تعد الفروق الفردية خصائص بشرية هامة جعلها الله عز وجل وسيلة لتنوع نمط الحياة وتطورها واستمرارها وهي سنّة من سنن الله في خلقه. وقد جاء القرآن الكريم ليؤكد وجود فروق فردية بين البشر،
قال تعالى: (وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ)(الزخرف 32).
وقال في موضع آخر واصفاً طالوت: (إنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ)(البقرة 247).
والفروق الفردية في مفهومها العام تعني تلك الصفات التي يتميز بها كل إنسان عن غيره من الناس سواء كانت تلك الصفات جسمية أم عقلية أم نفسية.
وتعرف بأنها: ( الإنحرافات الفردية عن متوسط المجموعة في صفة من الصفات سواء كانت تلك الصفة جسمية كالطول والوزن أم عقلية كالتباين في الذكاء أم نفسية كالإتزان الإنفعالي أو الإنبساط والإنطواء ، وقد يكون مدى هذه الفروق كبيراً أو صغيراً ).
ولدراسة الفروق الفردية أهمية قصوى في المجال التربوي والتعليمي حيث أنّ فهم الوالدين لخصائص الابن الجسمية والعقلية والنفسية يساعدهما على الارتقاء بمستوى التنشئة الاجتماعية.
وفي المجال التعليمي تساهم دراسة الفروق الفردية في:
- إعداد المناهج بما يتناسب مع قدرات واستعدادات المتعلمين المتباينة.
- توجيه المتعلمين لاختيار التخصصات المناسبة لقدراتهم واستعداداتهم وميولهم.
- اختيار أنسب طرق التدريس والأنشطة والبرامج الداعمة للعملية التعلمية.
- تساعد المعلم أن يقوم بدوره في قيادة العملية التعلمية.
وللفروق الفردية عوامل مؤثرة أبرزها الوراثة والأسرة والعمر الزمني والجنس:
الوراثة: تؤثر الوراثة على الفرد من خلال الموروثات النوعية ( الجينات ) التي يولد بها الفرد والتي تحمل خصائص كل من الأب والأم. ولقد أهتم الباحثون بدراسة أثر الوراثة في الذكاء ، ولقد توصل هرندون (Herndon) في دراسة سنة 1954م إلى أن أثر الوراثة على مستوى الذكاء يتراوح مابين 50 و 75%.
الجنس: يؤدي الإختلاف في الجنس ( ذكور – إناث ) إلى التأثير على الفروق الفردية بين الأفراد . وقد أكد الدكتور محمد أبو السعود – مدرس علم النفس التربوي بكلية التربية بجامعة كفر الشيخ – أن الذكور يتفوقون على الفتيات في العلوم التطبيقية والرياضيات والنواحي الميكانيكية ، بينما الفتيات يتفوقن على الذكور في المهارات والقدرات اللغوية.
مثال من واقع الحياة يمكن ملاحظته / دائماً مايكون بداية الكلام لدى الفتيات أسرع من الذكور ، كما أنّ الأطفال الذكور يعانون من مشاكل النطق أكثر من الفتيات.
الأسرة: للأسرة دور أساسي في إحداث الفروق الفردية. ومن بين العوامل الأسرية المؤثرة ( المستوى الاقتصادي – مستوى طموح الوالدين – طبيعة المعاملة الوالدية ).
العمر الزمني: تتراكم الخبرات وتزداد مع النمو في العمر ، ولذلك فإنه بتقدم العمر واكتساب الخبرات تزداد الفروق الفردية بين الأفراد.
ومن أهم الأساليب التي يمكن للمعلم استخدامها لمراعاة الفروق الفردية:
- التنويع في أساليب التعلم مثل ( تمثيل الأدوار – الفصل المقلوب – العصف الذهني – حل المشكلات – الخرائط الذهنية ).
- تنويع الأمثلة عن المفاهيم واتاحة الفرصة للطلاب للتعليق وإبداء الرأي من خلال الأمثلة الواقعية في بيئاتهم المحلية وخلفياتهم الثقافية.
- توظيف وسائل متنوعة ومثيرة وفاعلة لتفريد التعليم مثل (صحائف الأعمال و البطاقات التعليمية المختلفة).
- تنوع التفاعل: يعتبر التفاعل داخل قاعة الصف من أهم العوامل التي تؤدي إلى زيادة فاعلية العملية التعليمية والتقليل من مدى الفروق الفردية.
وهنالك عدة مستويات واتجاهات من التفاعل يمكن أن تحدث داخل قاعة الصف:
- ثلاثة اتجاهات ( معلم – طالب – زميل )
- اتجاهين ( معلم – طالب ) ( طالب – معلم )
- اتجاه واحد ( معلم – طالب ).
ختاماً،،،
نقول تتطلب العملية التعلمية في شتى مظاهرها العمل بمبدأ (تكافؤ الفرص) بين المتعلمين ، ولا يتم ذلك بالشكل المطلوب إلا إذا أخذنا بعين الاعتبار أنّ هناك فروقاً فردية بين المتعلمين فهم يتمايزون ويختلفون فيما بينهم.
[إنّ هذا التمايز والاختلاف يتطلب من المعلم الإلمام بخصائص المتعلمين والتنوع في تقديم الأساليب التربوية بما يتناسب مع قدراتهم العقلية واستعداداتهم النفسية].
*الأستاذ حسين أحمد آل عباس – خبرة 17 عاما في التعليم ومرشد مرحلة الطفولة.
المراجع والمصادر:
- مادة علم النفس التربوي للدكتورة عزة علقم.
- كتاب علم النفس التربوي . للدكتور عماد الدين محمد السكري . والدكتور محمد متروك القحطاني.
- كتاب صعوبات التعلم – الأسس النظرية التشخيص والعلاج للدكتورة إيمان طاهر.