عين العوْدَة بالدبابية – بقلم أحمد جواد السويكت*

تعتبر عين العَوْدَة أو عين الدبابية (1) من العيون المعدنية القديمة كباقي عيون واحة القطيف المحروسة، وهي إحدى أشهر معالم الدبابية التاريخية المميزة والبارزة فيها.

وتخطى عين العَوْدَة بأهمية خاصة لوجودها في وسط جنوب حاضرة القطيف التي تخدم جميع الأحياء المجاورة لها، ويقول المؤرخ الأديب الأستاذ محمد سعيد المسلّم في كتابه واحة على ضفاف الخليج صفحة (86) تحت رقم (7) الدبابية: وفي جانبها الشرقي عين عذبة تسمى باسمها بمحاذاة السور، وتسقي النخيل المجاورة لها …).

  وتميزت بذلك لأنها عين نبّاعة تتدفق مياهها بوفرة وقوة شديدة لتسقي مساحات كبيرة من كل الجوانب المحيطة بها من النخيل والمزارع والبساتين وغيرها.

 الجانب الشرقي من سور الدبابية القديمة، وتظهر البوابة الرئيسية (الدروازة) وفي وسط الصورة تظهر نخلة في داخل بيت آل إخوان ومن جهة اليسار نخيل الطف عام 1946م
صورة تاريخية لعين العودة بالدبابية توضح جلب الماء سواء بنقله على الكتف بأواني فخارية أو بالحمير في عام 1924م أي قبل 100 عام (مصدر الصورة: أخبار القطيف)
امام الصورة تظهر عين العودة بمحاذاة سور الدبابية وبعدها  بساتين نخيل  المسعودية عام 1953هـ والتي تحولت فيما بعد إلى حي سكني. مصدر الصورة (6)

تاريخها:

 لا يزال تاريخ بناء هذه العين غير محدد، ولكن ورد ذكرها في الموسوعة التاريخية دليل الخليج في الجزء الخامس في صفحة (1881) للمستشرق الإنجليزي جون جورون لوريمر الذي أعدها في عام 1903م أي قبل 120عامًا، وأيضًا قام بتصويرها العالم الجيولوجي السويسري الدكتور ارنولد هايم في عام 1924م أي قبل قرن من الزمن. ولذلك تعتبر من العيون التاريخية القديمة جدًا، ويشاع عند بعض الناس أن الذين حفروا العيون هم العمالقة.

تصوير العالم الجيولوجي السويسري الدكتور ارنولد هايم عين العودة عام 1924م أي قبل قرن من الماضي.  مصدر الصورة (6)

تسميتها:

 سميت عين العَوْدَة بهذا الاسم المحلي والذي تعني العين الكبيرة. كما أطلق عليها من قبل الآخرين من خارج سكان الدبابية بإسم عين الدبابية التي كانت مقصد لهم لغرض السباحة والاستجمام فيها، وكانت المياه تفيض منها بشكل طبيعي لمئات السنين.

موقعها الجغرافي:

تقع عين العَوْدة أو الدبابية في الجهة الشمالية الغربية من مدينة القطيف، ومحاطة من جهة الغرب بمسجد الشيخ خميس الذي كان يؤم صلاة الجماعة فيه العلامة الشيخ أحمد بن مهدي السويكت المتوفى سنة 1397هـ. ومن جهة الشرق حمام البلدية ومن جهة الجنوب مسجد الشيخ محمد أو السدرة أو العَوْد المعروف اليوم باسم (مسجد المناميين) الذي كان يؤم صلاة الجماعة فيه العلامة الشيخ علي بن مكي السويكت المتوفى سنة 1352هـ، ومن جهة الشمال مسجد النسوان (النساء).

وطرق الوصول إلى العين يكون عـبر ممرات: –

الأول: من داخل براحة الدبابية من جهة الجنوب فهو ممر (زرنوق) ضيق متعرج، والذي لا يتعدى عرضه متر وعشرون سنتيمتر بجانب مسجد الشيخ خميس.

الثاني: من خارج سور الدبابية من جهة الشرق بشارع الدبابية المعروف حاليًا بشارع ابن المغترب فهو للقادمين من الأحياء الأخرى عبر زرنوق حمامات عامة بنتها بلدية القطيف، وكانت سابقًا في هذا المكان بوابة صغيرة تعرف باسم (الخادعة) يدخل من خلالها القادمون من المناطق الأخرى للسباحة في العين.

منظر من الأعلى تظهر عين العَوْدة في الوسط ومحاطة من جميع الجهات
موقع عين العودة بالدبابية حسب النظام العالمي لتحديد المواقع (GPS)

وصف العين:

عين العودة بالدبابية عبارة عن عينين متصلتين تقع أقصى جنوب بلدة الدبابية، وهي على النحو التالي:

الأولى: العين الصغرى

 كانت قديمًا تسمى باسم (دجة الماي) قبل بناءها أو تسويرها، وتتألف هذه العين من غرفة صغيرة على شكل مربع مبنية من الحجارة والطين، ومسقوفة بالخشب، وتبلغ مساحتها الإجمالية (12) متر مربع تقريبًا، وارتفاع جدرانها من الداخل حوالي (3) متر بينما من الخارج ارتفاعها حوالي (5,2) متر تقريبًا، وبها فتحة صغيرة بمساحة (80 سم في 70 سم) لدخول الماء إليها من العين العودة الرئيسية، كما يوجد عدة درجات (عتبات) للنزول، وبجانب هذه الدرجات يوجد بركة ماء ضحلة يسبح بها الأطفال. وأمام هذه البركة عدة درجات أخرى للصعود للعين العودة، تنتهي بفتحة مستطيلة الشكل بإرتفاع متر وستون سنتمتر، وهي المدخل لعين العودة مباشرةٍ.

الزرنوق المؤدي للعين بين الماضي والحاضر
فتحة المياه المؤدية إلى العين الصغرى

الثانية: العين الكبرى (العودة)

وهي العين الكبرى المسمى بعين العودة الرئيسية الدائرية الشكل المبنية من الحجارة المشذبة والطين وتبلغ مساحتها الإجمالية (113) متر مربع تقريبًا، وارتفاع سور جدرانها من الداخل يتراوح بين 2 الى 3م، بينما ارتفاع جدران السور من الخارج يتراوح بين المتر والمترين ، وهي المنبع الرئيسي الذي أقيم على مجراها ثلاث قنوات أو فتحات الأولى للعين الصغرى بمساحة (80 سم) لدخول الماء إليها، والثانية فتحة لعين الخميسية الخاصة بالنساء التي لا تتعدي (50 سم) والثالثة التي تعرف باسم (المحدره) وعن طريقها كانت النسوة تستقى الماء مباشرة من العين مع وجود جدار ساتر يمكنهن من أداء هذه المهمة بكل سهولة وأريحيةٍ ثم يتجه إلى الدائرة المعروفة باسم (الدويرة) ومنها إلى حمام النساء المسقوف بالكامل وتبلغ مساحته (16) متر مربع تقريبًا ، وأيضًا إلى دجة (بركة) وهي للغسيل وتكون مقابل مسجد النساء من جهة الغرب.

رسم تقريبي يوضح عين العودة الرئيسية التي أقيم على مجراها ثلاث فتحات متصلة بها.
فتحة مستطيلة الشكل تؤدي إلى الدخول للعين العودة.
تظهر في الصورة فتحة دخول إلى عين العودة وبجانبها فتحة صغيرة متصلة بالعين الصغرى.
المحدرة التي يذهب منها الماء مباشرة إلى حمام النساء ودجة الماء.
عين العودة في أربعينات القرن الماضي وتظهر امام الصورة فتحة الماء المؤدية إلى عين الخميسية ومن جهة اليمين في الأعلى مسجد الشيخ خميس شمال غرب البراحة ومن جهة اليسار في الأعلى تظهر حمامات الرجال والذي يقدر عددها بـ(20) حمامًا. (مصدر الصورة رقم (6)
وفرة وقوة المياه المتدفقة من عين العودة في منتصف التسعينات التي نسبح فيها منذ أن كنا صغارًا في الزمن الماضي الجميل
الصورة توضح عين العودة مستوى مائها المتدفق التي كانت مقصد للسباحة والاستجمام من قبل الأخرين في منتصف تسعينات القرن الماضي.

تخطيط العين:

تأخذ العين شكلاً دائرياً وتحتوي على جِلْف عرضه (35 – 40سم) بدائر العين وهو عبارة عن مستراح يجلس عليه السابح، ويحدد شكل العين والجلف جدران تحيط بالعين ، وهذا الجلف يرتفع عن أرضية العين بحوالي (2 – 2.5م) تقريباً، وتحتوي العين على منبع في وسط أرضية العين على شكل فوّهة شبه دائرية عميقة حتى القاع تسمى بالتنور قطرها حوالي 1,2 متر ، وهي النافذة التي تسمح بتدفق المياه من باطن الأرض إلى السطح، ومن خلالها يتجدد ماء العين بشكل مستمر (5).

سور عين العودة على شكل دائري.

عين الخميسية:

قد تم بناء عين الخميسية على شكل مستطيل والتي تقع من الجهة الجنوبية الملاصق للمسجد الشيخ خميس وغرب عين العَوْدَة التابعة لها، ويكون مدخلها من جهة البراحة تحت ساباط بيت عبد رب النبي، ويصل إليها الماء من المجرى الشرقي من عين العودة الرئيسية عبر مجرى يتصل بها، وذلك من خلال نفق يمتد بحوالي متر ونصف من العين وهو جزء منها ثم يتصل بالعين الخميسية من خلال فجوة أو الفتحة.

كما تميزت عين الخميسية بسورها المرتفع الذي يبلغ ارتفاعه حوالي (5 متر) وتبلغ مساحتها الإجمالية (43) متر مربع تقريبًا، وتزينها روازن في جدرانها لطرح الأغراض الشخصية عليها، وفي مدخلها عدة درجات للنزول والصعود وبعدها تكون في طرف زاوية العين بركة (دجة) صغيرة للغسيل ثم المسبح الذي يكون محاطًا بعتبة أو درجة عريضة للجلوس عليها قبل السباحة.

وتعتبر العين مكان مناسب وأكثر خصوصية وملائمة للنساء باعتبارهن اللواتي يأتون إليها محملين بالملابس والأواني المنزلية لغسلها وتنظيفها أو الرجوع منها حاملين الماء للاستخدام المنزلي بالإضافة إلى السباحة فيها.

وفي أواخر سنة 1407هـ، فقد قررت بلدية القطيف بتسويتها بالأرض وردمها متزامناً مع عملية ردم عين العودة الرئيسية. ولذلك لم يبقي لهذه العين وجود في وقتنا الحالي سوى إسمها وذكرى موقعها.

امام الصورة باب عين الخميسية الخاصة بالنساء تحت ساباط بيت عبد رب النبي
عين الخميسية في أيامها الأخيرة بعدما جفت مائها نهائيًا
امام الصورة البراحة المؤدية إلى العين الخميسية وبعدها يظهر الباب العين
فتحة الماء المؤدية إلى عين الخميسية
موقع عين الخميسية الخاصة بالنساء التي محيت آثارها ولم يبقي منها شيء سوى أسمها وذكرى موقعها

مسارات العين:

لقد كانت مياه العين تغطي ثلاث مسارات مختلفة، وهذه المسارات التي كانت تمر من خلالها لتسقي مساحات كبيرة من مزارع النخيل والبساتين المحاطة ببلدة الدبابية وهي كالتالي: –

المسار الجنوبي: وهو المسار الأول الذي يكون من جهة الجنوب وهو مسجد السدرة المعروف اليوم باسم مسجد المناميين، والذي له مجرىً يتجه جنوباً غرب مسجد السدرة.

ممر (زرنوق) العين من داخل براحة الدبابية مروراً من مسجد الشيخ خميس حتى نهاية مسجد السدرة (المناميين)

المسار الغربي: وهو المسار الثاني من جهة الغرب وهو قسمان من جهة الغرب الشرقي منها مدخل العين الرئيسي ملاصق من الجنوب لمسجد الشيخ خميس الذي يتوضأ منه المصلين للصلاة، وأما القسم الغربي يكون مسبح النسوان (النساء) لغسيل الملابس والأواني المنزلية، وأما جنوب عين الخميسية تكون حمامات متقابلة للرجال وعددها خمسة عشرة مقابلة للجنوب وخمسة مقابلة للشمال ويكون غربهم مربط خاص للملا الحاج عباس محمد يوسف الخراري المتوفى عام 1437هـ، وبعدها يسقي بستان الدالية ثم ينتهي إلى ساحات النخيل بعد الدالية (2).

