الوجيه الحاج صالح بن جمعة الأنصاري والد كل من منصور وعبد الحسين آل جمعة ،وكان من كبار الطواويش (تجّار اللؤلؤ) وملّاك الأراضي الزراعية وقد كانت له هبات في إنشاء ثمان حسينيات معروفة بالإضافة الى المزيد منها التي لا يعرفها الا القليل من الناس فمنها ما كانت في بعض قرى القطيف ومنها ما كانت تقع في بعض الأحياء الصغيرة وقد عرفت بأسماء من كانت تحت إدارتهم. لقد بدأ إنشاء بعضها خلال القرن التاسع عشر ومنها ما أُنشئ على إثر حسينية قديمة من قبلها فهي من أقدم الحسينيات.
فلنبدأ أولا بحسينية بن جمعة الواقعة في حي الكويكب بالقطيف وذلك لأنها الأولى والأقدم ولأنها الأكبر على الإطلاق وبها أكثر من ملحق ولأن فيها مقر سكنه وعائلته ولذا فقد صممت على شكل قصر يحتوي على أنماط هندسية عمرانية مذهلة في غاية الجمال.
وتقع هذه الحسينية في قلب حي الكويكب وعندما تدخلها من بوابتها الرئيسية الشرقية تستقبلك ساحة واسعة يتلوها المبنى بارتفاع ثلاثة ادوار وكأنه مدمج في دورين وعن يمينك السلم وأمامك بوابة تقودك إلى بهو الحسينية وتعلوها شرفة واسعة ترى من خلالها دورين ولها أعمدة خشبية منحوتة بأشكال كالمقرنصات. وإلى اليسار مبنى الخدمات ومنه صاباط داخلي مسقوف (سقيفة) يقودك الى المخرج الجنوبي حيث يستقبلك صاباط خارجي آخر يقودك غربه الى الشارع وأما شرقيه فيدخلك إلى حي الكويكب.
وأما حين تصعد الطابق العلوي فإنك تجد صف من الغرف على اليمين وأنت متجه نحو الجنوب بواجهات خشبية مزخرفة بمنحوتات خشبية في غاية الجمال ونوافذ تعلوها قمريات بفتحات مغطاة بزجاج ملون وأما الدور الثالث فيشبه بلكونات نصفية تطل على الدور الثاني وأعمدة خشبية مقامة من سطح الدور الثاني إلى سقف الدور الثالث، وأما الدور الثالث فأعمدته أقصر فهي مقامة من ارضية الدور الثالث إلى سقفة.
وفي خارج الحسينية من الجهة الشمالية يمتد ملحق الحسينية على مدى 80 مترا تقريبا إلى الشرق وهذا الملحق يشكل الإسطبل والمضيف لاستقبال الضيوف وسكن للحاشية او من يعمل في القصر وقد ازيلت الأدوار العلوية منها والسلم لهدف توسعة وتحديث بناء الحسينية في منتصف تسعينات قرن العشرين الماضي ولكن بقيت الحسينية القديمة على ماهي عليه الآن.
تولى أمر إدارتها في بداية القرن العشرين عائلة العلقم والماحوزي وكان يساعدهم الكثير من الجيران لهذه الحسينية ومن ثم اصبحت مفاتيحها عند المرحوم الحاج سلمان زمزم وبعض من أهالي الكويكب ومن ثم تولى مسؤولية إدارتها الحاج عيسى الدار من نهاية الستينيات حتى نهاية السبعينيات وبعدها تولى مسؤوليتها منذ ثمانينات قرن العشرين الماضي الشاب السيد محمد السيد سعيد المسحر ولاتزال ادارتها تحت مسؤوليته منذ أكثر من ٣٥ عاما. وإلى الشمال منها بنحو مئة متر حيث حدود حي الكويكب الشمالي ودروازتها يقع مبني مكتب منصور باشا جمعة والذي يطل على سوق الجبلة وهو مبني مصمم بنفس نمط تلك الحسينية من حيث الشرفات والأعمدة الخشبية المزخرفة.
وأما الثانية فستكون حسينية لها وثائقها وهي خارج القطيف بل وخارج المملكة فهي تقع في منامة البحرين وتحديدا في فريق المخارق والمعروفة بين الأهالي هناك بمأتم البَدْع حيث نشرت مجلة “المواقف” في عددها ٨٩٥ الصادر في ٩ ذو القعدة من عام ١٤١٢هـ مقالاً يُذكر فيه انها بنيت عام ١٢٧٥هـ وفقا للوثائق المدونة وقد تولى بنفسه مسؤولية إدارتها في بداية الأمر وكانت من أقدم حسينيات المنامة، ولإنشاء هذه الحسينية في البحرين مناسبة حيث يُذكر أن الحاج صالح قد تعرض لمرض وأخذ يتلقى علاجه في البحرين وقد وفى بنذره بعد أن شافاه الله بأن بنى هذه الحسينية هناك. ومن جملة المتولين شؤون إدارتها عباس وزيد العواجي، ولاتزال هذه الحسينية قائمة.
ولاشك أنه قد بدأ ببناء بعض الحسينيات في بلده القطيف قبل البحرين اي قبل ١٢٧٥هج وبالتالي فإن حسينية الكويكب والتي قد بنيت على إثر أطلال حسينية من قبلها لابد وأن يكون وجودها يتعدى القرنين من الزمن.
والثالثة هي حسينية السدرة وسميت بذلك لوقوعها في فريق السدرة بحي القلعة بالقطيف في الطرف الجنوبي الشرقي من القلعة ولا يعرفها أغلب الناس إلا بحسينية السدرة وهي ذات فن معماري جميل أيضا وبنفس نمط حسينية الكويكب ولكنها أصغر منها حجما ، ولايعني ذلك بأنها صغيرة فهي تحتوي على دورين من البناء في مساحة كبيرة نسبيا، ولها أعمدة خشبية أيضا وزخارف جصية لاتقل عن مستوى حسينية الكويكب.
وكان القائمين على إدارتها أحمد الجشي ابو عبدالله والبعض من أبنائه وكذلك الحاج أحمد الشماسي أبو عبد الرسول وأما المفاتيح فهي عند السيد علوي السيد محمد العوامي (المعلم) وكان ممن يتشرف بخدمتها مع أبنائه وهناك العديد ممن يتشرفون بالخدمة فيها من آن لآخر كعبدالله الصباغ. وقد ازيلت هذه الحسينية في الثمانينات من قرن العشرين الماضي.
الرابعة: هي الحسينية الواقعة في قلب حي المدارس بالقطيف والتي يعلو مدخلها ساباط المدارس، وهي من الحسينيات التي عرفت عند الناس من أهالي القطيف بإسم من كانت تحت إدارتهم (كما سبق القول) أي حسينية الخباز، فإدارتها من بداية إنشائها تقريبا وحتى أيامنا هذه تحت إشراف عائلة السادة الخباز يتوارثونها جيلا بعد جيل على مدى قرن من الزمن أو يزيد قليلا.
الخامسة: حسينية بن جمعة والمعروفة بحسينية العودة بالدبيبية (الدبابية) فقط والمتاخمة لسور الدبيبية الشمالي ولها مدخلان هما الشمالي المستقبل لمن يقدم من خارج حي الدبيبية والجنوبي وهو في داخل حي الدبيبية،،،
وقد تولى الإشراف عليها عائلة الجشي ولكن إدارة أنشطتها المباشرة كانت تحت مسؤولية الشيخ منصور المرهون رحمه الله ومن بعده أبنائه الشيخ علي والشيخ صادق والشيخ محمد حسن رحمهم الله أجمعين حيث كان من انشطتها بالإضافة إلى الخطابة وقراءة المجالس فتح مدرسة حوزوية لتعليم العلوم الفقهية وبعدها مدرسة (معلم) لتعليم الصبية القرآن الكريم والقراءة والكتابة والخطابة وكان ذلك حتى بداية ستينات قرن العشرين الماضي حيث انتقل أمر تعليم القرآن للصبية إلى منزل الشيخ صادق في منزله الجديد الكائن بأم الجزم والذي استمر حتى نهاية الستينات أو بداية السبعينات. وقدكانت هذه الحسينية قائمة إلى عهد قريب حيث أزيلت منذ عدة شهور.
السادسة هي حسينية بن جمعة في تاروت وتقع في وسط الديرة في الجزء الشرقي وكانت تتسم بفن معماري قطيقي تقليدي يضاهي الفنون المعمارية التاروتية الشهيرة المتقنة، وقد تم تجديدها في الثمانينات لتواكب مواصفات العمارة الحديثة، ولكنها أهملت بسبب الإجراءات للتجديد. وكان القائمون عليها وعلى خدمتها مجموعة من عائلة آل سيف ومنهم الحاج جعفر وأخوه الشيخ وكذلك الحاج علي رحمهم الله.
السابعة حسينية بن جمعة الواقعة في صفوى في الديرة وهي من الحسينيات الواسعة في أيامها وكان القائمون عليها عائلة الهاشم وهم المجاورون لها بمنزلهم.
وتتميز أيضا بفن معماري راقي وتتسم بالأقواس القطيفية المدببة المعروفة وقد تم تجديد القسم الشمالي منها وفقا للنظام الحديث ولكن بنفس نظام الأقواس وبقي القسم الجنوبي منها كما هو بنظامه القديم، ويُذكر أن هذا القسم كانت به غرف يحتجز فيها اصحاب القضايا ليتم نقلهم إلى القطيف لمحاكمتهم.
الثامنة: هي خارج نظاق القطيف فهي حسينية لإبن جمعة واقعة في إحدى مناطق الأحساء وهي قديمة جدا وقد تم تخصيص وشراء بستان نخل ليكون وقف لها ولمصروفاتها في نفس منطقتها.
وهناك العديد من حسينيات آل جمعة متفرقة في أنحاء القطيف بين أحيائها وقراها ومدنها، فبذلك يتجاوز عدد حسينيات بن جمعة الثمان حسينيات السابق ذكرها فهي صغيرة وبمسميات مختلفة كما هي في البحاري والخويلدية وسيهات وبعضها قد تم نزع ملكيتها للمصلحة العامة وبعضها لاتزال قائمة.
*الأستاذ عبد الرسول الغريافي باحث في التراث ومؤرخ.
حسينية بن جمعةً في تاروت كان القائمون عليها عائلة الحاج علي ال سيف
فريق المخارقة والتسمية تعود لمهنة تخريق اللؤلؤ أي ثقبه>>
ويروى أن إحدى حسينيات الدبابية تعود إلى بن جمعة وأنه قدمها هدية لاحد الأشخاص والله اعلم
تقرير جميل. القائم على حسينية بن جمعة في الكويكب حاليا هو السيد محمد السيد سعيد السيد هاشم المسحر، قد كان مشرفا عليها بعد العلقم المرحوم الحاج عيسى صالح الدار.
قبل ٤٢ سنة تقريباً منذ كنا صغاراً كنا نذهب لحسينية بن جمعة حيث كان يرتادها الكثير من الخطباء من صفوى وخارجها وكانت هذه الحسينية غاية في الجمال المعماري الإسلامي .