Physics confirms that the enemy of your enemy is, indeed, your friend
(بقلم: آماندا موريس – Amanda Morris)
الدراسة الجديدة هي أول دراسة تستخدم الفيزياء الإحصائية لتأكيد نظرية التوازن الاجتماعي المطروحة في الأربعينيات من القرن العشرين
لقد سمع أكثر الناس العبارة الشهيرة “عدو عدوي صديقي”.
في الوقت الراهن، استخدم باحثون في جامعة نورث وسترن الفيزياء الإحصائية لتأكيد النظرية التي تقوم عليها هذه البديهية الشهيرة. نُشرت الدراسة في 3 مايو 2024 في مجلة تقدم العلوم(1) (Science Advances).
في أربعينيات القرن العشرين، قدم عالم النفس النمساوي فريتز هايدر (Fritz Heider) نظرية التوازن الاجتماعي(2)، التي تبين كيف يسعى البشر بالفطرة إلى إيجاد الانسجام في دوائرهم الاجتماعية. ووفقا لهذه النظرية، هناك أربع قواعد – عدو العدو صديق، وصديق الصديق صديق، وصديق العدو عدو، وأخيرًا عدو الصديق عدو – تؤدي إلى علاقات متوازنة.
وعلى الرغم من أن هناك دراسات لا حصر لها حاولت تأكيد هذه النظرية باستخدام علوم الشبكات والرياضيات، إلا أن جهودها باءت بالفشل، حيث انحرفت الشبكات عن العلاقات المتوازنة تمامًا. ومن ثم، فإن السؤال الحقيقي هو ما إذا كانت الشبكات الاجتماعية(3) أكثر توازنًا مما هو متوقع وفقًا لنموذج الشبكة الكافي والمناسب. كانت معظم نماذج الشبكات مبسطة جدًا بحيث لا يمكنها استيعاب بشكل كامل التعقيدات داخل العلاقات الإنسانية التي تؤثر في التوازن الاجتماعي، مما يؤدي إلى نتائج غير متسقة حول ما إذا كانت الانحرافات الملحوظة عن توقعات نموذج الشبكة تتماشى مع نظرية التوازن الاجتماعي.
ومع ذلك، نجح فريق جامعة نورث وسترن في مزج العاملين الأساسيين اللذين يجعلان إطار عمل هايدر الاجتماعي ناجحًا. في الحياة الواقعية، ليس من الضروري أن يعرف الناس بعضهم بعضًا، وبعض الناس أكثر إيجابية من غيرهم.
لقد عرف الباحثون منذ فترة طويلة أن كل عامل يؤثر في الروابط الاجتماعية، لكن النماذج الحالية لا يمكن أن تمثل سوى عامل واحد في المرة الواحدة. ومن خلال جمع كلا القيدين (المحددين) تزامنيًا، أكد نموذج الشبكة الناتج عن عمل الباحثين أخيرًا النظرية الشهيرة بعد حوالي 80 عامًا من طرحها أول مرة من قبل هايدر.
يمكن للإطار الجديد المفيد أن يساعد الباحثين على فهم أفضل للديناميكيات الاجتماعية [الديناميات الاجتماعية هي القوى والعوامل التي تؤثر في تطور وتشكُّل الحركات الاجتماعية في المجتمع(4)]، بما في ذلك الاستقطاب السياسي والعلاقات الدولية، بالإضافة إلى أي نظام يشتمل على مزيج من التفاعلات الإيجابية والسلبية، مثل الشبكات العصبية أو المزج بين الأدوية.
وقال إستڤان كوڤاكس (István Kovács)، من جامعة نورثويسترن، وهو كبير مؤلفي الدراسة: “لقد اعتقدنا دائمًا أن هذا الحدسية الاجتماعية(5) فاعلة، لكننا لم نكن نعرف سبب فاعليتها”. “كل ما نحتاجه هو معرفة الرياضيات. لو راجعت الدراسات المنشورة سابقًا، هناك الكثير من الدراسات حول هذه النظرية، ولكن لا يوجد توافق فيما بينها.
على مدى عقود من الزمن كنا مخطئين في فهمها. والسبب هو أن الحياة الواقعية معقدة. وأدركنا أننا بحاجة إلى أن نأخذ في الاعتبار كلا القيدين في نفس الوقت. مَنْ يعرف مَنْ ونفس هؤلاء الناس هم أكثر ودية من غيرهم.
وأضاف بينجيا هاو (Bingjie Hao)، المؤلف الأول للدراسة: “يمكننا أخيرًا أن نستنتج أن الشبكات الاجتماعية تتوافق مع التوقعات التي تشكلت قبل 80 عامًا”. “النتائج التي توصلنا إليها لها أيضًا تطبيقات واسعة للاستخدام في المستقبل. الـرياضيات تمكننا من دمج القيدين في التواصل وتفضيلات الكيانات المختلفة في النظام. وسيكون ذلك مفيدًا لنمذجة أنظمة أخرى خارج الشبكات الاجتماعية.
ما هي نظرية التوازن الاجتماعي؟
باستخدام مجموعات من ثلاثة أشخاص، نظرية التوازن الاجتماعي التي طرحها هايدر تلتزم بالافتراض بأن البشر يسعون جاهدين من أجل إقامة علاقات مريحة ومتناغمة. في العلاقات المتوازنة، كل الناس يوادون بعضهم بعضًا. أو، إذا كان شخص يكره شخصين، فهذان الشخصان صديقان. العلاقات غير المتوازنة تحدث عندما يكره الأشخاص الثلاثة بعضهم بعضًا، أو يواد شخص واحد شخصين يكره الواحد منهما الآخر، مما يؤدي إلى الشعور بالقلق والتوتر.
وأدت دراسة مثل هذه الأنظمة المضطربة إلى منح جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2021 لعالم الفيزياء النظرية الإيطالي جورجيو باريسي (Giorgio Parisi)، الذي تقاسم الجائزة مع مصممي النماذج المناخية سيوكورو مانابي (Syukuro Manabe) وكلاوس هاسيلمان (Klaus Hasselmann).
وقال كوڤاكس: “يبدو أن الأمر متوافق للغاية مع الحدسية الاجتماعية”. “يمكنك أن تلاحظ كيف سيؤدي هذا إلى الاستقطاب الشديد، وهو ما نراه اليوم من حيث الاستقطاب السياسي. إذا كان كل من توده يكره أيضًا كل الذين تكرههم، فسينتج عن ذلك طرفان يكرهان بعضهما بعضًا.
ومع ذلك، جمع بيانات واسعة النطاق حيث لا يدرج ضمنها الأصدقاء فحسب، بل الأعداء أيضًا فهذا يعد أمرًا صعبًا. مع ظهور مصطلح البيانات الضخمة(5) في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حاول الباحثون معرفة ما إذا كانت مثل هذه البيانات الحاملة لإشارة + أو – (علامة موجبة أو سالبة)(7) من الشبكات الاجتماعية يمكن أن تؤكد نظرية هايدر. عند توليد شبكات لاختبار قواعد هايدر، يعمل الأفراد كعقد. تمثل الحواف التي تربط العقد العلاقات بين الأفراد.
النجاح في القيدين
لاستكشاف المسألة، لجأ كوڤاكس وهاو إلى أربع مجموعات بيانات شبكية واسعة النطاق ومتاحة تحمل قيمًا ايجابية / سلبية، ومؤرشفة مسبقًا من قبل علماء الاجتماع، بما في ذلك بيانات من أربع مصادر مختلفة.
في نموذج الـشبكة التي صمماها، لم يقم كوڤاكس وهاو بتعيين قيم سلبية أو إيجابية عشوائية للحواف بالفعل. لكي يكون كل تفاعل عشوائيًا، يجب أن تتمتع كل عقدة (فرد) بفرصة متساوية للقاء بعضها بعض. ومع ذلك، في الحياة الواقعية، ليس من الضروري أن يعرف أحد شخصًا آخر داخل شبكة التواصل الاجتماعي. على سبيل المثال، قد لا يلتقي الشخص أبدًا بصديق صديقه الذي يعيش على الجانب الآخر من العالم.
أفكار حول الاستقطاب وما يتجاوزه
يقوم كوڤاكس وهاو حاليًا باستكشاف العديد من الاتجاهات المستقبلية لهذا العمل. وفي أحد الاتجاهات المحتملة، من الممكن استخدام النموذج الجديد لاستكشاف التدخلات الرامية إلى الحد من الاستقطاب السياسي. لكن الباحثين يقولون إن النموذج يمكن أن يساعد في فهم الأنظمة بما يتجاوز المجموعات الاجتماعية والعلاقات بين الأصدقاء بشكل أفضل.
وقال كوڤاكس: “يمكننا أن ننظر إلى الروابط الاستثارية والتثبيطية بين الخلايا العصبية في الدماغ أو التفاعلات البينية التي تمثل مزيج مختلف من الأدوية لعلاج الأمراض”. “كانت دراسة الشبكات الاجتماعية بمثابة مسرح مثالي للاستكشاف، ولكن اهتمامنا الرئيس هو ما يتجاوز دراسة التفاعلات بين الأصدقاء والنظر إلى الشبكات المعقدة الأخرى”.
كوڤاكس أستاذ مساعد في الفيزياء وعلم الفلك في كلية واينبرغ للفنون والعلوم في جامعة نورث وسترن. هاو باحث ما بعد الدكتوراه في مختبر كوڤاكس.
مصادر من داخل وخارج النص:
1- https://www.science.org/doi/10.1126/sciadv.adj0104
2- https://ar.wikipedia.org/wiki/
3- https://ar.wikipedia.org/wiki/
4- https://mwade3.com/B1/
5- “الحدسية الاجتماعية (social intuition)، هي نموذج من نماذج علم النفس الأخلاقي التي تنظر إلى المواقف الأخلاقية بوصفها غير لفظية وسلوكية إلى حد كبير. تستند الحدسية الاجتماعية غالبًا إلى ما يُسمى بـ «الدهشة الأخلاقية»، أي فشل الناس في إيجاد أي مبدأ منطقي يشرح ردة فعلهم على الرغم من الطبيعة الأخلاقية القوية لردة فعلهم هذه. يطرح نموذج الحدسية الاجتماعية أربعة ادعاءات أساسية فيما يتعلق بالمواقف الأخلاقية: (1) حدسية بطبيعتها («الحدس أولًا»)، (2) منطقية ومبررة أو مفسرة بعد وقوعها، (3) هدفها الأساس التأثير على الآخرين، (4) متأثرة ومتغيرة وفقًا للنقاشات المطروحة مع الآخرين. مقتبس من النص العربي على هذا الرابط: https://en.wikipedia.org/wiki/Social_intuitionism
6- “مصطلح البيانات الكبيرة (Big Data) يشير إلى مجموعة بيانات تستعصي لضخامتها أو تعقيدها على التخزين أو المعالجة بإحدى الأدوات أو التطبيقات المعتادة لإدارة البيانات. أو ببساطة لتقريب الأفهام، لا يُمكن التعامل معها على حاسوب عادي بمفرده من خلال قاعدة بيانات بسيطة. ومن سمات مجال «البيانات الضخمة» استعمال حواسب عديدة لتقاسم الأعمال المطلوبة”. مقتبس من النص العربي على هذا الرابط: https://en.wikipedia.org/wiki/Big_data
7- https://www.albsseasds.com/53414/
المصدر الرئيس:
https://news.northwestern.edu/stories/2024/05/physics-confirms-that-the-enemy-of-your-enemy-is-indeed-your-friend/