مقدمة المترجم
معضلة الموت الدماغي لا تلقي بظلالها وتعقيداتها على المريض أو على أعضاء أسرته فقط بل وتشمل مجموعة من الهيئات العامة والخاصة العاملة في المجال الفقهي الديني والقانوني منه بل وحتى الأطباء القائمين على علاج هؤلاء المرضى وإدارة مستشفياتهم من حيث الأخلاقيات القانونية والدينية في القضايا المتعلقة بهؤلاء المرضى، والتي يأتي على رأس قائمتها تعريف الميت سريرياً وقرار إزالة أجهزة دعم الحياة عنه وإعلان وفاته بعد ذلك والتبرع بأعضائه وما يترتب على ذلك من أحكام شرعية و قانونية وأخلاقية.
**الموضوع**
عندما يُعلن أن المريض ميت دماغياً، ما هي الخيارات المتاحة لأفراد الأسرة؟ من الذي يقرر مصيره أو مصيرها؟ أثارت قضية في ولاية كاليفورنيا مؤخراً إهتمام سايد Syd جونسون، الأستاذة المساعدة في الفلسفة في جامعة ميشيغان التكنولوجية.
ورقتها العلمية “الموت المأساوي والصراع من أجل الحياة”، التي نُشرت في منتدى امباكت ايثكس: ميكينغ ادفرينس إن بايوايثيكس Impact Ethics: Making a Difference in Bioethics. (١) حيث قالت في ذلك أنها تناولت الحالة في كاليفورنيا والعديد من القضايا الخاصة بها وحالات مماثلة.
“الفتاة التي تبلغ من العمر ١٣ عاماً ذهبت لإستئصال اللوزتين وحدثت لها مضاعفات من الجراحة واعتبرت ميتة دماغياً” بحسب جونسون. “أراد المستشفى أن يسحب أجهزة دعم الحياة عنها ولكن الأسرة لم توافق لأسباب دينية. وعبر صداقاتها على وسائل التواصل الإجتماعية فقد جمعت الأسرة ما يكفي من المال لنقلها إلى مرفق لإبقائها على قيد الحياة.
التعريفات – المعضلات الأخلاقية – للموت الدماغي يعود الى عام ١٩٦٨ على الأقل و اللجنة المخصصة التي شكلت مؤقتاً لمراجعة تعريف الموت الدماغي، كما قالت. في ذلك الوقت، كان هناكإ إثنتان من المضاعفات: لو أن شخصا إنتهى به الإمر الى العناية المركزة، وكان في غيبوبة لا يمكن أن يفوق منها ولكن يمكن أن يبقى على قيد الحياة، ١) إشغاله للسرير في المستشفى حتى ولو كان ليس هناك ما يمكن القيام به لمساعدته على الشفاء، ٢) أيضاً النجاحات المتزايدة لزراعة الأعضاء قد خلقت ضغوطاً لإزالة أجهزة دعم الحياة عن المريض.
منذ أربعة عقود لا يزال الجدل قائماً في أن هل الموت الدماغي هو نفس الموت بالسكتة القلبية؟ وهاتان الطريقتان هما المسببتان للموت في كل ال ٥٠ ولاية في أمريكا .
ولكن الموت الدماغي لم يكن مقبولاً من العامة لإعتراضات دينية وأخلاقية.
“من الصعب بالنسبة للكثير أن تعتبرهم ميتين عندما لا تزال أجسامهم حارة، ولا تزال هناك بعض الإرتكاسات (انعكاسات) reflexes تعمل، كما أوضحت ” ولن نقوم بدفنهم في تابوت في الأرض وهم على هذا النحو.
واحدة من الحجج الرئيسية لجونسون هي لإستيعاب الأسرة. الحالة من ولاية كاليفورنيا سُمح لعائلة المريضة للتجمع حول الفتاة ووداعها. ومن ثم يقوم المستشفى بسحب أجهزة دعم الحياة وفقاً لقانون الولاية.
جونسون تفضل نهجا أكثر لباقةً، على أقل تقدير.
“من المعروف أن بعض المرضى يبقون على قيد الحياة لمدة ٢٠ سنة أخرى باستخدام أجهزة دعم الحياة”، كما تقول. “عندما يتوقف القلب عن النبض، تلك هي عادةً اللحظة التي تختفي حتى الإعتراضات الأخلاقية والدينية على إزالة أجهزة دعم الحياة.”
لدى ولاية نيويورك قوانين مشابهة لولاية كاليفورنيا، كماتقول جونسون، ولكن قانون ولاية نيو جيرسي هو القانون الوحيد الذي بقول يجب إستخدام معايير القلب لكي يُعتبر ميتاً، وهذا هو مهم بالنسبة للتأمين الطبي، والذي سيستمر بتغطية تكاليف الرعاية الصحية في المستشفيات.
“ولايات أخرى تعلن الشخص ميتاً من الناحية القانونية، ويجب عليه / عليها مغادرة المستشفى”، كما تقول جونسون. “وهناك الكثير من النقاش في الأدبيات (الأوراق العلمية المنشورة) على موت الدماغ. الخلاف موجود بين الأطباء وأطباء الأعصاب والأخلاقيات البيولوجية”. في أعقاب حالة ولاية كاليفورنيا، وتقول جونسون أيضا كان المستشفى متبلد الشعور جدا وقاسياً، في إشارة الى الفتاة بأنها “جثة هامدة” و “متوفاة” ومما يدل على أن الأسرة كانت مجنونة.
“لقد كان أسلوباً غير ملائماً للتحدث معهم وعنهم”، كما تقول. وأضافت “حتى عندما نقلوا الفتاة أخيراً، فقد حول المستشفى الفتاة الى زاوية أولاً، ثم كان على الأسرة أن ينقلوها إلى مرفق صحي طويل المدى.”
لذلك، الفتاة لا زالت على قيد الحياة بحسب أحد التعاريف ومتوفاة وفقاً لولاية كاليفورنيا، مما قالت جونسون. هذا الموضوع يثير مسائل قانونية وطبية ودينية، وأخلاقيات بايلوجية وقضايا أخرى.
“نحن بحاجة للحديث عن ذلك كمجتمع”، كما قالت جونسون. “ما ذا نقبل، حيث نعطي مهلة لتعريف الوفاة: عندما يتوقف القلب ويصبح الجسد بارداً ونحن بحاجة إلى أن نسمح وبشكل معقول بتعريفات فضفاضة أكثر من ذلك للوفاة، حتى لو كان عدد الحالات قليلاً في كل عام.”
القضية الأخيرة في ولاية تكساس حيث تمت إزالة أجهزة دعم الحياة عن امرأة حامل هو مثال آخر، كما قالت.
“وكانت تعمل كفنية طب طوارىء وكذلك كان زوجها، وهذا أمر مهم لأن كلاً منهما يعرف فعلاً الموت الدماغي، وكان لديهما معرفة واضحة أنهما لا يريدا أن يبقيا على قيد الحياة إذا ماتا دماغياً”، كما قالت جونسون. “ومع ذلك، قانون تكساس يحظر إزالة أجهزة دعم الحياة عن الحامل. وكان على الزوج أن يشاجر لإزالتها، ووافق القاضي معه.”
يمكن أيضا أن تكون هناك مضاعفات عندما يرغب الشخص الميت دماغيا ألا يبقى على قيد الحياة، ولكن أحد أفراد الأسرة يريد ذلك.
“السابقة القانونية هي أن فرداً من أفراد الأسرة تم تجاوزه (رفض)، وعادة ما يساعد قس أو مستشار أسرة على تسوية الخلاف”، كما قالت.
جونسون دعت ذلك موضوعاً رائعاً لأن الموت الدماغي ليس كالموت التقليدي، والحاجة إلى الأعضاء والأنسجة يمكن أن تعقّد هذه القضية.
” التبرع بالأعضاء يمكن أن يكون لسبعة أو ثمانية أشخاص، ولكن الأنسجة يمكن إستخدامها من قبل ما لا يقل عن ٥٠ شخصاً”، كما تقول، بما في ذلك بعض الأنسجة التي لها أهمية كأهمية القرنيات وصمامات القلب.
الميت دماغياً يمكن أن يكون مصدراً هاما لتلك التبرعات، ونحن بحاجة إلى أن نكون صادقين أكثر عما نقوم به في هذه الظروف، كما قالت جونسون.
“الموت الدماغي لا يساوي الموت التقليدي ، وأنه من الصعب أن يُقبل” كما تقول. “الفرق يمكن أن يكون مهماً كأهمية موت الشخص مقابل موت طفله. هذه من شأنها أن تكون سياسات عامة أفضل للنظر في كيف تُعامل تلك الأسر”.
مصدر من خارج النص:
١- https://impactethics.ca/about/
المصدر: