مصدر الصورة: https://www.rpsgroup.com

المانغروف والأعشاب البحرية وتخزين الكربون الأزرق واهميته – بقلم المهندس صادق علي القطري

النظم البيئية الساحلية والبحرية مثل غابات المانغروف ومروج الأعشاب البحرية ومستنقعات المد والجزر تلتقط وتخزن كمية هائلة من الكربون. وهذا ما يسمى “الكربون الأزرق” لتمييزه عن عزل الكربون من الأرض.

كان هناك تركيز متزايد على الحفظ على ما يسمى بـ “النظم البيئية للكربون الأزرق” في السنوات الأخيرة، نظرًا لأهميتها في التخفيف من آثار تغير المناخ، وقيمتها في التنوع البيولوجي، والدور الرئيسي الذي تلعبه في سبل العيش الساحلي، فضلاً عن التهديدات الكبيرة التي تواجهها في جميع أنحاء العالم.

مصدر الصورة: ndcpartnership.org

كما توفر النظم البيئية الساحلية لأشجار المانغروف، ومستنقعات المد والجزر، ومروج الأعشاب البحرية العديد من الفوائد والخدمات الضرورية للتكيف مع تغير المناخ على طول السواحل على مستوى العالم، بما في ذلك الحماية من العواصف وارتفاع مستوى سطح البحر، ومنع تآكل السواحل، وتنظيم جودة المياه الساحلية، وتوفير موطن لمصايد الأسماك ذات الأهمية التجارية والأنواع البحرية المهددة بالانقراض، والأمن الغذائي للعديد من المجتمعات الساحلية. بالإضافة إلى ذلك، تعمل هذه النظم البيئية على عزل وتخزين كميات كبيرة من الكربون الأزرق الساحلي من الغلاف الجوي والمحيطات، ومن ثم يتم التعرف عليها الآن لدورها في التخفيف من تغير المناخ.

كذلك يمكن العثور على الكربون بشكل أو بآخر في جميع الكائنات الحية في التربة والنباتات والحيوانات والمياه والهواء ويتحرك بين هذه العوائل فيما يعرف بدورة الكربون. هذه الدورة، تسمي الأماكن التي تطلق الكربون في الغلاف الجوي “مصادر” الكربون وتلك التي “تحبس” الكربون تسمى “أحواض” الكربون. هناك عدد من “المصادر” و “الأحواض” ولكن لتبسيط الأمور، سنركز على الدور الذي تلعبه النباتات في قصة الكربون.

ويطلق أيضا على الغابات أحيانًا اسم “رئتي الكوكب” أي أن النباتات “تستنشق” ثاني أكسيد الكربون (CO2) من الهواء و “تتنفس” الأكسجين والفكرة العامة هي أن النباتات تستخدم ثاني أكسيد الكربون للمساعدة في إنتاج الطاقة التي تحتاجها للبقاء على قيد الحياة حيث يتم تخزين بعض من هذا الثاني أكسيد الكربون في النبات نفسه، وفي بعض الحالات، يتم نقل الكثير منه إلى التربة الموجودة تحته وبمرور الوقت، تتراكم رواسب التربة؛ تصبح الكتلة ثقيلة ومضغوطة. سريعًا إلى الأمام بضعة آلاف من السنين تتشكل المادة المتحللة في التربة في النهاية الى رواسب من الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز الطبيعي.

مصدر الصورة: https://blog.wcs.org

ويطلق أيضا على الغابات أحيانًا اسم “رئتي الكوكب” أي أن النباتات “تستنشق” ثاني أكسيد الكربون (CO2) من الهواء و “تتنفس” الأكسجين والفكرة العامة هي أن النباتات تستخدم ثاني أكسيد الكربون للمساعدة في إنتاج الطاقة التي تحتاجها للبقاء على قيد الحياة حيث يتم تخزين بعض من هذا الثاني أكسيد الكربون في النبات نفسه، وفي بعض الحالات، يتم نقل الكثير منه إلى التربة الموجودة تحته وبمرور الوقت، تتراكم رواسب التربة؛ تصبح الكتلة ثقيلة ومضغوطة. سريعًا إلى الأمام بضعة آلاف من السنين تتشكل المادة المتحللة في التربة في النهاية الى رواسب من الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز الطبيعي.

بالإضافة لذلك تعتبر الأراضي الرطبة (المانغروف والأعشاب البحرية والمستنقعات) من أكثر أحواض الكربون النباتية فاعلية حيث تشير بعض الدراسات إلى أنها تمتص ما يصل إلى عشرة أضعاف ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي عن متوسط ​​الغابات المطيرة وبينما تخزن معظم الغابات الاستوائية الكربون فوق الأرض، فإن الأراضي الرطبة تنقل أيضًا الكثير من الكربون إلى التربة.

وشجر المانغروف يعتبر نظام بيئي رئيسي للأراضي الرطبة في المناطق الاستوائية حيث تحجز الرواسب والمواد العضوية التي تحركها التيارات المائية عبر جذورها لتشكيل طبقات سميكة من طين المانغروف. كما يتم احتجاز الأوراق المتساقطة وغيرها من المواد النباتية والحيوانية المتحللة داخل الركيزة الطينية الخانقة مما يزيد من كمية الكربون المرتفعة في تربة المانغروف.

وبالرغم من الكثير من الفوائد لتخزين الكربون في التربة للنظم البيئية، تعد النظم البيئية الساحلية للكربون الأزرق من أكثر النظم البيئية المهددة على الأرض، حيث يتم تدمير ما يقدر بـ 340.000 إلى 980.000 هكتار كل عام وتشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 67٪ وما لا يقل عن 35٪ و 29٪ من التغطية العالمية لأشجار المانغروف ومستنقعات المد والجزر ومروج الأعشاب البحرية على التوالي قد فقدت.

وإذا استمرت هذه الاتجاهات بالمعدلات الحالية، فقد يتم فقد 30-40٪ أخرى من مستنقعات المد والجزر والأعشاب البحرية وتقريباً جميع أشجار المانغروف غير المحمية في المائة عام القادمة. عندما تتدهور هذه النظم البيئية أو تُفقد، يمكن أن تصبح مصادر مهمة لانبعاث ثاني أكسيد الكربون من غازات الاحتباس الحراري في كوكبنا. وتدمير غابات المانغروف تعتبر مشكلة بيئية طالما كتبت الكثير من المقالات بخصوصها ولطالما ألقيت الضوء عليها لأهميتها القصوى على الانسان والبيئة وإعادة التوازن للبيئة البحرية التي دمرناها في النصف قرن الماضية اما بشكل متعمد او لجهل بيئي او لسوء تخطيط او لمصالح شخصية للأسف او للمد العمراني وما الى ذلك من اسباب.

ما هي النظم البيئية للكربون الأزرق؟

غابات المانغروف هي نوع من الغابات الاستوائية، توجد على حافة اليابسة والبحر وتغمرها مياه المد والجزر بانتظام. غابات المانغروف هي من بين أكثر الغابات الغنية بالكربون في المناطق الاستوائية. تشير التقديرات إلى أن متوسط ​​معدل حبس الكربون السنوي لأشجار المانغروف يتراوح بين 6 إلى 8 ميغا غرام من مكافئ ثاني أكسيد الكربون للهكتار (أطنان من مكافئ ثاني أكسيد الكربون لكل هكتار). هذه المعدلات أكبر بحوالي مرتين إلى أربع مرات من المعدلات العالمية التي لوحظت في الغابات الاستوائية الناضجة.

أحد أشجار المانغروف المتبقية في خليج تاروت (تصوير: صادق علي القطري، فبراير 15, 2022).

توفر أشجار المانغروف ما لا يقل عن 1.6 مليار دولار أمريكي كل عام في خدمات النظام البيئي حسب الدراسات البيئية، والتي تشمل:

  • دعم مصايد الأسماك من خلال توفير مناطق تفريخ مهمة لأنواع الأسماك التجارية.
  • ترشيح الملوثات والملوثات من المياه الساحلية.
  • المساهمة في جودة المياه الساحلية.
  • حماية التنمية الساحلية والمجتمعات المحلية من العواصف والفيضانات وعوامل التعرية.

في الخمسين عامًا الماضية، تم فقد ما بين 30-50٪ من أشجار المانغروف على مستوى العالم وما زلنا نفقدها بمعدل سنوي 2٪. كما اننا فقدنا أكثر من 95% من أشجار القرم الموجودة في الساحل الشرقي للمملكة العربية السعودية إبتدأ من صفوى شمالا ومرورا بالقطيف وتاروت وعنك وانتهاء بالدمام جنوبا، بل أكثر من ذلك، فبعض المناطق دمرناها بالكامل خاصة في منطقة القطيف وعنك حيث لا يوجد اثرا يذكر لهدة الشجرة على الاطلاق وكذلك دمرنا البيئة الحاضنة لهذه الأشجار التي تتمنى الكثير من دول العالم ان تكون ضمن بيئتها. فقد كان من نتائج ذلك، تدمير البيئة البحرية مما ادى الى نقص حاد في ثروتنا السمكية التي تعيش عليها الكثير من الأسر. كذلك، فقدنا الكثير من الطيور المهاجرة التي كانت تعشعش على تلك الأشجار واختفاء الكثير من الاحياء البحرية التي لم نعد نراها او انقرضت من منطقتنا.

الأسباب الرئيسية لتدمير النظم الإيكولوجية للمانغروف كالتالي:

  • التمدد العمراني الجائر.
  • التنمية الساحلية غير المستدامة.
  • التخطيط السيئ.
  • تصريف مياه الصرف الصحي في البحر بالقرب من أشجار غابات المانغروف (ما زال قائما).
  • رمي النفايات ومخلفات الردم بالقرب من هذه الأشجار (ما زال قائما).
  • عدم قيام المؤسسات البيئية بدورها لوقف هذا التدمير المتعمد وغير المسئول.
دور تصريف مياه الصرف الصحي في البحر بالقرب من أشجار غابات المانغروف التي تقع في خليج تاروت (تصوير: صادق علي القطري، يناير 18, 2022).

ويقدر الخبراء أن الانبعاثات الناتجة عن تدهور غابات المانغروف يمكن أن تصل إلى 10٪ من إجمالي الانبعاثات الناتجة عن إزالة الغابات على مستوى العالم، على الرغم من أن غابات المانغروف لا تمثل سوى 0.7٪ من مساحة الغابات الاستوائية.

بالإضافة الى ما ذكرت, فقدنا الغطاء البحري الأخضر الجميل في الساحل الشرقي للمملكة والذي كان يمتد على مد البصر والذي يعتبر عاملا من عوامل التوازن البيئي المهم لتخزين الكربون الأزرق الذي تمتصه أشجار القرم من الجو وتخزنه في التربة حيث وضحت الكثير من الدراسات الحديثة والتي نشر بعضها في مجلة (Nature Geoscience Journal) حيث بينت هذه الدراسات:

؛؛أن غابات القرم (المانغروف) تخزن 456 طنًا من الكربون لكل فدان من هدة الغابات، في المتوسط ​​، أو ما يقرب من ثلاث إلى أربع مرات أكثر من العديد من الغابات المطيرة المعتدلة والاستوائية؛؛

أي ان هذه النباتات عامل مهم من عوامل التقليل من كمية الكربون في الجو مما ينتج عنه هواء نقي نظيف وينتج عنة التقليل من المخاطر الصحية على الافراد والمجتمعات وكذلك كوكب الأرض على حد سواء. وإذا لم تكن لديك فكرة عن ماهية تخزين الكربون فهو ببساطة القدرة على إخراج ثاني أكسيد الكربون، وهو غاز عديم اللون والرائحة، من الغلاف الجوي وتخزينه.

تبين الصورة مدى كثافة أشجار القرم وعلى مد البصر.  مصدر الصورة: www.alriyadh.com
أثر الدمار الذي لحق بأشجار المانغروف في خليج تاروت نتيجة لرمي النفايات، الردم وتصريف مياه الصرف الصحي (تصوير: صادق علي القطري، يناير 18, 2022).

أنهار المد والجزر

مستنقعات المد والجزر هي أراض رطبة ساحلية ذات تربة عميقة يتم بناؤها من خلال تراكم الرواسب المعدنية والمواد العضوية ثم تغمرها المياه المالحة التي جلبها المد والجزر. يوجد كل الكربون تقريبًا في النظم البيئية لأهوار المد والجزر في التربة، والتي يمكن أن يصل عمقها إلى عدة أمتار.

تشير التقديرات إلى أن متوسط ​​معدل احتجاز الكربون السنوي لأهوار المد والجزر يتراوح بين 6 إلى 8 ميغا غرام من مكافئ ثاني أكسيد الكربون للهكتار. هذه المعدلات أكبر بحوالي مرتين إلى أربع مرات من تلك التي لوحظت في الغابات الاستوائية الناضجة.

مصدر الصورة: https://www.bluemarinefoundation.com

تعمل مستنقعات المد والجزر على تصفية الملوثات من الجريان السطحي للأرض وبالتالي تساعد في الحفاظ على جودة المياه في المناطق الساحلية. إنها توفر موائل حرجة للعديد من مراحل دورة حياة الأنواع البحرية الهامة، وهو أمر ضروري لمصايد الأسماك الصحية والنظم الإيكولوجية البحرية الساحلية. وتعمل مستنقعات المد والجزر أيضًا كحاجز للمجتمعات الساحلية، حيث تمتص بعض الطاقة من العواصف والفيضانات وتساعد على منع الانجراف. يتم فقدان مستنقعات المد والجزر والمياه العذبة بمعدل 1-2٪ سنويًا.  وتشمل التهديدات الرئيسية للنظم الإيكولوجية لأهوار المد والجزر، التجفيف من أجل التنمية الساحلية، والتحويل إلى الزراعة، وارتفاع مستويات سطح البحر.

الأعشاب البحرية

الأعشاب البحرية هي نباتات مزهرة مغمورة بجذور عميقة توجد في المروج على طول شواطئ كل قارة باستثناء القارة القطبية الجنوبية. يتراكم الكربون في الأعشاب البحرية بمرور الوقت ويتم تخزينه بالكامل تقريبًا في التربة التي يصل عمقها إلى أربعة أمتار.

على الرغم من أن الأعشاب البحرية تمثل أقل من 0.2٪ من محيطات العالم، إلا أنها تحبس ما يقرب من 10٪ من الكربون المدفون في رواسب المحيطات سنويًا (27.4 تيرا غرام من الكربون سنويًا). لكل هكتار، يمكن للأعشاب البحرية تخزين ما يصل إلى ضعف كمية الكربون الموجودة في الغابات الأرضية. يمكن أن يصل مجموع الكربون العضوي للنظام البيئي العالمي للأعشاب البحرية إلى تقريبا 20  مليار طن متري.

مصدر الصورة: https://www.bluemarinefoundation.com

تعمل مروج الأعشاب البحرية على ترشيح الرواسب والمواد المغذية الأخرى من المياه وتعمل باستمرار على بناء وتأمين الرواسب، مما يحمي السواحل من التعرية والعواصف والفيضانات. كما أنها موائل مهمة لمصايد الأسماك والأنواع البحرية الرئيسية، مثل السلاحف البحرية وخراف البحر.

تعد الأعشاب البحرية موطنًا بحريًا رئيسيًا يتراجع عالميًا منذ ثلاثينيات القرن الماضي، ويقدر أحدث الإحصاءات أن %7 من الأعشاب البحرية تُفقد في جميع أنحاء العالم سنويًا وأنها أكثر النظم البيئية تهديدًا في العالم وأسرع وتيره. يمكن أن تكون التهديدات أرضية أو بحرية أو متعلقة بالمناخ، وكلها يمكن أن تؤثر على الأعشاب البحرية إما بشكل مباشر أو غير مباشر. فعلى الصعيد العالمي، تم فقد حوالي 29٪ من النظم البيئية للأعشاب البحرية على الأرض. تشمل التهديدات الرئيسية للأعشاب البحرية تدهور جودة المياه بسبب سوء استخدام الأراضي، مثل إزالة الغابات والجرف.

مصدر الصورة: https://www.grida.no

لماذا تعتبر النظم البيئية الساحلية والبحرية مهمة للتخفيف من آثار تغير المناخ؟

تخفف النظم البيئية الساحلية لأشجار المانغروف ومروج الأعشاب البحرية ومستنقعات المد والجزر من تغير المناخ عن طريق عزل ثاني أكسيد الكربون (CO2) من الغلاف الجوي والمحيطات بمعدلات أعلى بكثير، لكل وحدة مساحة، من الغابات الأرضية. يتم تخزين رواسب الكربون المتراكمة داخل هذه الأنظمة فوق الأرض في الكتلة الحيوية للنباتات (جذوع الأشجار والسيقان والأوراق)، وتحت الأرض في الكتلة الحيوية للنبات (أنظمة الجذر والجذور)، وفي التربة العضوية الغنية بالكربون النموذجية لهذه النظم البيئية.

يتم تخزين الكربون بشكل أساسي تحت الأرض في تربة النظم البيئية الساحلية. من الكربون الأزرق الساحلي المخزن في غابات المانغروف ومستنقعات المد والجزر ومروج الأعشاب البحرية حيث يوجد 50-99 ٪ في التربة تحت الأرض. يمكن أن يصل عمق مخازن الكربون في التربة الغنية إلى ستة أمتار تحت السطح، حيث يمكن أن تبقى لفترات طويلة جدًا (تصل إلى آلاف السنين).

تقدر الدراسات الحديثة تخزين الكربون في أعلى متر من التربة بحوالي 280 ميغا غرام من الكربون هكتار واحد لأشجار المانغروف، و 250 ميغا غرام كربون في الهكتار لمستنقعات المد والجزر، و 140 ميغا غرام كربون في الهكتار لمروج الأعشاب البحرية، أي ما يعادل 1030 ميغا غرام من الكربون مكافئ ثاني أكسيد لكل هكتار (Mg CO2eq ha 1) لأشجار المانغروف في مصبات الأنهار، و 920 (Mg) من مكافئ ثاني أكسيد الكربون في الهكتار لمستنقعات المد والجزر، و520 ميكروغرام من مكافئ ثاني أكسيد الكربون هكتار لمروج الأعشاب البحرية. عند إضافة الكربون في النباتات، فإن متوسط ​​تخزين الكربون هو 1،494 و 951 و 607 ميغا غرام من مكافئ ثاني أكسيد الكربون هكتار لأشجار المانغروف ومستنقعات المد والجزر ومروج الأعشاب البحرية على التوالي.

فعندما تتدهور النظم الإيكولوجية الساحلية أو تُفقد أو تتحول إلى استخدامات أخرى للأراضي، فإن المخزونات الكبيرة من الكربون الأزرق في التربة تنكشف وتنطلق على شكل ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي أو المحيط. قد تؤدي المعدلات الحالية لفقدان هذه النظم البيئية إلى إطلاق 0.15-1.02 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا.

على الرغم من أن المساحة العالمية المشتركة لأشجار المانغروف ومستنقعات المد والجزر ومروج الأعشاب البحرية تعادل 2-6٪ فقط من إجمالي مساحة الغابات الاستوائية، فإن تدهور هذه الأنظمة يمثل 3-19٪ من انبعاثات الكربون الناتجة عن إزالة الغابات في العالم. لاحظ أن التقديرات السابقة لتأثير غازات الاحتباس الحراري على تحويل النظام الإيكولوجي الساحلي لم تأخذ إلا في الحسبان فقدان العزل وليس إطلاق الكربون، وبالتالي كانت تقديرات أقل من الواقع. يشير التحليل الأخير إلى أن الخسارة السنوية للأنظمة البيئية الثلاثة للكربون الأزرق تؤدي إلى انبعاثات (0.45 ميكروغرام من ثاني أكسيد الكربون في العام على غرار انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الوقود الأحفوري السنوي في المملكة المتحدة الدولة التاسعة في العالم من حيث الانبعاثات).

أين توجد النظم البيئية الساحلية للكربون الأزرق؟

توجد النظم البيئية الساحلية للكربون الأزرق على طول سواحل كل قارة باستثناء القارة القطبية الجنوبية. تنمو أشجار المانغروف في منطقة المد والجزر للشواطئ الاستوائية وشبه الاستوائية. تشمل البلدان التي تضم أعلى مساحات من أشجار المانغروف إندونيسيا وأستراليا والمكسيك والبرازيل ونيجيريا وماليزيا وميانمار وبابوا غينيا الجديدة وكوبا والهند وبنغلاديش وموزمبيق.

مستنقعات المد والجزر هي أنظمة إيكولوجية بين المد والجزر تحدث على سواحل محمية تتراوح من شبه القطب الشمالي إلى المناطق المدارية، على الرغم من انتشارها على نطاق واسع في المناطق المعتدلة، بشكل رئيسي في أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا وفي خطوط العرض العليا لأمريكا الجنوبية وأفريقيا.

مروج الأعشاب البحرية عبارة عن مجتمعات من النباتات المزهرة تحت الماء الموجودة في المياه الساحلية لجميع القارات باستثناء القارة القطبية الجنوبية. من المعروف وجود أكثر من 60 نوعًا من الأعشاب البحرية، وقد يتواجد ما يصل من 10 إلى 13 نوعًا منها في المواقع الاستوائية. فبالرغم من أن العديد من البلدان تشرع في الجهود المبذولة لتحديد هذه الأنظمة وتحديدها بشكل أفضل، لا توجد حاليًا خرائط إقليمية وعالمية لنقاط الكربون الأزرق الساحلية الساخنة.

يتم توزيع غابات المانغروف في جميع أنحاء السواحل الاستوائية وشبه الاستوائية في العالم. على الرغم من وجود بعض التداخل، إلا أنه يمكن اعتبارها بديلاً عن المسطحات الطينية في السواحل المعتدلة والقطبية. مصدر الصورة: https://www.coastsandreefs.net/

أسباب فقدان النظم البيئية الساحلية للكربون وكيفية تقليلها؟

تختلف الأسباب الرئيسية للتحول والتدهور في النظم البيئية للكربون الأزرق في جميع أنحاء العالم ولكنها مدفوعة إلى حد كبير بالأنشطة البشرية ومن المتوقع أن تستمر هذه التأثيرات وأن تتفاقم بسبب تغير المناخ.

الأسباب المشتركة هي:

  • تربية الأحياء المائية والزراعة.
  • استغلال غابات المانغروف.
  • مصادر التلوث البرية والبحرية.
  • التنمية الساحلية الصناعية والحضرية.

فعلى الصعيد العالمي، تم تطوير وتنفيذ العديد من السياسات واستراتيجيات الإدارة الساحلية والأدوات المصممة للحفاظ على النظم الإيكولوجية الساحلية واستعادتها. السياسات وآليات التمويل التي يجري تطويرها للتخفيف من تغير المناخ قد توفر طريقًا إضافيًا للإدارة الساحلية الفعالة. يوفر الكربون الأزرق الآن إمكانية حشد أموال وإيرادات إضافية من خلال الجمع بين أفضل الممارسات في إدارة السواحل وأهداف واحتياجات التخفيف من تغير المناخ.

الاستثمار في حفظ واستعادة النظم البيئية الساحلية للكربون الأزرق لتقليل الكربون المنبعث في الغلاف الجوي؟

الدخل الذي يمكن تحقيقه من خلال الحفاظ على النظم البيئية الساحلية لتخزين الكربون الأزرق أو إمكانية عزله يمكن مقارنته (أو قد يتجاوز) دخل العديد من الأسباب الشائعة للتحول أو التدهور (مثل أحواض الأسماك والثروة الحيوانية). يمكن الحصول على تمويل الكربون هذا من سوق الكربون أو من أي آلية تنظيمية أخرى. ومع ذلك، هناك ظروف محددة يكون فيها الحفاظ على النظم البيئية الساحلية للكربون الأزرق أو ترميمها مكلفًا بشكل مفرط، أو أن الدخل المحتمل من استخدامات معينة للأراضي (مثل الفنادق ومناطق الجذب السياحي) مربح بدرجة كافية، وأن الكربون وحده ليس دافعًا كافيًا للحفظ.

مصدر الصورة: https://www.thebluecarboninitiative.org

ما هو اليقين العلمي لعزل الكربون وتخزينه وانبعاثاته من النظم البيئية الساحلية للكربون الأزرق؟

طور العلماء طرقًا قوية لقياس ومراقبة الكربون الأزرق المخزن في الكتلة الحيوية النباتية والتربة في غابات المانغروف ومستنقعات المد والجزر والأعشاب البحرية بشكل موثوق. وبالمثل، توجد طرق فعالة لتقدير فقد الكربون من هذه الأنظمة إذا تم تدهورها أو تحويلها. فقد تم وضع بروتوكولات لقياس الكربون الأزرق المخزن في غابات المانغروف لبعض الوقت، وأصبحت الأساليب ذات الصلة في المستنقعات والمد والجزر ومروج الأعشاب البحرية موحدة الآن.

يتوفر دليل ميداني مفصل لـ “طرق تقييم مخزون الكربون وعوامل الانبعاثات في المانغروف ومستنقعات المد والجزر والأعشاب البحرية” في قسم الموارد لدينا، وتسمح الطرق الموحدة الموضحة بجمع متسق للبيانات القابلة للمقارنة في هذه الموائل حول العالم. تتوافق المنهجيات الواردة في الدليل الميداني مع المعايير الدولية فيما يتعلق بالمبادئ التوجيهية للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) وكتب المصادر ذات الصلة (طورت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ مؤخرًا ملحق 2013 لإرشادات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ لعام 2006 بشأن قوائم الجرد الوطنية لغازات الاحتباس الحراري: الأراضي الرطبة).

غير أن الاختلافات في البنية التحتية التقنية والخبرة قد تقيد تطبيق بعض الأساليب والتقنيات، وبالتالي قد تحتاج البلدان النامية إلى دعم إضافي للتنفيذ الفعال.

كذلك يوجد عدد من الآليات الحالية التي تشجع على التخفيف من آثار تغير المناخ من خلال الحفاظ على النظم الطبيعية واستعادتها. يمكن تكييف العديد من هذه الآليات وتطبيقها على النظم البيئية الساحلية للكربون الأزرق. ومع ذلك، فإن معظم هذه الفرص تركز على الكربون الموجود في الكتلة الحيوية النباتية فوق الأرض ولا تمثل حاليًا الكربون في التربة.

بدأت هيئات السياسة الدولية مثل اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) وغيرها في تضمين الكربون الأزرق في مناقشاتها حول النظم البيئية الطبيعية. تظهر الآليات ذات الصلة مثل الحد من الانبعاثات من خلال تقليل إزالة الغابات (REDD +) وإجراءات التخفيف الملائمة الوطنية (NAMAs) كوسيلة للبلدان النامية للوصول إلى تدفقات التمويل الدولية لتخفيف الكربون ولتنفيذ البرامج والسياسات على المستوى الوطني.

على المستويات المحلية، يتم تطوير آليات التنمية النظيفة (CDMs) للمساعدة في تمويل إجراءات التخفيف من حدة المناخ التي قد تشمل حفظ النظام البيئي الساحلي. ومن المرجح أن تكون أسواق الكربون الطوعية مصدرًا للدعم المالي لأنشطة الحفاظ على النظم الإيكولوجية الساحلية واستعادتها.

السؤال الذي يطرح نفسه هو هل يمكن للكربون الأزرق الساحلي أن يحفز ويدعم حفظ واستعادة النظم البيئية الساحلية؟

نعم! يُعد العدد الكبير والمتزايد من المشاريع الإيضاحية على مستوى موقع الكربون الأزرق الساحلي التي يتم تنفيذها حاليًا من قبل مختلف البلدان والمنظمات في جميع أنحاء العالم دليلًا قويًا على قدرة الكربون الأزرق على تحفيز الحفظ. ومن الأمثلة على ذلك مشاريع صناديق كسب العيش في [Sundarbans – الهند، Casamance – السنغال، وYagasu – إندونيسيا] ؛ مركز البحوث للموارد الساحلية والبحرية، وزارة الشؤون البحرية ومصايد الأسماك في إندونيسيا؛ مشروع أبو ظبي الإيضاحي.

ومشروع إعادة تشجير أشجار المانغروف ميكوكو باموجا في كينيا وكذلك مبادرة السعودية الخضراء ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر، علاوة على المبادرة العالمية نحو الحد من تدهور الأراضي وتعزيز وحماية الموائل البرية لإصلاح الأراضي ووقف تدهور التربة، إضافة إلى المبادرة العالمية للحفاظ على الشعب المرجانية التي أُعلن عنها أثناء رئاسة المملكة لمجموعة العشرين في 2020، والمبادرة التي أطلقتها مؤخراً، “نيوم” بالتعاون مع المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر بزراعة 100 مليون شجرة محلية كجزء من العشرة مليارات شجرة التي ستتم زراعتها حول العالم، وإعادة تأهيل 1.5 مليون هكتار من الأراضي والمحميات الطبيعية وإصلاح موائل الحياة البرية في “نيوم”.

بالإضافة الى ذلك, تشمل المشاريع الأخرى التي تركز على الإدارة المستدامة أو استعادة النظم الإيكولوجية البحرية الساحلية، مشروع زامبيزي مانغروف للكربون في تنزانيا وموزمبيق، ومشروع المانغروف البحري الكبير لتيار الكناري في غامبيا والسنغال وغينيا بيساو وغينيا. سيؤدي دمج مشاريع الكربون الأزرق الساحلية في أسواق الكربون الحالية وخطط التجارة إلى زيادة تحفيز تطوير المشاريع على مستوى الموقع التي تحمي أشجار المانغروف ومستنقعات المد والجزر والأعشاب البحرية.

الخلاصة

تمتص أشجار المانغروف، والأعشاب البحرية، ونباتات المستنقعات المدّية الكربون من الهواء والماء من أجل التمثيل الضوئي. يتم تخزين هذا الكربون في أوراقها وأغصانها وجذورها، والتي تحافظ أيضًا على الرواسب في مكانها وبالتالي تخلق “أحواض كربون” فعالة للغاية. في الواقع، تظهر الأبحاث أن هذه النظم البيئية تخزن كمية من الكربون لكل وحدة مساحة أكثر من الغابات الأرضية. ومع ذلك، مثل الغابات، إذا تدهورت هذه المناطق، فإنها تطلق هذا الكربون مرة أخرى في الغلاف الجوي، مما يساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري. ومما يدعو للقلق، فقد ما يقرب من ثلث الأعشاب البحرية في العالم في القرن ونصف القرن الماضي، وتضيع أشجار المانغروف في العالم بمعدل 2٪ سنويًا، ولا يزال أقل من نصف المستنقعات الملحية في العالم على قيد الحياة الآن.

ولكن مع التركيز والوعي العالميين، هناك أمل. تمت مناقشة النظم البيئية للكربون الأزرق من قبل قادة العالم في اللجنة رفيعة المستوى لاقتصاد المحيطات المستدام في قمة المناخ (COP26). فقد اشاروا أن زيادة حماية النظم البيئية للكربون الأزرق ستمنع أكثر من مليار طن من الكربون من دخول الغلاف الجوي بحلول عام 2050.

المصادر:

  1. https://www.thebluecarboninitiative.org/about-blue-carbon#ecosystems
  2. https://blog.wcs.org/photo/2021/12/02/what-is-blue-carbon-and-why-is-it-important/
  3. https://www.audubon.org/news/measuring-carbon-mangrove-forests-important-climate-change-consideration
  4. https://www.arabnews.com/node/1953386/saudi-arabia
  5. https://wwf.panda.org/wwf_news/?210971/Sinks-and-Sources—Awesome-Mangroves
  6. http://mangrovesforfiji.com/mangroves/carbon-sequestration
  7. https://www.alriyadh.com/803720
  8. https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AE%D9%84%D9%8A%D8%AC_%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%88%D8%AA
  9. https://www.qatifscience.com/2022/07/23/%d8%af%d8%b9%d9%88%d8%a9-%d9%84%d8%aa%d8%a3%d8%b3%d9%8a%d8%b3-%d9%88%d8%a5%d9%82%d8%a7%d9%85%d8%a9-%d9%85%d9%87%d8%b1%d8%ac%d8%a7%d9%86-%d8%b3%d9%86%d9%88%d9%8a-%d9%84%d8%a5%d8%b9%d8%a7%d8%af%d8%a9/

مواضيع بيئية ذات صلة لنفس الكاتب:

  1. https://www.qatifscience.com/2022/01/20/الشجرة-التي-دمرناها-بأيدينا-بقلم-المه/
  2. https://www.qatifscience.com/2021/12/14/أثر-رمي-النفايات-العشوائي-على-الصحة-ال/
  3. https://www.qatifscience.com/2021/12/07/أوقفوا-تدمير-بيئتنا-البحرية-المتعمد-ب/
  4. https://www.qatifscience.com/2021/12/03/مناحل-شجرة-القرم-بقلم-المهندس-صادق-علي/
  5. https://www.qatifscience.com/2021/11/29/مهرجان-شجرة-القرم-السنوي-بقلم-المهندس/
  6. https://www.qatifscience.com/2021/10/08/نحو-استراتيجية-واحات-خضراء-وإعادة-ما-د/
  7. https://www.qatifscience.com/2021/09/28/حان-الوقت-لتأسيس-صناعة-بحرية-وبيئية-فا/
  8. https://www.qatifscience.com/2021/07/14/إعادة-استزراع-أشجار-المانجروف-القرم-و/
  9. https://www.qatifscience.com/2021/03/20/أشجار-المانجروف-القرم-وسبل-المحافظة-ع/
  10. https://www.qatifscience.com/2022/07/23/%d8%af%d8%b9%d9%88%d8%a9-%d9%84%d8%aa%d8%a3%d8%b3%d9%8a%d8%b3-%d9%88%d8%a5%d9%82%d8%a7%d9%85%d8%a9-%d9%85%d9%87%d8%b1%d8%ac%d8%a7%d9%86-%d8%b3%d9%86%d9%88%d9%8a-%d9%84%d8%a5%d8%b9%d8%a7%d8%af%d8%a9/
المهندس صادق علي القطري

2 تعليقات

  1. يعطيك العافية، أثريت ووفيت، بارك الله فيك، وفقت لكل خير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *