بعيدة مثل استراليا أو نيوزلاندا أو جنوب افريقيا أو الصين أو اليابان.

لمن لم يتشبع بالسفر السياحي للخارج مع اسرته ، فان تركيا واذربيجان وجورجيا ودول نمور اسيا (ماليزيا واندونيسيا … الخ) هي خياراته المتاحة ولكن عليه الانتقاء بحذر والابتعاد عن اي مكان او وكالة سفر او مطاعم غير معتمدة او يتم استغلال السائح فيه. ولمن يتصفح التبك توك واليوتيوب فانه سيصادف كم هائل من قصص سعيدة وغير سعيدة وعليه التمحيص بذكاء.

سائح متمرس ومتقاعد:
لكون الاجازة المدرسية قصيرة ، بحث وناقش البعض هذه التساؤل مع بعض اقاربهم واصدقاءهم ومنتديات ثقافية. وكان جواب بعضهم: الوضع يعتمد على مزاج افراد الاسرة ، فان كان الامر خيارا مفتوحا فان البعض يفضلون حاليا عدم السفر في اشهر الصيف بفترات طويلة تجنبا للمشاكل والاستغلال والبعض يسعى تمضية شهور الصيف في المنتجعات المحلية وردهات المولات المكيفة. وعليه البعض اخذ يجدول السفر في مواسم اخرى غير اشهر الصيف وبفترات متقطعة.

الخطوط الجوية الإقتصادية
يتناصح البعض من المسافرين على متابعة عروض التخفيضات على اسعار تذاكر السفر لمحطات مختلفة من قبل خطوط الطيران الإقتصادية. سرعان ما تحول بعضهم من المتابعة والفضول الى الادمان في شراء تلكم التذاكر. وتحول بعضهم مع الزمن من السفر لخفض الضغوط الحياتية عليه الى العبثية واللامبالاة والانانية. وزاد مستوى العبثية الى درجة استدراج نزيف جيوب اولئك المدمنين من خلال رسوم الوزن وتحديد مقاس الحقيبة واحتساب الكمبيوتر الشخصي وزن وبيع المقاعد وبيع الطعام على الطائرة وفرض رسوم على وسائل الترفيه.

واتذكر اني انزعجت جدا من احد الرحلات بسبب هتك موظفي الضيافة لتلكم الخطوط الاقتصادية لوقت المسافرين وراحته بالعروض على بيع الاغذية تارة وكروت الاتصالات تارة وكروت التنقل من والى المطار تارة اخرى.

الرمح على ركزه الاول
بعض ارباب الاسر يحرص على ان يطير باولاده في طيران جوي بمقاعد فئة البزنس كلاس ويسكنهم في كل سفراته بفنادق فئة ٥ نجوم. وهكذا في الطعام والتنقلات والجولات السياحية والمشتروات والتسوق. يمضي الوقت وتستفحل ثقافة نمط الاستهلاك الباهظ الثمن لدى الاولاد وتتصاعد التكاليف للسفر سنة بعد سنة ويضعف الدخل للاب المكافح او يتجمد بسبب التقاعد وهنا تبدأ دوامة التكيف مع الظروف الجديدة بين القبول والتصادم والرفض من قبل بعض الابناء وبعض ربات المنازل!
قد بكون البعض يعيش في فائض مالي ومن حقه وحق عياله عليه ان يكرمهم دون افساد وان يعزهم دون بطر وان يدللهم دون سفاهة. والكلام لعموم الناس ، اجادة ضبط الميزانية في السفر والاستمتاع دون اي منكدات او تعثرات او مفاجأت يتطلب تخطيط مبكر وحجوزات مبكرة مؤكدة من مكاتب وخطوط نقل ذات سمعة طيبة. لعل من الحكمة استقراء افضل وقت للسفر العائلي الجماعي وتحديد اهداف السفرة والانشطة التي سيتم ممارستها قبل السفر والا الجلوس بالبيت اكثر بركة واكثر راحة وهدوء.

المنتجعات السياحية المحلية
اعاد بعض ملاك المنتجعات المحلية تصميم وتوزيع مساحات منتجعاتهم لتكون اقل مساحة واكثر عدد واقل تكلفة على المستاجر. ونجح البعض من ملاك المنتجعات المحلية القريبة من المدن في ادراج منتجعات سياحية عديدة تستقطب العوائل الصغيرة لقضاء اجازة قصيرة المدة في منتجعات محلية بتكاليف مالية معقولة وفي متناول اغلب الجميع.

لعل برك السباحة الكبيرة والملعب المفتوح والمجالس المكيفة الكبيرة وركن المطبخ المعد سلفا هم اهم ركائز الاستقطاب في المنتجعات المحلية. وبعد ذلك يبقى سعر الاستئجار وقرب المنتج من المدن السكنية هو الفيصل في الاقدام او النفور من تلكم المنتجعات.

المدن الدينية
تزخر المدن الدينية بعدد الزوار على مدار السنة الا ان تكتل الانشطة في مضمار العبادة جعل عدد ليس بالبسيط من الابناء داخل الاسرة الواحدة لا سيما الاطفال غير راغبون في تكرار التجربة. وعند طرح جهة السفر لمدينة دينية يشتد التجاذب والخلاف بين الاجيال.

فجيل الاب والام يرغبون بخيار زيارة المدن العبادية والعكس بالنسبة للابناء. وهنا تتجلى حقيقة افتقار مدن عبادية متعددة لروح الجذب السياحي لكل فئات العمر. ونهيب بالمستثمرين ادراج جزء من استثماراتهم في المدن الدينية لما هو خارج نطاق الفنادق والمطاعم والمواصلات الى اشياء ترفيهية منمية للمواهب وجاذبة للاطفال والمراهقين.

كما نهمس في اذن ارباب الاسر بان يوسع من نطاق رحلته لتشمل زيارة مدن ترفيهية مجاورة للمدن الدينية حتى يستمتع الابناء بالرحلة مع ضبط الجدول وعدم انهاكه بجرعات مفرطة من هذا او ذاك.

الخلاصة: لان موسم الصيف حيث نهاية العام الدراسي للاطفال فإن موسم الصيف موسم استغلال وجشع من قبل بعض محطات السياحة حول العالم وفي الداخل. ترتفع اسعار تذاكر الطيران والفنادق والمطاعم ورسوم دخول مدن الترفيه واجور تاجير السيارات والمنتجعات بعيد شهر مايو وحتى بداية شهر سبتمبر.

اضحى التفكير ببدائل غير تقليدية لمحطات سياحية امر ملح ومتنفس ضروري لمن يؤمن بان الترويح النفسي عبر السفر ضرورة حياتية لخلق توازن بين ضغوط العمل – وضغوط الحياة. ومن لا يؤمن بضرورة السفر للترويح عن النفس واعادة شحنها واستبدل ذلك بفتح مجلسه او زيارة اقاربه او تبني مبادرات ترويحيه بداخل الوطن لاطفاله فذلك عمل حسن و تائجة المرتقبة طيبة.

سؤال عارض: اذا تم تهيئة الامور من كل النواحي، هل يمكن استبدال نهاية العام الدراسي للطلاب من الصيف الى فصل الربيع او الخريف حيث الاجواء اطيب والاسعار افضل والتكاليف اقل؟!

اسئلة لتسلية:
للمتمرسين بالسياحة الخارجية (طفا عدم الاستعانة بمحركات البحث الالكترونية):

١- في اي مدينة / دولة يقع الدرج الاسباني (Spanish Steps)؟
٢-اي الدول تشمل مصطلح (Benelux) واين تقع؟
٣- لماذا الاعلام يطلق على دولة اليابان ب “كوكب اليابان”؟
٤- في حالة الخيار بين زيارة جزيرة هونج كونج وماكاو أو زيارة الارض الام (الصين) ايهما ستختار؟ ولماذا؟

2 تعليقات

  1. موضوع شامل كامل مفيد نافع تطرق لعناوين جدًا مهمة للمسافر وبأسلوب سهل بديع.

    من المصاعب ايضًا للسياحة في الدول الأوربية تعقيد الحصول على فيزة الشنقن واجراءات الدخول في المنافذ.

    شكرًا لك.

  2. شكرا لمرورك و تعليقك و تحفيزك استاذ علي … طاب يومك و جميع القراء الكرام .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *