أدى هوس العالم بالجمال الجسدي الى صناعة تقدر ب ١٦٠ مليار دولار. مستحضرات التجميل هي في مقدمة هذه الصناعة بمقدار سبعة مليار دولار. ويستحوذ على مستحضرات التجميل هذه الحاجة إلى تحسين مظهر العينين من خلال ملحقات رموش العينين. الماسكارا تعد لوحدها السادسة من أعلى ٢٠ ماركة من مستحضرات التجميل في الولايات المتحدة الأمريكية.
ولكن الاستحواذ العديم الجدوى في العالم للرموش فشل في معالجة السؤال الأساسي بشأن الغرض منها: لماذا يكون لنا رموش؟ هل تؤدي غرضا؟
هذه الشعرات المتميزة المنتشرة والتي تحيط بأحد أعضائنا الأكثر حساسية والتي لا يعرف عنها سوى القليل جدا. غموضها يدفعنا للتحقيق فيها، والتي نشرت في مجلة Journal of the Royal Society Interfacey Interface.
في دراستنا، وجدنا أن الرموش تحمي أعيننا من الجفاف وتراكم الجسيمات العالقة في الهواء كالغبار وحبوب اللقاح. في الثدييات، طول الرمش يضبط إلى ثلث عرض فتحة العين للحد من تدفق الهواء الواصل إلى سطح العين.
رموش العيون في الحيوان
بدأت دراستنا في المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي في مدينة نيويورك مع إمكانية الوصول إلى مجموعة واسعة من جلد الحيوان المحنط .
قضينا أسبوعا بين الجلود لنقوم بالقياس الدقيق لطول وعرض، وكثافة الرموش وعرض شق تعريض العين. وقمنا بقياس ٢٢ نوعا من الثدييات في المجموع ، والتي تمتد أربعة مرات حجم الجسم. تراوحت بين حجم القنفذ والذي يزن نصف كغم الى حجم زرافة وزنها ٥٠٠ كغم .
وأظهرت هذه القياسات علاقة غريبة. كلما أصبحت عيونها أكبر وأكثر عرضاً، كلما طالت الرموش. على وجه التحديد، بلغ طول الرموش ثلث عرض فتحة العينين. هذا الطول أدى الى فرضية تقول بأن الرموش قد تخدم في الواقع وظيفة مفيدة.
إذن لماذا تكون الرموش ثلث عرض فتحة العين؟
الجوانب التقنية للرموش
لكوني مهندساً ميكانيكياً، وركزت بشكل خاص على دراسة ميكانيكا الموائع، أردنا أن نفهم كيف تتفاعل الرموش مَع تدفق الهواء المحيط بها، وكيف يؤثر طول الرمش على هذا التفاعل. هل يساعد طول الرموش في حماية أعيننا من تدفق الهواء والجسيمات المحمولة جوا التي قد تترسب؟
من هذه التجارب، وجدنا أن طول رمش معين الذي وجد في الطبيعة، أو ثلث فتحة العين، تقلل من مجموع الغبار في الجو الذي يصل الى سطح أعيننا . وبعبارة أخرى، رموشنا ليس فقط تساعدنا على حماية أعيننا من الجفاف، ولكن أيضا من تراكم الأوساخ.
من دراستنا، وجدنا أن الرموش بطول معين تستطيع أن تحمي عيوننا. عندما يتجاوز طول الرموش الطول الأمثل وهو ثلث عرض فتحة العين، نجد أن عيوننا تجف بشكل أسرع وتتراكم عليها المزيد من الغبار. إستخدمنا محاكاة حاسوبية لمعرفة لماذا يحدث هذا؟
من المحاكاة ، وجدنا أنه عندما تكون الرموش أطول فإنها في الواقع تكون قناة للمزيد من الهواء إتجاه سطح أعيننا. الرموش الأكثر قصراً تقاوم تدفق الهواء الوارد، وتخلق منطقة من الهواء الراكد فوق سطح أعيننا. بتقليل تدفق الهواء الذي يصل إلى سطح أعيننا، تستطيع الرموش حماية أعيننا الرطبة والحساسة.
توضح دراستنا أن هناك عادة سبباٌ لماذا تكون الطبيعة على ما هي عليه؟ فقد أدى ملايين السنين من التطور الى نجاح أفضل التصاميم الطبيعية. بتغيير أو تعديل تصاميم الطبيعة، فإننا يمكن أن نضع أنفسنا في وضع مضر. الجمال ليس فقط يكلف اموالاُ، ولكن في بعض الأحيان يأتي على حساب صحتنا.
المصدر: