The evolution of societal cooperation
(كلية الفنون والعلوم، جامعة ولاية بنسلفانيا)
يلقي البحث الذي قاده جوشوا بلوتكين وتايلور كيسينجر من كلية الفنون والعلوم، جامعة ولاية بنسلفانيا، الضوء على تأثير السياقات الاجتماعية والمجتمعات متعددة الطبقات في تعزيز السلوك التعاوني.
التعاون (1) هو مبدأ توجيهي للحياة المعاشة. التعاون بسيط كبساطة اتباع قوانين المرور على الطريق أو إمساك الباب حتى يدخل شخص غريب؛ يعد التعاون جانبًا أساسيًا من جوانب المجتمعات البشرية وقد أثار اهتمام علماء الأحياء التطورية منذ زمن طويل.
لكن كيف يتوصل الناس إلى إجماع بشأن التعاون ومع من؟
نُشرت دراسة جديدة أجراها تايلور كيسينجر (Taylor Kessinger)، وهو باحث ما بعد الدكتوراه في قسم علم الأحياء في حلية العلوم والفنون، جامعة ولاية بنسلفانيا ، في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم (2) وقدمت رؤىً قيمة عن المعايير الاجتماعية (3) المستندة إلى المجتمع وذلك بتطوير نظرية الألعاب التطورية(4) والنماذج الرياضية لمحاكاة ديناميات التعاون القائم على السمعة في المجموعات السكانية المنظمة [المترجم: النظام القائم على السمعة هو اضفاء الطابع الرسمي على عملية جمع وتجميع وتصنيف وتوزيع المعلومات عن سلوك الأفراد في الماضي (5)]. يقول كيسنجر: “اشتهُر عن داروين سؤاله:” لماذا يصبح أي شخص إيثاريًا على الإطلاق؟ “واتضح أن لسؤاله هذا الكثير من الإجابات”.
على الرغم من أنه قد اُقترحت نظريات سابقة(6) لتفسير التعاون (مثل اصطفاء الأقارب(7)، حيث يكون الأفراد أكثر احتمالًا للانخراط في سلوكيات اجتماعية محابية(8) لأقاربهم) ، في المجتمعات البشرية المعاصرة ، يتعاون الناس مع أعضاء مجتمعات أكبر بكثير. يؤدي هذا إلى ديناميِّة معقدة وتفاعل بين أفراد المجتمع ، حيث أن التعاون مع أفراد معينين أو تجنبهم التعاون يؤثر بشكل كبير في سمعة الفرد.
“أردنا أن نفهم العوامل الكامنة وراء تلاقي المعايير الاجتماعية(3)، لا سيما في مجتمع غير متجانس(9) حيث قد يكون للمجموعات المختلفة وجهات نظر متباينة بشأن السمعة” ، كما يقول كبيرالمؤلفين جوشوا بلوتكين (Joshua Plotkin)، برفسور العلوم الطبيعية(10) “هذه المعايير حيوية في تسهيل التعاون، ومع ذلك فإن مدى قبولها بشكل اجمالي ومدى تطورها لا يزال غير مستكشف إلى حد كبير”.
كيسنجر ، المؤلف الأول للورقة البحثية وعضو مجموعة بلوتكين (Plotkin) للأبحاث ، يوضح أن النماذج التقليدية للتعاون استندت إلى مجتمعات متجانسة(9) وتدفق معلومات مباشر بين أعضاء المجتمعات.
لقد أدركنا أن هذا ليس ممثلًا بشكل دقيق للواقع، حيث المجتمعات متشعبة، والمجتمعات المختلفة تختلف ليس فقط بشأن السمعة ، بل أيضًا تختلف بشأن المعايير التي يجب أن تكون حاكمة على السلوك، ” كما يقول كيسنجر.
لمعالجة هذا المشكلة، طور الباحثون نموذجًا يأخذ في الاعتبار الأعراف الاجتماعية المتعددة المتعايشة (المتواجدة معًا) ودرسوا كيف يمكن أن تتنافس هذه المعايير عندما يتعلم الأفراد من بعضهم بعض ويغيرون انتماءاتهم بين المجموعات، وما إذا كان هذا سيؤدي إلى التلاقي على معيار مشترك. كانت إحدى النتائج الرئيسة نجاح معيار اجتماعي معين سُمي بـ “الحكم الصارم (stern judging)”. هذا المعيار يلصق سمعة سيئة بالأفراد الذين يتعاونون مع من هم في وضع سيئ [الذين سحبت منهم امتيازاتهم التي كانوا يتمتعون بها] ، كوسيلة للعقاب.
يقول كيسنجر: “جاء الحكم الصارم على رأس المعايير التي قمنا بتقييمها”. “كان فعالًا بشكل خاص في حالات يُبدي فيها الأفراد تفضيلًا للتفاعل مع أعضاء مجموعتهم. يبدو أن هذا المعيار، مع التأكيد على توخي الحذر، يسهِّل قدرًا كبيرًا من التعاون الشامل”. ومع ذلك، وجد الفريق أيضًا أن فرز معلومات السمعة إلى مجموعات مستقلة يمكن أن يزعزع استقرار التعاون. يوضح كيسنجر: “التعاون عبارة عن توازن دقيق”. “كلما زاد تشظي المعلومات حول السمعة ، كلما كان تجذر التعاون صعبًا. لكننا لاحظنا أيضًا أن التفاعلات الاجتماعية داخل المجموعة يمكن أن تُبطل جزئيًا مفعول هذا التأثير”.
البحث يرسم صورة معقدة للتعاون. على الرغم من أن بعض المعايير تعزز السلوك، فإن البنية الاجتماعية(11) لكل مجتمع تؤثر بشكل كبير في نجاحه. يعتبر الحكم الصارم من العوامل الميسِّرة القوية للتعاون. ومع ذلك، لا يترسخ في مجتمع ممزق دون قدرة الأفراد على تبادل المعلومات بين المجموعات.
بالكشف عن العوامل التي تؤثر في ظهور المعايير الاجتماعية المشتركة، تقدم الدراسة رؤىً قيمة لمختلف المجالات ، من علم الاجتماع إلى علم النفس والاقتصاد.
يلاحظ بلوتكين أن “النتائج التي توصلوا إليها لها بعض التداعيات على مدى تعزيز التعاون في مجتمعات متباينة ومتعددة الثقافات”. “سواء أكان ذلك على المستوى المجتمعي أم ضمن مجموعات أصغر حجمًا مثل الأحياء أو أماكن العمل ، فإن القدرة على التلاقي على معيار مشترك يُعد أمرًا بالغ الأهمية”.
استكشف الباحثون أيضًا الآثار المحتملة لتطور المعايير الاجتماعية. يقول كيسنجر: “تفتح الرؤى المستمدة من بحثنا آفاقًا جديدة لاستكشاف مدى تعقيد التعاون في المجتمع”.
بالنظر إلى المستقبل ، يريد الفريق استكشاف مدى ارتباط المعايير الاجتماعية في العالم الحقيقي التي يوظفها البشر للحكم على السلوك بتلك المعايير النظرية المجردة التي طورها. من خلال ذلك ، يعتقد الفريق أن الباحثين سيكونون قادرين على قياس مدى التزام الأفراد في المجتمع بمعايير اجتماعية محددة ، فيما يتعلق بالعوامل الديموغرافية مثل الثقافة أو الفئات العمرية.
يقول كيسينجر: “هناك الكثير منا ينبغي استكشافه بخصوص كيف نتوصل معًا الى اتفاق على المعايير، وفي النهاية ، كيف نتعاون”.
مصادر من داخل وخارج النص:
1- https://ar.wikipedia.org/wiki/تعاون
2- https://www.pnas.org/doi/10.1073/pnas.2219480120
3- “المعايير الاجتماعية (social norms) تُعتبر صورًا جماعية لسلوك جماعي مقبول وتصورات فردية لسلوك جماعي ما. يمكن النظر إليها على أنها نواتج ثقافية (بما في ذلك القيم والعادات والتقاليد) تمثل المعرفة الأساسية للأفراد بما يفعله الآخرون وما يتصورون أنه ينبغي عليهم فعله. المعايير الاجتماعية – من منظور علم الاجتماع – هي مفهوم غير رسمي يحكم سلوك أفراد المجتمع. يعترف علم النفس الاجتماعي أن وحدات المجموعات الأصغر حجمًا (مثل: الفريق، أو المكتب) قد تؤيد المعايير بصورة منفصلة أو بإضافة بعض المعايير إلى التوقعات الثقافية أو المجتمعية. تُحدَّد أدوار المعايير – في مجال علم النفس الاجتماعي – التي يمكن أن توجه السلوك في موقف معين أو بيئة معينة باعتبارها «وصفًا ذهنيًا للسلوك المناسب». تبين أن الرسائل المعيارية من الممكن أن تشجع السلوكيات الاجتماعية، بما في ذلك الحد من تعاطي الكحول، وزيادة إقبال الناخبين، والحد من استخدام الطاقة. وفقًا للتعريف النفسي للمكون السلوكي للمعايير الاجتماعية، فإن المعايير لها بُعدان: مدى إظهار السلوك، ومدى استحسان المجموعة لذلك السلوك. من الممكن استخدام هذه الأبعاد في رسائل معيارية لتغيير المعايير (وبالتالي تغيير السلوكيات). ومن الممكن أيضًا تغيير تلك المعايير اعتمادًا على السلوك الذي يبدر عن الآخرين (مدى إظهار السلوك). يمكن اعتبار المعايير الاجتماعية على أنها: «قواعد تحدد ما ينبغي وما لا ينبغي أن يفعله الناس في ضوء محيطهم الاجتماعي» (المعروفة باسم البيئة، إو السياق الاجتماعي-الثقافي) والظروف” ، مقتبس من نص ورد على عذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/معيار_اجتماعي
4- “تتمثل نظرية الألعاب التطورية ( evolutionary game theory) في تطبيق نظرية الألعاب على الجمهرات المتطورة في علم الأحياء، وهي تحدد أُطُراً تسابقية، واستراتيجية وتحليلية يمكن نمذجة التنافسية الدارونية بموجبها، وقد نشأت عام 1973 عندما حلل جون ماينارد سميث وجورج آر. برايس المباريات كاستراتيجيات، ووضعا المعايير الرياضية التي يمكن استخدامها لتوقّع نتائج الاستراتيجيات المتنافسة. وتختلف نظرية الألعاب التطورية عن نظرية الألعاب التقليدية بأنها تركز بشكل أكبر على ديناميكا تغير الاستراتيجية، ويتأثر ذلك بتكرار الاستراتيجيات المتنافسة في الجمهرة. وقد ساعدت نظرية الألعاب التطورية على تفسير أساس السلوكيات الغيرية في التطور الدارويني، وقد أصبحت بدورها موضعاً لاهتمام علماء الاقتصاد والاجتماع وعلم الانسان والفلسفة” ، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/نظرية_الألعاب_التطورية
5- https://itlaw.fandom.com/wiki/Reputation-based_system#:~:text=Advertisement-,Definition,about%20individuals%27%20past%20behavior.%22
6- https://theconversation.com/origins-of-altruism-why-hamilton-still-rules-50-years-on-27223
7- “اصطفاء الأقارب هو آلية تطورية تحابي السلوك الإيثاري للكائن الحي تجاه أقاربه” ، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:
https://ar.wikipedia.org/wiki/اصطفاء_القرابة
8- “السلوك المحابي للمجتمع (prosocial behaviour) أو نية إفادة الآخرين هو سلوك اجتماعي يفيد الآخرين أو المجتمع على وجه العموم كالتطوع لمساعدتهم ومشاركتهم والتبرع لهم والتعاون معهم” ، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:
https://ar.wikipedia.org/wiki/سلوك_محابي_للمجتمع
9- “الثقافة مجتمعية متجانسة ، تكون القيم والمعتقدات الأساسية مشتركة ومنتشرة ؛ وبالتالي، المعتقدات الثقافية سائدة في هذه المجتمعات. بينما في الثقافة المجتمعية غير المتجانسة ، هناك العديد من القيم والمعتقدات المختلفة التي تعتنقها مجموعات سكانية متنوعة. وهذا المجتمع يتميز بتعدد الثقافات” ، ترجمناه من نص ورد على عذا العنوان:
https://ecommons.cornell.edu/bitstream/handle/1813/72141/Enz101_Linking_Organizational_And_Societal_Cultures.pdf?sequence=1&isAllowed=y#:~:text=In%20a%20homogeneous%20societal%20culture,characterized%20by%20a%20multicultural%20society.
10- https://ar.wikipedia.org/wiki/علوم_طبيعية
11- البنية الاجتماعية أو الهيكل الاجتماعي هو الإطار التنظيمي العام الذي يندرج تحته كافة أوجه السلوك الإنساني في مجتمع ما ويتضمن مجموعة النظم الاجتماعية ذات القواعد السلوكية المستقرة التي تحكم الأنشطة الإنسانية المتعددة في مجتمع ما. وبمعنى آخر يمكن تعريف البنية الاجتماعية بأنها مجموعة الأطر التنظيمية التي تنتظم في إطارها كافة العلاقات الإنسانية، سواء تلك العلاقات البينية بين الأفراد أو الأشخاص داخل مجتمع ما، أو تلك العلاقات التبادلية بين الأفراد في مجتمع ما وغيره من المجتمعات، ويمكن القول البنية الاجتماعية هي النظام الاجتماعي العام، وهي عبارة عن مجموعة النظم الاجتماعية الرئيسة والفرعية داخل المحيط البيئي لأي مجتمع” ، مقتبس من نص ورد على عذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/بنية_اجتماعية
المصدر الرئيس:
https://penntoday.upenn.edu/news/unraveling-secrets-cooperation-and-reciprocity-new-study-illuminates-power-social-norms