Understanding Learning by Inference
(بقلم: اندي فِل – Andy Fell)
كيف يتم تحديد المشاكل في الدماغ؟
كل من البشر والحيوانات الأخرى جيدون في التعلم1 عن طريق الاستدلال2، بالاستفادة مما نملك من معلومات لمعرفة الأشياء التي لا يمكننا ملاحظتها أو مشاهدتها مباشرة. بحث جديد من مركز العقل والدماغ بجامعة كاليفورنيا، مدينة ديڤيس، يُظهر كيف تحقق أدمغتنا ذلك من خلال تصوّر الخرائط المعرفية3.
“الدراسة تقترح إطارًا جديدًا للتعلم في بيئات منظمة تتجاوز التعلم التجريبي التدريجي4 بالتداعي / الاقتراني5“. [المترجم: التعلم من خلال التجارب، بحسب نظرية ديڤيد كولب6]، كما قال إيري بورمان (Erie Boorman) ، الأستاذ المساعد في قسم علم النفس ومركز العقل والدماغ بجامعة كاليفورنيا في ديڤيس والمؤلف الأول في الورقة البحثية7.
في البيئات المنظمة / المهيكلة، كل عنصر من العناصر يرتبط بباقي العناصر كما هو الحال غالبًا في العالم الحقيقي (الواقعي). قال بورمان إنه يمكن الاستفادة من أفكار الدراسة لتحسين الاستراتيجيات التعليمية التي تروج لتوظيف الخرائط المعرفية للتعلم السريع عن طريق الاستدلالات، وربما، مقاربات لتسريع نقل ما تعلمناه في التعلم الآلي إلى الذكاء الاصطناعي.
التعلم بالاستدلال مقابل التعلم بالتداعي / الاقتراني
ركزت معظم دراسات التعلم على التعلم بالتداعي / بالاقتران4 – كيف تتعلم الحيوانات بإقران أحد الأشياء بشيء آخر، من خلال التجربة والخطأ. الفرق بين ما كان متوقعًا وما حدث بالفعل يدفع بالتعلم في مثل هذه الحالات.
عندما يكون هناك بنية كامنة وراء هذه الاقترانات، يمكنك توظيف الملاحظات المباشرة لاستشفاف نتائج غير مباشرة وغير مرئية، والقفز متجاوزًا سلسلة من الاقترانات المباشرة.
على سبيل المثال، معرفتك أن جودة الأطعمة الموسمية تحكمها التغيرات في الطقس تسمح لك باستنباط أفضلها أكلًا بناءًا على أيها يكون مستوٍ خلال نفس الموسم، على حد قول بورمان. معرفتنا بنضوج التفاح يجعلنا نستدل أن الكمثرى لا بد أن تكون ناضجة أيضًا، لا الفراولة. هذا النوع من التراتب مهم معرفته عند اتخاذ القرارات.
مثال آخر هو أن المستثمر الذي استدل على أن الانخفاض في أسهم شركة فيسبوك (Facebook) يمكن أن يُعزى إلى فقاعة شركات التقنية، مما يشير إلى أن من المحتمل أن تنخفض أسهم شركة مايكروسوفت (Microsoft) قريبًا أيضًا.
“معرفة هذه العلاقة الكامنة يعني أنه يمكنك التعلم بشكل أسرع” ، كما قال بورمان.
اختبار التعلم في نظام مهيكل
لاستكشاف كيف يوظف الناس الخريطة الذهنية لتعلم / لاكتساب معارف، قام طالب الدراسات العليا فيليب ويتكوفسكي (Phillip Witkowski) والباحث المشرف على المشروع سيونغ مين بارك (Seongmin Park) وبورمان بصياغة مهمة. ضمن سلسلة من التجارب، طُلب من المتطوعين الاختيار من بين شكلين من أربعة أشكال مجردة من شأنها أن تؤدي إلى واحدة من بطاقتي هدايا مختلفتين (على سبيل المثال، إما بطاقة هدايا من ستاربكس أو بطاقة هدايا من آي تيونز). اختار المتطوعون بطاقة الهدايا بناءًا على معلومتين: تقديرهم لاحتمال أن يؤدي كل شكل من الشكلين المجردين إلى بطاقة هدايا معينة، ومقابل مالي مُعيّن عشوائيًا لكل بطاقة هدايا.
قُسم الشكلان إلى أربعة أشكال (زوجي أشكال). في كل زوج منهما، احتمال أن يؤدي الشكل إلى نتيجة معينة هو عكس النتيجة التي يؤدي إليها الشكل الآخر. على سبيل المثال، إذا كانت هناك فرصة بنسبة 70٪ أن يؤدي الشكل “A” إلى النتيجة 1 ، فهناك احتمال بنسبة 30٪ أن يؤدي الشكل “B” إلى نفس النتيجة، والعكس صحيح بالنسبة للنتيجة 2. وبذلك بإمكان المتطوعين الحصول على معلومات عن احتمال إحدى النتيجتين بقرينة (بالاستدلال ب) النتيجة الأخرى، مثلًا، للاستدلال على قيمة أسهم شركة مايكروسوفت (Microsoft) من قيمة أسهم شركة فيسبوك (Facebook).
تابع الباحثون كيف تعلم الأشخاص عن النظام وذلك بمراقبة تقدمهم في سلسلة من التجارب. بعد تحليل النتائج ، وجدوا أن المتطوعين كانوا يوظفون التعلم الاستدلالي لاتخاذ قرارات بشأن الأشكال التي ينبغي لهم اختيارها.
دُعي بعض المتطوعين للعودة لعمل الجزء الثاني من التجربة، وأثناء قيامهم بأداء نفس المهمة قيس نشاط أدمغتهم بالتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي. التعلم ينعكس في الدماغ وذلك بموجة من النشاط العصبي، “تُحدَّث المعارف” عندما يكون هناك فرق بين المعرفة السابقة والمعرفة المكتسبة الجديدة. وُجد نشاط عصبي مرتبط بالتعلم الاستدلالي في قشرة الفص الجبهي ومنطقة الدماغ المتوسط8 حيث يُفرز الناقل العصبي الدوبامين. في الوقت نفسه، وجد الباحثون تمثيلًا للاحتمالية الكامنة التي تتحكم في الاقترانات بين شكلي A و B في قشرة الفص الجبهي.
قال بورمان إن نتائج التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي تثبت أن الدماغ يمثل نتائج مختلفة فيما يتعلق ببعضها البعض. هذا التمثيل يسمح بلحظات “الأها (لحظة تجلي الفكرة / لحظة الإلهام المفاجيء أو لحظة وجدتها / لحظة اليوريكا”.
يعتقد التفكير التقليدي أن التعلم التدريجي4 المتأتي من الدافع والرغبة في المكافأة9 من التجارب المباشرة يتعزز بإفراز الدوبامين في الدماغ. الدراسة الجديدة تقحم ضمنًا الدوبامين في العملية ولكن بالتعلم الاستدلالي.
“نشير دراستنا إلى دور أعم لإشارات الدوبامين في تحديث المعارف وذلك عن طريق الاستدلال” ، حسبما قال بورمان.