فنون البحر في الخليج شكلت إرثاً غنياً تنوع بحسب ما تفتقت عنه القرائح واستجوبته الحاجة عبر الأزمان المختلفة، ولذلك ما فتئت الروح الخلاقة والفطرة البديهية والقدرة الإبداعية لإنسان هذه الأرض تقدم ابتكاراتها التي توائم البيئة وتواجه التحديات بالأفكار والمثابرة. ولا بد من أن البحر هو أهم سُوح المواجهة الإيجابية بين الإنسان المبدع وشروط الطبيعة. حيث المثل المشهور “الحاجة أمّ الاختراع” سائراً إلى هذا اليوم، فقد تأكد ذلك يوماً حينما ابتكر الإنسان الخليجي “القرقور” لصيد الأسماك.
القرقور يعتبر أهم أساليب صيد السمك التي عرفها الآباء والأجداد، ولا يزال العديد من الصيادين يعتزون به ويستخدمونه إلى وقتنا الحالي. الصيد بالقراقير يأخذ فترة تستغرق 4 إلى 5 أيام لعملية الصيد الواحدة، وهو زمن طويل قياساً إلى الصيد بالشباك إلا أن الصيد بالقراقير يأتي بأنواع وأحجام أسماك مختلفة بعكس الشباك التي تصطاد من خلالها أسماك كبيرة أو صغيرة بحسب مقدار فتحات الشبكة، أي أن الشباك كبيرة الفتحات ولا يمكن أن تصطاد أسماكاً صغيرة.
القرقور يصنع من أسلاك الحديد المعروفة باسم «السيم»، وهي أربعة أنواع بحسب أحجامها، أكبرها هو الدوباي العود ويسمى قطعة 4، ثم قطعة 3، ودوباي باعين، و«باع ونصف»، مشيراً إلى أن قطعة 3 وقطعة 4، تستخدمان في الصيد داخل المياه العميقة، أما النوعان الآخران فيناسبان المناطق قرب الشاطئ. وعملية الصيد تحتاج عدداً من القراقير تبدأ بعشرة قراقير إلى 60 أو 70 بحسب حاجة وقدرة الصياد أو مجموعة الصيادين، ويتم ربط كل عشرة قراقير في حبل، ويتم وضع القراقير في مكان الصيد مدة من 4 إلى 5 أيام، ويتم التعرف على مكان وجودها في البحر بالبوصلة.