بعد حادثة التسمم الذي حدثت في الرياض قبل أيام، ومازالت أحداثها جارية ونحن نتابع فصولها جميعاً بقلق بالغ، خصوصاً مع بدء سريان الإشاعات في اليومين الأخيرين بشكل متسارع ومنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي، أحب التأكيد على ما يلي:
١/ ضرورة التحلي بالوعي الكافي عن أبعاد ومدى المشكلة التي نحن بصددها، فالقضية هي وقوع حالات تسمم غذائي جراء تناول المصابين مادة غذائية ملوثة بجرثومة ما، نتيجة خلل في التوريد أو الإعداد أو التخزين، وهذا يعني أننا أمام مرض يصيب الذين يتناولون ذلك الغذاء الملوث فقط، وليس من يخالطونهم، فهذا النوع من الإصابات غير معدي ولا يسبب وباء بحيث ينتشر في أماكن متعددة، الا اذا كان الغذاء الملوث منتشراً في مناطق عدة لاسمح الله، وهذا احتمال في غاية البعد عن الواقع.
٢/ أهمية الالتزام بالهدوء والتوازن النفسي والعاطفي في حالة حصول الأزمات، فبعد أزمة كورونا التي عصفت بالكوكب وكان لها تبعات عديدة وخطيرة، كان أحدها التبعات النفسية، حتى أن علماء النفس بدأوا يدرسون هذه الظواهر النفسية المصاحبة للجوائح وأطلقوا عليه ما يسمى (psychology of pandemics) او ما يمكن تسميته سيكولوجية الأوبئة، وهو فرع من عام النفس، يهتم بالظواهر النفسية المصاحبة للأوبئة، مثل الخوف من وقوع خطر محدق وقريب، كراهية الأجانب، حمى الشراء بشكل مبالغ فيه، نظرية المؤامرة وشيوع الإشاعات، ظواهر عنف مجتمعية وحالات تمرد على القانون وغيرها من الظواهر النفسية. وكلنا لاحظنا سريان الإشاعات خلال اليومين الماضين عن حالات جديدة ووفيات في مدن متعددة في وسائل التواصل لا تحمل أي مصداقية، ولكنها تثير القلق والذعر بين الناس وتفقدهم الأمان والاستقرار النفسي، وقد تسبب تغيراً في سلوك الناس وحياتهم الاجتماعية والاقتصادية نتيجة مقاطعة المطاعم ومحلات الأطعمة.
٣/ ضرورة الثقة في المؤسسات والجهات الرسمية واعتبارها الجهات الوحيدة التي تملك المعلومة الصحيحة والحقيقية والواضحة، وترك المصادر الأخرى مثل وسائل التواصل الاجتماعي، كونها مصادر غير دقيقة وغير رسمية ولا تحمل أي مصداقية، بل أنها تسبب الضرر أكثر من النفع، بنشرها الإشاعات المغلوطة وتسببها بالذعر والهلع بين الناس.
ختاماً، علينا التحلي بالوعي الكافي بفهم أكبر لطبيعة المرض وسبل الوقاية منه وطريقة حصوله، والهدوء والتوازن النفسي وعدم الانجرار وراء الاشاعات والتسبب في حالة من الهلع والذعر لا سمح الله، وأخيراً وضع كامل الثقة في قنواتنا الرسمية واستقاء المعلومة الصحيحة منها دون غيرها. وآخر دعوانا أن يحفظ الله الجميع من كل مكروه، إنه سميع مجيب.