New study shows forgetting does not reverse the learning process
(بقلم: خوان سيليزار – Juan Siliezar)
بدأت دراسة تقودها جامعة هارفارد في معرفة كيف تجري عملية النسيان بالضبط، ووجدت أن النسيان لا يعكس التغييرات الناتجة عن التعلم.
النسيان يمكن أن يكون نعمة ونقمة. يبدو أن بعض الذين مروا بحدث صادم لا يستطيعون نسيانه ، بينما يبدو أن البعض الآخر يتناسون [عن قصد] ، وبسرعة كبيرة للأسف.
معضلات كهذه أدت بباحثي علم الأعصاب إلى التساؤل عن كيف تجري عملية النسيان بالفعل في الدماغ وما إذا كان يمكن تسريعها أو إبطاؤها. هناك وسائل لفهم عملية النسيان جيدًا بما فيه الكفاية للإجابة على هذا السؤال. لكن مجموعة من الباحثين بقيادة جامعة هارفارد تقترب خطوة أكثر نحو الإجابة.
في دراسة جديدة1، الباحثون الذين يستخدمون الديدان الربداء الرشيقة (C-elegans2)، وهي كائن حي نموذجي لأبحاث الدماغ، وجدوا أن النسيان لا يعكس التغييرات في الدماغ الناتجة عن التعلم (اكتساب المعلومات) أو محوها، كما اقترحت ذلك بعض النظريات.
ولكن النسيان يولِّد حالة دماغية جديدة تختلف عن تلك التي كانت موجودة قبل حدوث التعلم أو تلك الموجودة حين لا يزال السلوك المكتسب مُتَذكرًا. بعبارة أخرى، ما يُنسى لا يختفي تمامًا ويمكن إعادة تنشيطه بنوع من التفعيل السريع.
“بعد النسيان، غالبًا ما نتذكر ما تعلمناه من قبل، ولم يعد دماغنا في حالته البدائية / الأولية (naive state)” ، كما قالت يون تشانغ (Yun Zhang)، برفسورة علم البيولوجيا الأحيائبة (organismic) والتطورية وعضو مركز هارفارد لعلوم الدماغ3. “لو حضرنا حفلة وبعدها بعدة أشهر نسينا تلك الحفلة تمامًا: أوه، متى كانت تلك الحفلة؟ من حضرها؟ وحينئذ قد يذكرك صديقك” ، أوه ، تذكر هذا وذاك. تذكر أننا غنينا لك تلك الأغنية” ، فجأة، ستتذكر، أليس كذلك؟”
البحث، الذي نُشر في مجلة تقدم العلوم (Science Advances1) ، يسلط الضوء على كيف يحدث النسيان في الدماغ على مستوى الكلي للدماغ وعلى مستوى الجزيئات التي وجد الباحثون أنها قادرة على تسريعه أو إبطائه [أي النسيان].
يمكن استخدام جوهر هذه الدراسة يومًا ما لفهم مشكلات الصحة العقلية / النفسية حين يكون هناك خلل في عملية النسيان، أي إما أن يحدث النسيان ببطء شديد أو حين يحدث بسرعة كبيرة. قد ينطوي النسيان، مثلًا، على مفاتيح لمعالجة الاضطرابات مثل الكرب التالي للصدمة4، حيث تبقى الذكريات السلبية متشبثة في الذهن بقوة.
“الآليات التي من شأن هذه الدراسة أن توفرها ستمنحنا نقاط دخول للتفكير في الأسباب التي أدت إلى هذه الأمراض العصبية، كما قالت تشانغ”. “هذه الدراسة تساعدنا على وضع فرضيات بشأن الجزيئات المعنية والعمليات المرتبطة بها، بالإضافة إلى نشاط الخلايا العصبية التي تعتبر مهمة لعملية النسيان، واقتراح طرق لفهم باثولوجيا5 الأمراض العصبية ذات العلاقة”.
النسيان هو جانب من جوانب وظائف الدماغ الطبيعية وذلك بسبب قدرة الدماغ المحدودة. الكثير من الأبحاث ركزت على كيف تتكون الذاكرة، ولكن القليل من الأبحاث تناولت طبيعة النسيان أو كيف يأخذ مجراه في الدماغ. تشير بعض الدراسات إلى أنه عند نسيان ذاكرة ما ، فإنها تُمحى من الدماغ مباشرةً، وبذلك يُفقد ما تم تعلمه. الاحتمال الآخر هو أن الوصول إلى (الاستفادة من) الذاكرة والتعلم يصبح أكثر صعوبة أثناء عملية النسيان ولكنهما يبقيان بشكل أو بآخر.
البحث الذي قام به أعضاء مختبر تشانغ – بقيادة طلاب ما بعد الدكتوراه هي ليو (He Liu) وتيهونغ وو (Taihong Wu) – وهؤلاء المتعاونون يميلون نحو النظرية الأخيرة [أي الوصول إلى (الاستفادة من) الذاكرة والتعلم يصبح أكثر صعوبة أثناء عملية النسيان [ولكنهما يبقيان بشكل أو بآخر].
قام الباحثون بتعليم الديدان تجنب سلالة بكتيريا معدية تجعلها مريضة وذلك بالتعرف عليها من الرائحة. لكن بعد ساعة نسيت الديدان هذا السلوك. ثم قام الباحثون بتحليل نشاط أدمغة هذه الديدان والجينات المعبرة6 في أجهزتها العصبية.
بمقارنتها بالديدان التي لم تتعلم السلوك [تجنب البكتيريا المعدية] مطلقًا أو أنهت لتوها التدريب، رأى الباحثون أن النشاط العصبي والتعبير الجيني للديدان التي نسيت السلوك لم تعُد إلى الحالة البدائية من قبل ولم يتساوى نشاطها العصبي مع نشاط الديدان التي دُربت للتو ، بل كانت مختلفة.
نظر الباحثون أيضًا في ما إذا كان من الممكن تذكير الديدان التي نسيت التدريب، وكان الجواب: نعم، تبدو أنها قد تستطيع ذلك. عادة، تدريب الديدان يستغرق حوالي ثلاث إلى أربع ساعات، لكن تلك الديدان التي أُعيد تدريبها أكملت عملية التدريب في حوالي ثلاث دقائق. وهذا يعني أنها “لا زالت تحتفظ بآثار للذاكرة في دماغها والتي يمكن اثارتها وإعادة تنشيطها” ، كما قالت تشانغ.
تخطط تشانغ وزملاؤها لاستخدام هذه الدراسة كنقطة انطلاق لمواصلة دراسة آليات النسيان ، وكيف يمكن تطبيقها في النهاية على مشاكل الصحة العقلية / النفسية. “هذه مجرد بداية لفهم النسيان ، وهي عملية دماغية ضرورية لأنشطة الحياة اليومية” ، كما قالت تشانغ.
مصادر من داخل وخارج النص:
1- https://www.science.org/doi/10.1126/sciadv.abi9071
2- “الربداء الرشيقة (Caenorhabditis elegans وتكتب اختصارًا C – elehgants) هي أحد أنواع الديدان المدببة الشفافة يبلغ طولها حوالي 1 مم وتعيش في بيئة التربة الرطبة. وتعيش معيشة حُرة اي انها لا تتطفل على الكائنات الحية الأخرى. فترة معيشتها تبلغ من ثلاث إلى اربع اسابيع تقريباً. عدد جيناتها يبلغ حوالي 19 ألف جين تقريباً. بدأ البحث في علم الأحياء الجزيئي وعلم الأحياء التطوري اعتماد على هذه الدودة عام 1974 على يد سيدني برانر ومنذ ذلك الوقت تستخدم هذه الدودة بكثرة باعتبارها متعضية نموذجية” ، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/ربداء_رشيقة
3- https://zhanglab.oeb.harvard.edu/people/yun-zhang
4- “اضطراب الكرب التالي للصدمة أو اضطراب ما بعد الصدمة (ويرمز له اختصاراً ب PTSD من Posttraumatic stress disorder) هو نوع من أنواع الاضطراب النفسي حسب النظام العالمي للتصنيف الطبي للأمراض والمشاكل المتعلقة بها. يسبق اضطراب ما بعد الصدمة استنادا إلى تعريف الاضطراب، حادث واحد أو عدة حوادث كارثية أو تهديدات استثنائية. ليس من الضروري أن يكون التهديد هذا موجهًا إلى الشخص ذاته، بل يمكن أن يكون موجهًا إلى أشخاص آخرين (مثلا إذا كان الشخص شاهد حادثًا خطيرًا أو عملًا من أعمال العنف). تظهر الأعراض النفسية والجسدية لاضطراب ما بعد الصدمة عادة في غضون نصف عام بعد الحادث الصادم. يؤدي الحادث الصادم إلى اهتزاز في فهم الشخص لذاته والعالم من حوله وإلى تشكل أحاسيس العجز لديه” ، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/اضطراب_الكرب_التالي_للصدمة_النفسية
5- ” علم الأمراض أو المَرَضيّات أو الباثولوجيا يُعنى بدراسة طبائع الأمراض والتغييرات التركيبية والوظيفية التي تقترن بمختلف الأمراض، وما تحدثه الأمراض في الأنسجة من تغييرات، أو ما تستثيره فيها من رد فعل وتغييرات تتضمن ظواهر شتى؛ كالتحول والضمور والتضخم والالتهاب” ، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:
https://ar.wikipedia.org/wiki/علم_الأمراض
6- https://ar.wikipedia.org/wiki/تعبير_جيني
المصدر الرئيس: