Pig organs partially revived in dead animals — researchers are stunned
(بقلم: ماكس كوزلزف – Max Kozlov)
استعاد باحثون(1) الدورة الدموية والنشاط الخلوي في أعضاء الخنازير الحيوية، كالقلب والدماغ، بعد ساعة واحدة من نفوقها. هذا البحث أبدى اعترضًا على فكرة أن الموت القلبي (السكنة القلبية) – الذي يحدث عندما تتوقف الدورة الدموية والأكسجين – هو موت لا رجعة منه، ويثير تساؤلات أخلاقية بشأن تعريف الموت. يأتي هذا البحث في أعقاب تجارب أجريت عام 2019(2) من قبل نفس الباحثين والتي أعادوا فيها إحياء أدمغة خنازير فُصلت عنها أجسادها بعد أربع ساعات من موتها، مما يدعو إلى التشكيك في فكرة أن موت الدماغ هو موت نهائي.
تعتبر التجارب الأخبرة هذه تجارب “مذهلة” ، كما تقول نيتا فاراهاني (Nita Farahany) ، أخصائية أخلاقيات علم الأعصاب بجامعة ديوك في دورهام بولاية نورث كارولينا. على الرغم من أن هذه الدراسة أولية، إلا أنها تقول: إنها تفيد أنه يمكن التغلب على بعض القيود المتصورة لجسم الإنسان في الوقت المناسب.
في هذا البحث، الذي نُشر في 3 أغسطس 2022 في مجلة نتشر (Nature(1)) ، قام الباحثون بتوصيل الخنازير التي ماتت قبل ساعة بجهاز يسمى (OrganEx) الذي يضخ بدائل دم في جميع أنحاء أجسامها. المحلول – الذي يحتوي على دم خنزير و 13 مركبًا اضافيًا، مثل مضادات التخثر – أبطأ من عملية تحلل أجسامها؛ وسرعان ما استعادت بعض وظائف أعضائها، مثل انقباض القلب والنشاط في وظائف الكبد والكلى. على الرغم من أن جهاز (OrganEx) ساعد في الحفاظ على سلامة بعض أنسجة الدماغ، إلا أن الباحثين لم يلاحظوا أي نشاط دماغي منسق من شأنه أن يفيد بأن هذه الحيوانات قد استعادت أي وعي أو إحساس.
كما هو الحال في الورقة التي نشرت عام 2019(2)، من المرجح أن تعيد الدراسة إثارة النقاش حول تعريف الموت وأخلاقيات التبرع بالأعضاء بعد الوفاة. يحذر المؤلفون من أن هذه النتائج لا تثبت أن الخنازير قد أُحييت بطريقة ما بعد موتها، خاصة في حالة عدم وجود أي نشاط كهربي في الدماغ. يقول عضو الفريق زڤونيمير ڤرسليا (Zvonimir Vrselja)، باحث علم الأعصاب بجامعة ييل في مدينة نيوهاڤن ، ولاية كونيتيكت: “جعلنا الخلايا تفعل شيئًا لم تكن قادرة على فعله” بعد ما ماتت هذه الحيوانات. “نحن لا نقول إنها مناسبة من الناحية السريرية بعد، لكنها تتجه في الاتجاه الصحيح”.
إعادة عمل الدورة الدموية
توقع نيناد سيستان (Nenad Sestan)، باحث علم الأعصاب بجامعة ييل وعضو فريق البحث، أن هذه التجارب قد تعمل في ضوء دراسة على دماغ خنزير نشرت عام 2019، لأن الدماغ هو العضو الأكثر تعرضًا لنقص الأكسجين. ويقول: “لو استطعنا استعادة بعض الوظائف في دماغ خنزير ميت، فسنتمكن من فعل ذلك في أعضاء أخرى أيضًا”.
لاكتشاف ما إذا كان ذلك ممكنًا، قام هو وزملاؤه بتعديل محلول جهاز (BrainEx) والأسلوب المستخدم في تلك الدراسة. “كان جهاز (BrainEx) مصمم لعضو معين، ولكن كان علينا إيجاد قاسم مشترك يعمل لجميع الأعضاء باستخدام جهاز “OrganEx”، كما يقول ڤرسليا (Vrselja). في محلول جهاز (OrganEx)، أضاف الباحثون مركبات من شأنها أن تثبط تخثر الدم والجهاز المناعي، وهو جهاز أكثر نشاطًا في أماكن أخرى في الجسم منه في الدماغ، كما يقول.
حصل فريق سيستان على خنازير من مزرعة مربي حيوانات محلي وراقبها لمدة ثلاثة أيام قبل تخديرها، ووضعها على جهاز تنفس اصناعي وعرّضها لسكتة قلبية عن طريق صدمة كهربية لقلوبها. بعد التأكد من عدم وجود أي نبض، رفع الباحثون أجهزة التنفس الصناعي عنها. بعد ساعة واحدة من نفوقها، أعاد الفريق تشغيل أجهزة التنفس الصناعي والتخدير. ثم تم توصيل بعض الخنازير بجهاز (OrganEx)؛ لم تتلق الخنازير الأخرى أي من هذه المعالجة ولم توصل بآلة الأكسجة الغشائية خارج الجسم (ECMO)(3)، والتي تستخدمها بعض المستشفيات في محاولة أخيرة لتزويد الجسم بالأكسجين وإزالة ثاني أكسيد الكربون منه.
بعد ست ساعات، لاحظ الباحثون أن الدورة الدموية قد استؤنفت بشكل أكثر فاعلية في الخنازير التي تلقت محلول من جهاز (OrganEx) مقارنة بتلك التي وُصلت بجهاز الـ (ECMO) أو التي لم تتلق أي معالجة. بدأ الأكسجين يتدفق إلى الأنسجة في جميع أنحاء أجسام الحيوانات التي وصلت بجهاز (OrganEx)، وجس فحص القلب (والمعروف بـ فحص الكالسيوم في الشرايين التاجية) بعض النشاط الكهربائي والانقباض. يقول عضو الفريق ديفيد أندريجيفيتش (Andrijevic)، باحث علم الأعصاب في جامعة ييل، لم يستأنف القلب نشاطه بشكل كامل، وليس من الواضح ما ذا كان يفعل بالضبط في تلك الحيوانات.
لاحظ الباحثون أيضًا أن كبد الخنازير الموصلة بجهاز (OrganEx) أنتجت كمية من بروتين يسمى الألبومين (albumin) أكثر بكثير مما أنتجته كبد الخنازير في المجموعات الأخرى. والخلايا في كل عضو حيوي من الخنازير الموصلة بجهاز (OrganEx) استجابت للجلوكوز أكثر بكثير من استجابة الحيوانات في المجموعات الأخرى، مما يشير إلى أن المعالجة هذه قد أدت إلى بدء عملية الاستقلاب.
يقول فڤرسليجا إن النتائج مذهلة بالنظر إلى السرعة التي يبدأ بها الجسم في التحلل بعد الموت. في غضون دقائق من توقف القلب، يتعرض الجسم إلى نقص الأكسجين وتبدأ الإنزيمات في العمل على تحلل أغشية الخلايا، مما يؤدي إلى فقدان الأعضاء سلامتها الهيكلية بسرعة.
وجد الباحثون أيضًا أن المزيد من الجينات المسؤولة عن الوظائف الخلوية وإصلاحها كانت نشطة في جميع الأعضاء الرئيسة في مجموعة الخنازير الموصلة بجهاز (OrganEx) مقارنةً بمجموعة الخنازير الموصلة بجهاز (ECMO) أو مجموعات الخنازير التي لم تتلق أي معالجة.
حركات لا إرادية
من الغريب أن الخنازير الموصلة بجهاز (OrganEx) هي فقط التي بدأت تهز رأسها ورقبتها وجسمها بشكل لا إرادي بعد تلقي حقنة من صبغة تباين (4) التي ساعدت الباحثين على رؤية أدمغة الحيوانات بعد المعالجة. لم يكن لدى الباحثين تفسير جيد للحركات التي لاحظوها على الحيوانات، مشيرين إلى أنه من غير المحتمل أن تكون النبضات قد انبعثت من الدماغ، نظرًا لعدم وجود نشاط كهربي فيها. يقولون إنه من المحتمل أن تكون الحركات قد انبعثت من النخاع الشوكي، وهو الذي يمكنه التحكم في بعض الوظائف الحركية بشكل مستقل عن الدماغ.
إذا كان من الممكن تكرار نتائج استعادة النشاط الخلوي في الحيوانات وفي النهاية في البشر، فإن آثارها في طول عمر الإنسان يمكن أن تكون “بليغة” كما كانت بعد ظهور أجهزة الإنعاش القلبي الرئوي وأجهزة التنفس الصناعي، كما تقول فاراهاني. وذلك لأنه يمكن استخدام هذه التقنية يومًا ما للحفاظ على الأعضاء لحين زرعها في شخص آخر – العملية التي تعاني من نقص في العرض مقابل الطلب – أو حتى للإنعاش.
يستخدم جهاز (ECMO) حاليًا في محاولة للحفاظ على أعضاء بعض الموتى من أجل التبرع بها لحين زرعها في شخص آخر، أو لمحاولة إنعاش مرضى بعد نوبة قلبية تعرضوا لها. لهذه الأهداف ، يحتاج الأطباء عادةً إلى بدء تشغيل جهاز الـ (ECMO) بعد النوبة القلبية أو الوفاة بفترة وجيزة – ويمكن أن تكون معدلات النجاح منخفضة، بناءً على شدة الإصابة، كما يقول سام شيمي (Sam Shemie)، طبيب العناية المركزة في المركز الصحي بجامعة ماكغيل في مونتريال ، كندا.
نظرًا للاختلاف في كيفية أداء أعضاء الخنازير الموصلة بجهاز (OrganEx) مقارنةً بالتي وصلت بجهاز الـ (ECMO)، فمن المحتمل أن تكون هذه دراسة “علامة فارقة” يمكن أن “تزيد بشكل كبير من عدد الأعضاء التي يمكن انعاشها لعمليات زراعة الأعضاء”، كما يقول غابرييل أونيسكو، جراح عمليات زرع الأعضاء في المستوصف الملكي في إدنبرة، المملكة المتحدة.
قبل الوصول إلى تلك المرحلة، يعتبر إجراء المزيد من الأبحاث لتقييم جدوى الأعضاء التي تم انعاشها أمرًا بالغ الأهمية، كما يقول شيمي.
الاشكالات الأخلاقية
تقول فاراهاني إنه مع هذه الآثار الممكنة، تأتي الاشكالات الأخلاقية، خاصة إذا كان بإمكان هذه التقنية أن تعيد يومًا ما نشاط الدماغ بعد الموت.
لاحظ الباحثون أن النشاط الكهربي في أدمغة الخنازير ربما كان غائبًا لأن المحلول الذي ضخ كان عند 28 درجة مئوية – وهو أبرد من درجة حرارة الجسم العادية – أو لأنه اشتمل على مركبات مخدرة وحاصرات عصبية يمكن أن تكبح مثل هذه الإشارات. تقول فاراهاني من المهم للباحثين في المستقبل اختبار أي استعادة لنشاط الدماغ، لا سيما في ضوء اهتزاز الرقبة / العنق الذي لاحظه الباحثون أثناء التجربة.
تؤكد الدراسة أيضًا أن الموت ليس مجرد لحظة بل هو عملية، مما يجعل من الصعوبة بمكان التوصل إلى طريقة موحدة لإعلان وفاة شخص ، كما يقول آرثر كابلان (Arthur Caplan)، باحث في علم الأخلاقيات البيولوجية في جامعة نيويورك. ويضيف أن هذا يعني أن التعريف القانوني للموت سيستمر في التعديل مع استمرار تقدم الطب. يقول: “يركز الناس على الموت الدماغي ، لكن لا يوجد إجماع كبير على لحظة حدوث الموت القلبي”. “هذه الورقة تعيد الأهمية إلى ذلك الموضوع”.
مصادر من داخل وخارج النص:
1- https://www.nature.com/articles/d41586-019-01216-4
2- https://www.nature.com/articles/s41586-019-1099-1
3- https://ar.wikipedia.org/wiki/أكسجة_غشائية_خارج_الجسم
4- https://ar.wikipedia.org/wiki/مادة_تباين
المصدر الرئيس:
https://www.nature.com/articles/d41586-022-02112-0