Children compensate for lack of concentration through creativity
(معهد ماكس بلانك – Max Planck)
يواجه الأطفال صعوبة في التركيز على المهام التي يعملون عليها، لكنهم يجيدون غالبًا البحث عن “حيل” غير ظاهرة لتسهيل المهمة التي يعملون عليها. التغييرات الإستراتيجية العفوية تساعدهم على فعل ذلك، وفقًا لدراسة في سلوك التعلم لدى الأطفال أجراها معهد ماكس بلانك للتنمية البشرية في برلين(1).
بالمقارنة مع الراشدين [بعمر 20 سنة وأكبر]، الأطفال غير قادرين على التركيز بعد، ويتذكرون بشكل أقل ومدة انتباههم أقصر نسبيًا. هذا يرجع إلى مرحلة التطور المعرفي التي يمرون بها(2). ونتيجةً لذلك – كما هو مفترض حتى الآن – أنهم يعانون من نقطة ضعف عند حل المهام / المسائل [المترجم: حل المهام / المسائل هي قدرة الطفل على ادراك طبيعة المسألة وتحليلها واقتراح طريقة حل لها(3)].
بيد أن دراسة أجرتها مجموعة ماكس بلانك للأبحاث بعنوان “NeuroCode(4)” ، [دراسة (NeuroCode) هي الأساس العصبي والحوسبي للتعلم والذاكرة واتخاذ القرار] في معهد ماكس بلانك للتنمية البشرية – أثبتت أن التركيز الواسع النطاق للانتباه [المترجم: الانتباه واسع النطاق هو الادراك الحسي لعدة أشياء في نفس الوقت(5)] قد يكون أيضًا ذلك بمثابة ميزة: الأطفال جيدون في معالجة المعلومات / البيانات غير ذات الصلة بالمسألة [أي المعلومات الضرورية لحل مسألة من المسائل(6)] واستخدامها لإيجاد استراتيجيات / طرق / أساليب جديدة ومبتكرة بشكل تلقائي عند حل المهام / المسائل.
يُظهر الراشدون أيضًا تغييرات تلقائية في إستراتيجياتهم عند حل المهام / المسائل، على غرار ما يسمى بـ “لحظات الأها” [المترجم: أي لحظات تجلي الفكرة / الإلهام فجأة وهي لحظة تسمى أيضًا “وجدتها أو لحظة اليرريكا”).” التي تجعل حل المهمة أكثر سهولةً.
الورقة المنشورة في مجلة (PloS ONE(7)) ، تثبت أنه على الرغم من أن أداء الأطفال أسوأ بشكل ملحوظ عند حلهم للمهام / المسائل باستخدام استراتيجيات / أساليب تقليدية، كالانتباه المركز (أي الخالي من التشتت)، فإن احتمالية إتقانهم للمهام تماثل احتمالبة اتقان الراشدين لاستخدام إستراتيجيات القدرة على تحويل الانتباه التلقائي / العفوي بين شيئين / موضوعيين وأكثر.
“تثبت نتائجنا أنه على الرغم من أن الأطفال غالبًا ما يكونون غير مركزين وانتباههم يمكن أن يُشتت بسهولة بشمل أكبر مما يسهل تشتيت انتباه الراشدين، إلا أنهم يتمتعون بمرونة مدهشة في اكتشاف حلول جديدة تمامًا” ، حسبما قال باحث علم النفس والأعصاب نيكولاس شوك (Nicolas Schuck) ، رئيس مجموعة ماكس بلانك للأبحاث “NeuroCode” في معهد ماكس بلانك للتنمية البشرية. وأضاف شوك: “خاصة بالنظر إلى عدم تطور قدراتهم على التركيز بشكل كامل بعد، فهذه نتائج تعتبر مهمة للبحث في سلوك التعلم لدى الأطفال”.
الدراسة، التي لا زالت مستمرة منذ عام 2013 ، استخدمت الطريقة التالية لإجراء البحث: طُلب من 47 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 8 و 10 سنوات و 39 شابًا تتراوح أعمارهم بين 20 و 35 عامًا القيام بنفس مهمة اتخاذ قرار. في هذه المهمة، طُلب منهم تحديد موضع نسق باستخدام واحدة من إجابتين محتملتين.
في البداية لم يكن لون النسق ذا صلة بالإجابة الصحيحة، ولكنه بدأ في أن يكون ذا صلة قريبة من الإجابة الصحيحة تدريجيًا مع تقدم المهمة. عندما لاحظ المشاركون ذلك، تمكنوا من حل المهمة بشكل أكثر كفاءة وسهولة. لم يُبلَّغ المشاركون بأنه ستكون هناك عوامل أخرى تؤثر في اساليب / استراتيجيات الحل الممكنة ولكن يمكنهم فقط العثور على هذه العوامل بشكل مستقل.
فريق (NeuroCode) في معهد ماكس بلانك للتنمية البشرية، بالتعاون مع باحثين من جامعة غوته في فرانكفورت الالمانية (Goethe Frankfurt am Main) ، وجامعة فيرن في هاغن الألمانية (FernUniversität Hagen) ، وجامعة هامبولد في يبرلين (Humbold University Berlin) ، وجامعة نيو ساوث ويلز في سيدني الاسترالية (UNSW Sydney). وجامعة (PFH) في غوتينغن الألمانية (PFH Göttingen) ، تمكن من التوصل إلى النتائج التالية: بالمقارنة مع مجموعة الشباب، كان أداء الأطفال أسوأ في حل المهمة / المسألة، حيث كانت إجاباتهم غير صحيحة وسابقة لأوانها. ومع ذلك، فقد كانت نسبة الأطفال (27.5٪) الذين اكتشفوا واستخدموا استراتيجية الألوان المفيدة مشابهة جدًا لنسبة الشباب (28.2٪).
ما دام الأطفال يستخدمون فقط الاستراتيجيات والقواعد الأولية المتاحة، والتي تتطلب التركيز والمثابرة (الاستمرار في التركيز)، فإن أداؤهم في حل المهمة كان أداءًا سيئًا. ومع ذلك، كان عدد الأطفال الذين اكتشفوا قاعدة اللون واستخدموها مساويًا لعدد الشباب.
وهكذا، على الرغم من أن أداء الأطفال كان سيئًا في جميع مجالات التحكم المعرفي(8)، إلا أن نسبة متساوية منهم تقريبًا مقارنة بالشباب تمكنوا من التحسن خلال “لحظة الآها” ، وبالتالي اكتسبوا ميزة أداء مماثلة لأداء مجموعة الشباب.
المعرفة المكتشفة حديثًا بشأن “لحظة الآها” كانت نتيجةً مهمةً من نتائج هذه الدراسة. “تقدم النتائج التي توصلنا إليها دليلًا على أنه يجب على التربويين وأولياء الأمور والمعلمين أن يكونوا أقل إصرارًا على تطبيق القوانين الصارمة، وألَّا يصروا على تعليم الأطفال بالطريقة الجامدة الوحيدة فقط لحل المشكلات، بل لا بد لهم أيضًا أن يعطوا قيمة للتركيز الواسع لنطاق اللانتباه [وهو الادراك الحسي لعدة أشياء في أن واحد] ويشجعوهم عليه.
النتائج التي توصلنا إليها تثبت التالي: يمكننا الحصول على مزيد من الثقة “في استراتيجيات حل الأطفال للمسائل بطرق إبداعية” ، كما تقول أنيكا لو (Anika Löwe) من فريق (NeuroCode) والمؤلفة المشاركة في الدراسة. وتقول إنه في المستقبل، في مجال علم نفس النمو المعرفي(3)، لابد من أن يكون هناك المزيد من الأبحاث على العمليات الإبداعية بدلاً من أن تكون محصورة في نقص التركيز عند الأطفال.