ومن مظاهر الإختلاف (1): وجود لغة مختلفة بين الرجل والمرأة. فلكل منهما لغته الخاصة..
ماذا يعني ذلك؟
إن الحروف في اللغة العربية هي نفسها تقريبا في الفارسية والأوردو ، والحروف في الفرنسية هي نفسها في الإنجليزية والإسبانية .. ولكن مفردات كل لغة تختلف عن مفردات اللغة الأخرى ، مع اشتراك كل منهما في الحروف الهجائية.. فالعربي مثلا لا يعرف مفردات اللغة الفارسية والأردية ، وهكذا بالنسبة لمن يتكلم الإنجليزية مع اشتراكه في الحروف مع الإسباني الا أنه لا يفهم لغته.. وهكذا.
بالنسبة للرجل والمرأة والزوج والزوجة ، كلاهما يستعملان نفس الحروف والتركيبات ولكن يختلفان في لغتهما الداخلية. ومنطق تفكيرهما ، (ونظام التشغيل) لو أردنا أن نستعمل مصطلحات الأجهزة الحديثة. لذلك يحتاج كل منهما أن يفهم لغة شريكه وإلا كان التفاهم الحياتي بينهما صعبا.
لنأخذ أمثلة:
لغة المرأة غالبا شعرية تميل الى التفصيل الكثير، بينما تكون لغة الرجل غالبا محددة مختصرة وغير مفصلة بقدر الإمكان ، لذلك ينزعج الرجل حين تتحدث زوجته بتفاصيل كثيرة – غير منطقية في رأيه – ممزوجة بمشاعر وأحاسيس ، ولذلك قد يشعر بعض الأزواج بالسأم من استعراض الزوجة للقضايا بهذا التفصيل ، وبهذا النحو غير المترابط بين المقدمات والنتائج أحيانا. وأحيانا كثيرة يطالبها بالإختصار في الحديث.
هو لا يلتفت الى أن اللغة عند المرأة لا يمكن أن تُختصر. لأنها عندئذ تكون رجلا. ولعل ما يأخذه العامة من الرجال على العامة من النساء من كثرة الكلام أو وصفهن بالثرثرة(2) في نهاية أمره يرجع الى هذه القضية.
ولأنها لغة شعرية فهي تميل الى التعميم ، تقول: نحن لا نسافر ، نحن لا نخرج من المنزل ، بينما الصحيح هي تخرج في أغلب الأوقات ولكن خلال الإسبوع المنصرم لم تخرج ، ولكنها لا تقول هكذا.
إذا لم يفهم الزوج لغة زوجته وأنها لا تقتصد بالدقة ما عبرت عنه بتعميم الكلمات ، يأتي ليناقشها في التفاصيل وبالحساب والتدقيق!! ويقول لها: إتق الله يا فلانة ، كيف تقولين نحن لا نخرج؟ ألم نسافر تلك السنة؟ ألم نخرج ذلك اليوم؟ ويبرهن على عدم صحة كلامها. فيتبين هنا أن الزوج لا يفهم لغة زوجته ، فهي في الحقيقة لاتريد أن تقول نحن أبدا لا نخرج من المنزل ، وإنما تريد أن تقول من المناسب أن نخرج هذا الإسبوع.
؛؛هي في تركيبتها الداخلية لا تستطيع أن تقول مثلا أننا خلال هذا الشهر خرجنا مرتين ، أو سافرنا خلال هذه السنة بالضبط أربع مرات، لإنها لو فعلت ذلك فقد تجاوزت لغتها الشعرية القائمة على مقدار من المبالغة؛؛
مثال آخر: تقول الزوجة بيتنا ضيق أو أثاثنا غير جيد ، لعبوا علينا ، يترجمها الرجل – وهو فهم خاطئ – بأنها تريد أن تقول: أنت ما تفهم وقد استغفلوك ، هذه ترجمة خاطئة. فهي لا تتهمك ولا تقصد به أن تحملك المسؤولية وإنما هو بثٌ منها وبوحٌ وربما كان تعبيرا عن التعاطف معك ، ولكن بهذه الطريقة. فلا ينبغي لك أن تُستثار وأن تدفع التهمة عن نفسك! وأن تبرهن على خطأ كلامها ، وأن البيت جيد أو واسع ، أو أنهم لم يستغفلوك! فضلا عن أن تتهجم عليها.
أحيانا تتحدث عن أمها أو أبيها.. ومعاناتهما وألمهما ، أو تعكُر أخلاقهما مع كبر السن ، فيتصور بعض الأزواج أنها تحمله مسؤولية الإهتمام بهما ، أو تطلب منه المساعدة لهما.. وفي الحقيقة هي هنا لا تريد سوى الإستماع تريد (أذنا) لكي تفرغ ما في نفسها ، وقد لا تجد أقرب من زوجها.
؛؛المرأة تريد الإصغاء اليها عندما تتحدث ، ثم التفاعل بمقدار معين فذلك ينهي المشكلة عندها؛؛
هذه من أوجه الإختلاف في اللغة الخاصة بالمرأة والأخرى الخاصة بالرجل ، ولا يوجد قاموس مكتوب يمكن الرجوع اليه للترجمة ، مثلما هو موجود بين اللغات البشرية ، فلو أردت معرفة المفردات الكذائية في اللغة الإنجليزية فبإمكانك الإطلاع على قواميس الترجمة ، وتتعرف عليها. بينما في ما نحن فيه من اختلاف لغة المرأة عن الرجل – ولا سيما للأزواج الشباب – لا يوجد هناك قاموس يُترجم للمرأة لغة الرجل ، وبالعكس.
؛؛طبيعة المرأة العاطفية في الحنان والمشاعر ليست في اللمسة والقبلة فقط ، وإنما حتى في الكلام ، فكلامها أشبه بالشعر فيه إطلاق وفيه تعميم. بينما لغة الرجل أقرب الى الرياضيات والمنطق. وهذا هو التكامل ، فلو كانت لغتهما معا شعرية لإنهدم البناء الزوجي؛؛
قد تقول الزوجة أمام الزوج أن هذا البيت دائما غير مرتب ، هلكت وأنا أعمل فيه ، ولا مرة رأيته مرتبا.. وهنا هي لا تعني ما تقوله بالدقة ، وإنما تريد الزوجة أن تقول: أريد شخصا يساعدني في عمل المنزل وهو أنت. رتب بعض الأشياء وتنتهي المسائلة.
يخطئ بعض الأزواج عندما يتصور أنه تقصد ما تقوله حقيقة ، وربما تصور أكثر من ذلك وهو أنه تقصده بأنه هو سبب الفوضى الموجودة في البيت ، لأنها ترتب وهناك من يصنع الفوضى فإذن هي تقصدني ، ويبدأ الشجار.
إن حقيقة ما تريد قوله أنها متعبة ، يكفيك أن تحتضنها وتربت على كتفها ، وترفع بعض الأشياء الملقاة على الأرض عنها وينتهي كل شيء!
الهوامش:
- ينبغي ملاحظة أن هذه ليست قوانين رياضية أو أنها شاملة بالضرورة لكل إمرأة وإنما هي في الأعم الأغلب هكذا.
- نجد هذا الإنطباع في أدبيات الشعوب المختلفة ، ولا نستغرب أن نجد باللغة العربية مقالات كثيرة، ترجع هذا تارة الى التفوق اللغوي مرة ، والى وجود نسبة من هرمون معين مرتبط بالكلام والحديث أخرى، والى أن ذلك لسبب إجتماعي وهو كثرة الفراغ لديها ثالثة ، أو أنها طريقة للتخلص من الضغوط الداخلية المختزنة رابعة ، وهكذا… وتتنوع التقديرات في الإختلاف الكمي بينها وبين الرجال بين أنها تتكلم في اليوم بمفردات تعادل ثلاثة أضعاف مفردات كلام الرجل، وتزيد بعض التقديرات وتنقص أخرى.
*من كتاب شفرة اللغة الزوجية للشيخ فوزي آل سيف.