ملامح إقتصادية
[أهمية الإقتصاد في بلورة شخصية المجتمع]
“دعائم المجتمع الإقتصادي”
الحرف المهنية في القطيف – المنتجات الحرفية والصناعية –النخلة – التجارة – سوق الخميس …
- الحرف المهنية
تتميز الحرف اليدوية بأنها مجال خصب للإبداع والابتكار ونافذة للميراث الثقافي المحلي. فهي تساهم بفعالية في نمو الاقتصاد وصنع مجتمعات منتجة، وتشكل أحد أدوات رفع الدخول وتحسين مستويات المعيشة ومساعدة افراد المجتمع في العثور على فرص عمل. وللحرف اليدوية أو الصناعات اليدوية تأثير بالغ على شخصية الفرد وسلوكه وطبيعته، فهي تحتاج إلى مهارة وخبرة، وبالتالي في اغلبها، تتطلب نباهة وتركيز وتعلم. في ضوء متطلبات المجتمع الصناعي، يمكنن القول إن الفرد القطيفي من الرجال والنساء مبدع في المسار الصناعي ويملك حرفية مهنية مميزة وهو ما يتطلب شخصية صبورة وقوية وفي نفس الوقت شخصية حاذقة وقابلة للتعلم لتتمكن من القيام بصناعتها بطرق تضمن جودتها.
اليوم اصبح الرافد الاقتصادي الأول للمجتمع القطيفي هو اليد العاملة في جميع اصناف المهن، وفي مختلف المنشئات والمؤسسات والشركات والدوائر الحكومية.
فمنذ اكتشاف النفط وبدء الصناعات المصاحبة له وانتشار التعليم بدعم من الحكومة؛ هجر الفرد القطيفي اعمال الزراعة والمهن الحرفية التي كانت شاقة ومضنية وحتى التجارة هجرها واصبحت، مع الطفرة النفطية، ذات مردود اقتصادي ضعيف وغير منتظم بينما تمتع اصحاب الوظائف وخاصة اولئك الذين عملوا مع شركة ارامكو مع بزوغ عهد النفط بمدخول ممتاز منتظم ومضمون وامتيازات معيشية ترفيهية كالحصول على مساكن حديثة وعلاج طبي مميز وتعليم مهني مؤسسي وبعثات تعليمية جامعية واوقات عمل مريحة وإن واجه العمال بدايات صعبة في هذه الطفرة الا أن الحياة المهنية الوظيفية تحسنت مع الوقت وضمنت لأصحابها حياة أكثر رخاء وراحة.
كما أنها غيرت من سلوك الموظفين فجعلهم أكثر وعيًا بالمتطلبات اللازمة لحياة راقية تواكب الحياة التي تمتعت بها الدول الأكثر رخاءً في العالم ومنها الحياة الصحية. تعلم موظفو ارامكو واكتسبوا سلوكيات تهتم بالصحة والنظافة والهندام والسكن المريح. كما إنهم حصلوا على دورات تعليمية علمية وصناعية في مراكز تدريب ارامكو التي انشئت في الظهران وبقيق ورأس تنورة وخرجت جيل فني ومهني متعلم يجيد اللغة الانجليزية.
كما انشأت ارامكو في بدايتها مدارس للتعليم العام بعد الدوام الرسمي يشمل اللغة العربية. كما أن شركة ارامكو قامت بابتعاث المتميزين في الدراسة في مراكزها التدريبية للحصول على شهادة الدراسة الثانوية في مدارس حلب وبيروت ومن ثم الابتعاث الى ارقى وافضل الجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية أو الجامعة الأمريكية في بيروت.
ورافق هذا الاهتمام بالتعليم لموظفي ارامكو لتدريب كوادر قادرة على المساعدة في تسيير عملية انتاج النفط وتصنيعه وتسويقه اهتمام الحكومة بتعليم المواطنين ليتحملوا اعباء نهضة البلاد ومتطلباتها، وقد كان للفرد القطيفي دوره ومكانه في هذه النهضة المباركة، ومن ثم التأثر بها حضاريًا وثقافيًا وسلوكيًا الأمر الذي كان له الأثر البالغ في إحداث تغيير في شخصيته.
في بداية الثمانينات الميلادية شهدت البلاد طفرة اقتصادية شجعت البعض على ممارسة الأعمال الحرة في مؤسساتهم ومنشأتهم الخاصة، ومن توفق في هذه الفترة واستغلها بشكل جيد استفاد منها واستطاع تحسين وضعه الاقتصادي. ورغم جميع الامكانيات التي توفر فرص استثمارية مؤسساتية بقي المجتمع القطيفي ميالًا الى الوظيفة، فحتى عند الاقدام على الزواج يفضل الكثير اولئك الذين لديهم وظائف على اولئك الذين يعملون في اعمال خاصة وخاصة البسيطة منها مما جعل الشباب يميلون لترك الاعمال الحرة والحصول على الوظيفة وأن كان البعض يزاوج بين العمل الوظيفي والعمل الحر.
- المنتجات الحرفية والصناعية
على مر العصور والأزمنة تميز المجتمع القطيفي بكونه مجتمع حرفي بامتياز. أما لماذا كان كذلك، فلا يصعب معرفة الأسباب. المجتمع القطيفي مجتمع مدني ومجتمع زراعي وبحري وتجاري، وهي مجتمعات تتطلب صناعات اساسية وصناعات استهلاكية.
فالصناعات الأساسية هي التي تمتاز بأهمية اقتصادية، وتتولى إنتاج السلع الإنتاجية أو السلع الوسيطة التي تعتمد عليها الصناعات الاستهلاكية التي تسد حاجة الناس ، مثل الحديد والصلب والأسمنت والمواد الكيميائية وأدوات الإنتاج، وهي ما يطلق عليها عهدة “السلع الرأسمالية” ويؤدي الافتقار لهذه السلع إلى الاضطرار لاستيرادها من الدول الأكثر تقدمًا صناعيًا لتقوم بتصنيع السلع الاستهلاكية مما يؤدي إلى ربط عملية الازدهار بالدول المصدرة للسلع الإنتاجية،
وقد اعتمدت القطيف على استيراد هذه السلع من الهند وبلاد فارس كما أن القطيف كانت تصدر لهذه البلاد مواد غذائية رئيسية كالتمور والدبس والليمون ومنتجات النخلة كالسعف وجدوع بعض الأشجار كشجر النوام.
شملت الصناعة في المجتمع القطيفي حرف ومهن عديدة منها البناء، وصناعة القوارب، والأثاث المنزلي، والأدوات الزراعية، وادوات المطبخ، الملابس، والمركبات (القواري)، والأدوية. ومن أهم المنتجات الصناعية القطيفية الأساسية في ذلك الوقت منتجات النخيل والأشجار وسائر الأعشاب والحجر البحري والطين الخويلدي والرمل، ولا شك إنها منتجات بسيطة ولكنها كانت ذات اهمية كبيرة في الأزمان السابقة.
منتجات النخلة
جدع النخلة والجمع جدوع وتستخدم في تسقيف المنازل وعمل الجسور على ترع المياه العريضة والمنتشرة بكثرة في انحاء الواحة، زمان خضرتها. يتم الاستفادة من جدع النخلة بتقطيعه وتصنيفه ليناسب متطلبات إنشاء المباني والجسور.
منتجات الجريد كالمنازة (جمع منز) أي اسرة الأطفال الرضع والأقفاص والمباخر والحضور، وهي مصائد الأسماك في المياه الضحلة القريبة من السواحل والأسرة الكبيرة والصغيرة ويختص بإنتاجها الرجال. كما أن هناك صناعة ما يسمى بالوارية أو الفرتة وهي من الصناعات المندثرة حيث يتم صناعة قوارب لصيد الأسماك من الجريد وكرب النخيل، وقد استبدل الكرب حاليا ً بالفلين لسهولة تركيبه ومقاومته للماء،
منتجات الخوص وعذوق النخيل كالسفرة، السلة، الجفير، الزبيل، الجلف، القفة، المهفة، الشنطة والقبعة بمختلف الألوان والأحجام، وهذه المنتجات يختص بإنتاجها النساء، وكذلك من منتجات النخيل السباك، السرود والسبت وتستخدم في صناعتها الخوص وعذوق النخيل.
صناعة المديد وتعتمد هذه الحرفة على نبات الأسل الذي يكثر في جداول المياه المنتشرة في مزارع الدير.
مــاء اللقـــاح وهي صناعة تقوم على استخراج الماء المقطر من مخلفات ثمر النخيل.
الحـدادة حرفة تقوم على استخدام مادة الحديد المتوفرة وتحويره في أشكال كالمقابض وأعمدة الحفر والسكاكين والمناجل والمجارف والسلاسل وغيرها.
الصفار حرفة يدوية قديمة يقوم العاملون بها بصنع وتلميع القدور المستخدمة في الطبخ “النحاس” وجميع أدوات الطبخ والأواني المنزلية المستخدمة قديماً في البيوت، حيث كانوا يستخدمون الأواني النحاسية في الطبخ والمطلية من الداخل بطبقة من القصدير.
التناك وهو من يعمل بالتنك والتنك هو الصفيح أو رقائق معدن الحديد. ويقوم التناك بصناعة “المحقان” (القمع الذي يصب به الكاز) و«الدوه” (الإناء الذي يوضع فيه الفحم المشتعل)، والطشت (الإناء الذي تعرض فيه الحلوى، وكانت النساء قديماً يستخدمنه في غسل ملابسهن).
القراقير وتعتمد على استخدام الأسلاك المعدنية في صناعة ما يسمى بالقراقير.
صناعة الفخار وهي من الصناعات التي اشتهرت بها القطيف قديمًا. ويستخدم في صناعة الفخار طين خاص يجلب من بر الجارودية ومناجم طين أخرى ويتميز بالجودة والنقاوة وسهولة التشكيل، ويوضع عادة في أحواض مخصصة لهذا الغرض ويصب عليه الماء ليعجن بعدها بالأرجل حتى يصبح سهل التشكيل، وبعد ذلك يتم تشكيله.
صناعة السلال وهي تُمارس في المناطق التي تكثر فيها الخامات التي تصنع منها هذه السلال، فتتركز في المناطق القريبة من مناطق زراعة النخيل.
- التجارة
تعتبر التجارة أهم الركائز لتحقيق اقتصاد مزدهر، وفي المأثور: تسعة أعشار الرزق في التجارة. وللتجارة جوانب اجتماعية ونفسية وأمنية واقتصادية. والتاجر محور المنظومة الاقتصادية، ولا بد له أن يتمتع بذمة نظيفة وأخلاق كريمة وتعاملات نبيلة تتمثل بالصدق والأمانة والسماحة والرفق والتيسير لدعم استقرار الأسواق وثقة الناس بها.
ولقد كان التاجر القطيفي مثالًا للتاجر النبيل فنال ثقة الناس من بدو وحاضرة. وكانت القطيف سوق تجارية مزدهرة تُباع فيها وتشترى جميع السلع اللازمة لحياة الإنسان. وكانت هذه السلع تُؤمن لسكان القطيف ومن حولهم من البادية القريبة والبعيدة مستلزمات معيشتهم. وأهم ما شملته المرافق الاقتصادية في القطيف المنشآت التالية:
- سكة (صكة) القطيف وهي سوق مركزية على غرار سوق الحميدية في دمشق والسوق المصرية وجراند بازار في اسطنبول وما شابهها من اسواق قديمة في البلدان الاسلامية ولو انها كانت اصغر حجمًا الا انها تمثل نفس الطراز حيث تقع المحلات أو الدكاكين في صفين متقابلين ومتوازيين بينهما ممر مسقوف واسع نسبيًا لواقع ذلك الزمان.
- سوق الجبلة وهي سوق يتم فيه بيع وشراء التمور بالجملة وما تنتجه البادية من صوف ووبر ومنتجات لبن النوق وما تنتجه المزارع من اخشاب وسعف وخوص. وكذلك يتم في هذه السوق بيع المواشي والأنعام من ضأن وماعز وابقار ونوق وجمال وكذلك الدجاج والبط والأوز والطيور.
- الجوامع (جمع جامع) وليس المقصود بالجامع هنا المسجد ولكن المكان الذي تباع فيه منتجات المزارع من البان ومشتقاتها وحشائش وخضروات ورقية وانواع الفواكه المنزلية والخلال (الرطب أول وقت ثمره)، اضافة الى بعض المنتجات اليدوية التي يبرع في انتاجها المزارعين وتعتمد على خامات الأشجار والنخيل كعقود الخلال والريحان والرازقي وما كان يتزين به النساء والاطفال في ذلك الوقت. وعادة ما كان العمل في الجامع يكون في الصباح فيما عدا شهر رمضان المبارك حيث يكون العمل في المساء، وحينها يقام هذا التجمع التجاري في مكان أوسع كجامع الكويكب وبراحة الحليب [قد يكون منشأ هذه التسمية الى أن الكثير من الناس يشترون الحليب واللبن (زبد الحليب) والروب (الزبادي) ليتناولوه في وجبة السحور مع الرز].
- سوق القت (البرسيم) وفيها يُباع القت أو البرسيم من وقت العصر حتى وقت الغروب ويشتريه اصحاب الابقار والاغنام حيث كانت تنتشر الزرائب (جمع زريبة) بكثرة في مختلف انحاء الواحة لتوفير اللحوم المحلية والحليب ومشتقاته الى المستهلكين. كما أن بعض البيوت، وهي ليست بالقليلة، تقوم بتربية الابقار بغرض بيع حليبها.
- الجمرك (الفرضة) ويقع على الساحل البحري ولا يبعد عن سوق السكة المركزي كثيرا ، ومنه وإليه كانت تصدر وتستورد المواد التجارية المختلفة.
ومن أهم التجارات التي كانت تمارس في القطيف هي الطواشة وهي تجارة اللؤلؤ حيث يقوم تاجر اللؤلؤ بشرائه وبيعه، يقوم الطواش بدفع العربون أو المقدم النقدي أو العيني لربان المركب (النوخذة) قبل المباشرة برحلة الغوص. وتوزع الأرباح بعد أن يتم تقييم اللؤلؤ وبيعه، فيأخذ الطواش الثلث ويأخذ النوخذة الثلث ويوزع الثلث الباقي على البحارة والغواصين.
- سوق الخميس
من النشاطات الاقتصادية الفاعلة في منطقة القطيف، سوق الخميس. وهو نشاط اقتصادي لكنه في نفس الوقت يكتنف ايضًا نشاطًا اجتماعيًا بالغ الأهمية في علاقات المجتمع وذلك هو “اللقاء والتعارف وبناء الثقة وتوطيد العلاقة” التي تؤدي الى انسجام المجتمع وترابطه.
في كل خميس من كل اسبوع يلتقي الناس للبيع والشراء وممارسة التجارة في مكان محدد في مركز القطيف ويسمى هذا النشاط “سوق الخميس”. تأتي قوافل المنتجات من نخيل ومزارع المنطقة محملة بمنتجات الفواكه والخضروات ومنتجات الألبان. ويأتي البدو بمنتجاتهم الصوفية واغنامهم وبمنتجات الأبل الغذائية والجلدية. ويأتي الفلاحون بأبقارهم. ويأتي الصناعيون بمنتجاتهم الحرفية العديدة، ويأتي اصحاب الخرد بخردواتهم، واصحاب التحف بتحفهم، ويأتي من له عوزٌ الى مال بمقتنياته ليبيعها ويسد عوزه. فيبيعون ويشترون ويتنافسون ويساومون ويتشاورون.
كانت سوق الخميس التجارية تخلق مصالح والمصالح تخلق روابط بين الناس ورعاية المصالح تخلق الثقة والثقة تخلق الاطمئنان والاطمئنان يولد الأمان والأمان يخلق مجتمع مستدام يراعي مصالح بعضه البعض.
من عمل في هذا السوق بائعًا أو ذهب إليه مشتريًا سيكتشف طيبة أهل القطيف وكرمهم وتسامحهم وحبهم للعمل وودهم لبعضهم وللآخرين. يعمل في هذا السوق الرجال والنساء والصبيان وكبار السن وكل من عنده قدرة على الحركة ليكسبوا رزقهم.
لم يكن أهل القطيف في معظمهم الغالب يستنكفون من العمل أو يعيبونه بل كانوا يعدونه شرفً يكفيهم العوز ويحمي نفوسهم من الحرام وأيديهم من السرقة والنهب والاعتداء على الآخرين وإراقة ماء الوجه بالطلب ومد اليد للتسول، والاستخفاف بديون الناس.
في الواقع كان المجتمع القطيفي مدعاة للفخر بما يملكه من مقومات إنسانية، لا تصل الى العصمة، ولكنه أقرب لتعريف “المدينة الفاضلة” المبنية على ثقافة المدنية وتقوم على الفكر الراقي والأخلاق السامية التي تساعد في تثبيت الوضع الاجتماعي في المناطق غير المستقرة وتسوية النزاعات الخلافية. يمكن للعقل والأخلاق الفاضلة أن تساعد في بناء الكيانات الاجتماعية والإنسانية.
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت…فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا،
والصدق أرفع ما اهتز الرجال له…وخير ما عوّد إبناً في الحياة أب. (أحمد شوقي)
استمر سوق الخميس بالقطيف بالتألق لسنين طويلة حيث تميز بحضور مرتاديه من مواطنين ومقيمين وزائرين وخاصة الأجانب الغربيين والأمريكيين الذين يحرصون على زيارته بصورة دورية مع اقاربهم الذين يزورونهم من اماكن مختلفة من العالم وكذلك الشخصيات والفنيين والمتخصصين الذين يزورون الشركات العالمية الكبيرة منها والصغيرة في مهمات عمل فيأتون الى سوق الخميس ليشاهدوا وجه حضاري من وجوه المنطقة الجميلة.
بعين السائح الزائرون يشاهدون ويلحظون اشياء قد لا نلاحظها نحن بسبب إلفتنا لها ولكنها تكون جميلة في عيونهم ومؤثرة في نفوسهم، وتبقى في ذاكرتهم كنموذج للشخصية القطيفية الجميلة الرائعة.
ويشكل هذا السوق الذي يرتاده جميع فئات المجتمع، الرجل والمرأة والصغير والكبير والغني والفقير والمثقف والبسيط، وتعرض فيه الأشياء التي يتوق الناس لشرائها من مقتنيات قديمة وحديثة تجمع بين التراث التاريخي واجهزة التكنولوجيا الحديثة مكانًا ترويحيًا للمواطنين والمقيمين ومعلمًا سياحيًا للوافدين.
هذا السوق شكل وما زال يشكل جزءا مهما من شخصية القطيف الاجتماعية ومن المطلوب تفعيل نشاطاته بصورة علمية تقنية حديثه للمحافظة على هذا التراث الثقافي الجميل الذي يؤكد إصالة الماضي وربطه بالحاضر ليساهم في استدامة المجتمع بطريقة افضل وفي التماسك الاجتماعي وفي ارتباط وتوحيد أفراد المجتمع. فسوق الخميس تعطي شعور بالانتماء وتساهم في الالتئام والاجتماع وتوثيق الإلفة بين أفراد المجتمع، وتفتح فرص لأبواب الرزق وخاصة الشباب الذين يستفيدون من السوق في تعلم اساليب التجارة وبالتالي المساهمة في تحقيق وتعزيز القوة الاقتصادية للمجتمع ورفاهيته.
- هل من الممكن تشبيه سوق الخميس بأسواق العرب القديمة؟
اشتهر الكثير من اسواق العرب في التاريخ والتي اكتسبت صفة الأسواق الدولية حيث كان يفد إليها العرب من كل أنحاء شبه الجزيرة العربية، ومن الشام والعراق واليمن على اختلاف قبائلهم وبيئاتهم وعقائدهم، فيلتقون في هذه الأسواق ويتبادلون فيها السلع ويقيمون أودهم ويتزوّدون بحاجياتهم وعرض إنتاجهم الفكري والأدبي شعرًا ونثرًا، وإقامة مجالس المفاخرة والمفاضلة بين الشعراء، وعقد حلقات السمر وتداول الأخبار ومزاولة الألعاب الرياضية كالفروسية والسباق والمصارعة، فلم تكن تلك الأسواق أسواقًا تجارية فحسب، بل صارت ميادين للأنشطة الأدبية بمختلف ألوانها ومسرحًا للأدب والشعر والخطابة والقضاء للفصل بين المتخاصمين والمتنافسين.
وتعد هذه الأسواق من أهم الظواهر الحضارية التي قدّمت عددًا من الخدمات، وأسهمت في الأنشطة الحضارية والاجتماعية ووفّرت كثيرًا من المواد التجارية والمتطلبات للحجاج والمتسوّقين والمسافرين، وعادت على أهلها بالمنافع المادية والفكرية، لا سيما على قبيلة قريش، حيث كان يقصدها الحجاج والتجار وقبائل العرب وأشهر هذه الأسواق ثلاثة: سوق عكاظ ومكانه الطائف، وسوق مَجَنَّة ومكانه شمال مكة المكرمة، وسوق ذو المجاز، وهناك اسواق أخرى منهأ سوق الرابية وسوق المشقر وسوق دومة الجندل وسوق نطاة خيبر أما في منطقتنا فكانت سوق هجر.
فيما مضى كانت سوق الخميس تشبه في فعاليتها وانشطتها اسواق العرب القديمة لأنها كانت اضافة الى التجارة تجمع الناس في وقت محدد وزمان محدد ليبيعوا ويشتروا بضائع فينتفعوا وينفعوا كما كانوا يتساعدون ويتدينون ويوفون بالتزاماتهم وكان الضمان هو ثقتهم ببعضهم البعض مما كان سببًا في تأسيس وزرع الثقة بين افراد المجتمع على امتداد رقعته الجغرافية الحضرية ولتمدد هذه الثقة إلى القبائل البدوية فيما مضى والتي كانت سوق الخميس المكان الذي يبيعون فيه منتجاتهم ويشترون منه ارزاقهم التي يحتاجونها لمعيشتهم.
كما أن سوق الخميس كانت تضم مقاهي يقصدها الحضر والبدو والمزارعين واصحاب المصالح يتواعدون للقاء فيها ليجلسوا ويتسامروا ويحلون قضاياهم ويعقدون صفقاتهم. كما كانت هذه المقاهي مجالس لأعيان البلاد ولأدبائها وشعرائها فكانت سوق القطيف سوق تجارية اجتماعية ساهمت في إثراء وصقل الشخصية القطيفية.
في هذه الأيام تضاءلت وتدهورت انشطة وفعاليات سوق الخميس ومن اسباب هذا التدهور تغير وقت السوق من يوم الخميس الى يوم السبت وظهور المجمعات التجارية الكبرى ولكن السبب الأقوى هو عدم تطوير هذا السوق ليواكب متطلبات العصر وليلبي رغبات الناس في هذا الزمن.
المصادر:
- https://bahrain2day.com/forums/index.php?/topic/372498
- (https://www.bbc.com/arabic/vert-fut-48861361)
- (https://ontology.birzeit.edu/term/)