Timing matters for medications – your circadian rhythm influences how well treatments work and how much they might harm you
(بقلم: توبياس إيكل، بروفسور التخدير ، كلية الطب، جامعة كولورادو – Tobias Eckle)
[قدم وراجع للترجمة غسان علي بوخمسين، صيدلاني أول، مستشفى جون هوبكنز]
مقدمة غسان علي بوخمسين – كيف يمكن لوقت تناول الدواء فعالية غير متوقعة؟
بدأ مفهوم العلاج الزمني (Chronotherapy) بالبروز في السنوات الأخيرة وهو مفهوم جديد نسبياً في علم الأدوية، ويهدف الى تحديد وقت إعطاء / تناول الدواء من اليوم وفقًا لتعبير المستقبلات / الجينات المستهدفة، لتحقيق أقصى قدر من الفعالية العلاجية وتقليل الآثار الجانبية.
من المحتمل أن يكون هذا مناسبًا لمعظم الذين يتناولون الأدوية الموصوفة، حيث أن أكثر من نصف الأدوية الأكثر مبيعًا في الولايات المتحدة تستهدف الجينات المتذبذبة.
أمثلة على فوائد العلاج الزمني ظهرت في مجالات علاج القلب والأوعية الدموية والأورام. في دراسة {MAPEC(1)} أدى تناول الأدوية الخافضة لضغط الدم إلى تحسين التحكم في ضغط الدم وانخفاض احتمال الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية مقارنة بما لو تم تناولها في الصباح. علاوة على ذلك، أظهرت النماذج التجريبية أن وقت الجرعات لأكثر من 30 دواءً تستخدم للأورام السرطانية يؤثر في فعاليتها وسميتها بنسبة تفوق 50٪.
بيانات العلاج الزمني لأدوية هشاشة العظام محدودة ولكنها تشير إلى أن وقت التناول قد يزيد من مستوى سلامة دواء (رالوكسيفين Raloxifene – يستخدم لعلاج هشاشة العظام) والتأثير العلاجي (تيريباراتيد Teriparatide – يستخدم أيضًا لعلاج هشاشة العظام). في دراسة أجريت على 39 امرأة يابانية، بعد انقطاع الطمث لديهن اصبن بهشاشة العظام وعيٍّن عشوائيا على 60 ملغ من دواء رالوكسيفين في الصباح أو المساء. تشير هذه البيانات إلى أنه على الرغم من أن الفعالية متشابهة بين نتائج تناول رالوكسيفين في الصباح وبين نتائج تناوله في المساء، إلا أن الجرعات المسائية ربما كانت أكثر أمانا. ومن جهة آخرى حققت النساء المصابات بهشاشة العظام بعد انقطاع الطمث عنهن مكاسب أكبر في معالجة مرض دوشين (Duchenne muscular dystrophy)، (مرض يؤدي الى ضمور العضلات) عندما تناولن دواء تيريباراتيد في الصباح، مقارنة بتناولهن نفس الدواء في المساء.
هذا الحقل من حقول علم الأدوية واعدا جداً، وله تطبيقات عديدة، ويمكن الاستفادة منه في تحقيق الاستفادة في زيادة فعالية الأدوية وتقليل الأعراض الجانبية منها.
( الموضوع المترجم )
تخضع جميع الكائنات الحية على الأرض لدورة نهارية ليلية مدتها 24 ساعة. هذه الدورة هي السبب الذي يجعل الناس يهجعون في ظلام الليل وينشطون في ضوء النهار. وبالتالي، فإن جميع وظائف الجسم عند البشر تخضع أيضًا لهذا الإيقاع اليومي(2). توقيتات السلوكيات اليومية مثل التمارين أو تناول الطعام قد تؤثر بشكل كبير في الصحة. على سبيل المثال، تناول الطعام في الليل(3) قد يؤدي إلى زيادة في وزن الجسم بمرور الزمن بما أن الأكل يستفاد منه أثناء النهار لمزاولة الأنشطة، فقد يؤدي تناول الطعام في الليل إلى زيادة تخزين الدهون لأن الجسم يتوقع أن هذه الفترة هي فترة سبات.
عندما يتناول شخص أدويته يتأثر أيضًا بنظْمه اليومي (ساعته البيولوجية)(4). العديد من مستهدفات الأدوية(5) في الجسم تخضع لدورة زمنية مدتها 24 ساعة. وهذا يعني أن البروتينات المعينة التي صمم الدواء لتعديلها يمكن أن تتفاعل بشكل مختلف مع الدواء باختلاف زمن تناولها في دورة الـ 24 ساعة. نظرًا لأن استجابة الجسم للدواء يمكن أن تختلف بناءًا على ما إذا كان تناوله خلال النهار أو في الليل. فمن المنطقي أن تناول الأدوية في أوقات محددة يمكن أن يساعد في زيادة نجاعتها وتقليل الآثار الجانبية (الأعراض الجانبية) غير المرغوب فيها.
عندما يصف الأطباء دواءً للمرضى، نادرًا ما يأخذون في الاعتبار أفضل أوقات تناوله(6). هناك سببان رئيسيان لهذه الغفلة من جانب الأطباء. السبب الأول: العديد من الأطباء لا يدركون أن بعض الأدوية تعمل بشكل أفضل (تكون أفضل نجاعة) خلال وقت معين من اليوم. والسبب الثاني: معظم الأدوية لم تخضع للدراسة بحثًا عن تأثيرات مختلفة محتملة خلال دورة الـ 24 ساعة. على هذا النحو، يُوصَى المرضى بتناول معظم الأدوية خلال الصباح أو المساء حتى يُضمن في المقام الأول امتثالهم لتوصية الأطباء.
على مدى سنوات عديدة قمت أنا والفريق البحثي في مختبري بدراسة المعالجة الزمنية (chronotherapy) [وهي تنسيق الإيقاعات البيولوجية مع العلاج الطبي(7)]، أو كيف يؤثر الوقت من اليوم في تطور مراحل المرض [من الإصابة الى التعافي] ونجاعة العلاج. في بحثنا المنشور مؤخرًا(8)، وجدنا أن استخدام مهدئ (sedative) معين في الليل يمكن أن يزيد من احتمال قصور القلب.
عقاقير المعالجة الزمنية
مفهوم المعالجة الزمنية (chronotherapy) مفهوم ليس جديدًا. على سبيل المثال، منذ أكثر من 50 سنة، وجد الباحثون أن دواء سيمفاستاتين (simvastatin) لعلاج الكوليسترول(9) أنه أكثر نجاعة(10) في خفض مستويات الدهون الثلاثية والكوليسترول عند تناوله في الليل، وليس أثناء النهار. وذلك لأن إنزيم الكبد الذي تستهدفه هذه الأدوية يصبح أكثر نشاطًا في الليل. نتيجةً لذلك، توصي إدارة الغذاء والدواء بتناول دواء الـ سيمفاستاتين في المساء.
وبالمثل، أثبتت الأبحاث في التسعينيات من القرن الماضي أن أخذ الوقت من اليوم في الاعتبار عند اعطاء (العلاج بـ) توليفة من العلاج الكيميائي [توليفة مكونة من دوائين أو أكثر من الأدوية المضادة للسرطان] يمكن أن يزيد من نجاعة العلاج ويقلل من سميّته بالنسبة لمرضى سرطان القولون والمستقيم(11). وذلك لأن الخلايا السرطانية تنقسم بمعدلات (سرعات) مختلفة باختلاف الأوقات في اليوم. وكذلك معدل استقلاب الجسم للعقاقير أيضًا يختلف باختلاف الأوقات في الـ 24 ساعة.
شاهد مقطع فيديو عن كيف يعالج الجسم اجرائيًا الدواء:
الأمثلة الأخرى تشمل دواء أوميبرازول (omeprazole) لتخفيف الحمض المعدي (المعدة) الذي يُصرف بدون وصفة طبية(12) وأدوية ضغط الدم(13) التي تكون على التوالي أفضل نجاعة عند تناولها قبل النوم أو في المساء .
العديد من العوامل قد تؤثر في مدى نجاعة الدواء بالنسبة لكل شخص
تناول الأدوية في الوقت الخطأ قد يسبب ضررًا. تساءلت أنا وزملائي عما إذا كان دواء الـ ميدازولام (midazolam)، المهدئ الأكثر شيوعًا المستخدم في العمليات الجراحية في جميع أنحاء العالم ، قد يتعارض مع الساعة البيولوجية التي تقي القلب أثناء الليل(14). في الوقت الحالي، لا توجد إرشادات بخصوص تحديد وقت إعطاء / تناول الميدازولام.
عندما قمنا بتحليل البيانات من 50 مؤسسة طبية لحدوث فشل / قصور في القلب أثناء العمليات الجراحية من عام 2014 إلى 2019، وجدنا أن تناول الـ ميدازولام أثناء العمليات الجراحية الليلية قد يزيد من احتمال قصور القلب لدى المرضى بأكثر من ثلاثة أضعاف(15).
تحديد وقت تناول الأدوية مهم
هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لمعرفة أفضل الأوقات لأخذ علاجات للأمراض المختلفة. أخذ الوقت من اليوم في الاعتبار قد يتطلب تغيير تركيب بعض الأدوية(16) التي يستمر مفعولها لأكثر من 24 ساعة في الجسم.
اعتبارًا من عام 2019، قدمت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) توصيات لأربعة أدوية(16) فقط من مجموع الخمسين دواءً التي تُوصف حاليًا والتي يتعين إعطاؤها في وقت محدد من اليوم. بالنظر إلى أن أفضل 10 أدوية في الولايات المتحدة تساعد فقط بين 1 من كل 25 مريضًا إلى 1 من كل 4 مرضى يتناولونها، أعتقد أن أخذ تحديد وقت لتناول الدواء في الاعتبار يمكن أن يساعد في جعل العلاجات أكثر نجاعة ويستفيد منها المزيد من المرضى في جميع أنحاء العالم.