طريق بستان الدالية وبعدها تكون النخيل والمزارع

المسار الشرقي: وأما المسار الثالث من جهة الشرق يطلع الماء إلى المحدره، ثم يتجه إلى الدائرة المعروفة باسم (الدويرة) ومنها إلى حمام النساء وأيضًا إلى دجة (بركة) وبجانبها صخرة وهي للغسيل وتكون مقابل مسجد النساء من جهة الغرب، وبعدها يتجه الماء نحو نخيل الطف التي يمر بها وينتهي إلى مسجد الفتح (3)

في يسار الصورة مكان خروج الماء إلى المحدرة

أسماء الأماكن التي تُسقى منها عين العودة:

هناك أماكن وسيحات لبلدة الدبابية، كانت تسقيها عين العودة بشكل مباشرٍ وهي: –

من جهة الشمال الشرقي

يصب المجرى المائي بين مكان ملك المرحوم الحاج علي محمد الموسي (أبو عبد المحسن) ونخيل الطف سابقًا مدرسة القطيف الثانوية وحاليًا مدرسة معن بن زائدة المتوسطة ثم يصب في نخل المسمى بنص دياجة ثم يتجه شرقًا إلى حي الخضيرة ويصب في مجرى مائي معروف باسم السبتية المجاورة لمسجد الفتح ونخيل بساتين الميدان (خلف ورشة عبد الكريم غريب سابقا) وباقي النخيل المجاورة ما عدا نخل السيد علوي السيد كاظم آل شرف لوجود عين  به جنوب حسينية آل شرف ولذلك لا يُسقى من عين العودة.

امام الصورة نخيل الطف الذي تسقى من عين العودة

 من جهة الغرب

دالية الحسين – الدبيبيات (محمّد الفنوس – عبد الله أبو السعود – الشيخ علي أبو عبد الكريم – السيد محمد العوامي) وهي تمر على النخيل المجاورة لمغتسل الدبابية من جهة الغرب، وأما نخل الجنوبي من جهة المغيسل هو نخل الوقف المشترك بين آل الجشي وآل ماجد ويسقي الرازقيات (رازقية بن جلال – رازقية أهل البحرين – رازقية الشبركة – رازقية آل إسماعيل – رازقية العوامي).

دالية الحسين ولا تزال قائمة حتى الان في داخل الحي بالدبابية
مزارع ونخيل المجاورة لمغتسل غرب الدبابية

من جهة الجنوب

 الدالية العودة – الدالية الصغيرة – المسعودية – القدير (عمارة الجمري). وكان للعين مجرىً يتجه جنوباً غرب مسجد السدرة وأسفل بيت آل شيبان وبجانبه مدخل استخدم أثناء حصار “وقعة الشربة” وكان لا يعرفه إلا القليل من أهل الدبابية (4).

امام الصورة بساتين نخيل المسعودية التي كانت تسقى منها عين العودة التي تحولت فيما بعد إلى حي سكني جميل.

تنظيف العين:

حينما بدأت مياه العين بالنضوب في أواخر سنة 1398هـ،كانت هناك عدة محاولات من قبل أهالي بلدة الدبابية لإنعاش العين، حيث قامت مجموعة من المتطوعين سنة 1399هـ، في مسعى لتنظيف العين لإعادة تدفق ماؤها وذلك بمشاركة غواصين منهم الغواص المرحوم الحاج منصور الماجد (أبو جاسم) من أهل الدبابية، مع أفراد من الغواصين من بلدة أم الساهك وشركة أرامكو التي ساهمت بتأمين غواصين أجانب عن طريق استئجارهم من شركة أحمد حمد القصيبي بالخبر بواسطة جهود الحاج عبد المحسن منصور حبيب آل إسماعيل (أبو إبراهيم) – حفظه الله ورعاه – ولكن هذه المحاولة لم تسفر عن شيئً ملموس.

وفي محاولة أخرى في منتصف سنة 1402هـ، بمبادرة أهلية تطوعية من قبل جميع أهالي الدبابية مع مشاركة بعض الأفراد من الأحياء الأخرى وبسواعد شبابها الطيب، وعمل متواصل إلى ساعات متأخرة من الليل، ولأكثر من ستة أشهر، في محاولة جادة لإرجاع الماء وبريق العين المفقود وذلك بتنظيفها واستخراج الأوساخ منها لإعادة إحيائها مرة أخرى، ورغم هذه الجهود الكبيرة التي بذلت من قبل الأهالي، ولكن هذه الجهود أيضا لم تكلل بالنجاح في إعادة تدفق الماء، ويعود سبب ذلك لإنحدار مستوى المياه الجوفية في المنطقة لعوامل كثيرة منها قلة تغذية المياه الجوفية بالأمطار في السنوات الأخيرة فبدأت العيون بالنضوب الذي يصعب علاجه. وإن شاء الله نوفق في المستقبل بذكر قصة تنظيف العين بشكل أكثر تفصيلًا.

بعض الأهالي المتطوعين الذين يقومون بتجهيز المعدات اللازمة لتنظيف العين.
مجموعة من الشباب المتطوع الذين يقومون بتركيب عداد الكهرباء لتشغيل المعدات اللازمة لتنظيف العين.
مجموعة من الأهالي خلف عين الخميسية لتجهيز المعدات لتنظيف العين
مجموعة من الشباب المتطوع الذين يقومون بتنظيف عين العودة

مجموعة من شباب المتطوع يقومون بإزالة الأوساخ من العين في عام 1402هـ

مجموعة من الشباب المتطوع في داخل عين العودة أثناء وضع ماطور الماء سنة 1402هـ.

العمل المتواصل في تنظيف العين إلى ساعات متأخرة من الليل
مشاهدات مجموعة من الشباب البلدة والأحياء الأخرى على سطح حمام البلدية أثناء تنظيف العين سنة 1402هـ.
مشاهدات أهالي البلدة مع الأحياء الأخرى على سور عين العودة أثناء العمل في تنظيف العين سنة 1402هـ.

ردم عين العودة:

بعد عدة محالات من قبل أهالي بلدة الدبابية في الفترة ما بين عامي (1399هـ) و (1402هـ) في إعادة أحيائها والتي لم تسفر عن شيئًا يذكر، بقيت العين مهجورة لمدة خمس سنوات، مما أدى الى جفاف ماؤها بشكل نهائي، وصارت مكانا لرمي الأوساخ والأشياء الغير مرغوب فيها، ونتيجة ذلك قررت بلدية القطيف في أواخر سنة 1407هـ بردمها بالأسمنت وتمت تسويتها بالأرض مع باقي العيون المتصلة بها.

وبذلك فقدت بلدة الدبابية معلمًا من معالمها التاريخية المميزة والبارزة فيها، ولم يبقي لهذه العين وجود في وقتنا الحالي سوى الذكرى من إسمها وموقعها.

موقع عين العودة التي محيت آثارها ولم يبقي منها شيء سوى أسمها وذكرى موقعها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

(1) في أنوار البدرين (2/25) تحت رقم (5) الدبابية (الدبيبية) إذ أخذنا لفظ الاسم على ما تعرف به قديماً- وهو المتناول بين الناس – فإنها تضبط على النحو التالي: – الدبيبية: ضم أوله وفتح ثانيه وتسكين ثالثه. وإذا كانت على اللفظ الثاني الدبابية: فهي فتح أوله وثانيه لاتصاله بالألف وتكسر ما بعده لاتصاله بالياء المثناة التحتية).

وقال المؤرخ الأستاذ محمد سعيد المسلم في كتابه واحة على ضفاف الخليج صفحة (86) تحت رقم (7) الدبابية: تقع في الجهة الغريبة الجنوبية من سوق الحرية ، وتحيط بها بساتين النخيل من كل جانب ، وتبعد عن القلعة – كما يذكر المستشرق الإنجليزي جون جوردون لوريمر في دليل الخليج  نصف ميل إلى الجنوب الغربي من كوت القطيف قرية مسورة تتكون من (250 منزلاً )، ومعظم السكان يعيشون في منازل حجرية وبعضهم في أكواخ ، ويعملون بزراعة النخيل حيث تلحق بها سيحه تسمى باسمها ، وأصحاب حوانيت وتجاراً ، وهم يملكون سبعة قوارب لصيد اللؤلؤ ، وفي جانبها الشرقي عين عذبة تسمى باسمها بمحاذاة السور ، وتسقى النخيل المجاورة لها كما يستقى منها سكان القلعة وضواحيها ، وقد أقيم على مجراها بداخل البلدة حماماُ للرجال وآخر للنساء ، كما توجد في الجانب الشرقي منها مقبرة عامة يدفن فيها سكان الضواحي القريبة منها موتاهم.

(2) الدالية وهي عبارة عن بستان صغير في داخل الحي التي تقع في الجهة الجنوبية الغربية من البلدة.

(3) أخبرني بهذه المسارات الوالد الحاج سعيد صالح المسلم (أبو عادل) مع الأخ العزيز الحاج عبد المجيد علي المخامل – حفظهما الله تعالى.

(4) المصدر: المرحوم الحاج محسن الشعلة عن طريق أخونا العزيز السيد ماجد السيد جعفر آل ماجد، وأيضًا أخبرني بذلك أخينا العزيز الحاج عبد المجيد علي المخامل.  

(5) مقال العمارة السكنية في القطيف – للأستاذ حسن علي حمدون.

(6) مصدر بعض الصور: https://www.instagram.com/p/Cryr-dusvIz/?igshid=M2MyMzgzODVlNw%3D%3D

[شكر وتقدير للإخوة الأعزاء الذين قدموا لنا بعض المعلومات والملاحظات ونخص بالذكر: -الحاج عبد المجيد علي المخامل، الذي يمتلك المعرفة عن تاريخ بلدة الدبابية وأهلها – والسيد ماجد السيد جعفر آل ماجد- والسيد مرتضى السيد صالح – ولا أنسى ابن العمة الحاج يحيى بن علي السويكت الذي ساعدني في توضيح بعض الصور المقدمة لنا من قبل الأخ عبد الله الحباس، حفظهم الله جميعًا].

 الأستاذ أحمد جواد السويكت

* الأستاذ أحمد جواد السويكت أخصائي في مجال الذهب والمجوهرات وحاصل على شهادات في مجال الذهب والمعادن الثمينة والأحجار الكريمة من الأكاديمية الدولية (GIA) وله مؤلفات في مجال تخصصه وله مقالات عديدة في القافلة والفيصل والاقتصاد وأهلا وسهلا.

8 comments

  1. أحمد الخميس

    أسفي على هذا المَعلم الطبيعي وغيره من المعالم الطبيعية التي كانت تمتاز بها المنطقة والتي اندثرت وأصبحت أثراً بعد عين ولم تفلح جميع الجهود في إنعاشها وإعادتها للحياة فجفَّ نميرها وغار ماءها وتم ردمها ومواراتها التراب وأصبحت في ذمة التاريخ. شكراً للكاتب ولصحيفة علوم القطيف على هذه التغطية الوافية.

  2. لازلت اتذكر هذه العين وعين الخميسية وذلك الماء العذب. ايام كانت في منتهى الجمال. شكرا للقائمين على هذا التقرير الرائع.

  3. السيد هاشم السيد محمد الماجد النجار

    رحم الله عين العودة والكثيرين ممن تنعموا بها وشربوا من مالها.

    فيها تعلمت السباحة كغيرة من أبناء الدبابية وفيها قضيت أجمل أيام الطفولة. لن أنسى ابدا كيف كنا نلعب ونتحدى بعضنا في القفز من على السور او من سطح الحمامات التي بنتها البلدية ناحية الشرق. كانت ملاذا لنا في الصيف وفي والشتاء. نعمة ومتعة ومعلما، لا ولن ننساها.

    شكرا استاذنا العزيز ونتطلع الى المزيد. وفقكم الله.

  4. مجهود تشكر عليه يالجار
    للتصحيح صور الاخ عبد المجيد ليست في عام ١٣٩٦ انما في ١٤٠٣ ، ايام تنظيف العين يشهد له التاريخ بترابط اهل الديره الكل شارك وانا كنت بسن العاشرة من عمري ، هذا الإنجاز كبير وقلما تجده في هذا الجيل ، اهل القطيف اهل فزعه
    تحياتي

  5. من ذكريات عين العودة ايام التنظيف سقط زهير (عارف) المحيشي من أعلى العين بحركه بهلوانيه ، سلم من الاصابه وبعد تنظيف العين ونبع الماي النظيف …قال… كنت لا أعرف اسبح رماني سعيد ابن خالي ، كنا واقفين مكان ونش تنزيل مضخة سحب الماي التي تستخدم لحمل المخلفات الموجوده في العين ، من هذي اللحظه تعلمت السباحه

  6. ✍️ لعل من الصعب على أي باحث للأحداث التاريخية إذا أراد أن يعيش فيها لا بد أن يسجل كل الأحداث التي عايشها بنفسه أو ينقلها عن طريق شخصيات تحمل حقائق تاريخية، أو أن تكون موثقة في مصادر تاريخية كالوثائق والمخطوطات وكتب المؤرخين وغيرها، وهذا ما يجعل الباحث المعاصر يبذل قصارى جهده ليؤكد صحة نقله للحدث أو المعلم التاريخي.
    اعتاد سكان واحة القطيف الاستحمام والاستجمام في العيون المتدفقة المشهورة في قطيفنا الجميل، و “عين العودة ” هي إحدى العيون الطبيعية التي اشتهرت بها القطيف، وقد شكلت جزءًا من الموارد الطبيعية والحياتية للسكان، ومعلمًا من معالم حي الدبابية، وأعطت أهلها وما جاورها وغذتهم بالمياه العذبة، وكانت متنفسًا اجتماعيًا جميلًا، جمعت افواجًا من أبناء الديرة، كبارًا وصغارًا، رجالًا ونساءً، يتآنس أبنائها باللقاءات أثناء السباحة، فالكبار يتجاذبون أطراف الحديث، والصغار على اختلاف أعمارهم يمارسون الألعاب المائية المختلفة، فهي ملتقى جاذب يتوافر فيها كل ما يبحث عنه ولد الديرة من تسلية ومتعة، وقضاء أجمل الأوقات، كما أنها وسيلة لتعزيز الجوانب الاجتماعية بين أبنائها.
    وباحثنا الأستاذ أحمد بن جواد السويكت، هو من أبناء الديرة وممن عايشوا جزء من تلك الحقبة الزمنية الجميلة، فذاكرته عامرة بالماضي الجميل. قدم لنا وصفًا مفصلًا لتاريخ عين العودة وتأثيرها في شتى مناحي الحياة. لا شك أن باحثنا أبا مصطفى بذل جهدًا كبيرًا ووقتًا ثمينًا ليصل إلى هذا العمل الجاد الحاسم والسرد التاريخي الموثوق، وهذ يؤكد صدقه مع نفسه وصحة نهجه، وسلامة الرسالة التي يؤمن بها.
    لقد عشنا سنوات الطفولة بين البيت والمدرسة ومثلهما اللعب في براحة الديرة والعين العودة، كانت أيام هيِّنة ليِّنة نظيفة جلبت لنا الراحة والسعادة، فكل ميادين التباري والمنافسات شهدناها في البراحة والطف والعين العودة.
    إن مما يحز في النفس ويؤلمها جدَّ الإيلام أن ترى مثل هذه الموارد الطبيعية – مصدر المتعة والفائدة – تختفي عن عيوننا. وها هي عين الدبابية اليوم بعد إهمالها وهدمها أمست أثرًا تاريخيًا، ولم يتبق من معلمها شيئًا يذكر سوى مجموعة من الصور الفوتوغرافية، هذه الصور ستظل صور باهتة لا حياة فيها، هي ثمرة اهتمام مجموعة من أهالي الديرة .. فلنا في الماضي ذكريات وحكايات ستظل عالقة بأذهاننا، ولعل من الخير أن يذكرها أخينا الباحث ولد الديرة الطيب صاحب الجهد البالغ والعطاء المستمر أبا مصطفى، بقلمه الجميل، وفكره النير، لقد ساهم بكل ما يملك من قوة على إخراج هذا التوثيق الإخراج الرائع، ولا زال يقدم لمجتمعه فيضًا من البحوث التاريخية المشوقة التي لا تنسى !!

    محبكم / منصور الصلبوخ.

  7. ما شاء الله تبارك الله احب ان اهنئ والدي علي هذه المقالة الرائعة والني تحتوي علي أثار قديمة وتاريخ عريق عن الماضي ومن الصعب ان ياتي كاتب او مؤلف بأستخراج المعلومات تلك القيمة الثمينة عن زمن قديم ( جيل الطيبين ) وعن نواحي الدبابية وعن أشياء تم ذثرها منذ زمن بعيد

    هنا البيت القديم ومجمع الماضي

    هنا قلبي يعاني لوعه الذكرى

    هنا يسعى بي الفكر

    يسامر ليله البدر

    يحدثني بصمت صار في الوجدان وجدانا

    وهمس الصمت اقوى من لسان الحال تبيانا

    وأفصح من خطيب في فصاحته على أقرانه ازدانا

    وهذي ابيات من الشعر مقدمه الي والدي وأسال الله تبارك وتعالى ان يوفقه في مجاله العلمي ويزيده من فضله علما نافعا ورزقنا طيبا وعملا متقبلا

  8. وفيت وكفيت يا أبو مصطفى
    دمتم موفقين لكل خير 🫡

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *