Like many women, I didn’t know I was autistic until adulthood – how late diagnosis can hurt mental health and self image
(بقلم: راشيل موسلي، استاذ مشارك في علم النفس، جامعة بورنماوث، انجلترا)
(Rachel Moseley , Principle Academic in Psychology, Bournemouth University)
على غرار حالات الكثير من النساء، لم أكن أعلم أنني مصابة بالتوحد حتى بلوغ سن الرشد – كيف يمكن أن يؤدي التشخيص بالتوحد في سن متأخر إلى الإضرار بالصحة النفسية وبالصورة الذاتية.
بالنسبة للكثير من النساء، فإن تشخيص الراشدات [18+ سنة(1)] يعتبر بمثابة “شعاع من النور في عتمة”(2)، ولحظة الهام(2) لفهم الذات. وجاءتني “لحظة الإلهام” في أواخر العشرينيات من عمري. “لقد اعتقدوا أنك مصاب بالتوحد”، هكذا قالت والدتي لي حين أخبرتها أنني سأبدأ وظيفتي الأكاديمية في مجال أبحاث التوحد.
كطفلة فقذ كنت مدركة باستياء بأنني مختلفة عما حولي. وقد لاحظ والداي واساتذتي والأطفال من حولي هذا الاختلاف، وعدم قدرتي على التكيف والانسجام معهم. وتبين أن سبب هذا الاختلاف الذي أفاد به الأطباء والدتي ووالدي كان التوحد – ولكن بعد ذلك استبعده طبيب أطفال نفساني. لم استوفي معايير التشخيص بما هو معروف من أعراض التوحد. على الرغم من أنني كنت غير لبقة من ناحية اجتماعية، إلا أنني كنت أتقن التواصل البصري وكنت أتحدث بطلاقة إلى حد ما.
بعد سنوات قليلة من تعليق والدتي العفوي ذاك، كنت أُعيد النظر في حياتي في اطار تشخيص جديد لا غبار عليه. أصبح الباحثون يعرفون المزيد والمزيد عن كيف يختلف التوحد بين الإناث عنه في الذكور . وكلما عرفوا أكثر، كلما سُلطت الأضواء على الكثيرات من المصابات بالتوحد ممن يشعرن بالضياع في هذا العالم(3).
الوجه الأنثوي للتوحد
لا يوجد نوع واحد من المصابين / المصابات بالتوحد. السمات الرئيسة للتوحد – الاختلافات في طريقة التفكير والتواصل والتفاعل مع الآخرين – تتمظهر بطرق أكثر تنوعًا ودقة (غير ملاحظة) من الأمثلة المحدودة على الأعراض التي طرحتها معايير التشخيص. وهذا غالبًا ما ينطبق على الفتيات المصابات بالتوحد.
على الرغم من أن الفتيات المصابات بالتوحد يواجهن صعوبات في فهم المهارات الاجتماعية [المترجم:الفهم الاجتماعي ينطوي على المهارات التي تسمح للناس بفهم واستنباط حالاتهم العقلية (الذهنية) وحالات الآخرين الذهنية، كالنوايا (المقاصد) والرغبات والمشاعر(4)– ما يعرف بنظرية العقل]، فإن العديد منهن بارعات في تقليد مهارات السلوك الاجتماعي للآخرين. بالأسلوب الذي يتحدث بها هؤلاء الآخرون وبالأشياء التي يتحدثون عنها، فإن هذه الفتيات يشبهن الأطفال غير المصابين بالتوحد أكثر مما يشبهن الفتيان المصابين بالتوحد(5). هذا قد يُفسِر سبب تقليل الناس [كانطباع أولي] مقدار الصعوبات التي تواجهها الفتيات المصابات بالتوحد(6).
بالمقارنة مع الفتيان المصابين بالتوحد، تتعلم الفتيات المصابات بالتوحد في حواراتهن أن يكن طبيعيات اجتماعيًا بنحو أكثر(7)، مركزات بشكل أكثر على الأشخاص والأصدقاء من حولهن. اهتماماتهن تنزع إلى أن تكون مجتمعية بنحو أكثر(8)، حيث تتضمن شخصيات خيالية أو حيوانات أو مشاهير، لا التركيز على الجمادات [كالدمى وغيرها]. وبشكل واضح للاهتمام فهن يعبرن عن توقهن الشديد لتكوين صداقات وعلاقات ولكن غالبًا ما يتعذر عليهن تحقيق ذلك(7).
تتعلم بعض الفتيات وهن يكبرن [في السن] نصوصًا (أبجديات) حتى يتمكن من أن يستخدمنها في المواقف الاجتماعية، ويوظفن سلوكيات تمويهية في تصرفاتهن مع الآخرين / الأخريات(9) تركز على جعل الآخر يشعر بالراحة. تنخرط العديد من الفتيات والنساء المصابات بالتوحد في هذا النوع من “التمويه الاجتماعي(10)” باستمرار لكي يظهرن بمظهر المقبولية لدى الآخرين.
إن التفاصيل الدقيقة [غير الملاحظة (التمويهية)] للتوحد لدى الفتيات تعني أنهن يشخصن في سن متأخر بشكل ملحوظ عن السن الذي يُشخص فيه الفتيان(11). ويعكس هذا جزئيًا نقص الوعي لدى المهنيين الذين يقومون عادة بإرشاد هؤلاء الأطفال إلى خدمات التوحد(7). ومع ذلك، أخريات يُغفل تشخيصهن لأن أدوات التقييم التشخيصي كانت أقل حساسية لتشخيص التوحد(12) عند الفتيات اللاتي مستوى قدراتهن المعرفية(13) يقع ضمن المعدل الطبيعي.
التكلفة التي تتحملها الفتيات من جراء عدم تشخيصهن مبكرًا بالتوحد
غالبًا ما تدرك المصابات بالتوحد، اللاتي لم يُشخصن بالتوحد، باستياء من عدم قدرتهن على الانسجام مع الآخرين وعمل أشياء يعملها آخرون بسهولة. إذا لم يقدم لكِ أحد تفسيرًا لهذه المعاناة، فسيتعين عليكِ أن تجدي حلًا بنفسكِ لنفسكِ.
كنت أعلم عندما كنت مراهقةً أنني لا بد أني لم أكن على ما يرام بشكل أساس، حيث كنت أتعرض للتنمر ولم يكن لدي أي أصدقاء في المدرسة. وبالمثل، فإن المصابين بالتوحد الذين عملت معهم في أبحاثي(14) ألقوا باللوم على أنفسهم / أنفسهن(15) بسبب المعاناة وسوء المعاملة طوال حياتهم / حياتهن وأرجعوا / ارجعن هذه الأشياء إلى إخفاقات شخصية.
في كل الدراسات البحثية، نحن اللاتي لم يشخصن إلَّا في سن متأخرة نُعتبر من تلك المجموعة الفرعية المجتمعية التي لها تاريخ من مواجهة صعوبات خلال مسيرتها الأكاديمية، ومن تعرضها لمشكلات في العمل، ومن اصابتها بأمراض نفسية ومن تعرضها لحالات انفصال في علاقاتها الزوجية. تاريخنا مشوب بالقصور والفشل(7).
وجدت الأبحاث أن الصحة النفسية للفتيات والنساء المصابات بالتوحد أسوأ من الرجال المصابين بالتوحد(16). وكذلك الحال بالنسبة للذين شُخصوا بالتوحد في سن متأخرة من حياتهم (أي في مرحلة الرشد 18+ سنة )(17) مقارنة بأولئك الذين شُخصوا في سن مبكرة. ومن المؤكد أن تكون هاتان الحقيقتان مترابطتين. الأطفال المصابون بالتوحد الذين كبروا [في السن] دون أن يُشخصوا بالتوحد فمن غير المرجح أن يحصلوا على الدعم المناسب. علاوة على ذلك، فمن غير المرجح أن يُنظر إليهم بعين الرحمة والشفقة حين يواجهون صعوبات في حياتهم.
قد يأتي الاقرار بالتوحد لدى الفتيات والنساء في مرحلة انعطافية غي حياتهن. بالنسبة للبعض، يحدث هذا ضمن فوضى البلوغ والمرحلة الاجتماعية المعقدة للمراهقة، حيث ترتفع معدلات القلق والاكتئاب بشكل حاد لدى الفتيات المصابات بالتوحد(18). بالنسبة للبعض، يحدث ذلك في ظل الاضطرابات في سن اليأس وما يحدث خلالها من صعوبات للمصابات بالتوحد بعد بلوغهن سن اليأس(19)، والتي يبدو أنها تعرقل مهارات التأقلم والانسجام والتمويه الاجتماعي التي تعتمد عليها النساء غير المشخصات بالتوحد.
بالنسبة للبعض، لا تحدث عملية الانتحار أبدًا. يُعتقد أن المصابين بالتوحد غير المشخصين يمثلون عددًا كبيرًا من حالات الانتحار(20).
مزيد من الصعوبات
هناك صعوبات أخرى تواجه الفتيات والنساء المصابات بالتوحد أكثر مما يواجهها الفتيان والرجال المصابون بالتوحد. بالرغم من أن النساء بشكل عام يتعرضن لمعدلات عالية من الاعتداء الجنسي، فإن هذا الاحتمال يصبح أعلى بالنسبة للنساء المصابات بالتوحد.
وكثيراً ما تجد النساء المصابات بالتوحد أن الصعوبات التي يواجهنها غير متفهمة من قِبَل أرباب العمل، ويتعين على المرأة أيضاً أن تتعامل مع الضغوط المرتبطة بكونهن أناث من تحمل المسؤولية الضمنية المرتبطة برعاية مشاعر الآخرين ــ أو مواجهة الإضرار بسمعتهن.
ربما ليس من المستغرب أن تكون الفوارق بين الجنسين المصابين بالتوحد في الأمراض المرتبطة بالتوتر واحتمال الانتحار فوارق واضحة جدًا. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال النساء المصابات بالتوحد يواجهن عوائق في الحصول على المساعدة أكثر مما يواجهه الذكور.
من غير المؤكد إلى أي مدى يمكن إرجاع هذه التفاوتات إلى الحقيقة الأساسية المتمثلة في أن التوحد اضطراب غير مفهوم جيدًا ولا يُهتم به بشكل كافٍ خصوصًا لدى النساء.
ما نعرفه هو أن التشخيص المبكر يبدو أساسيًا بالنسبة للفتيات لكي يكبرن ولديهن صورة ذاتية إيجابية [عن أنفسهن](21، 22) وانخفاض في احتمال الإصابة بأمراض نفسية(23).
بالنسبة لنا نحن النساء المحظوظات اللاتي حصلن على التشخيص الرسمي بالتوحد يمكن أن تكون هوية التوحد المكتشفة هدية من شأنها أن تغير حياتنا(7). معرفتنا بقدراتنا ومواهبنا الحقيقية تعني تمكننا من تكوين علاقات مع بعضنا بعض، والتحرر من لوم الذات(24) والشعور الجديد بالانتماء(25، 26).