اسم الكتاب: مستقبل العمل
The Future of Work
مؤلف الكتاب:
السيد داريل إم ويست (Darrell M. West) يعمل في معهد بروكينغز (Brookings Institute) كنائب لرئيس برنامج دراسات الحوكمة. تشمل مؤلفاته السابقة كتاب المليارديرات: تأملات في الطبقة العليا (Billionaires: Reflections on the Upper Crust)، والذي صدر في عام ٢٠١٤م وكتاب التغيير الضخم: الاضطراب الاقتصادي والاضطراب السياسي والصراع الاجتماعي في القرن الحادي والعشرين (Megachange: Economic Disruption, Political Upheaval, and Social Strife in the 21st Century) ، والذي صدر في عام ٢٠١٦م.
منصة الوميض** (Blinkist) قامت بتلخيص الكتاب في سبع ومضات معرفية، وهي كالتالي:
مقدمة – ماذا يوجد بداخل هذا الكتاب بالنسبة لي؟ اكتشف ما يخبئه المستقبل للثورة الاقتصادية القادمة:
طائرات بدون طيار تنزل حزمة الطرود البريدية من شركة أمازون (Amazon) عند باب منزلك. قوائم الطعام الرقمية في المطاعم. خوارزميات بيع وشراء الأسهم واعتماد القروض. سيارات وشاحنات بدون سائق تأخذك وبضائعك إلى وجهاتها. لم تعد هذه أفكارًا للمستقبل، إنها مجرد بعض الطرق التي تؤثر بها الأتمتة على القوى العاملة في عالمنا اليوم، ومن المتوقع حدوث المزيد من التطورات غدًا.
من نواح كثيرة، فإن مثل هذا التقدم التكنولوجي أمر لا مفر منه وهو أيضا منطقي من الناحية التجارية. لا يمكنك أن تتوقع من شركة ما أن تقرر عدم توفير ملايين الدولارات من خلال الاستمرار في توظيف الأشخاص للقيام بشيء يمكن للروبوت القيام به أسرع بأربع مرات، دون توقف ومع قليل من الأخطاء. عندما أعلنت شركة ماكدونالدز (McDonald’s) للوجبات السريعة خطتها لاستبدال الصرافين بقوائم آلية، ارتفع قيمة أسهم الشركة على الفور. وهذا يعتبر من الاعمال التجارية الجيدة.
إذن، ما الذي يضيفه كل هذا التغيير؟ هذا ما يسميه الناس بالاقتصاد الرقمي الجديد، وعلى الرغم من أنه قد يكون أمرًا حتميًا، إلا أن هناك العديد من الأشياء التي يجب أن تحدث إذا كنا نأمل في منع الفوضى والبعثرة. كما يوضح المؤلف السيد داريل ويست (Darrell M. West) قائلا: اننا بحاجة إلى إعادة التفكير في نهجنا بالنسبة الى العمل والتدريب الوظيفي وكيف نحصل على مزايا مثل التأمين الصحي والمعاشات التقاعدية. إذا تصرفنا الآن، فقد نتمكن من جعل الانتقال سلسًا؛ وإذا لم يكن الأمر كذلك، فقد يكون هناك خللا.
في هذه الومضات المعرفية، سوف تتعلم:
- ما هو الكتاب الذي أصدر في عام ١٨٨٨م، والذي يحتوي على بصيرة ثاقبة في تصويره للقوى العاملة في المستقبل؟
- من هو الرئيس التنفيذي الذي يعتبر الذكاء الاصطناعي أحد أكبر التهديدات التي تواجه الحضارة؟
- كيف يمكن لشيء يسمى حساب المواطن أن يكون مفتاحًا للقوى العاملة في المستقبل؟
ومضة رقم ١ – الأتمتة تحل محل العمال بالفعل بينما ننتقل إلى الاقتصاد الرقمي:
بالعودة إلى مطلع القرن العشرين، خضعت الولايات المتحدة الامريكية لما يشير إليه المؤلف بـ “التغيير الضخم” نتيجة لتحول الدولة من اقتصاد زراعي إلى اقتصاد صناعي. لقد استغرق الأمر عقودًا حتى استطاعت الحكومة التعامل مع آثار هذا التغيير وأن تستقر الأمور.
الآن، نحن على حافة تغيير ضخم آخر، وهذه المرة، ستنتقل الدولة من اقتصاد صناعي إلى اقتصاد رقمي.
في قلب هذا التغيير، يوجد نموذج أعمال جديد مبني على الروبوتات الآلية والذكاء الاصطناعي (ذ.ص.). وقد بدأ بالفعل ظهوره، خاصة فيما يتعلق بوظائف الياقات الزرقاء (العمالة اليدوية والتشغيلية).
بعض الوظائف المعتمدة كثيرا للذين لم يذهبوا او لم يتمكنوا من الالتحاق بالجامعة كانت في المطاعم أو البيع بالتجزئة أو في وسائل النقل – وهذه الوظائف تتأثر الآن بالأتمتة.
تقوم المطاعم في جميع أنحاء الولايات المتحدة باستبدال طاقم الانتظار بأجهزة لوحية تقدم توصيات وتشرح قائمة الطعام. يقوم عدد متزايد من متاجر البيع بالتجزئة باستبدال الصرافين بخيارات الدفع الذاتي التي أصبحت أكثر تقدمًا. تمتلك شركة أمازون (Amazon) سلسلة من متاجر البيع بالتجزئة حيث سيتمكن العملاء قريبًا من استخدام تطبيق لتحصيل رسوم المشتريات من حسابهم في شركة أمازون.
في هذه الأثناء، بمتوسط دخل يبلغ ٤٣،٥٩٠ دولارًا سنويًا، كانت قيادة الشاحنة ولمدة طويلة واحدة من أكثر الوظائف المربحة لشخص حاصل على تعليم ثانوي. ولكن الآن، من المتوقع أن تصبح المركبات الآلية معيارًا أساسيا في قطاع النقل.
في جميع هذه الحالات، تقدم الخدمات الآلية وسيلة للشركات لتوفير المال. منذ وقت ليس ببعيد، كانت تكلفة الروبوتات والخدمات الآلية أكثر من تكلفة دفع أجور الموظف عن الوظيفة نفسها. ولكن هذا لم يعد الحال. في شركة دايناميك (Dynamic)، وهي الشركة المصنعة للأجزاء المعدنية، يمكن للروبوت أن يؤدي نفس الوظيفة لأربعة أشخاص بتكلفة تبلغ ٣٥،٠٠٠ دولار تدفع مرة واحدة فقط وهي قيمة الروبوت. بالإضافة إلى أن هذا الروبوت لا يصاب بنزلات البرد (الزكام)، ولا يحتاج إلى فترات راحة أو تأمين صحي.
عامل آخر جدير بالملاحظة هو تقليل الخطأ البشري. في شركة تصنيع الهواتف المحمولة، وهي شركة التقنية الدقيقة (Precision Tech) ، يقوم ٦٠روبوتًا الآن بما اعتاد عليه ٦٥٠ موظفًا، وفي نفس الوقت انخفضت الأخطاء من ٢٥ إلى ٥ في المائة، بينما زاد الإنتاج بأكثر من الضعف.
بالنسبة للمركبات الآلية، يتوقع الخبراء حوادث أقل وكفاءة أفضل في استهلاك الوقود وذلك بسبب التسارع والكبح الأكثر سلاسة مقارنةً بالسائقين من البشر.
ومضة رقم ٢ – يعد الذكاء الاصطناعي أيضًا جزءًا من الاقتصاد الرقمي، ويأتي مع بعض المخاوف الأخلاقية:
قال السيد ستيفن منوتشين (Steven Mnuchin)، وزير الخزانة في إدارة الرئيس الأمريكي السيد ترامب، للصحافة إنه غير قلق بشأن الذكاء الاصطناعي لأنه يعتقد أنه لن يكون فعالا حتى ٥٠ أو ١٠٠ عام من الآن. البعض الآخر ليس مستعجلا في تجاهل المخاوف الفورية المحيطة بالذكاء الاصطناعي.
وفقًا للرئيس التنفيذي لشركة تسلا (Tesla)، السيد إيلون ماسك (Elon Musk)، حيث يقول: يشكل الذكاء الاصطناعي أحد أكبر المخاطر على الحضارة ويمكن أن يكون بالتأكيد سببًا لاضطراب كبير في سوق العمل.
ما يجعل تقنيات الذكاء الاصطناعي حقًا تنافسية هو التعلم الآلي أو (تعلم الآلة). هذه هي القدرة على اتخاذ قرارات بناءً على مجموعة معينة من العوامل، ثم استخدام نتائج تلك القرارات لإبلاغ الخيارات المستقبلية. تؤدي هذه العمليات الاجرائية إلى التحسين المستمر، وهو ما يسمح لتقنيات الذكاء الاصطناعي أن تكون الآن بديلاً قابلاً للتطبيق لجميع أنواع الوظائف التي كانت ذات يوم مهنًا بشرية بحتة، مثل القيادة الذاتية للمركبات أو القيام باستثمارات مالية بواسطة خوارزميات ذكية.
في الواقع، بينما يُرجح توفر تقنيات الذكاء الاصطناعي على هاتفك الذكي أو في المنزل، سواء كان عن طريق المساعد الافتراضي سيري (Siri) من شركة أبل (Apple) أو اليكسا (Alexa) من شركة أمازون (Amazon) أو تاي (Tay) من شركة مايكروسوفت (Microsoft)، فإن هذا المساعد الافتراضي يتخذ حاليًا قرارات بشأن الكثير من الأشياء اليومية المهمة، بما في ذلك الشؤون المالية وأنظمة الدفاع والسلامة العامة.
بالفعل، يحل الذكاء الاصطناعي محل العديد من الوظائف في القطاع المالي لأنه يستطيع اكتشاف حتى التقلبات الطفيفة في سوق الأسهم والتي يمكن أن تشير إلى الوقت المناسب لشراء أو بيع الأسهم. كما يمكنه أيضًا إجراء تحريات شاملة وبسرعة لتحديد ما إذا كان شخص ما مؤهلاً للحصول على قرض مصرفي. ونتيجة لذلك، يتوقع الخبراء أن فروع البنوك قد تتخلى عما قريب عن نصف موظفيها.
يستخدم الجيش الأمريكي تقنيات الذكاء الاصطناعي كجزء من مشروع مافن (Project Maven)، وهو مخطط للدفاع الوطني. تقوم هذه التقنيات بمسح كميات هائلة من لقطات المراقبة لتحديد أي شيء يبدو مشبوها أو غير عاديا.
تستخدم بعض المستشفيات الذكاء الاصطناعي بطريقة مماثلة من خلال فحص الصور الطبية لاكتشاف أشياء مثل الغدد الليمفاوية التي يحتمل أن تكون سرطانية. مرة أخرى، توفر هذه الخدمة الآلية المال، حيث يمكن لأطباء واخصائي الأشعة أن يتقاضوا ما يزيد عن ٧٠٠ دولار لفحص ومسح أربع صور في ساعة واحدة، بينما يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي على أنه أكثر كفاءة وأكثر دقة أيضًا.
لكن ظهرت بالفعل بعض القضايا الأخلاقية. في مدينة شيكاغو الامريكية، يتم استخدام الذكاء الاصطناعي من قبل جهات تنفيذ القانون مثل الشرطة لتحديد المناطق التي من المرجح أن يكون لها نشاط إجرامي. بالفعل، هناك شكاوى بأن تنفيذ القوانين قد يؤدي إلى مضايقة الأبرياء في تلك المناطق من قبل الشرطة.
هذا الأمر يسلط الضوء على جانب آخر مهم من الذكاء الاصطناعي، وهو: لا يمكن أبدًا أن تكون تنبؤاته موضوعية تمامًا، لأنها تتأثر بشكل كبير بكمية ونوعية البيانات المستخدمة، فضلاً عن الأحكام القيمية للمصممين عندما يحددون “المعايير العادلة” للنظام.
ومضة رقم ٣ – سيغير إنترنت الأشياء (IoT) القطاعات الصناعية بأكملها، بما في ذلك الرعاية الصحية والأشغال العامة:
سوف تكون تقنيات إنترنت الأشياء (IoT) أحد المكونات الرئيسية في الاقتصاد الرقمي. أصبحت إنترنت الأشياء ممكنة بفضل معدلات سرعة الاتصال العالية لشبكة الإنترنت من الجيل الخامس (5G)، وحاليا هناك أنظمة كاملة من السلع المادية والأشياء المنزلية متصلة ببعضها البض ويمكن مراقبتها وتعديلها مباشرة وآنيا.
على سبيل المثال، يمكن استخدام ساعتك الذكية لتتبع الإحصاءات الصحية الحيوية التي يتم مراقبتها من قبل الطبيب الذي يمكن أن ينصحك بشكل دوري بتقليل تناول السكر أو شرب المزيد من الماء.
في الواقع، ان القطاع الصناعي للرعاية الصحية من المتوقع أن يتأثر بشكل كبير بتقنيات إنترنت الأشياء واستخدامه لأجهزة الاستشعار والشاشات. من المتوقع أن تكون بياناتك الصحية متاحة قريبًا لأي متخصص طبي من خلال التخزين السحابي، ومع تزايد عدد أجهزة المراقبة المحمولة، سيستفيد المرضى في المناطق الريفية أو التي يصعب الوصول إليها بشكل كبير من هذه الخدمات.
بالفعل، وفي مدينة تايبيه (Taipei) في دولة تايوان (Taiwan)، يقوم نظام خدمة الرعاية عن بعد للمواطنين (Citizen Telecare Service System) بمراقبة كبار السن في منازلهم باستخدام الانترنت عبر شبكة الواي فاي والمتوفرة مجانا في المدينة. أظهر البرنامج بالفعل نتائج رائعة في التعرف بسرعة على العلامات التحذيرية لأمراض القلب والأوعية الدموية من خلال مراقبة معدلات ضربات القلب من أجل اكتشاف ضربات القلب الغير منتظمة.
شهدت البنية التحتية أيضًا تحسينات في تقنيات إنترنت الأشياء.
في بعض المدن الأمريكية، يتم إهدار ما يصل إلى ٣٠ في المائة من استخدام المياه من خلال الأنابيب المتضررة بالتسريب، وتسمح مستشعرات الجيل الخامس برصد هذه التسريبات على الفور. تعتبر أجهزة الاستشعار في استخدامها لمراقبة المياه ذات قيمة خاصة ومهمة في المناطق الجافة مثل ولاية كاليفورنيا، والتي تقوم بتركيبها بالفعل لاستخدامها في المنازل، مما يؤدي إلى انخفاض في استخدام المياه بنسبة ١٥ إلى ٢٠ بالمائة.
اتخذت بعض المناطق مبادرات “المدينة الذكية” حيث تجري المراقبة آنيا لكل شيء بدءًا من جمع القمامة ووسائل النقل وإشارات المرور وإدارة الطاقة وانتهاء بالسلامة العامة.
وتستخدم حوالي ٧٥ مدينة في الولايات المتحدة جهاز استشعار يسمى شوت سبوتر (Shot Spotter)، والذي يتعرف على صوت إطلاق النار ويرسل الإحداثيات على الفور إلى الشرطة للاستجابة السريعة.
الجميع يرغب بمشاهدة انخفاض الحركة المرورية. وهذه الرغبة يمكن ان تتحقق مع إشارات المرور الذكية، حيث لن تضطر المدن والبلدات بعد الآن للتعامل مع الأشارات الضوئية غير الفعالة والتي تعمل فقط على نمط واحد، بغض النظر عن عدد السيارات الموجودة على الطريق. وتتجاوز الفوائد تقليل حركة المرور. من خلال ضبط إشارات المرور آنيا، سينتج عن ذلك تلوث أقل من عدد أقل من السيارات البطيئة، بالإضافة سوف يصل الناس إلى وجهاتهم بشكل أسرع.
ومضة رقم ٤ – يجب أن نعيد التفكير في الوظائف لتشمل الأنشطة التطوعية وغيرها من الأعمال التي تفيد المجتمع:
وفقًا للخبير الاقتصادي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، السيد أندرو مكافي (Andrew McAfee)، حيث يقول: يجب أن نتوقع استبدال معظم الوظائف المتاحة حاليًا بخدمات مؤتمتة في وقت ما في المستقبل. الوظائف التي من المرجح أن تستمر هي الوظائف الشخصية مثل علاج الصحة العقلية والعمل الاجتماعي.
يقودنا هذا الاستنتاج إلى أحد التغييرات الأساسية التي نحتاج إلى إجرائها من أجل الاستعداد للاقتصاد الجديد، وهو إعادة التفكير وتوسيع تعريفنا للوظائف التي تستحق الحصول على أجور ومزايا مثل التأمين الصحي والمعاش التقاعدي.
في الوقت الحالي، يؤدي الناس العديد من الوظائف التي تفيد المجتمع ولكنهم لا يتقاضون عليها أجور، بما في ذلك العديد من الوظائف التطوعية والتوجيهية وتربية الأطفال (الابوة والأمومة) وأنشطة المجتمع الأخرى. ولكن حان الوقت لأن نبدأ في التفكير في القيمة النقدية لمثل هذه الوظائف.
في رواية للسيد إدوارد بيلامي (Edward Bellamy) باسم “التطلع إلى الخلف Looking Backward” والتي صدرت عام ١٨٨٨م، ينام بطل الرواية في عام ١٨٨٧م ويستيقظ في عام ٢٠٠٠م ليكتشف أن الأشخاص لم يعد تعريفهم بوظائفهم. وبفضل التكنولوجيا التي تحافظ على سير العالم، يقضي الأشخاص أيامهم في تعلم مهارات جديدة وتعليم الآخرين ومتابعة اهتماماتهم الشخصية. ما كان خيالًا علميًا في يوم من الأيام يبدو شبيهًا جدًا الى حد كبير بالمستقبل القريب.
وقد اتخذت المملكة المتحدة (بريطانيا) بالفعل خطوة في هذا الاتجاه، حيث تعتبر الحكومة العمل التطوعي عاملا مهما في تأهيل المتطوع على الأقل “للبحث عن عمل”، لذلك فهو يساعد المتطوع في التأهل للتأمين الاجتماعي إذا كان عاطلاً عن العمل. ومن أجل أخذ خطوة للأمام، لماذا لا نجعل الأنشطة التي نعتبرها الآن عملًا تطوعيًا تستحق راتبا؟
الفن أيضًا شيء يفيد المجتمع وبالتالي يمكن اعتباره مسعى جديرًا بالاهتمام. يعتقد الخبير الاقتصادي في جامعة هارفارد (Harvard)، السيد لورانس كاتز (Lawrence Katz)، أن الاقتصاد الجديد يمكن أن يجد طريقه لفئة جيدة جدًا من الناس ولأولئك الذين يجدون معنى في الحياة من خلال التعبير عن الذات.
وهذا يعني اننا في صميم العديد من المخاوف المتعلقة بالبطالة. لفترة طويلة، ركز الكثير منا في تعريف الهدف والهوية ومعنى الحياة حول مسألة واحدة وهي وظيفتنا من التاسعة صباحا وحتى الخامسة مساء، وبالتالي يمكن أن تأتي البطالة بقلق وجودي كبير. ومع ذلك، لم يكن الأمر كذلك دائمًا. في الواقع، على مدار معظم تاريخ البشرية، كانت هويتنا قائمة على شؤون الأسرة والمجتمع والدين والمسائل القبلية – وقد يكون هذا هو ما سنعود إليه في الاقتصاد الجديد.
ومضة رقم ٥ – لدعم التغيير الاقتصادي، يجب أن ننظر إلى الفوائد المتنقلة والتعليم مدى الحياة:
في عام ١٩٥٤م، كان رئيس النقابة السيد والتر رويثر (Walter Reuther) يزور مصنعًا لشركة فورد للسيارات (Ford Motors) والذي قام مؤخرًا بتركيب آلات روبوتية جديدة في خطوط الانتاج بالمصنع. سأل السيد والتر رويثر أحد موظفي الشركة كيف يخطط للحصول على مستحقات نقابية من الروبوتات، فأجابه: “كيف ستجعلهم يشترون سيارات فورد؟”.
تتطرق هذه الحكاية إلى مشكلة القوى العاملة المتغيرة: عندما يتم استبدال العمال من قبل الشركات التي تتوق إلى خفض التكاليف وزيادة الإنتاجية، فهذا لا يعني فقط أن هناك عددًا أقل من العاملين، بل يعني أيضًا أن العمال يكسبون أموالًا أقل وبالتالي هم أقل احتمالا لشراء المنتجات المباعة من قبل الشركة.
إن تأثير العمال المستبدلين يأتي لاحقا وهو بعيد المدى ويمتد إلى ما هو أبعد من انخفاض الإنفاق الاستهلاكي. التأمين الصحي هو أحد المخاوف الكبرى.
حاليًا، يحصل معظم الأمريكيين، (أكثر من ١٥٥ مليونًا منهم)، على تأمينهم من خلال وظائفهم. ولكن هناك بالفعل عدد متزايد من الأشخاص الذين يكسبون دخلهم من خلال العمل الحر أو العمل التعاقدي الذي يأتي بدون فوائد وظيفية. في الواقع، خفضت العديد من الشركات الجديدة التكاليف بهذه الطريقة، من خلال تعيين عدد صغير من الموظفين بدوام كامل والتعاقد مع بقية العمال والموظفين.
ولذلك، ومن أجل تجنب أزمة رعاية صحية أكبر مما هو موجود بالفعل في الولايات المتحدة، يقترح بعض الاقتصاديين انشاء حسابات للمواطنين تكون مرنة وقابلة للتنقل والتحويل. ستكون هذه حسابات تحتوي على عدد من بنود شبكة الأمان التي يحق لجميع العمال الحصول عليها، بغض النظر عما إذا كانوا عاطلين عن العمل أو يعملون بدوام كامل أو جزئي. ستشمل هذه البنود: التأمين الصحي والتأمين على الحياة، وصناديق التقاعد وتعويضات البطالة، فضلا عن رصيد ائتماني والذي يمكن صرفه والاستفادة منه في التعليم المستمر وتعلم مهارات جديدة.
يقودنا هذا الاقتراح إلى خطوة أخرى نحتاج إلى اتخاذها في الاستعداد للاقتصاد الجديد: التدريب على العمل.
لم تعد فكرة توقف تعليم الشخص عند عمر الــ ٢٥ عاما ذات صلة. تتغير التكنولوجيا والوظائف بسرعة وباستمرار، ويحتاج المجتمع إلى الاعتراف بالتعليم كمحاولة ومسعى مدى الحياة. لحسن الحظ، كانت هناك بالفعل خطوات مثيرة للإعجاب في التعلم عن بعد، والذي يستخدم الدورات التدريبية عبر الإنترنت التي تسمح للناس بالتعلم وفقًا لجدولهم الزمني، مما قد يكون مصدرًا رائعًا للتدريب على العمل.
هذه ليست سوى بعض الاعتبارات التي يجب القيام بها الآن، قبل أن تضرب الأزمة الاقتصادية المقبلة. يجب أن نتحدث أيضًا عن الفوائد المحتملة لتزويد الأشخاص بالحد الأدنى الأساسي من الدخل، ومتطلبات أكثر مرونة حول الترخيص المهني وطرق جديدة لفرض ضرائب على المواطنين الأكثر ثراء من أجل تمويل البرامج التي سنحتاجها للانتقال إلى الاقتصاد الجديد.
ومضة رقم ٦ – المناخ السياسي الحالي لا يفضي إلى التغيير، والتقاعس عن العمل لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأمور:
كما نرى، يحتاج المجتمع إلى الاستعداد لنزوح الوظائف الذي يتوقعه العديد من الاقتصاديين. ومع ذلك، هناك القليل جدا من النقاش الذي يحدث في مبنى الكابيتول هيل (الكونجرس الأمريكي).
أحد الأسباب الرئيسية وراء اهتمام عدد قليل من السياسيين بالتهديد المتزايد للأتمتة هو الطبيعة شديدة الاستقطاب للسياسة هذه الأيام في أمريكا. يكاد يكون من المستحيل تقريبًا الحصول على كونغرس غير متحيز بشدة للموافقة على أي شيء، بغض النظر عن التغييرات الواسعة في البرامج الأساسية مثل التأمين ضد البطالة أو إنشاء خيارات توظيف جديدة.
من الجدير بالذكر أن السيد باراك أوباما، الرئيس الأمريكي الأسبق، عالج هذه المخاوف بالذات قبل ترك منصبه. وقد ألقى خطابًا يخبر فيه الأمريكيين كيف أن التغييرات في القوى العاملة تجعل من الضروري إعادة التفكير في الأفكار التقليدية حول ٤٠ ساعة عمل في الأسبوع والحد الأدنى للأجور. في رأيه، كانت الولايات المتحدة بحاجة إلى التحرك على الفور لمنح نفسها “مدرجًا” ونأمل أن “يجعل الانتقال أقل مفاجأة”.
هذا بالضبط ما يؤكده المؤلف، لكنه لا يرى تحركًا يُذكر من إدارة الرئيس الامريكي السيد ترامب أو مجلسي النواب والشيوخ للإيحاء بأن هذا المدرج يجري العمل عليه.
تشير تصرفات السيد ترامب إلى أنه يلقي باللوم في أي اضطرابات في القوى العاملة على اتفاقيات التجارة السيئة وفقدان وظائف التصنيع، ولكن تهديد العمال المسرحين يتجاوز بكثير هذه العوامل. يجب أن يدرك أن التقدم التكنولوجي يغير نماذج الأعمال ويهدد الوظائف في كل قطاع تقريبًا.
إذا لم تتغير مواقف السيد ترامب الحالية، فمن المرجح أن تزداد المشاعر الشعبوية المناهضة التي أثارها ضد العولمة ولشارع المال والاعمال وول ستريت (Wall Street)، وهذا لا يبشر بالخير لتسهيل الانتقال إلى اقتصاد جديد. لن يؤدي التقاعس عن العمل إلا إلى زيادة التوترات وانعدام الأمن الذي تشعر به القوى العاملة الأمريكية.
في الماضي، أدرك ترامب أن العمال يشعرون بأن وظائفهم وحتى هوياتهم معرضة للخطر، ولكنه اذا ما لم يفعل شيئًا ذا مغزى حيال ذلك ويسعى إلى معالجة الاقتصاد الرقمي الجديد، فإن محنة العمال الأمريكيين ستزداد سوءًا.
يرى الباحثون بالفعل وجود علاقة مباشرة بين البطالة وعدد حالات الانتحار وتعاطي المخدرات والوفيات المرتبطة بالكحول في البلاد. خلصت دراسة أجرتها جامعة برينستون (Princeton University) إلى أن هذه المشكلات منتشرة بشكل خاص بين الأشخاص الحاصلين على تعليم ثانوي فقط أو أقل – وهي مجموعة معرضة بشكل خاص لفقدان الوظائف بسبب الأتمتة.
ومضة رقم ٧ – نحن بحاجة إلى إجراء إصلاحات اجتماعية وسن سياسات تشريعية للتحضير لاقتصاد متغير:
بدأ الشعور بالتأثير المجتمعي للأتمتة. كما هو الحال حاليًا، تعمل العديد من الشركات الجديدة على تفاقم عدم المساواة في الثروة في الولايات المتحدة. بفضل الأتمتة، لديهم عدد قليل نسبيًا من الموظفين بدوام كامل، مما يعني أن مجموعة صغيرة فقط هي التي تجني الأرباح.
لمنع أزمة بطالة ومستويات خطيرة من الاضطرابات الاجتماعية في المستقبل، تحتاج الولايات المتحدة إلى سن وتفعيل إصلاحات اجتماعية وسياسية.
فيما يتعلق بالإصلاح الاجتماعي، يمكن لحسابات المواطنين أن تفصل التأمين الصحي ومعاشات التقاعد عن الارتباط بوظيفة واحدة، ويجب وضع برامج اجتماعية مثل التدريب الوظيفي الدائم. تتمثل إحدى مشكلات الحصول على مثل هذه القوانين في أنه بينما يميل الديمقراطيون إلى دعم الإنفاق الحكومي على البرامج الاجتماعية التي تفيد الأسر ذات الدخل المنخفض والعاطلين عن العمل، يميل الجمهوريون إلى الدعوة إلى حكومة أصغر حجما وإنفاق أقل على مثل هذه البرامج.
لكن المشكلة الحقيقية هنا تنبع على الأرجح من التأثير غير المتناسب لشريحة الأكثر ثراء في البلاد والتي تعادل ١٪. تُظهر البيانات من انتخابات عام ٢٠١٦م أن ١٠٠ شخص فقط يمثلون ١ مليار دولار من أصل ١،٨ مليار دولار تم تخصيصها لـ (لجان العمل السياسي PACs)، والتي تُستخدم لتمويل حملات المرشحين. وهذا يمثل تأثير سياسي كبير من عدد قليل من الناس.
والسؤال: ما هو نوع القيم التي تمتلكها هذه الشريحة (١٪) الأكثر ثراء؟ في الاستطلاعات، يعتقد ٣٥ في المائة فقط أن الحكومة يجب أن تعمل على توفير الوظائف إذا لم تكن متوفرة في القطاع الخاص. كما أنهم أكثر عرضة للاعتقاد بأن الحكومة لا ينبغي أن تهتم بالعاطلين عن العمل أو بجودة المدارس العامة.
في حين أن الأكثر ثراءً في الولايات المتحدة لديهم تأثير غير متناسب على السياسات الحكومية حاليا، إلا أنه ليس من الضروري أن يظل على هذا النحو. يمكن للإصلاحات السياسية أن تقلل من عدم المساواة وتعزز الديمقراطية، بدءاً من إصلاح تمويل الحملات الانتخابية وانتهاء بوضع حد للمجمع الانتخابي.
يجب أن تكون التبرعات السياسية أكثر شفافية حتى يثق الناخبون بالعملية الانتخابية. يمتد هذا الإيمان بالديمقراطية أيضًا إلى عملية التصويت. حاليًا، تمنح الهيئة الانتخابية الولايات ذات الكثافة السكانية المنخفضة قدرًا غير متناسب من السلطة. على سبيل المثال، تحصل ولاية كاليفورنيا (California) المكتظة بالسكان على ناخب واحد لكل ٧١٣،٦٣٧ شخصًا بينما تحصل ولاية وايومنغ (Wyoming) على ناخب واحد لكل ١٩٥،١٦٧ شخصًا.
في الماضي القريب، تم بالفعل انتخاب رئيسين على الرغم من عدم فوزهما في التصويت الشعبي. في كل مرة يحدث ذلك، يفقد المزيد من الناس الثقة في الديمقراطية ويبدأون في الاعتقاد بأن النظام مزور. إذا كانت الولايات المتحدة تأمل في تخفيف التوترات، فإن الديمقراطية تحتاج إلى التعزيز. هذا ضروري لإعداد الأمة لما ينتظرنا في المستقبل.
الملخص النهائي – الرسالة الرئيسية في هذه الومضات:
هناك اقتصاد جديد يلوح في الأفق: اقتصاد رقمي يعتمد على الروبوتات الآلية والذكاء الاصطناعي التي تؤدي معظم المهام التي تشكلها معظم الوظائف اليومية. للاستعداد لهذه الحتمية، نحتاج إلى إعادة التفكير في كيفية تحديد الوظائف التي نعتبرها جديرة بالأجور والمزايا.
*تمت الترجمة بتصرف.
**المصدر: منصة الوميض (Blinkist) وهي منصة تقوم بتلخيص الكتب ، ومكتبتها تحتوي على آلاف الكتب ويشترك في هذه المنصة الملايين من القراء.