How the brain gives rise to cravings: neuromarker sheds new light
(بقلم: مالوري لوكلير – Mallory Locklear)
كشف باحثو جامعة ييل النقاب عن نمط من نشاط في الدماغ يتنبأ بالرغبة الملحة للأكل وتعاطي المخدرات، والتي يمكن اعتبارها بصمة بيولوجية قد تكون أداة قيمة تساعد على علاج الإدمان.
من المعروف أن الرغبة الشديدة (craving) (الرغبة الملحَّة التي تنطوي على نهم لا يمكن اشباعه ولا السيطرة عليه(1)) هي عامل رئيس من عوامل اضطرابات تعاطي المخدرات(2) ويمكن أن تزيد من احتمالية تعاطي المخدرات أو الانتكاس [العودة إلى التعاطي بعد ترك المخدر والتعافي منه(3)] في المستقبل. ومع ذلك فإن الأساس العصبي للرغبة الملحة – أو كيف تتمخص عن الدماغ رغبة ملحة – غير مفهوم فهمًا جيدًا.
في دراسة جديدة، باحثون من جامعة ييل وجامعة دارتماوث (Dartmouth) والمركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية (CNRS) تعرفوا على نمط نشاط دماغي ثابت، أو علامة عصبية (مؤشر عصبي(4)) للرغبة الملحة للمخدرات وللطعام(5). نشرت النتائج التي توصلوا إليها في 19 ديسمبر 2022 في مجلة نيتشر نيوروساينس [Nature Neuroscience(6)].
يقول الباحثون إن هذا الاكتشاف قد يكون خطوة مهمة نحو فهم الأساس العصبي للرغبة الملحة والإدمان في الدماغ باعتباره اضطرابًا من اضطرابات الدماغ وكيف يمكن أن يُعلًاج الإدمان بشكل أفضل في المستقبل. ما هو أهم من ذلك هو أنه يمكن استخدام هذا المؤشر العصبي(4) أيضًا لتمييز متعاطي المخدرات من غير متعاطيها، مما يجعل هذا المؤشر ليس فقط مؤشرًا عصبيًا على الرغبة الملحة، بل أيضًا يمكن استخدامه يومًا ما في تشخيص اضطرابات تعاطي المخدرات(2).
بالنسبة للكثير من الأمراض، هناك مؤشرات حيوية (بيلوجية)(7) يمكن للأطباء استخدامها لتشخيص وعلاج المرضى. لتشخيص مرض السكري، على سبيل المثال، يفحص الأطباء المؤشر البيولوجي في الدم، يسمى بفحص خضاب الدم السكري A1C(8).
“تتمثل إحدى فوائد وجود مؤشر حيوي ثابت لأحد الأمراض في أنه يمكن بعد ذلك إعطاء نتيجة فحص أي شخص ويقال له حينئذ إنه إمَّا مصاب أو غير مصاب بذلك المرض”. حسبما قالت هيدي كوبر (Hedy Kober) ، الأستاذ المساعد في الطب النفسي في كلية الطب بجامعة ييل ومؤلفة الدراسة. “ليس لدينا علامات بيولوجية بعدُ لسيكلوجيا الامراض (psychopathology) [وهي الدراسة العلمية للاضطرابات النفسية بما فيها الاسباب الوراثية والبيولوجية والنفسية والاجتماعية(9)] وبالتأكيد لا توجد علامة حيوية للإدمان” ، كما تقول هايدي.
لمعرفة ما إذا كان يمكن اعتماد مثل هذا المؤشر العصبي للرغبة الملحة، كوبر وزملاؤها – ليوني كوبان (Leonie Koban) من المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية (CRNS) وتور ويغر (Tor Wager) من كلية دارتموث -استخدموا خوارزمية التعلم الآلي. كانت فكرتهم تتمحور حول ما إذا كان لدى كثير من الناس، ممن يشعرون بمستويات متشابهة من الرغبة الملحة، نفس النمط من النشاط في الدماغ، فقد تستطيع خوارزمية التعلم الآلي جس هذا النمط واستخدامه للتنبؤ بمستويات الرغبة الملحة بناءً على صور الدماغ.
استخدم الباحثون لهذه الدراسة بيانات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) – التي تعطي تصورًا عن نشاط الدماغ – والتقييمات المبلغ عنها ذاتيًا للرغبات الملحة من 99 شخصًا لتدريب واختبار خوارزمية التعلم الآلي. جمعت بيانات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي أثناء مشاهدة أشخاص – وهم ممن عرّفوا أنفسهم على أنهم إما متعاطو مخدرات أو غير متعاطين – صور مخدرات وأطعمة شهية جدًا. ثم قام هؤلاء المشاركون في التجربة بتقييم مدى رغبتهم الملحة بالأشياء التي شاهدوها.
الخوارزمية تعرفت على نمط نشاط في الدماغ يمكن استخدامه للتنبؤ بشدة الرغبة الملحة للمخدرات والطعام من صور الرنين المغناطيسي الوظيفي فقط. نمط نشاط الدماغ الذي لاحظه الباحثون – والذي أطلقوا عليه مصطلح “بصمة الرغبة الملحة البيولوجية العصبية (NCS)” – يشمل النشاط في العديد من مناطق الدماغ، والتي ربطت دراسات سابقة بعضها بتعاطي المخدرات وبالرغبة الملحة. غير ان بصمة الرغبة الملحة البيولوجية العصبية (NCS) توفر أيضًا مستوى جديدًا من التفاصيل تبين كيف يمكن للنشاط العصبي داخل المناطق الفرعية من مناطق الدماغ هذه أن يتنبأ بمستوى الرغبة الملحة.
“هذا المؤشر العصبي يعطينا فهمًا دقيقًا جدًا عن مدى تفاعل هذه المناطق الدماغية مع الشعور الشخصي بالرغبة الملحة والتنبؤ بها” ، كما قالت كوبر.
كشفت بصمة الرغبة الملحة البيولوجية العصبية (NCS) أيضًا أن استجابات الدماغ لكل من صور المخدرات والطعام كانت متشابهة، مما يشير إلى أن الرغبة الملحة في تعاطي المخدرات تأتي من نفس الشبكات العصبية التي تنبثق منها الرغبة الملحة في تناول الطعام. الأهم من ذلك، هذا البصمة قادرة على التمييز بين متعاطي المخدرات وبين غير متعاطيها بناءً على استجابات أدمغتهم لصور المخدرات، ولكن لا تنطبق الحالة على التمييز بين متناولي الطعام وبين غير متناوليه.
“هذه النتائج ليست خاصة بمخدر واحد لأننا قمنا بادراج مشاركين ممن يتعاطون الكوكايين ويشربون الكحول ويدخنون السجائر، وتتنبأ بصمة الرغبة الملحة البيولوجية العصبية (NCS) بالرغبة الملحة لجميع هذه الأشياء” ، بحسب كوبر. “لذا، فهي بالفعل تصلح كمؤشر حيوي (بيولوجي) على الرغبة الملحة والإدمان. هناك شيء مشترك بين جميع اضطرابات تعاطي المخدرات يستحوذ على المتعاطي في لحظة وجود هذه الرغبة الملحة”.
أشار واغر أيضًا إلى أن العمليات الانفعالية وعمليات الرغبات / الدوافع [الخطوات التي يأخذها الكائن الحي بعد وجود الدافع الى الاقدام على الفعل حتى تتحقق تلك الرغبة / الدافع motivational process(9)] التي قد تبدو متشابهة تشترك فيها مسارات دماغية مختلفة في الواقع ويمكن قياسها بأساليب مختلفة.
“ما نراه هنا هو أنها ليست على الأرجح بصمة عامة صالحة لكل” حافز يعزز استجابة مرغوبة في الكائن الحي (مثلُا، الانسان هنا) والمعروفة بالمكافأة (reward)” ، “ولكنه شيء انتقائي (خاص) بالرغبة الملحة للطعام والمخدرات”.
بالإضافة إلى ذلك، بصمة الرغبة الملحة العصبية (NCS) توفر لنا هدفًا جديدًا في الدماغ لفهم كيف تتأثر الرغبة الملحة للطعام وللمخدرات بالسياق أو بالحالات الانفعالية (المشاعرية / العاطفية). “على سبيل المثال، يمكننا استخدام بصمة الرغبة الملحة البيولوجية العصبية (NCS) في الدراسات المستقبلية لقياس تأثير الشعور بالضغط النفسي أو المشاعر السلبية في زيادة مستوى الرغبة الملحة في تعاطي المخدرات أو بالانغماس في تناول الشوكولاتة التي يفضلها الناس” ، كما قالت كوبان.
تلاحظ كوبر أنه على الرغم من أن بصمة الرغبة الملحة البيولوجية العصبية (NCS) واعدة، إلَّا أنها تحتاج إلى مزيد من التحقق من مدى صحتها وهي ليست بعدُ جاهزة للاستخدام السريري. هذا الهدف سيتحقق على الأرجح بعد سنوات قليلة. تعمل كوبر الآن – جنبًا إلى جنب مع فريقها والمتعاونين معها – لفهم شبكة مناطق الدماغ هذه بشكل أعمق ومعرفة ما إذا كان بإمكان بصمة الرغبة الملحة البيولوجية العصبية (NCS) التنبؤ بمدى استجابة أولئك الذين يعانون من اضطرابات تعاطي المخدرات للعلاج. وقالت إن هذا سيجعل من هذا المؤشر العصبي أداة قوية لتوجيه استراتيجيات العلاج.
“أملنا هو أن الدماغ، وتحديداً بصمة الرغبة الملحة البيولوجية العصبية (NCS) كمؤشر بيولوجي ثابت، يسمح لنا ليس فقط بتشخيص من لديه اضطراب تعاطي مخدرات ومعرفة التباين في مخرجات هؤلاء الأشخاص، ولكن أيضًا من منهم سيستجيب لعلاجات معينة”.
مصادر من داخل وخارج النص:
1- https://www.psychologytoday.com/us/blog/the-power-slow/201309/the-difference-between-craving-and-desire
2- “اضطراب تعاطي المخدرات هو تعاطي نوع أو أكثر من المخدرات والذي يؤدي لعجز وألم اكلينيكي خطير. يعود اضطراب تعاطي المخدرات إلى استخدامها المفرط أو الاعتماد عليها، ممّا يؤدي إلى آثار ضارة بصحة الفرد الجسدية والعقلية ومصلحة الآخرين” ، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/اضطراب_تعاطي_المخدرات
3- https://en.wikipedia.org/wiki/Relapse
4- “العلامة العصبية (neuromarker): علامة بيولوجية تعتمد على بيانات علوم عصبية، مثل التصوير العصبي (neuroimaging). العلامات العصبية هي علامات بيولوجية دالة على وجود مرض أو حالة عصبية أو على تطورها. وهي بشكل عام نماذج إحصائية تزودنا باحتمال موضوعي لمدى وجود حالة معينة. قد تتألف العلامات العصبية من متغير واحد، أو من نماذج معقدة متعددة المتغيرات” ، ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان: https://www.frontiersin.org/articles/10.3389/fpsyt.2018.00242/full
5- “الرغبة الشديدة (الملحة) في الطعام (تسمى أيضا الجوع الانتقائي) هي رغبة ملحة في تناول طعام معين، وهي تختلف عن الجوع العادي. قد تكون هذه الرغبة لها علاقة بجوع معين أو ليس لها علاقة به، فالدافع لتناول عناصر غذائية معينة خضعت للدراسات بشكل جيد في الحيوانات. غالبًا ما تتصدر الشوكولاتة وحلويات الشوكولاتة في دراسات الرغبة الملحة قي تناول الطعام” ، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/الرغبة_الشديدة_في_الطعام
6- https://www.nature.com/articles/s41593-022-01228-w
7- https://ar.wikipedia.org/wiki/واسم_حيوي
8- https://ar.wikipedia.org/wiki/اختبار_الهيموغلوبين_الغليكوزيلاتي
9- https://ar.wikipedia.org/wiki/علم_نفس_الأمراض
10- https://explorable.com/process-of-motivation
المصدر الرئيس:
https://news.yale.edu/2022/12/19/how-brain-gives-rise-cravings-neuromarker-sheds-new-light