How to keep kids curious – 5 questions answered
(بقلم: بيري زورن، أستاذ الفلسفة المشارك بالجامعة الأمريكية في واشنطون العاصمة – Perry Zurn)
الأطفال فضوليون بطبيعتهم. لكن العوامل البيئية المختلفة قد تضعف فضولهم بمرور الزمن. هل يمكن فعل أي شيء للحفاظ على فضول(1) الأطفال متقدًا؟ وُجه هذا السؤال إلى بيري زورن (Perry Zurn)، برفسور الفلسفة في الجامعة الأمريكية ومؤلف ثلاثة كتب عن الفضول، من هذه الكتب كتاب: العقول الفضولية: القدرة على ربط الأفكار والأفراد ضمن شبكة معرفية وكذلك ربط أهل المعرفة ببعضهم وبالمعرفة[“Curious Minds: The Power of Connection”(2)]، الذي صدر في سبتمبر 2022.
- هل الفضول موجود بوفرة عند الولادة؟
الفضول قدرة طبيعية، موجود في الحيوانات غير البشرية(1، 3، 4) وكذلك في البشر منذ سن مبكرة جدًا(5). تسعى الكائنات من جميع الأنواع للبحث عن معلومات وتستكشف بيئاتها المحيطة وتبتكر حلولًا وطرقًا وأساليب جديدة لحل مشكلاتها. وتشتغل المخلوقات الكبيرة والصغيرة، من الفيلة إلى النحل، بالبحث عن الطعام الاستكشافي(6، 7) عندما تكتشف مناطق وموارد جديدة، بينما تبتكر القرود(8) – وحتى الخلايا والفيروسات(9) – سلوكيات وأساليب جديدة.
لدى معظم الناس – من العلماء وغيرهم على حد سواء – إحساس بأن الأطفال فضوليون بشكل مميز. أكدت باحثة علم النفس سوزان إنجل (Susan Engel) صحة هذا المعنى في كتابها (العقل النهم The Hungry Mind(10)). لاحظت إنجل فضول الأطفال ماثلًا أمام ناظريها في بيئات مختلفة، من المشي مع أطفال ما قبل المدرسة بين المزارع وفي الغابات وفي مختبرات العلوم بالمدارس الإعدادية إلى اثارة وطرح الأسئلة أثناء وجبة العشاء. أكدت نتائج دراستها أن الأطفال مفعمون بالفضول، ويظهر ذلك في الأشياء التي يلامسونها ويتعاملون معها، والطريقة التي يتحدثون ويتفاعلون مع الآخرين بها. لكن ماذا عن مآل هذا الفضول مع تقدمنا في العمر؟
يتحسر بعض الذين قابلتهم على فقدانهم فضولهم الطفولي، بينما يفخر آخرون بالاحتفاظ به، بل حتى بالتوسع فيه. ما التفسير الممكن لهذا الاختلاف بين الناس؟
- ما هي الأشياء التي تقتل فضول الأطفال؟
على الرغم من أن الأبحاث تُظهر بوضوح أن الأطفال لديهم اهتمام كبير بإثارة وطرح أسئلة والتساؤل(11)، إلا أن هذا الاهتمام قد يضعف بمرور الزمن، لا سيما في البيئات المدرسية. وجدت إحدى الدراسات أن الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة يسألون في المتوسط 26 سؤالًا في الساعة في البيت، ولكن يسألون أقل من سؤالين في الساعة في المدرسة(12). أثبتت دراسة أخرى أن طلاب الصف الخامس، في المتوسط ، عبروا عن فضولهم وذلك بطرح أسئلة أو بتحديق عيونهم باتجاه أحد الأشياء أو التلاعب به [وذلك للدلالة على مدى الاهتمام] – أقل من مرة كل ساعتين. لماذا؟
أشياء كثيرة يمكن أن تثبط وتكبح الفضول. محركات البحث على الإنترنت والهواتف الذكية التي توفر إجابات فورية تحد من قدرة الأطفال على التفكير والتأمل في أجوبة أسئلتهم واستكشافها من جميع النواحي والتفكير في مسائلهم. أساليب التربية(13) التي تؤكد على قيمة الأسئلة فقط واعتبارها وسيلة للوصول إلى غاية – كالحصول على إجابات صحيحة بشكل سريع أو فوري(14) – تحد من قدرة الأطفال على طرح أسئلة من أجل الأسئلة ليس إلّا. أخيرًا، عندما تقوم المدارس بتدريب الأطفال على أنواع معينة من الأسئلة بطرق وأساليب معينة فقط [المترجم: نوع من التعليم بالتلقين]، قد تحد من فرصهم في الابتكار(15) وذلك بسبب تقييد اهتماماتهم واستفساراتهم ضمن قنوات ضيقة.
- ما مدى اهتمام المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية في تعزيز الفضول؟
نظرًا لأن تدريب المعلمين يركز على نقل المحتوى وتطوير المهارات الأساسية (والتي تشمل القراءة والكتابة والرياضيات)، فقد لا يعرف المعلمون كيف يعززون الفضول.
لجعل المسألة أكثر تعقيدًا، غالبًا ما يواجه التربويون(16) احتمالات لا يمكن أن تتحقق والتي تتمثل في تزايد عدد طلاب الصف الدراسي وخفض موارد (ميزانية) التعليم وتحمل زيادة الضغط عليهم لتحقيق مخرجات تعليمية معممة وقابلة للقياس. نتيجة لذلك، يقوم العديد من المعلمين بتدريس الطلاب على الطاعة (الامتثال) [المترجم: نوع من التعليم التلقيني] أكثر من تدريسهم كيف يكونوا “فضوليين”، على حد تعبير “تا – نهيسي كوتس” (Ta-Nehisi Coates)، معلقًا على الوقت الذي قضاه كطالب في مدارس بالتيمور أثناء تجربته الدراسية هناك، حيث على الطلاب أن يتصرفوا ويتعلموا المواد المقررة عليهم لا أن يستكشفوا اهتماماتهم والاعتماد على انفسهم. هذا النهج ضار بشكل خاص بالطلاب الذين لا يتلقون تشجيعًا أو دعمًا لاستخدام ذكائهم الإبداعي، كما يحدث للطلاب الملونين(17) والطلاب من ذوي التنوع العصبي(18، 19)، بما في ذلك التوحد أو اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة أو عسر القراءة.
كما أكدت باحثة علم الفيزياء الفلكية والمؤلفة النسوية السوداء تشاندا بريسكود واينشتاين (Chanda Prescod-Weinstein) في كتابها الأخير [الكون المضطربThe Disordered Cosmos – (20)] ، لا يتلقي كل الناس التشجيع ليصل إلى امكانياته الطبيعية. فقد لاحظت أن النساء السود على وجه الخصوص يُثبطن ولا يشجعن في محاولتهن الوصول إلى تطلعاتهن الأكاديمية والعلمية.
- كيف يمكن لأولياء الأمور أن يبقوا أطفالهم فضوليين؟
إن الاهتمام بأسلوب الفضول الخاص بكل طفل، وغرس الشعور بالفخر به في أنفسهم ، سيكون له الأثر البالغ في تهيئة الأطفال ذهنيًا ليبقوا فضوليين. على الرغم من أن الأطفال بطبيعتهم فضوليين، إلا أنهم قد يعبرون عن فضولهم ويمارسونه بشكل مختلف. تفيد الأبحاث أن هناك أبعادًا متعددة لأساليب الفضول (21).
أثبتت إحدى الدراسات التي شاركتُ فيها(22)، على سبيل المثال، بقيادة باحث في علم التواصل ديفيد ليدون ستالي (David Lydon-Staley(23)) أن لدى الذين يتصفحون الويكيبيديات نزعة إما بكونهم فضوليين – ينقرون على صفحات مختلفة تمامًا عن بعضها؛ أو انتقائيين – ينقرون على صفحات لها علاقة وثيقة ببعضها. هل يرغب طفلك في معرفة كل شيء عن بعض الأشياء؟ أو بعض الأشياء عن كل شيء؟
بالنسبة إلى الإغريق القدماء ، كان أفضل ما يميز هذين الأسلوبين هو القنفذ والثعلب(24). وفقًا لأرخيلوخوس (Archilochus) (شاعر يوناني قديم في القرن السابع قبل الميلاد)، القنفذ “يعرف شيئًا واحدًا” ، لكن الثعلب “يعرف أشياء كثيرة”. وبنحو حدسي، في كتابي [“العقول الفضولية Curious Minds(2)] الذي ألفته مع باحث علم الأعصاب داني إس باسيت (Dani S. Bassett)، قمنا بتحليل 18 مخلوقًا مختلفًا، من حيوانات إلى حشرات ، لوصف أنماط فضولهم الفريدة. ربما يكون طفلك أشبه بالأخطبوط ، بأذرع فضوليّة ممدودة في كل اتجاه، أو دودة قش، بطيئة ووديعة.
- ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه الكليات والجامعات؟
إذا كان لدى الناس الفضول والخيال الإبداعي الضروريان لمعالجة المشكلات الملحة في كل مكان في العالم ، فسيتعين علينا إعادة النظر فيما يجري في الصف الدراسي في الجامعة [المترجم: لعله يعني كيف يتعلم الطلاب في الجامعة]، وما يجري بما يتجاوز تلك الدراسة(25).
يقول زميل فلسفة الفضول لاني واتسون Lani Watson) (26)) أنه على الرغم من أن الكثير من الكليات والجامعات تروج للالتزام المركزي بالفضول ، إلَّا أنها مستمرة في الاعتماد بشكل أساس على “التعليم المقتصر على الإجابات المتوقعة والمعروف(27) [المترجم: نوع من التعليم بالتلقين]”. الاختبار الكتابي أو اختبار الاختيارات المتعددة أو ورقة الموقف [ورقة الموقف هي مقال يعرض رأي الكاتب أو أحد الجهات بشأن إحدى القضايا] كل ذلك يعد المعيار الذهبي الذي يثبت أن الطلاب تعلموا وماذا تعلموا.
طرح أسئلة أفضل وأكثر عمقًا وإبداعًا نادرًا ما تُقدر في الأوساط التعليمية إلا كوسيلة لتحقيق غايات أخرى – تتمثل في درجات أعلى، وزيادة في الأوراق المنشورة أو في الاكتشافات أو الابتكارات. إن الضغوط الاجتماعية المتزايدة للعمل لساعات أطول في الصفوف الدراسية والوظائف والتدريب الداخلي، وانخفاض الاستثمار في تعليم الفنون الحرة(28، 29))، كل ذلك يجعل الفضول بحد ذاته فنًا معرضًا للخطر. قلة من الطلاب لديهم الوقت أو التشجيع والدعم اللازمين للفضول لا لشيء (لا لغاية) وإنما من أجل الفضول ليس إلّا.