{وحيث أن الانسان بفطرته كائن اجتماعي فهو لا غنى عنه عن الاخرين. مما يفرض على الفرد والمجتمع التمازج والتفاعل لمصلحة الامة ككل}
مقدمه:
يمكن تعريف العمل الاجتماعي على انه: مجموعة النشاطات المرتبطه بالقيام بعمل ما بتعاون مجموعة من الافراد للقيام بهذا العمل بدون ان يكون هنالك مردود وعائد مادي لهم.
وقد حثت الشريعة الاسلاميه على العمل والعمل الاجتماعي والتكاتف بين أفراد المجتمع. وقد ذكر التعاون في القران الكريم ، قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [سورة المائده اية 2]. وقال سبحانه وتعالى: (فَوَرَبِّكَ لَنَسۡـَٔلَنَّهُمۡ أَجۡمَعِینَ ٩٢ عَمَّا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ) [سورة الحجر اية 93-92].
وفي الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه واله وسلم (لا تزول قدما ابن أدم يوم القيامة عند ربه, حتى يسال عن خمس: عن :عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما ابلاه وماله من اين اكتسبه وفيم انفقه وماذا عمل فيما علم).
وتتميز الشريعة الاسلاميه بوجود:
- الجزاء والأجر الدنيوي
- الجزاء والأجر الأخروي
ووجود هذا الجزاء يستلزم ان تسبقه مسئوليه ماديه يتحملها الفرد ليكون الجزاء من نفس العمل. والمسئوليه الاجتماعيه هي من اكبر واشمل المسؤوليات نظرا لتأثيرها على افراد المجتمع وعلاقة الفرد بالاخرين.
وحيث أن الانسان بفطرته كائن اجتماعي فهو لا غنى عنه عن الاخرين. مما يفرض على الفرد والمجتمع التمازج والتفاعل لمصلحة الامة ككل.
وقد تطور العمل الاجتماعي بصورة ملحوظه بسبب نزوح البشر وتنقلاتهم والحاجه الى تقديم الخدمات لهم. واصبح علما ونظريات تدرس بعد ان كان العمل الاجتماعي في السابق يتم بصورة عفويه وتلقائيه عبر المبادرات الفرديه او الجماعيه بدون ان تكون له هيكليه تنظم عمله.
وفي هذا الملخص احاول ان اتطرق الى الجانب العملي والميداني حسب ممارستي للاعمال الاجتماعيه وعن تجربة شخصيه في الاعمال الاجتماعيه المختلفه منها الخيري والرياضي والمجتمعي والتعاوني والتنموي , والخروج بتوصيات أو دروس مستفاده لعلها تفيد الفرد المقبل على الدخول في مثل هذه الانشطه.
وينقسم العمل الاجتماعي الى قسمين رئيسيين وهما:
- القسم الأول: العمل الاجتماعي المنظم وتحكمه انظمة وقوانين والذي تشرف عليه هيئات حكوميه.
- القسم الثاني: العمل الاجتماعي الاهلي الذي يتكون بمبادراة فرديه ثم تتحول الى مبادرات جماعيه ويحكمه العرف السائد والتفاهمات بين افراد هذا النشاط. ويتماشى مع الانظمه ولكن لاتشرف عليه اي هيئات رسميه.
ومن أمثلة الانشطه المتصله بالقسم الأول:
- نشاط خيري
- نشاط تعاوني
- نشاط رياضي
- نشاط تنموي اجتماعي
ومن أمثلة الأنشطه المتصله بالقسم الثاني:
- نشاط مهرجان زواج جماعي أهلي
- نشاط الاشراف على بناء جامع
- انشطة المتقاعدين التطوعيه
معوقات العمل الاجتماعي:
العمل والتطوع في هذه الموسسات يكسب الانسان خبرة في مجالات الحياة المختلفه والتي لايمكن كسبها الا بالممارسه والتطبيق.
ولكن هذه الاعمال الاجتماعيه تعترضها عقبات كثيره. ومنها عدم معرفة الفرد (الاداري) لدوره في المنظومه وقلة الخبره وتزاحم المسؤوليات وعدم انسجام الاداري مع باقي اعضاء مجلس الاداره وتناقص الحماس للعمل ومن اهمها عدم توفر العنصر البشري المؤهل وصاحب الخبره وتناقص الملائه الماليه لبعض الانشطه مما يعيقها عن اداء عمله وعوامل اخرى. وفي هذه العجاله سيكون التركيز على العامل البشري ودوره في نجاح او عدم استمرارية النشاط الاجتماعي.
ولموائمة العنصر البشري للقيام بدوره في اي من الانشطة المذكورة اعلاه يجب على الشخص المتقدم للانخراط في هذه الاعمال معرفة طبيعة ونوعية وخصائص هذه الاعمال لكي يتمكن من تقييمها ومعرفة ما سيكون دوره فيها عندما يقرر الانضمام لإحداها وتخفيف اثر ردة فعله فيما سيواجهه.
الصفات العامه لكل نوع من النشاط الاجتماعي:
- نشاط خيري
- يخدم شريحة كبيره من المجتمع , محددودة او قليلة الدخل, والتي هي بحاجة الى المعونات الماديه لدعم دخلها.
- على تماس دائم بمختلف طبقات المجتمع سواء التي تستفيد من خدمات هذه النشاط الخيري ( جمعيه خيريه مثلا) بصورة مباشره او التي لاتحتاج او لا تستفيد من خدمات الجمعيه
- يعتمد بنسبة كبيره على اشتراكات وتبرعات افراد المجتمع الخيريه الذي تتواجد فيه لتسيير مختلف أنشطتها , والتي لايرجو منها المتبرع اي مردود مادي ، وهذا مايجعلها تحت منظار كل فرد في المجتمع ومتابعاته.
- تنوع انشطة الجمعيه الخيريه ,من خدمات تكافل اجتماعي كالمعونات الشهريه وكفالة الايتام وخدمات صحيه كادارة مجمع صحي بكوادره الطبيه والتشغيله من عيادات وصيدليه وخدمات رياض الاطفال وغيرها, يلقي عبئا كبيرا على العنصر البشري لادارة مثل هذه المنشئات ويحتاج الى جهد متواصل وتفرغ يومي من العنصر البشري الذي هو في الاساس متطوع للعمل وليس موظفا.
- توقعات المجتمع الذي تخدمه الجمعيه الخيريه يفوق قدرات الجمعيه الماديه والبشريه للوفاء بتوقعات المجتمع.
- نسبة تسرب الجهاز الاداري عاليه وبالتالي يحدث قصور قي متابعة العمل
- الاحساس والشعور باكتساب الاجر من خلال ممارسة النشاط الخيري يشكل احساسا بالرضا النفسي وتحقيق الذات مما يشكل دافعا قويا للاستمرار في هذا النشاط بالرغم من الاحساس بان العمل الخيري يتطلب الكثير من الجهد والتضحيات.
- نشاط تعاوني
- النشاط التعاوني يقدم خدمات للمساهمين والاعضاء المنتسبين لهذا النشاط وغيرهم مقابل مردود مادي.
- النشاط التعاوني قد يخضع لمبدا الربح والخساره ويتعرض للمنافسه التجاريه كاي منشاة تجاريه. وهذا مما شكل عبئا كبيرا على هذا النشاط للبقاء في الربحيه.
- المشرفون على هذا النشاط لابد ,ان يكونوا من حملة الاسهم ولا يشترط حصولهم على اي مكافئات نظير قيامهم بعملهم, مما يقلل من حماسهم في الاستمرار.
- تركيز المساهمين – في الوقت الحاضر- على العوائد فقط وعدم النظر الى الاثر التعاوني في هذا النشاط -كما كان سابقا- قلل من اقبال المساهمين وغيرهم لدعم هذا النشاط
- عدم وضوح دور النشاط التعاوني للغالبية العظمى من الناس والخلط بينه وبين العمل التجاري البحت والنشاط الخيري.
- نشاط رياضي
-
- يتميز النشاط الرياضي بشعبية وقبول كبير -كونه احد وسائل الترفيه- وخصوصا من فئة الشباب والتي يمتد تاثيره على هذه الفئه وتعلقهم به لسنوات طويله.
- الشهره والظهور الاعلامي هي من العوامل المؤثره في الانخراط في هذا النشاط
- يغلب عليه صفة الترفيه ولا يشكل عبئا على ممارسه او المنخرط فيه خصوصا من فئة الشباب وبهذا يكون عامل جذب وليس عامل طرد.
- نشاط تنموي اجتماعي
- عدم وضوح الهدف من العمل التنموي والخلط بينه وبين العمل الخيري. وقد يعود السبب ربما الى ان مفهوم التنميه الاجتماعيه جديد والمجتمع حديث عهد به.
- نشاط مهرجان زواج جماعي أهلي
-
- المجتمع يشجع مثل هذا النشاط ولكن قلة الاقبال على المشاركه قل بمرور الزمن
- فكرة تقنين مصاريف الزواج هي كانت الفكره والهدف الاصلي من انشاء المهرجان والذي كان نقطة جذب للمشاركه والذي ضعف بمرور الزمن.
- الرغبه الفرديه في البروز في الزواج تغلبت على الرغبه الجماعيه مما ادى الى ضعف الاقبال على هذا النشاط.
- يغلب على الاداره الناشطون الاجتماعيون من مختلف الفئات التعليميه ولكن معظمهم ممن تجاوزت اعمارهم العقد الرابع. ولم يكن هنالك مشاركة واضحه لفئات الشباب في الية اتخاذ القرار وانما كانوا في المستوى التشغيلي.
- قلة الدعم والمشاركه وزيادة المصاريف ادى الى تعثر استمرارية هذا النشاط.
- نشاط الاشراف على بناء جامع
- كسب الاجر والثواب هو الدافع الرئيسي للمشاركين في هذا النشاط.
- قد تقتصر ادارة هذا النشاط على مجموعة محدده يضمها الحي السكني الذي تقام فيه المنشأه (الجامع).
- نظرا لعدم وجود نظام مكتوب يوضح دور كل عضو في الاداره المشرفه, فغالبا الاجتهادات الشخصيه في اتخاذ القرارات ينتهي الى اختلاف في تسيير العمل الذي بدوره يؤدي الى تعطيله والدخول في مسارات بعيده عن الهدف الاساسي.
- انشطة المتقاعدين التطوعيه
- الجميع يستمتع بالانشطه الترفيهيه ولكن القليل من يتقدم لتنسيق وادارة هذه الانشطه الترفيهيه.
- هذا النوع من النشاط يتوقف على حماس وشغف القائمين.
- على ادارة هذا النشاط كونه نشاط تطوعي وليس مرتبطا بمبدا المكافاة والمحفزات الماليه او المعنويه.
- اقتصاره على مجموعه محدوده وتشترك في تفكير معين تربطها زمالة العمل سابقا. وليس لها امتداد خارج هذا الاطار.
التحليل:
بالنظر الى تنوع الانشطة اعلاه, يمكن الاستنتاج بان كل نشاط قد يحتاج الى نوعية معينة من القدرات والمهارات والخبرات بالنسبة للافراد القائمين على هذا النشاط.
وقد تتقاطع بعض الخبرات لبعض الانشطه فيما بين بعضها البعض. فمثلا يمكن ان تتقاطع خبرات الانشطة الخيريه مع نشاط التنميه الاجتماعيه. والانشطة الاهليه قد تتقاطع فيما بينها لان الغالب عليها انها نشاط تطوعي تحكمه الاعراف السائده والتفاهمات بين الافراد.
وعليه فأن الشخص المقبل على الدخول في نشاط معين عليه ان يعرف نوع النشاط الذي سوف يمارسه والقدرات والمهارات التي يمتلكها او يحتاج لها لكي يتمكن من النهوض بمسؤلياته ويقلل من التوتر وعدم الانسجام الذي قد يصادفه اثناء تاديته عمله.
الحلول والتوصيات:
- اقامة دورات تدريبيه للمتقدمين المقبلين على الانخراط في العمل الاجتماعي لتعريفهم بمدخلات النشاط المقبلين على الانخراط فيه.
- الاستفاده من خبرات الناشطين في المجالات الاجتماعيه والاستعانة بهم كمستشارين خارج نطاق مجاس الاداره.
- على الادارة التي تنتهي مدة عملها, عمل تقرير كامل (Turn-over Notes) عن كل نشاط وشرحه للاداره الجديده حتى لايكون هنالك فجوه في اداء العمل ولاتبدأ الاداره الجديده من الصفر. وهذه احد المشاكل التي تواجها كثير من الادارات وتؤثر سلبيا على انجاز العمل
- الطلب من المتقدم للدخول في نشاط اجتماعي- اذا امكن- برنامج عمل للنشاط الذي يود الدخول فيه.
احسنت وأجدت فيما كتبت يا أبو ناصر ، جميل مافعلت بأن يتم تدوين
خبرات العمل الإجتماعي للتوثيق والإستفادة.
العمل التطوعي سمة للمجتمع الحي المتكافل.
موضوع قيم فيه ثمار لخبرات سنين في خدمة المجتمع
خطوات مهمة في العمل الإجتماعي أوضحتها في هذه المقالة، سلمتَ أبا ناصر ودمت موفق لأعمال الخير في مجتمعك.
احسنت ابا ناصر…. عرض جميل وشامل لموضوع مهم ومؤثر في مجمل نواحي العمل التطوعي عبر تجربتك الثرية والعميقة في العديد من المجالات التطوعية المؤسساتية والأهلية وتجارب المتطوعين المتقاعدين. لامست كلماتك الكثير من العوائق التي قد تعترض هذه المجالات وطرح عددا من الحلول التي ينبغي الأخذ بها. .. جزيت خير الجزاء…. نتطلع إلى المزيد والمزيد من القراءات في مجالات العمل التطوعي من معوقات وحلول وآفاق مستقبله وتطويره.
أخي العزيز / أبا ناصر
أطال الله في عمرك . جزاء فعل الخير مكفول في الدنيا والآخرة وثواب الداعين اليه أجزل عند الله وأعظم.
نسأل الله لك به أجر العاملين الداعين المذكرين بسبل الخير ، دام مداد قلمك ولا حرمنا نضاب يراعك ، دمت سالما محفوظا 🙏🌸❤️
احسنتم اخي العزيز أبو ناصر
“خدمة المجتمع من الجميع والى الجميع”
المجتمعات المتقدمة تقاس بما يقمدمه افراد المجتمع بجميع اطيافه.
الاعمال التطوعية المجتمعية تتطلب العديد من الكفاءات والمؤهلات والصفات.
التحية والتقدير لكل من يسعى لخدمة مجتمعه ووطنه.
شكرا لكم اعزائي. ملاحظاتكم وتعليقاتكم تدفعنا لاعطاء المزيد
سلام عليكم
مقالك هذا عزيزي ابو ناصر مصداق عملي و علمي لنهوض العمل التطوعي و الاجتماعي. هذا التنظير الموثق بالمتابعة الدقيقة للأنشطة الاجتماعية من قبل شخصكم الكريم يمثل حجر اساس لتطوير و تشجيع العمل التطوعي و الاجتماعي الممنهج للبناء على ما مضى منه و تطوير ما هو مطموح اليه.
شبابنا بحاجة للتواصل معه ودياً لتفعيل هذه الأفكار المباركة و أخذها على ماخذ الجد لما فيه من خدمة ملموسة لمجتمعنا الحبيب.
دمتم ابا ناصر للعطاء موفقين.
ابو حسين / على آل إبراهيم
أحسنت عزيزي أبو ناصر
طرحك هذا يعطي الشخص المقبل على الإنخراط في العمل التطوعي فكرة مبسطة عن كيفية العمل التطوعي في شتى مجالاته
وأيضا المنخرط في العمل التطوعي فائدة إضافية مفيدة
عزيزي أبو ناصر خبرتك في هذا المجال منحتك المعرفة والتي أنت بدورك تمنحها للمهتمين بالعمل التطوعي
تحياتي لك
أحسنت واجت ابو ناصر على هذا المقال الثري والملهم لكثير من اطياف المجتمع على اختلاف شغفهم بأنواع الأنشطة التي تخدم المجتمع .
اعتقد اننا بحاجة لمزيد من هذه المبادرات والأطروحات.
وفقكم الله لكل خير ونفع بكم البلاد والعباد💐
اخي العزيز ابو ناصر المحترم
لقد كفيت ووفيت في تناولك موضوع من اهم المواضيع التي تهم المجتمع ومؤسساته الاجتماعية والخيرية حيث انك :-
-ابدعت في ايضاح اوجه التشابه بين الاعمال التطوعية الخيرية منها والتنموية
-الحلول والتوصيات؛ هنا وضعت النقاط على الحروف يا ابا ناصر
اتمنى من المعنيين والمشاركين في العمل الاجتماعي العمل بهما
جزاك الله خير الجزاء ولا حرمنا الله من روائع قلمك
تحياتي
شكرا اعزائي جميعاً على ردودكم التفاعليه المشجعه. والتي تدل على اهتمامكم بالعمل الاجتماعي. وانتم اهل الخبرة ومنكم نستفيد.
مقالٌ جميل ولطيف
من رَجُل رائع ومتميز
بصراحة تامة
أعجبني المقال كثيرًا
بل كثيرًا جدً
مسيت بكل خير الأخ العزيز الموقر أبا ناصر
موضوع مفيد وعناوين رصينة نابعة من خبرة عمل ودراية
لفت نظري ماكتبته تحت عنوان المعوقات
بقي فيما يخص التوصيف وأهمية الإشارة للمتلقي لناحيتين هما :-
دور الرقابة الاجتماعي الضعيف للغاية إن لم نقل المفقود حقيقة في كلا القسمين من العمل الاجتماعي
والجانب الرسمي الرقابي فيما يخص النمط المنظم من العمل
والذي لم يسلط عليه الإعلام لعامة الناس
ليصبح مستساغا ومفهوما مع تغير لوائحه ونظمه
الشكر والثناء لأناملك
أحمد شرف الساده