تصميم العمل الفني: صادق علي القطري

اصل تسمية تاروت “بتاروت” واسطورة “ملحمة جلجامش وعشتار” – صادق علي القطري

لا يختلف اثنان في قدم تاريخ جزيرة تاروت فتاريخها عتيق عتق التاريخ ، فبحسب الباحث عبد الخالق الجنبي الغني عن التعريف يقول: “إن الجزيرة حظيت باهتمام علماء الآثار الأوروبيين فعندما جاءت البعثات الدنماركية الاستكشافية إلى دول الخليج مستكشفة ما في بطون أراضيها من آثار، فوجئوا بالمستوى الأثري الكبير الذي ينطوي عليه باطن جزيرة تاروت، مما جعل رئيس البعثة جيوفري بيبي يقرر أن هذه الجزيرة ليست مجرد أقدم منطقة في السعودية، بل أقدم موقع لمدينة في الخليج”، ولم يخفِ هذا الباحث حسرته لعدم تمكنه من التنقيب كما يشتهي في التل الشهير الذي تقوم عليه قلعة تاروت.

حمام تاروت – لوحة فنية بريشة الفنان التشكيلي محمد المصلي

في الآونة الأخيرة دار الكثير من الجدل حول اصل التسمية “تاروت” حيث يذهب أكثرية الباحثين وعلماء الاثار الى اصل التسمية نسبة الى “الالهة عشتار- انانا -عينانا” وهي الآلهة التي كانت تُعبد من قبل البابليين والكنعانيين والفينيقيين ويرجع البعض الاخر الى التسمية الى قصة الملكان المذكوران في القران الكريم هاروت وماروت حسب ما ورد في مقال للسيد “ازهر عبدالله التوبي” من هيئة التراث بالمنطقة الشرقية ونشره في موقع الخط “القطيف اليوم” بتاريخ “12 ديسمبر 2021” ومصدر المقال مرفق ضمن المصادر.

وانا هنا ليست اثبت ولا انفي صحة هذا الرأي او ذاك ولكني وللأمانة العلمية أحببت طرح كل الآراء لكي يتسنى للباحثين وعلماء الاثار ان يدلوا بدلوهم ولكي يثروا الساحة بآرائهم وادلتهم العلمية وترجيح الاصح منها مهما كان.

اصل التسمية الأكثر شيوعا وتداولا:

يعتقد ان تسمية تاروت اشتقت من اسم “الالهة البابلية” “عشتار – انانا – عينانا” (2500 عام قبل الميلاد) والتي يعتقد حسب الاساطير البابلية ان هذه الاّلهة تتكون من ثلثين اّلهة وثلث انسان. وقد وُصفت:

“بانها شابة ممتلئة الجسم، ذات صدر نافر، وقوام جميل، وخدَّين مُفعمين بالحيوية، وعينين مُشرقتَين. يتوفَّر فيها، إلى جانب جمالها الأخّاذ، سمو الروح، مع رهافة الطبع، وقوة العاطفة، والحنو على الشيوخ والأطفال والنساء. في فمها يكمن سرُّ الحياة، وعلى شفتيها تتجلى الرغبة واللذة، ومن أعطافها يعبق العطر والشذا، ويكتمل بحضورها السرور، ويشيع مع ابتسامتها الأمن والطمأنينة في النفوس. غالبا ما نشاهدها وهي تجوب الحقول بخفَّة ورشاقة، فتتفجَّر الينابيع من خلفها بالماء والعطاء، وتُزهر الأرض بالسنابل والنماء”.

احد المجسمات للآلهة عشتار “انانا -عينانا” والذي اكتشف في العراق ويعود الى حضارة بلاد ما بين النهرين. مصدر الصورة: https://almadasupplements

كذلك يعتقد انها من بنى المعبد على تلة تاروت “قلعة تاروت” حيث يعتقد ان المعبد ما زال مدفونا تحث القلعة بعد ان نفاها الملك الإلهة جلجامش من مملكتها في بلاد ما بين النهرين، واشتق اسم تاروت من اسم الملكة والمعبد (عشتا روت)، والذي يعني في اللغة السامية “الخير والجمال” وفي نفس الوقت عززت هذه الفرضية باكتشاف تمثال كامل من تحت انقاض هذا المعبد أثناء أعمال التنقيب والحفريات في منتصف القرن الماضي والذي يعتقد أنه للملكة عشتار.

