من باب المحبَّة والمودَّة والتقدير وجهتُ العنوانَ مباشرًا لمن في هذه الأيَّام والأسابيع يطوي من الشبَّان والشابَّات مرحلة التعليم الجامعيّ، فإما البحث عن عمل لأكثرهم أو مواصلة تعليم من أجل شهاداتٍ عليا. هذه هي البداية وليست النهاية!
المدرسة الحقيقيَّة والواقعيَّة هي الحياة، وما تعلمنا إيَّاه الجامعاتُ والمدارس هو كيف نقرأ ونكتب ونفكِّر بشموليَّة! العلم خارج المدارس والجامعات أوسع وأعمق منه في داخلها. عشرة أو عشرين أو ثلاثين مادَّة، بعد ذلك الشهادة! أمَّا الثقافة العامَّة والمعرفة فهي بحر كلما أبحر فيه المرء أدركَ أنه لا يزال على الشاطئ!
على الطبيب أن يكون مثقفًا مطلعًا في غير الطبّ، والمهندس في غير الهندسة، واللغويّ في غير اللغة. عليهم جميعًا أن يطلعوا على ما يستجدّ في مجال تخصصهم، وإلا أصبحت الشهادة الدراسيَّة ذكرى جميلة.
“ذكاء الشَّارع” مهارة تعني الخبرةَ والمعرفة الضروريَّة للتعامل مع المصاعبِ والأخطار الحياتيَّة والبيئيَّة. لا غنى عن هذه المعرفة التي لا تدرس في كتاب ولا تنظم لها صفوفٌ دراسيَّة. هي التكيف مع الواقع المجتمعيّ، حصل الخريج على وظيفة مستقرة أم لم يحصل، يستطيع بذلك الذكاء والمعرفة أن يشقَّ طريقه في زحمةِ الحياة، ويكسب رزقًا أوسع وأكثر من صاحب الوظيفة المحشور بين أربعة جدران. هي المعرفة التي تنفع في عالمِ البشر وعالم المال والأعمال.
طلَّابٌ وطالبات يحصلون في الدِّراسة على معدل ٤/٤ أو ٥/٥ مجموع درجاتهم التراكميّ، ويفشلون في الحياة العامَّة. وآخرين بالكاد يحصلون على علامة النجاح الدنيا ويكونون من أنجح النَّاس في الحياة العامَّة. من لا يصدّق فليقرأ سير الناجحين في العمل والإبداع، أغلبهم متوسطيّ علامات النَّجاح في الصفوف الجامعيَّة.
نحمي أبناءنا وبناتنا من التعامل المباشر مع المجتمع! هذا جيّد، لكن في لحظةٍ ما عليهم أن يكونوا أحرارًا من أسرِ حمايتنا ورعايتنا. العبرة ليست في بداية رحلة حياتهم، بل في نهايتها وخواتيمها!
خلاصة المرام: أبواب النجاح مشرعة للجميع، مفاتيح النجاح متاحة للجميع، عالي الدرجات الأكاديمية ومتوسطها وأقلها. الإبداع مادَّة تعرفتم عليها في المدارس والجامعات، الآن أنتم خارج أسوار الجامعات، ارموا قبعاتكم عاليًا في الهواء واعملوا من أجل ما تمنيتم العمل عليه كلَّ يومٍ وليلة.
أحلامنا كانت تشابه أحلامكم تمامًا، فيها أشياء صغيرة وأشياء كبيرة، بعضها كانَ وبعضها لم يكن. أرجو أن تكون حصتكم من الأحلام أكبر وأجمل، وتتحقق – كلها – في أسرعِ وقت!