اسم الكتاب: التحدث إلى ابنتي عن الإقتصاد، تاريخ موجز للرأسمالية
Talking to my daughter about the economy, A Brief History of Capitalism
مؤلف الكتاب:
السيد يانيس فاروفاكيس (Yanis Varoufakis)، وزير المالية اليوناني السابق ومؤلف العديد من الكتب الدولية الأكثر مبيعا. ولد السيد يانيس فاروفاكيس في أثينا في عام ١٩٦١م، وكان لسنوات عديدة أستاذا للإقتصاد في بريطانيا وأستراليا والولايات المتحدة الأمريكية قبل دخوله الحكومة. ويعمل حاليا أستاذا للإقتصاد في جامعة أثينا. منذ استقالته من وزارة المالية اليونانية، شارك في تأسيس حركة شعبية دولية، باسم (DiEM25)، وهذه الحركة تقوم بحملة نضالية من أجل إحياء الديمقراطية في أوروبا وتتحدث إلى آلاف الجماهير في جميع أنحاء العالم. ومن كتبه:
- الضعفاء يعانون بقدر ما يجب عليهم؟: أوروبا والتقشف والتهديد للاستقرار العالمي. Weak Suffer What They Must? Europe, Austerity and the Threat to Global Stability يكشف هذا الكتاب عن المشاكل الكامنة التي أدت إلى أزمة منطقة اليورو وسوء التعامل الكارثي المستمر معها.
- البالغون في الغرفة: معركتي مع مؤسسة أوروبا العميقة. Adults In the Room: My Battle with Europe’s Deep Establishment هذا الكتاب عبارة عن مذكرات متفجرة تكشف ما يدور وراء الكواليس في أروقة السلطة في أوروبا.
- التحدث إلى ابنتي عن الإقتصاد: تاريخ موجز للرأسمالية. Talking To My Daughter About the Economy: A Brief History of Capitalism في هذا الكتاب يشرح المؤلف من خلال قصص حية ومفاهيم يسهل فهمها ما هو الاقتصاد في الواقع ولماذا هو خطير جدا في شكل رسالة إلى ابنته المراهقة.
منصة الوميض** (Blinkist) قامت بتلخيص الكتاب في ثماني ومضات معرفية، وهي كالتالي:
مقدمة: ماذا يوجد بداخل هذا الكتاب بالنسبة لي؟ انه كتاب تمهيدي يشرح فيه النظرية الاقتصادية بطريقة سهلة ومرحة.
المصطلحات الاقتصادية كثيرة، ومنها مثلا وليس حصرا: منحنيات العائد، المقايضات الافتراضية، متوسط الطلب الكلي، وهكذا. لذلك يمكن أن يكون الاقتصاد موضوعا شاقا. حتى تغطية المصطلحات الأساسية يمكن أن تكون صعبة. ومع ذلك، في عالمنا الذي يعتمد على الأمور المالية كثيرا، أصبح فهم طبيعة المال والسوق أكثر أهمية من أي وقت مضى.
هذا هو بالضبط السبب في أن وزير المالية اليوناني السابق السيد يانيس فاروفاكيس (Yanis Varoufakis) ألف كتابا بعنوان: التحدث إلى ابنتي عن الاقتصاد – لتقديم الفروق الدقيقة في هذا المجال المعقد ويبرزه بشكل واضح لدرجة أنه حتى المراهق يمكنه فهم الأساسيات للنظرية الاقتصادية.
هذه الومضات المعرفية تلتقط النقاط الرئيسية من هذا الكتاب التمهيدي السهل وتمكن القارئ لفهم النظرية الاقتصادية. سوف يحصل القارئ على قائمة قوية من خصوصيات وعموميات المشهد المالي المعاصر. ستكتشف من أين يأتي المال، وكيف أصبح منطق السوق يهيمن على حياتنا اليومية، وكيف يمكننا تكييف الاقتصاد للعمل من أجل الجميع.
في هذه الومضات المعرفية سوف تتعلم:
- كيف تختلف مصقعة الباذنجان عن جهاز الآيباد؟
- لماذا السجائر تعتبر عملة ممتازة؟ و
- كيف يمكن للأتمتة أن تحطم الاقتصاد؟
ومضة رقم ١ – مهدت الفوائض الزراعية الطريق لعدم المساواة الاقتصادية الحديثة:
في شهر يناير من عام ١٧٨٨م، وصلت إحدى عشرة سفينة بريطانية إلى شواطئ أستراليا. جلب هؤلاء المستعمرون الأوائل البنادق والأدوات المعدنية والحيوانات الأليفة والأمراض الأوروبية. سكان أستراليا الأصليون، ليس لديهم أي من هذه الأشياء. بالكاد يستطيعون المقاومة لأن الوافدين الجدد يستولون على منازلهم.
لماذا حدث ذلك بهذه الطريقة وليس العكس؟ لماذا لم يغزو السكان الأصليون في استراليا مدينة لندن؟ ليس الأمر أن السكان الأصليين كانوا بطبيعتهم أقل تطورا من الأوروبيين. لا، كان الفارق الرئيسي هو الظروف المادية التي تطور فيها كل مجتمع.
بينما كان بإمكان السكان الأصليين العيش بسهولة على طريقة مجتمع الصيادين، اعتمد البريطانيون على الزراعة – مما أدى إلى سلسلة كاملة من التطورات اللاحقة في حياتهم.
الرسالة الرئيسية في هذه الومضة هي: مهدت الفوائض الزراعية الطريق لعدم المساواة الاقتصادية الحديثة.
إذن، كيف تؤدي الزراعة إلى احتلال أوروبا لمعظم أنحاء العالم؟ حسنًا، منذ ١٢،٠٠٠ عام، عندما بدأ البشر في الزراعة، كانت هذه هي المرة الأولى التي يتمكن فيها الناس من إنتاج المزيد من الطعام أكثر مما يحتاجون إليه بالفعل للبقاء على قيد الحياة. سمح هذا الإنتاج الزائد، الذي يسمى الفائض، بمزيد من الأمن المادي، ولكنه تطلب أيضا اختراعات جديدة للحفاظ على فائض الإنتاج في المستقبل وإدارته.
أولاً، تطلب الأمر من توفر المباني للتخزين، والكتابة للمتابعة، والحراس لضمان السلامة. مع وجود هذه العناصر في مكانها الصحيح، يمكن للأشخاص بدء التداول التجاري. تداول الذرة بالقمح وتداول القمح بالشعير. يمكنك أيضًا ترك الفائض ببساطة في مكانه وتداول الرموز المميزة التي تمثله. أو تبادل الرموز المميزة بالفائض الذي لم يكن موجودًا بعد. وفجأة، لديك المال وخطوط الائتمان لعملية القروض.
ومع ذلك، فإن المال يعمل فقط عندما يعتقد الجميع بحقيقة ذلك. لهذا السبب، كان لا بد من تعزيز قيمته بالقوة. ومن أجل ذلك، طورت هذه المجتمعات بيروقراطيات لتتبع الأموال والجيوش لضمان شرعيته. قريبا جدا، لديك طبقة كاملة من الناس الذين لا ينتجون فائضا ولكن لديهم قوة هائلة على توزيعه. فجأة، هناك تسلسل هرمي.
لذلك، بينما كان السكان الأصليون يعيشون جنبًا إلى جنب، ويطورون مجتمعًا غنيًا بالشعر والموسيقى والأساطير، كان الأوروبيون يراكمون الفوائض ويطورون مجتمعًا قائمًا على المال والإدارة والتسلسل الهرمي. لم يكن التفاوت المادي بين هذه المجتمعات قائمًا على اختلافات متأصلة أو فطرية، مثل علم الوراثة، ولكنه كان نتيجة لظروف مادية مختلفة.
ولكن، كما نعلم، لم يرى الأوروبيون الأمر بهذه الطريقة. كان لديهم، مثل جميع الثقافات، نظام معتقدات – أيديولوجية – عززت الظروف المحيطة بهم على أنها حتمية وصحيحة. بالنسبة لهم، لم يكن لديهم هذه الثقافات الأيديولوجية فحسب، بل انهم يعتقدون انهم يستحقوا أكثر من ذلك. وهكذا، عندما وصل المستعمرون في عام ١٧٨٨م، شعروا أن أستراليا ملكهم للإستيلاء عليها.
ومضة رقم ٢ – مجتمع السوق لدينا يضع القيمة التبادلية فوق كل شيء آخر:
في يوم الاحد من عيد الفصح. تجلس العائلة حول الطاولة لتناول مصقعة الباذنجان، وتتبادل النكات. وتكون الشمس وفتها دافئة، والطعام جيد، والجميع يضحك. حقا، هذه هي الأشياء الجيدة والتي نستمتع فيها بالحياة. ولكن، هل هذه الأشياء مثل البضائع التي يمكن ان تشتريها من شركة أمازون؟
لا، ليس على الإطلاق. تم تقديم السلع مثل مصقعة جدتك من أجل المشاركة بين أفراد العائلة. قيمتها متجذرة في الاستخدام. السلع التي نشتريها من شركة أمازون، مثل الساعة أو جهاز الايباد هي سلعا مختلفة. إنها سلع وبضائع تباع في السوق. قيمتها هي في سعرها، وتسمى أحيانًا القيمة التبادلية.
إذن، أي نوع من هذه السلع او البضائع أكثر قيمة؟ شئنا أم أبينا، في عالمنا المعاصر، تسود القيمة التبادلية.
الرسالة الرئيسية في هذه الومضة هي: مجتمع السوق لدينا يضع القيمة التبادلية فوق كل شيء آخر.
نطلق على مجتمعنا مجتمع السوق لأن منطق التبادل قد اخترق كل جانب من جوانب الحياة تقريبا. المنزل الذي تعيش فيه، والأرض التي نجلس عليها، وحتى وقتك وجهدك – يتم تعيين سعر لكل هذه الأشياء وبعد ذلك يتم تبادلها في السوق. باختصار، فهي بضاعة ويتم تسليعها.
لم يكن الأمر كذلك دائما. في حين أن المجتمعات القديمة كان لديها أسواق، إلا أنها لم تكن قوة مهيمنة. خذ مثال على ذلك أوروبا ما قبل الصناعة في العصور الوسطى. لم يتم شراء الأرض وبيعها، بل ورثها اللوردات. لم يحصل الأقنان (الحاشية من خدم وعبيد وأتباع) على أي أجر؛ بل كانوا يزرعون فقط لإنتاج الطعام. صادر اللوردات قيمة هذا الطعام مقابل قيمة الحماية. كان هذا تبادلا، ولكنه لم يكن سوقا.
لم تكن هناك أسعار، فقط واجبات وامتيازات وهي التي تحكم من يتلقى السلعة.
عندما بدأت التجارة العالمية في القرن السادس عشر، إنهار هذا النظام. جمع التجار الثروة من خلال بيع السلع المتينة (المعمرة) مثل الصوف للتصدير. رأى اللوردات أن الفلاحين الذين يزرعون الغذاء لم يصنعوا سوى سلعا لاستخدامها – ولا شيء للبيع. لذلك، رغبة منهم في الدخول في العمل، طردوا الفلاحين من الأرض وبدأوا هم في استخدامها لإنتاج سلعا مثل الصوف.
فجأة، كان للأرض قيمة تبادلية. اضطر الفلاحون، الذين لم يعودوا قادرين على صنع طعامهم بأنفسهم، إلى التجول في الأرض لبيع الشيء الوحيد الذي يمتلكونه: وقتهم وكدحهم. الآن، كان للعمالة قيمة تبادلية أيضا.
أدى ظهور التصنيع وأعمال المصانع إلى تكثيف هذه العملية فقط. سرعان ما كان معظم الناس يبيعون وقتهم وكدهم في سوق العمل من أجل تحمل تكاليف وشراء السلع من سوق البضائع. مع مرور الوقت، أصبح المجتمع يركز على هذه التبادلات السوقية.
ومضة رقم ٣ – الديون تغذي الجوع المستمر لمجتمع السوق من أجل تحقيق الأرباح:
لنفترض أنك من أحد العبيد أو الخدم، ومن ثم، تم طردك حديثًا من أرض سيدك. ومن أجل البقاء على قيد الحياة في مجتمع السوق الجديد هذا، عليك أن تكسب المال. في هذه الحالة، يمكنك الذهاب لبيع وقتك وجهدك من أجل العمل في مناجم الفحم المفتوحة حديثًا، أو يمكنك الدخول في أعمال إنتاج الصوف. من الواضح أن هذا الأخير هو الأفضل. لكن لا تنسى ان هناك ثمن.
أولاً، تحتاج إلى تغطية تكاليف بداية التشغيل للعمل الجديد. كما أنت أيضا بحاجة إلى المال لاستئجار بعض الأراضي وشراء بعض الأغنام ودفع رواتب بعض العمال. لحسن الحظ، يمكن لأحد هوامير القروض في منطقتك من مساعدتك – إذا دفعت له فائدة. حينها يمكن لك أن تعقد الصفقة.
تهانينا، لم تعد عبدًا أو خادما! بعد الآن، أنت رائد أعمال. أنت أيضًا مدين، والطريقة الوحيدة للتخلص من هذه الديون هي تحقيق الأرباح.
الرسالة الرئيسية في هذه الومضة هي: الديون تغذي الجوع المستمر لمجتمع السوق من أجل تحقيق الأرباح.
لطالما ساعد الناس بعضهم البعض. سيساعد أحد الجيران شخصا آخرا على تقطيع شجرة على سبيل المثال، مع العلم أنه في المقابل يمكنهم طلب المساعدة في الأسبوع القادم. تستند أعمال المساعدة المتبادلة هذه إلى مفهوم التضامن المجتمعي. بعد كل شيء، عندما يقول شخص ما، “شكرا، أنا مدين لك بواحدة”، فإنهم لا يقصدون ذلك حرفيا.
طبيعة الدين مختلفة لأنها تقدم عنصرين جديدين لهذه العلاقة. الأول – العقد – وهذا العنصر يضفي الطابع الرسمي على هذه المعاملة كالتزام قانوني، غالبًا ما يتم دفعه بمبالغ صريحة من القيمة التبادلية. العنصر الثاني هو الفائدة. هذه هي القيمة المضافة التي يدين بها المدين بالإضافة إلى القرض نفسه.
في مجتمع السوق، يجب على غير الاثرياء تحمل الديون من أجل إنتاج أي شيء. ولأن الديون تأتي مع الفوائد، فإن طريقة تغطية جميع المصاريف ليست جيدة بما فيه الكفاية؛ لذلك يجب على المدين تحقيق الأرباح. وبالطبع يعني ذلك هو التفوق على المنافسين من خلال إنتاج معظم السلع بأقل الأسعار وبأقل التكاليف.
لهذه الاسباب، يجب على رواد الأعمال، مثل الاتباع من خدم وعبيد والمنتجين للصوف، أن يدفعوا للعمال أقل القليل بينما عليهم أن يستثمرون أكثر فأكثر في أشياء مثل الأرض والأدوات الزراعية. يؤدي هذا الضغط إلى بدء دورة شرسة من الاقتراض، وتحقيق الأرباح، وخفض التكاليف. وماهي النتيجة يا ترى؟ الجواب: أولئك الذين يمكنهم إقراض الأموال يراكمون المزيد والمزيد من الثروة، في حين أن أولئك الذين يتعين عليهم العمل يتعرضون لضغوط مالية مستمرة.
اعتادت العديد من الأديان، بما في ذلك المسيحية والإسلام، فرض عقوبات على أخذ الديون ومنع تحصيل الفائدة. ومع ذلك، مع ترسخ وتماسك مجتمع السوق، ضعفت هذه المحظورات. هذا مجرد مثال صغير آخر على الظروف المادية للمجتمع التي تقوده أيديولوجياته.
ومضة رقم ٤ – في مجتمعات السوق، لا يمكن للبنوك أن تفشل – ولكن يمكن أنت تفشل:
تخيل أنك تحصل على قرض تجاري بقيمة مليون دولار من أحد البنوك. السؤال: من أين تأتي هذه النقود؟ هل هي محجوزة في خزنة ما وفي مكان ما في خلف المبنى مثلا؟ لا، ليس كذلك. في الواقع، يضيف البنك بضعة أصفار إلى رصيد حسابك، وبطريقة ما يتم إنشاء مليون دولار من فراغ.
هذه الأموال موجودة الآن في حسابك مع توقع سدادها في المستقبل. إذا لم تفعل ذلك، فستعاني من عواقب وخيمة. للحصول على قرض، فإنك تدفع للبنك رسومًا وفوائد. وكلما زاد عدد القروض التي يقدمها البنك، زادت الأموال التي يجمعها. لذلك، تقدم البنوك أكبر عدد ممكن من القروض.
ولكن ماذا يحدث إذا قدم البنك قروضًا سيئة (متعثرة) ولم يتمكن أحد من سدادها؟ السؤال: هل سيعاني المصرفيون من عواقب وخيمة؟ الجواب: غير محتمل ذلك.
الرسالة الرئيسية في هذه الومضة هي: في مجتمعات السوق، لا يمكن للبنوك أن تفشل – ولكن يمكن أنت تفشل.
في مجتمعات السوق، يحتاج المال إلى الاستمرار في التحرك حتى يعمل الاقتصاد. تساعد البنوك في هذه العملية من خلال تقديم القروض وتصبح مسؤولة عن تلك الديون. في بعض الأحيان، تعمل هذا الدورة بشكل جيد للغاية. يمكن لعدد أكبر من الناس القيام بمزيد من الأعمال التجارية وتحقيق المزيد من الأرباح. ومع ذلك، فإن القليل من الجشع يجعل هذه الدورة تتفاعل بقوة وتدور على نفسها في الاتجاه الآخر.
تنشأ المشكلة عندما تبدأ البنوك التي تسعى إلى الربح بسرعة في تقديم قروض خطرة أو أكثر خطورة. عندما يفشل هؤلاء المدينون في سداد اقساطهم، يصبح البنك مسؤولا عن أكثر مما يستطيعون تحمله. إذا أراد شخص ما سحب أمواله، فلن يكون لدى البنك المال النقدي لدفعه. لذلك، يسارع الجميع لإخراج أموالهم قبل فوات الأوان.
عندما تحدث هذه الانهيارات الحتمية في السوق، فإنها تخاطر بتسطيح الاقتصاد بأكمله. لمنع ذلك، يجب على الدولة التدخل وتقديم قروضها للبنوك. وهذا يسمى في بعض الأحيان بخطة الإنقاذ. هذا ما حدث بالفعل بعد انهيار سوق الإسكان الأمريكي في عام ٢٠٠٨م.
الآن، من الممكن تمامًا أن تضيف الدولة شروطًا الى خطة الإنقاذ. يمكنهم جعل البنوك التقيد بقواعد جديدة أو حتى يمكن سجن المصرفيين المهملين الذين تسببوا في الأزمة. لسوء الحظ، نظرًا لأن المصرفيين الأثرياء في كثير من الأحيان يدعمون السياسيين مالياً، فإن الدولة لديها حافز ضئيل جدا لمعاقبة شركائهم التجاريين.
وبهذه الطريقة، تحصل البنوك على أفضل ما في الاتجاهين. عندما يكون الاقتصاد جيدًا، فإنهم يحصلون على الكثير من الأموال من خلال تمويل الشركات والافراد بالقروض. وعندما يكون الاقتصاد سيئًا، يتعين على الحكومة التدخل ومنحهم المزيد من المال بقروض ميسرة. البنوك تفوز بالدعم حتى عندما تخسر.
ومضة رقم ٥ – العمالة والمال هما سلعتان خاصتان بقواعد خاصة:
يواجه السيد واسيلي (Wasily)، وهو خبير اقتصادي متدرب، صعوبة في العثور على وظيفة. وفي الوقت نفسه، يواجه السيد أندرياس (Andreas) مشكلة في بيع منزله الصيفي الجميل في جزيرة بطمس (Patmos). يحاول كلا الرجلين بيع شيء ما ولكن ليس لديهما الحظ في العثور على مشترين. هل يعود السبب هو في تحديد أسعارهم بدرجة مرتفعة جدا؟
حسنا، الجواب يمكن: نعم ولا. إذا خفض السيد أندرياس سعر منزله الشاطئي، على سبيل المثال، الى عشرة دولارات، فلن يواجه أي مشاكل في العثور على مشتري. في نهاية المطاف، الجميع يقدرون ملاذ الجزيرة الرخيص. ولكن ماذا عن السيد واسيلي؟ إذا خفض سعر عمله إلى عشرة دولارات، فهل يمكن أن يجد وظيفة؟ ليس بالضرورة. على عكس المنزل الشاطئ، لن يشتري الناس العمالة إلا عندما يحتاجون إليها فعلا.
الرسالة الرئيسية في هذه الومضة هي: العمالة والمال هما سلعتان خاصتان بقواعد خاصة.
تماما مثل المنزل، يمكن شراء العمالة وبيعها. ومع ذلك، على عكس المنزل، لا توفر العمالة أي قيمة تجريبية. لذلك، في حين أن شخصا ما قد يشتري طابقا رخيصا للراحة والاسترخاء فيه، فإن صاحب العمل لن يشتري العمالة إلا إذا كان بإمكانه استخدامها لتحقيق الارباح.
في المقابل، إذا كنت تمتلك مصنع ثلاجات، فلن تدفع مالا مقابل الموظفين الإضافيين إلا إذا كنت تعتقد أن عملهم ضروري لتلبية الطلبات على المزيد من الثلاجات. وفي الطرف الاخر، إذا لم يكن أحد يشتري الثلاجات، فلن يكون من المنطقي توظيف عمالة في مصنعك، حتى لو كانت هذه العمالة رخيصة جدا.
نفس المنطق ينطبق على المال. لا أحد يشتري المال – أي لا أحد يقترض المال ويدفع الفائدة – من أجل المتعة. لن يشتري (يقترض) رجال الأعمال المال إلا إذا اعتقدوا أنه سيساعدهم على تحقيق الأرباح، على سبيل المثال، من خلال السماح لهم بشراء معدات جديدة. حتى لو كان سعر الفائدة منخفضا جدا، فلا يوجد سبب جوهري للإقتراض.
ماذا يعني هذا بالنسبة لمجتمعات السوق؟ في الأساس، لن يشتري الناس العمالة أو المال إلا عندما يكونون واثقين من وجود طلب من المستهلكين. في حالة الركود، عندما لا يكون لدى أي أحد فائض نقدي، لن يقوم أحد بالتوظيف أو القيام باستثمارات، مما يعمق الركود.
لهذا السبب، ليس من المنطقي مطالبة الناس بالعمل مقابل أجور قليلة، حتى أثناء فترات الركود. إذا خفض الجميع تكلفة عملهم، فماذا سيحدث؟ سيكون لدى العمال أموال أقل لإنفاقها، وسينخفض الطلب، وسيشتري (ستوظف) الشركات عدد أقل من العمالة. بشكل عام، سيكون ذلك سيئا للإقتصاد.
وبهذه الطريقة، فإن أسواق العمل والمال غير عقلانية بعض الشيء. إنها تعمل مثل النبوءات التي تحقق ذاتها، حيث يؤدي التشاؤم إلى الانكماش والتفاؤل يؤدي إلى الإرتفاع.
ومضة رقم ٦ – في مجتمعات السوق، المزيد من الأتمتة ليست هي الحل دائما:
تخيل هذا: إنه أوائل القرن التاسع عشر، وأنت تعمل في مصنع قطن للنسيج. في يوم من الأيام، تتلقى أخبارا سيئة – اشترى الرئيس جهازا فاخرا يعمل بالبخار. يمكن لهذه الآلة الجديدة إنتاج النسيج بشكل أسرع حتى مع توفر العشرات من العمال البشريين. النتيجة: أنت مطرود. والسؤال: ما الذي سأفعله الآن؟
حسنا، يمكنك جمع بعض الأصدقاء وتحطيم هذا الجهاز الجديد وتحويله الى قطع صغيرة متناثرة. هذا ما فعلته مجموعة اللوديون (Luddites) في القرن التاسع عشر. حيث قادت هذه المجموعة من عمال المطاحن الغاضبين في إنجلترا واحدة من أول الحركات الرئيسية ضد الأتمتة من خلال تدمير الآلات التي كانت تحل محل عملهم.
اليوم، يرى الكثيرون أن مجموعة اللوديين هم أشخاص متخلفون يعيقون التقدم. ومع ذلك، قد تكون جهودهم لإبطاء الأتمتة قد أرجأت أيضا انهيارات السوق في المستقبل.
الرسالة الرئيسية في هذه الومضة هي: في مجتمعات السوق، المزيد من الأتمتة ليست هي الحل دائما.
لفهم مشكلة الأتمتة، عليك فحص الطريقة التي تؤثر بها على الأرباح. في البداية، تخفض الأتمتة تكلفة الإنتاج. بعد كل شيء، إذا كنت تمتلك مصنعا للأقمشة، فمن الأرخص شراء جهاز فعال واحد من توظيف مئات العمال اليدويين. وبالطبع، فإن انخفاض تكاليف العمالة يعني المزيد من الأرباح. السؤال: هل هذا صحيح؟
الجواب: ليس لفترة طويلة. ستشتري المصانع الأخرى أيضا أجهزة وآلات لخفض تكاليف العمالة. وللحفاظ على القدرة التنافسية، عليك تخفيض أسعار النسيج الان في هذه الفترة وتستمر حتى تتمكن من شراء أجهزة أحدث وأكثر كفاءة. وهكذا سوف يستمر الحال حتى يتمكن الجميع من شراء الآلات، ومن ثم فصل الموظفين، وخفض الأسعار.
النتيجة النهائية لهذا السباق للأتمتة هي عالم يكون فيه النسيج رخيصا لدرجة أن المصانع تحتاج إلى بيع الكثير منه لتغطية تكلفة الإنتاج. ومع ذلك، بما أن جميع الإنتاج تدار بواسطة الآلات، فلا يوجد عامل لديه القدرة المالية (الأجور) لشراء النسيج. في سعيهم لتحقيق أرباح متزايدة باستمرار، تسبب منتجو النسيج في انهيار السوق.
هذا المثل يجعل الأمر يبدو أن الأتمتة الكاملة ستؤدي حتما إلى كارثة اقتصادية. لكن هذا ليس صحيحا بالضرورة. في هذا السيناريو، مصانع النسيج مملوكة لفئة قليلة ومحظوظة جدا. يجمع أصحاب الأعمال هؤلاء كل الأرباح، في حين أن العمال المسرحين (المفصولين) لا يحصلون على أي شيء. في نهاية المطاف، تتركز جميع الأموال في مكان واحد، ويتوقف الاقتصاد عن العمل.
من الممكن التوصل إلى تنظيم بديل. تخيل لو كان الجميع يمتلك حصة من المصانع. بهذه الطريقة، عندما حلت الآلات محل العمالة، سيظل الناس يحصلون على جزء من الأرباح، على الرغم من أنهم لم يعودوا مضطرين إلى العمل بنفس القدر. في هذا السيناريو، يستمر تداول المال، ويستمر الناس في الشراء، والسوق لن ينهار.
ومضة رقم ٧ – دائمًا ما تكون قيمة المال سياسية، لذا من الأفضل جعلها ديمقراطية!:
الذهب والأصداف والعملات الورقية. تم استخدام جميع أنواع هذه العناصر كعملة على مر التاريخ. في معسكرات الأسرى في الحرب العالمية الثانية، كانت العملة المشتركة هي السجائر، التي تبرع بها الصليب الأحمر شهريا. كانت السجائر مثالية للدفع النقدي لأنها صغيرة وسهلة التخزين في معسكر مليء بالجنود، وهي أيضا مرغوبة من قبل الجميع تقريبًا.
في مخيمات أسرى الحرب، تذبذبت قيمة السجائر مع نسبة العرض. عندما أرسل الصليب الأحمر الكثير منها، يمكن لسيجارة واحدة أن تشتري شوكولاتة واحدة. وعندما كان التبغ شحيحًا، كانت تلك السيجارة نفسها تجلب عشرة شوكولاتة.
خارج المخيمات، تعمل قيمة المال بالطريقة نفسها – باستثناء فارق رئيسي واحد. بينما كان الصليب الأحمر مزودًا غير متحيز للسجائر، فإن السيطرة على العملة ليست محايدة أبدا.
الرسالة الرئيسية في هذه الومضة هي: دائما ما تكون قيمة المال سياسية، لذا من الأفضل جعلها ديمقراطية!
كما رأينا بالفعل، يعمل المال كوسيلة للتبادل لأن الجميع يتفقون على قيمته. عادة ما يتم فرض هذه الشرعية بشكل قانوني من قبل الدولة. ليس من قبيل المصادفة أن العملات المعدنية غالبًا ما تحمل صورة الحكام السياسيين. حتى الإمبراطورية الرومانية ختمت عملتها بوجوه الأباطرة.
لكن قيمة النقود تنظم أيضًا بمقدار الأموال المتداولة. إذا كان هناك الكثير من العملات التي يتم تعويمها مقارنة بالسلع والخدمات المتاحة، فستكون قيمة هذه الأموال أقل نسبيًا. وهذا ما يسمى بالتضخم. العكس صحيح أيضا. عندما لا توجد عملة كافية، تكون قيمتها عالية جدًا. وهذا ما يسمى بالانكماش.
لذا، فإن التحكم في المعروض النقدي هي قوة هائلة. في معظم البلدان، تعود هذه السلطة إلى البنك المركزي. هذه المؤسسات مستقلة اسميًا، ومع ذلك، غالبًا ما تتمتع بعلاقات وثيقة مع البنوك الكبرى الأخرى وأعضاء الطبقة الأكثر ثراءً. لذلك، عندما يستخدمون سلطتهم للسيطرة على العملة، فغالبًا ما يخدم ذلك تلك المصالح أولاً.
على سبيل المثال، إذا احتاج البنك إلى خطة إنقاذ، فسيتم توفير العملة اللازمة مع اضافة بعض الشروط الملزمة. ومع ذلك، إذا كانت الطبقات الدنيا تريد مبالغ كبيرة من النقد لدفع ثمن السلع العامة مثل البنية التحتية، فقد يكون تدفق الأموال في هذه المشاريع قليلا.
مثل العديد من الهياكل الاقتصادية، هذا التنظيم ليس حتميا. بوجود إرادة سياسية كافية، يمكن وضع المعروض النقدي تحت سيطرة أكثر ديمقراطية.
ومضة رقم ٨ – إن هوس مجتمع السوق لدينا بالقيمة التبادلية يهدد الكوكب بأسره:
تخيل غابة صنوبر مزدهرة على سفوح جبال البيلوبونيز (Peloponnese). الآن، اسأل نفسك: ما الذي يجعل هذه الغابة ذات قيمة؟ هل هو الظل الذي توفره، أو رائحته المنعشة المتناثرة في الهواء، أو الطيور التي تزقزق في أشجار الغابة؟ أم أنه الخشب الذي يمكنك تقطيعه وبيعه لاحقا؟
لسوء الحظ، فإن سعر هذا الخشب – القيمة التبادلية للغابة – هو كل ما يهم في مجتمع السوق. في الواقع، يتم التعامل مع كل العالم الطبيعي تقريبًا على أنه احتياطي للسلع المحتملة للسوق.
والأسوأ من ذلك، أن بعض هذه السلع، مثل الفحم والنفط، تقضي بقوة على ما تبقى من العالم الطبيعي غير السلعي.
الرسالة الرئيسية في هذه الومضة هي: ان هوس مجتمع السوق لدينا بالقيمة التبادلية يهدد الكوكب بأسره.
من الواضح أن التركيز وراء تحقيق الأرباح يحتل المرتبة الاولى قبل كل شيء آخر. نظرًا لطبيعة المنافسة في السوق، يتم تحفيز كل فرد أو شركة فردية لاستخراج وتسليع وبيع أكبر قدر ممكن مما ينتجون – بغض النظر عما إذا كانت بضاعتهم او سلعهم مستدامة أم لا. يمكن ملاحظة هذه المشكلة في كل مكان من الصيد الجائر في محيطاتنا إلى استمرار بيع واستخدام الوقود الأحفوري.
هل يمكن إيقاف هذا الهدم المستمر للبيئة؟ ربما. أحد الأساليب الممكنة هو في إصدار قوانين تحمي العالم الطبيعي بغض النظر عن قيمته التبادلية. في الآونة الأخيرة، فعلت دولة الإكوادور ذلك من خلال تعديل دستورها للإعتراف بالقيمة الفطرية المتأصلة للحفاظ على غاباتها الممطرة. ولكن مع التزام الحكومات الأخرى بالمصالح التجارية، فقد يكون تطبيق القوانين الصارمة غير شائعا.
أسلوب آخر هو إعطاء قيمة تبادل لكل شيء، حتى الهواء. هذه هي الفكرة من وراء ضريبة الكربون، حيث يتعين على الشركات أن تدفع مقابل حقها في تلويث الغلاف الجوي. من الناحية النظرية، يجب أن يحفز هذا الشركات على إنتاج كميات أقل من غازات الاحتباس الحراري. ومع ذلك، لا تزال الاسعار والقيود وطرق التنفيذ متروكًة للحكومات الصديقة للأعمال التجارية. كما أن ذلك يعزز فقط من ترسيخ منطق السوق.
قد يكون الحل الأفضل هو إدارة موارد العالم بشكل ديمقراطي. حاليًا، يمكن لعدد قليل من الأفراد الأغنياء تحديد الموارد التي يجب استخراجها وبيعها. إذا كانوا يريدون الاستمرار في التنقيب عن النفط، فإنهم سيفعلون ذلك – حتى لو فضل الملايين من الناس في المناطق الساحلية الاستثمار في الطاقة الشمسية. إذا أتيحت لهؤلاء الملايين من الناس فرصة لسماع أصواتهم – ليس كمستهلكين فرديين، ولكن كمجتمع وبشكل جماعي – فقد يظهر مسار أكثر استدامة وعدالة.
الملخص النهائي – الرسالة الرئيسية في هذه الومضة:
يمكن وصف الاقتصاد العالمي المعاصر بأنه مجتمع سوق، حيث يخضع جزء كبير وبشكل متزايد من الحياة لقوى السوق. هذا يعني أن كل شيء من مواردنا الطبيعية وحتى وقتنا وجهدنا قد تم تسليعه وتقييمه بناء على قدرته على تحقيق الأرباح. ومع ذلك، فإن هذا النظام الإقتصادي ليس طبيعيا أو حتميا. إذا قمنا بتغيير كيفية ملكية الأشياء وما يتم تقييمه، فمن الممكن تنظيم الإقتصاد ليكون أكثر ديمقراطية وعدالة.
*تمت الترجمة بتصرف.
**المصدر: منصة الوميض (Blinkist) وهي منصة تقوم بتلخيص الكتب ، ومكتبتها تحتوي على آلاف الكتب ويشترك في هذه المنصة الملايين من القراء.