وهذا التمثال “منحوت من الحجر الجيري القاسي القشطي اللون من الحجارة المحلية المتوفرة في المنطقة، يبلغ ارتفاعه 94 سم وهو على شكل رجل يتراوح عمره ما بين أربعين إلى خمسين سنة، وهو منتصب حليق الرأس والوجه، عاري الجسد ويشد حول خصره حزام بارز من ثلاث لفات، وفي أسفل البطن يظهر العضو التناسلي. يداه على صدره، الكف الأيمن فوق الكف الأيسر بوضوح الأصابع والأظافر كما أن عظام القفص الصدري أسفل الرقبة تشكل الرقم 7 الهندية، مرافق اليدين مدببة وبارزة للخارج وتكوين الفراغ بين الذراعين والصدر وتحت الإبط. الرأس لا رقبة لها تقريباً والوجه بملامح حسنة التنفيذ والتي لا ينقصها التعبير وبأذنان بارزتان للخارج عليهما تجاويف الأذن وعينان غائرتان يحيطهما بروز نافر، الفم كبير بعض الشيء مما يوحي بأنه يتلو تراتيل دينية لكن عليه بعض التلف مع الأنف الذي تحصل على أكبر نسبة من التلف، الساقين ينفصلا عن بعضهما عند الركبة، وبقدمين مفقودتان أما الظهر فيظهر عليه ملامح العمود الفقري بخط غائر محفور بوضوح ويقسم الظهر إلى نصفين كما أن الحزام في أسفل الظهر وانحناء بسيط بين الفخذ والساق ليكون زاوية بسيطة أو انحناء بسيط خلف الركبة. هذا التمثال مكسور من الرقبة والخصر وهو مرمم.

لقد نحت هذا التمثال بعناية ليمثل الخادم العابد وهو في وضعية الصلاة والخشوع التام والتضرع للآلهة وقد جمع بين أسلوب التجريد ومحاكة الطبيعة وهو أسلوب وفن ذو أبعاد ثلاث وهو شبيه بتماثيل المتعبدين السومرية التي وجدت في بلاد الرافدين في مواقع مختلفة مثل تل الحريري وتل خفاجة وتل أسمر والتي تعود إلى النصف الأول من الألف الثالث قبل الميلاد من عصر ميسلم أو قريب منه، لكن بملامح قد تكون اقرب إلى السامية.

لا يعتقد بأن هذا التمثال قد جلب من بلاد الرافدين وانه قد نحت هناك وذلك أن هذا الحجر من الحجارة المحلية في المنطقة. هذا التمثال لا يحتوي على أي كتابة مثل معظم التماثيل في بلاد الرافدين والتي تعود إلى نفس الحقبة وهو ليس التمثال الوحيد المكتشف في الجزيرة أو في المنطقة الشرقية لكن قد يكون من أقدمها.

تمثال “الخادم العابد”

وقد يعتبر هذا التمثال نذرا لشخص ما من سكان الجزيرة كما أن عملية حلق شعر الرأس قد تكون من الطقوس التعبدية لأهل المنطقة قديماً والتي لا يُعرف عنها الكثير، كما أن وقوفه عارياً قد يمثل وقوفه أمام الإله في وضعية الخادم أو الزاهد العابد الفقير، وقد يكون هذا التمثال أيضا بديلاً سحرياً بدافع ديني وان فتح الفم لإلقاء الشعائر الدينية تخدم دون انقطاع الشخص الذي وهبها نحو حياة خالدة”. وهذا التمثال يعرض الان في المتحف الوطني في الرياض.

تمثال “الخادم العابد”
تمثال سومري اكتشف في جزيرة تاروت وعثر علية احد المواطنين ولم يعرف مكان اكتشافه. المصدر: https://khlijm.com/20504/

كذلك اكتشاف لوح طيني مسماري يعود الى حضارة بلاد ما بين النهرين ويعود الى القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد حيث تضمن العديد من أسماء آلهة بلاد ما بين النهرين ومن بينهم اسم البطل الإلهي جلجامش (حسب رواية الأسطورة) بالإضافة إلى أسماء سبع آلهة صغيرة.

ويعتقد انه من القطع الاثرية المسروقة حيث يعرض الان في متحف متروبوليتان للفنون بنيو يورك ويحمل الرقم التسلسلي (# 86.11.357.2007).  وهذا يثبت ان قلعة تاروت ذات ارتباط تاريخي بالملكة عشتار وهذه الاكتشافات تعزز صحة تسمية تاروت نسبة لعشتار “عشتا روت” اكثر من الآراء الاخرى.

لوح طيني مسماري مكتشف في قلعة تاروت  الصورة: http://www.ipernity.com/doc/laurieannie/24661809

كذلك يشير الباحث التاريخي جلال الهارون، أن علماء التاريخ والآثار يرون أن اسم الجزيرة “تاروت” له دلالات تاريخية وحضارية كبيرة، فقد ورد أيضاً في خرائط قدماء الإغريق واليونان على النحو الآتي “تارو”، ويعود بجذوره إلى الحضارات الأولى التي نشأت في العراق مثل الحضارة السومرية والآشورية والأكادية والكنعانية والفينيقية، وهذا المسمى تاروت أو “تارو” أو “اش تار”، كلها أسماء للآلهة التي كانت تعبد وتقدس عند هذه الشعوب، وبذلك يقدر العلماء عمر إطلاق هذه التسمية على الجزيرة بنحو 3 آلاف سنة قبل الميلاد على أقل تقدير. وأوضح، “أن ما يعزز هذه الاستنتاجات وجود مسميات أخرى قديمة لهذه الجزيرة في النصوص الإغريقية واليونانية المبكرة والسريانية، التي تطلق على الجزيرة ذاتها مسمى مرادف لجزيرة تاروت، وهي جزيرة تيرين أو دارين، وهذا المسمى لا يزال من أسماء هذه الجزيرة أيضاً”.

وبالرجوع الى ملحمة جلجامش (Gilgamesh) والتي ارتبطت بها الاّلهة “عشتار – انانا – عينانا” فهي رواية من بلاد الرافدين حيث انها تعتبر أقدم الأعمال الأدبية المكتوبة في العالم على الاطلاق.  حيث كُتبت هذه الملحمة على اثنا عشر لوحاً طينياً بخط مسماري، ويوجد أكثر من نسخة منها أقدمها يعود للحقبة السومرية، ولكن أكثرها اكتمالاً يعود للحقبة البابلية. وكتبت وأرخت منذ حوالي 2500-2800 سنة قبل الميلاد من قبل كاهن اسمه “شين أيقي أونيني”.

تمثال ” جلجامش ” بطل ملحمة جلجامش وملك اوروك. تم العثور عليّه في قصر الملك الآشوريّ سرجون الثاني (721-705 ق.م) في دور شروكين شمال المَوصِل. التِمثال الأن متواجد في متحف اللوفر في العاصمة الفرنسية باريس. مصدر الصورة: https://www.facebook.com/1472514136375780/posts/2374228299537688
احد الواح ملحمة جلجامش الطينية التي كتبت بالخط المسماري. مصدر الصورة: https://greatbooksguy.com/2014/12/08/the-walls-of-gilgamesh/

والاّلهة “عشتار أو إنانا او عينانا” في المصادر السومرية، هي اّلهة رئيسية في بلاد الرافدين، وتكمن أهمية الإلهة (عينانا) في أن الإنسان أدرك منذ القدم أن بقاءه يتوقف على أمرين أساسيين هما الغذاء والتناسل. فبدون الغذاء يموت الإنسان جوعاً، وبدون التناسل يفنى الجنس البشريّ تماماً.

وقد جمعت “عشتار – انانا – عينانا” في شخصها الخصبَ والحميمية معا؛ فهي، من ناحية، تمثّل خصب الطبيعة بمياهها ونباتاتها وحيواناتها وهكذا يتوفر الغذاء للإنسان، كما تمثّل، من ناحية أخرى، الرغبة الحميمية التي ينتج عنها الاتصال البشري الحميمي فيضمن الإنسانُ تناسلَه وتكاثرَه.

هذه الاّلهة القوية من بلاد الرافدين هي أول اّلهة من الاساطير السومرية وثقت توثيقا جيدا عبر الالواح الطينية المكتوبة باللغة المسمارية، والتي كان لها دور مهم ومعقد في ديانات الشرق الأدنى القديم وحضاراته. فقد انتقلت عبادتها من السومريين إلى الأقوام الأخرى التي احتكت بهم أو تأثرت بثقافتهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة، كالأكديين الذين سمّوها “عشتار”، وشعوب جنوب الجزيرة العربية الذين أطلقوا عليها لقب “عثار أو عطار”، والكنعانيين والعبرانيين الذين سمّوها “عاشرا أو عشتروت”، وورد اسمها “أستر” في التوراة، والإغريق الذين لقبوها بـ “إفروديت”، والرومان الذين جعلوها “فينوس”.

ونظراً لأن الأكديين “البابليين والآشوريين” هم الذين سيطروا على بلاد سومر منذ عام 1750 ق.م.  فقد ورّثوا ثقافتهم لمن بعدهم، فإن الاسم الأكدى “عشتار” هو الذي شاع بين أهالي البلاد.

وفي كتاب الدكتور فاضل عبد الواحد “عشتار ومأساة تموز” الذي هو من إصدار دار الشؤون الثقافية، بغداد طبعة ثانية عام 1986 يبن الكاتب معنى كلمة “عشتار”  والتي تعني الإلهة بصورة عامة وتعني أيضاً المعبودة الشخصية أو تمثالها والتي كان يتخذ منها الفرد قديماً وسيلة بينه وبين الآلهة الأخرى، واشتق من الاسم الصفة (lshtaretu) بمعنى “المقدسة” التي أصبحت أحد نعوت الإلهة عشتار”ص 22 و 23″، هذا التوضيح المبسط والكامل حول عشتار يجعل المتلقي يأخذ العديد من المعلومات التي تتعلق بعشتار، ويستطيع أن يستوعب العديد من الأفكار التي تتعلق بها، وهذا إحدى ميزات الكاتب الذي يعتمد تناول المواضيع من جميع جوانبها وليس القفزـ إن كان تهرباً أم قناعة بأن المتلقي على دراية وعلم وافٍ، وتم رسم صورتها على شكل قصبتين فيهما انحناءة في الأعلى، وأحياناً أخرى بصورة نجمة ثُمانيّة.

حتى أن الكتابة المسمارية استخدمت النجمة الثُمانيّة كتعبير عن كلمة إله أو آلهة، وقد تم تصويرها بهدة الصورة:

[المفعمة بالحيوية والسحر والرغبة، حلوة الشفتين وفي فمها يكمن سر الحياة، يا من بظهورها يكتمل السرور، قوامها جميل وعيناها مشرقتان، ومن نظراتها تنبعث الفرحة والعظمة والطمأنينة، عسى أن تمنحك انانا زوجة دافئة، الأطراف تضطجع لك، وعسى أن تمنحك أولاداً أقوياء السواعد، وإن تجد لك منزلاً سعيداً “ص 45 و 46 و 47” من نفس الكتاب المذكور].

على هذه الصورة كانت الإلهة “عشتار- انانا – عينانا”، وكأن المجتمع العراقي القديم كان يجعل منها رمزاً لكل امرأة جمليه، تأخذ المثل الأعلى للجمال، وأيضاً نجد في الوصف السابق ما هو مادي يُشاهد بالعين المجردة، مثل الجمال، وما هو نفسي، يترك أثراً في النفس، ونجد في النص السابق بأنها من يجمع الرجل والمرأة على فراش الزوجية وهي من تجعل البيوت سعيدة وعامرة بالأولاد الأصحّاء الأقوياء، فكل ما يتعلق بالأسرة مرتبط بعشتار.

وملحمة جلجامش تروي رحلة البطل الشاب جلجامش، وهو ملك نصف إله لمدينة أوروك. ففي النسخة البابلية التقليدية لملحمة جلجامش، تظهر عشتار بوضوح في اللوح السادس، فبعد عودة جلجامش وانكيدو إلى الوركاء منتصرين، أقاموا احتفالاً لهذا الانتصار، فتزين جلجامش ولبس تاجه وصقل سيفه، فرأته عشتار وتعلق قلبها حباً فيه فقالت له: ” تعال يا جلجامش وكن عريسي الذي اخترت….. ” ، إلا أن جلجامش رفض عرضها ولم يتوقف عند ذلك بل قام بإهانتها وعدد أحبابها السابقين وماحل بهم من ويلات وكان مما قال له : “أنت يا عشتار ما أنت إلا الموقد الذي تخمد ناره في البرد.. أنت كالباب الخلفي لا يحفظ من ريح ولا عاصفة.. أنت قصر يتحطم بداخله الأبطال..أنت حجر مرمر ينهار جداره ويستقدم العدو ويغريه..أي من عشاقك من أحببته على الدوام؟ أنت فيل يمزق رحله ..أنت قير يلوث من يحمله .. أنت قربة تبلل حاملها .. أنت نعل يقرص قدم منتعله …”

وغير ذلك من الإهانات، فثارت عشتار غضباً وذهبت لأبيها في السماء وبكت أمامه واشتكت لما اصابها من جلجامش وطلبته أن يرسل ثوراً سماوياً ليهلك جلجامش وإلا حطمت أبواب العالم السفلي كي يهيج الموتى على الأحياء، فوافق أبيها بعد محاولات لمنعها من فعل ذلك.

مصدر الصورة: https://www.ibelieveinsci.com

أنزلت عشتار الثور إلى بلاد أوروك وأخذ يفتك بأهلها، وقتل خلق كثير من رجال جلجامش فخرج له البطلان جلجامش وانكيدو ودارت بينهما والثور معركة شديدة استطاع فيها انكيدو ان يمسك قرنيه ويطعنه جلجامش برأسه . فاقتلعا قلبه وقدماه كأضحية، فصعدت عشتار على الشرفة مهدده ومتوعده لجلجامش، فلما سمعها انكيدو قطع فخذ الثور ورماه بوجهها وهددها قائلاً لأن قبض عليها فسيقتلها.

فجمعت النساء بمعبدها وأقامت العزاء على الثور السماوي واحتفل جلجامش وانكيدو بنصرهم في المدينة وهو يسأل الناس من بطلهم فيرددون جلجامش بطلنا.

جلجامش وانكيدو ومعركتهما بالثور السماوي. مصدر الصورة: https://screenmix.net

بعد ذلك بأيام رأى انكيدو رؤيا تخبره بدنو أجله فأخبر صديقه بذلك ولم يلبث أن وقع مريضاً لعدة أيام حزيناً لحاله ان مات كرجل مريض ولم يموت في أرض المعارك .. ثم توفي بعدها، حينها اخذ جلجامش يبكي ويدور حول صديقه ورفض أن يتم دفنه حتى خرج الدود من أنفه، وبعد دفن إنكيدو أمر جلجامش ببناء تمثال له، ثم رمى ملابسه الزاهية وأخذ يدور في الأرض خائفاً من الموت باحثاً عن الخلود الذي لن يجده. عاد جلجامش من رحلته بعد أن ادرك أن مصير كل انسان الموت فأشغل نفسه بعمارة مملكته حتى توفي بعد ذلك.

فعشتار وزوجها الراعي تموز – في السومرية “إنانا و دوموزي” هما البطلان الإلهيان لإحدى أقدم قصص الحب المعروفة في العالم، ورغم كونهما في علاقة حميمية ومليئة بالحب في الشعر السومري، لا تنتهي القصة الرومانسية بالسعادة الأبدية للزوجين، فبعد ارتباط عشتار وتموز يفترقان بفعل الخيانة والموت وبعض شياطين العالم السفلي.

تروي الأسطورة رحلة الآلهة إلى العالم السفلي، وهو موطن شقيقتها «إريشكيجال». في حين تروي مصادر عديدة أسبابًا متنوعة لرحلة عشتار، فإنه من المرجح أنها كانت تسعى لزيادة قوتها. عبرت الإلهة بوابات العالم السفلي السبع، خالعةً قطعة ثياب عند كل بوابة، وتصل عشتار في نهاية المطاف عاريةً أمام شقيقتها ملكة العالم السفلي، وتُقتل.

مقتل آلهة الحب يجعلها عالقة في العالم السفلي وبحاجة إلى الإنقاذ، وبمساعدة مرافقها المخلص «نينشوبور»، يجري إحياء عشتار بمخطط ذكي من إله الحكمة «إي»، في السومرية إنكي. ولأنه لا يمكن ترك مكان عشتار في العالم السفلي خاويًا، يسعى إله الحكمة بمرافقة مجموعة من الشياطين للبحث عن بديل، وبعد بحث طويل يُرسل قرينها تموز إلى العالم السفلي عوضًا عنها.

 استنتاجات:

  • معظم علماء الاثار والباحثين اتفقوا على ان تسمية تاروت يرجع الي الإلهة “عشتار” وهو الرأي الأكثر شيوعا.
  • كل الحضارات الوثنية القديمة الأولى سواء التي نشأت في بلاد ما بين النهرين وتوابعها مثل الحضارة السومرية والآشورية والأكادية والكنعانية والفينيقية، والحضارات الأخرى اتخذت الآلهة “عشتار” كعنوان للخصوبة والحب والجمال والعدالة والسلطة وسميت بأسماء متعددة.
  • لا دليل على الاعتقاد أن جلجامش نفى الآلهة “عشتار” الى تاروت وانها هي من بَنت المعبد المسمى باسمها حيث ان المعبد يعتقد انه كان موجودا بالأصل من حضارة اقدم من السومريين.
  • تمثال “عشتار” المكتشف بجزيرة تاروت يعتقد انه من صنع محلي فهو “منحوت من الحجر الجيري القاسي القشطي اللون من الحجارة المحلية المتوفرة في المنطقة” وانه نصب في المعبد تبركا بالإلهة “عشتار” كما نصبته باقي الحضارات الوثنية القديمة في معابدها تيمنا به.
  • كل الحضارات الوثنية القديمة تأثرت بحضارة ما بين النهرين في ذلك الوقت فأخدت تستنسخ كل ما فيها من ثقافة ومعتقد وصناعة وما الى ذلك.
  • القطيف وجزرها (تاروت ودارين) كانت احد اهم المراكز التجارية “بالإضافة الى البحرين” فالموقع الجغرافي ووفرة المياه الجوفية وسهولة المراسي بالنسبة للسفن، جعلها نقطة انطلاق مثالية في التجارة لمسافات طويلة ومن خلاله تم توجيه جميع أنواع السلع وأصبحت مركزا لتبادل التجارة والثقافة والصناعة والمعتقد الديني بينها وبين الحضارات الموجودة في ذلك الوقت بما فيها حضارة ما بين النهرين.
(الخريطة لشرق شبه الجزيرة العربية حيث يظهر طرق التجارة وهو مقتبس من قبل المؤلف من د. بوتس، ماجان القديمة.

وخلاصة الخلاصة ان “عشتار- إنانا – عينانا” اي كان اسمها هي إلهة قديمة من بلاد ما بين النهرين مرتبطة بالحب والجمال والحميمية والحرب والعدالة والسلطة السياسية. كانت تعبد في الأصل في أراتا وسومر تحت اسم “إنانا” ، ثم عبدها الأكاديون والبابليون والآشوريون تحت اسم “عشتار” وكانت تُعرف باسم “ملكة السماء” وكانت الإلهة الراعية لمعبد إينا في مدينة أوروك ، والذي كان مركز عبادتها الرئيسي، ارتبطت بكوكب الزهرة ومن أبرز رموزها الأسد والنجمة الثمانية. كل الحضارات الوثنية القديمة عبدتها واقامت المعابد والمحافل تبركا بها لجلب الخصوبة وكانت عنوانا للحب والجمال والعدالة والسلطة.

المصادر:

  1. https://almadasupplements.com/view.php?cat=19981
  2. http://arlegndnds.blogspot.com/2015/04/blog-post_20.html
  3. http://www.alwasat.com.kw/ArticleDetail.aspx?id=77979
  4. https://tomb-raider-king.fandom.com/wiki/Ishtar%27s_Relic
  5. https://www.mesopot.com/mesopot/old/adad2/ishtar.htm
  6. https://alqhat.com/beta/archives/339018
  7. https://www.independentarabia.com/node/155196/%D8%AA%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D9%85%D8%B7%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%AA/%D9%82%D9%84%D8%B9%D8%A9-%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%88%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D9%82%D8%AF%D9%85-%D8%AB%D8%BA%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D8%AA%D8%BA%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9
  8. https://rattibha.com/taminwt
  9. https://dkhlak.com/did-abrahamic-religions-steal-stories-from-the-epic-of-gilgamesh/
  10. https://www.marefa.org/%D9%85%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A9_%D8%AC%D9%84%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B4
  11. http://arlegndnds.blogspot.com/2015/04/blog-post_20.html
  12. https://www.ibelieveinsci.com/%D9%83%D9%84-%D9%85%D8%A7-%D8%AA%D9%88%D8%AF-%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%81%D8%AA%D9%87-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%84%D9%87%D8%A9-%D8%B9%D8%B4%D8%AA%D8%A7%D8%B1/
  13. https://www.tarout.info/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%B9%D9%86-%D8%AC%D8%B2%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%88%D8%AA/
  14. https://www.facebook.com/504089723000125/posts/2425958017479943/
  15. https://m.facebook.com/BahraniHistory/photos/a.1235787309824133/4154144951321673/
  16. https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=517135385058273&id=495527053885773&substory_index=0&locale=ar_AR
  17. https://areq.net/m/%D8%A5%D9%86%D8%A7%D9%86%D8%A7.html
  18. https://www.alyaum.com/articles/6072713/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1/%D9%85%D9%86%D9%88%D8%B9%D8%A7%D8%AA/%D9%82%D9%84%D8%B9%D8%A9-%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%88%D8%AA-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%AC%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%B9%D8%B4%D8%AA%D8%A7%D8%B1-%D9%88%D8%BA%D9%85%D9%88%D8%B6-%D8%AC%D9%84%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B4
المهندس صادق علي القطري

6 comments

  1. (في الآونة الأخيرة دار الكثير من الجدل حول اصل التسمية “تاروت” حيث يذهب أكثرية الباحثين وعلماء الاثار الى اصل التسمية نسبة الى “الالهة عشتار- انانا -عينانا” وهي الآلهة التي كانت تُعبد من قبل البابليين والكنعانيين والفينيقيين ويرجع البعض الاخر الى التسمية الى قصة الملكان المذكوران في القران الكريم هاروت وماروت حسب ما ورد في مقال للسيد “ازهر عبدالله التوبي” من هيئة التراث بالمنطقة الشرقية ونشره في موقع الخط “القطيف اليوم” بتاريخ “12 ديسمبر 2021” ومصدر المقال مرفق ضمن المصادر.)
    السلام عليكم مهندس صادق والجميع
    جهدا رائع وطرحا جميل،،، ولكن يبدو انك مهندس صادق لم تقرا مقالي جيدا فانا لم اذكر سبب تسمية تاروت نابعة من قصة هاروت وماروت التي المذكوران في القران الكريم.
    استنتاجي في المقال ان سبب تسمية يرجع الطبيعة الجغرافية للمكان.

    س: من كان موجودا في تاروت خلال الفترة مابين 5750 الى 5250 قبل الميلاد؟
    ذكرت ان الاساطير البابلية والاله عشتار وجدت عام 2500 قبل الميلاد مع انه من المعرف ان الحضاره البابلية ضهرت في 1850 قبل الميلاد تقريبا وليس 2500 ق. م.

    س2: من الاقدم في الوجود على ارض تاروت هل كانت الاله عشتار ام ذلك الانسان الذي اسس حضارات من اصل جماعات تقاسمت الخيرات؟

    مهندس صادق اسمح اذا كان اسم تاروت كما هو معروفا اشتق من الاله عشتار التي ظهرت في 2500 ق.م كما ذكرت

    فما كان اسمها قبل هذا التاريخ ؟ جميع الابحاث والتقارير العلمية الاثرية تذكر ان هناك وجود حضري على ارض تاروت مابين 5000 الى 6000 قبل الميلاد.

    ارجوك مهندس صادق ارجع الى المقال مرة اخرى واقرا الاستنتاج الذي اشتق منه مسمى تاروت لعلك تغير رايك

    • عفوا ذكرت الفينيقين في ردي اعلاه
      الصحيح الكنعانين وليس الفنينيقين

    • اخي العزيز الباحث السيد ازهر التوبي حفظة الله ورعاه وكم اني سعيد لنقدك لبعض ما ورد في مقالتي “اصل تسمية تاروت “بتاروت” واسطورة “ملحمة جلجامش وعشتار” مما يزيد الساحة الثقافية في بلدي ثراء وعمقا في البحث والتدقيق في المعلومة الصحيحة للمتلقي والباحث والمثقف والاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية. والنقد البناء لا يسمي نقدا بناءا الا عندما نتعامل معه بصورة منفتحة والاستعداد للتعلم وتقبل الراي الاخر وتجنب استخدام كلمات لا تليق بالباحث استخدامها مثل “ادعى فلان” بحيث يصبح الباحث مدافعا وعاطفيا بدل ان يكون ناقدا بناءا والتدقيق فيما ذكرت والتريث في اطلاق العبارات التي لا يليق استخدامها كباحث وارجو المعذرة لتجرئي و كلامي القاسي الذي لم اتعود علية واليك والى القراء الكرام وبالحرف الواحد ولأنصافك ولكيلا يقال علي اني ادعيت عليك وهذا هو النص الوارد قي المقال مع مصدر المقال

      “في الآونة الأخيرة دار الكثير من الجدل حول اصل التسمية “تاروت” حيث يذهب أكثرية الباحثين وعلماء الاثار الى اصل التسمية نسبة الى “الالهة عشتار- انانا -عينانا” وهي الآلهة التي كانت تُعبد من قبل البابليين والكنعانيين والفينيقيين ويرجع البعض الاخر الى التسمية الى قصة الملكان المذكوران في القران الكريم هاروت وماروت حسب ما ورد في مقال للسيد “ازهر عبدالله التوبي” من هيئة التراث بالمنطقة الشرقية ونشره في موقع الخط “القطيف اليوم” بتاريخ “12 ديسمبر 2021” ومصدر المقال مرفق ضمن المصادر. وانا هنا ليست اثبت ولا انفي صحة هذا الرأي او ذاك ولكني وللأمانة العلمية أحببت طرح كل الآراء لكي يتسنى للباحثين وعلماء الاثار ان يدلوا بدلوهم ولكي يثروا الساحة بآرائهم وادلتهم العلمية وترجيح الاصح منها مهما كان.” وهذا هو مصدر المقال: https://www.qatifscience.com/?p=18578
      وللعلم فان النقد البناء يعرف على انه نوع من التعليقات التي تركز على تحديد مجالات التحسين مع إبراز نقاط القوة والتأكيد عليها. وإنه ينطوي عليه إيصال النقد بطريقة واضحة ومحددة ومحترمة، بهدف مساعدة المتلقي على تطوير مهاراته وتحسينها، بدلاً من مجرد العثور على الخطأ أو انتقاد السلوك.

    • و للتوضيح و التصحيح اكثر عندما ذكرت في مقالي ان التسمية يرجعها البعض الى قصة الملكان المذكوران في القران الكريم هاروت وماروت حسب ما ورد في مقالك لا تعني اني ادعيت انك شخصيا قلتها

      • أزهر عبدالله التوبي

        تحية طيبة اخي مهندس صادق
        الف الف شكر لردك الجميل
        نعم كما تفضلت الاختلاف في الرأي لا يفسد القضية،،،، طريقنا واحد وهو محالة البحث والتوصل الى حقيقة

        الف الف شكر لك مرة اخرى

    • و تحياتي لك و لنقدك فانا سعيد لهذا الحراك الثقافي الذي تثري الساحة بالّاراء المخالفة لراّي و تقبل الاخر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *