A universe without mathematics is beyond the scope of our imagination
(بقلم: بيتر واتسون، برفسور فخري ، قسم الفيزياء، جامعة كارلتون – Peter Watson)
قبل 400 سنة تقريبًا، كتب جاليليو في كتابه “الفاحص The “Assayer: “الفلسفة مكتوبة في هذا الكتاب الكبير، وهو الكون … [لكن هذا الكتاب، أي الكون] مكتوب بلغة الرياضيات1“. لقد كان جاليليو أكثر من مجرد عالم فلك، ويمكن اعتبار هذه الكتابة هي الأولى التي تكتب عن المنهج العلمي.
لا ندري من ذا بدأ أولاً بتطبيق الرياضيات في الدراسات العلمية، لكن يبدو أمرًا مقبولًا أن البابليين هم الذين استخدموا الرياضيات لاكتشاف النسق الكامن وراء ظاهرة الكسوف2، قبل ما يقرب من 3 آلاف سنة. بيد أن الأمر استغرق 2500 عام واحتاج إلى استحداث التفاضل والتكامل والفيزياء النيوتونية3 لتفسير هذه الأنساق (الأنماط).
شاهد مقطع فيديو: مجلة العلوم نظرت في الألواح الطينية البابلية التي تحتوي على صيغ رياضية كمقدمة لحساب التفاضل والتكامل:
منذ ذلك الحين، ربما كل اكتشاف علمي كبير وظف الرياضيات بشكل ما، وذلك ببساطة لأنها أقوى بكثير من أي لغة بشرية أخرى. ليس من المستغرب أن هذا قد أدى بكثير من الناس للإدعاء بأن الرياضيات هي أكثر من ذلك بكثير4 حيث الكون خلقه عالم رياضيات5.
؛؛فهل يمكننا أن نتصور كونًا لا يكون فيه للرياضيات دور؟؛؛
لغة الرياضيات
تؤكد فرضية سابير وورف (S)apir-Whorf أنه لا يمكنك مناقشة أحد المفاهيم ما لم تكن لديك اللغة المناسبة لوصفه6، 7.
في أي مجال من المجالات العلمية ومجال علم فيزياء على وجه الخصوص، نحتاج إلى وصف المفاهيم التي لا يمكن أن توصف جيدًا بأي لغة بشرية. يمكن للمرء أن يصف إلكترونًا، ولكن في اللحظة التي نبدأ في السؤال عن صفاته، مثلًا، “ما لونه؟” نبدأ في إدراك أوجه القصور في اللغة الإنجليزية.
لون أي جسم يعتمد على الأطوال الموجية للضوء الذي يعكسه هذا الجسم، لذا فإن الإلكترون ليس له لون، أو بدقة أكثر، كل الألوان. السؤال نفسه لا معنى له. لكن اسأل “كيف يتصرف الإلكترون؟” والجواب بسيط من حيث المبدأ. في عام 1928، بول ديراك (Paul A.M. Dirac) كتب معادلة8 تصف سلوك الإلكترون بشكل دقيق تقريبًا تحت جميع الظروف. هذا لا يعني أن الأمر بسيط عندما نبحث في التفاصيل.
على سبيل المثال ، يتصرف الإلكترون كمغناطيس صغير. يمكن حساب حركة الإكترون، لكن هذا الحساب معقد للغاية9. تفسير الشفق القطبي10، على سبيل المثال، يحتاج أن نفهم الميكانيكا المدارية11 والمجالات المغناطيسية والفيزياء الذرية، ولكن في جوهرها، هذه كلها مجرد رياضيات.
ولكن حين نفكر في الفرد، ندرك أن التزام الإنسان بالتفكير المنطقي والرياضي يتعمق بشكل أكثر. قرار تجاوز سيارة بطيئة الحركة لا يتضمن ادراج معادلات هذه الحركة بشكل مباشر وصريح، لكننا بالتأكيد نقوم بذلك ضمنيًا. سيارة تيسلا (Tesla) ذاتية القيادة تقوم بحل معادلات الحركة بشكل صريح وواضح.
التنبؤ بالفوضى
لذلك لا ينبغي أن نتفاجأ في الحقيقة من أن الرياضيات ليست مجرد لغة لوصف العالم الخارجي، ولكنها من نواح كثيرة هي اللغة الوحيدة التي تستطيع عمل ذلك. ولكن مجرد امكانية وصف أحد الأشياء رياضيًا لا يعني امكانية التنبؤ به.
اكتشاف “الأنظمة الفوضوية12، 13” كان أحد أكثر الاكتشافات المبهرة خلال الخمسين سنة الماضية. يمكن أن تكون هذه الأنظمة في الظاهر أنظمة رياضية بسيطة لا يمكن حلها بدقة. اتضح أن الكثير من الأنظمة فوضوية بهذا المعنى. مسارات الأعاصير / العواصف14 في منطقة البحر الكاريبي تشبه ظاهريًا مسارات الكسوف / الخسوف، لكن لا يمكننا التنبؤ بها بدقة حتى في وجود قوة أجهزة الكمبيوتر الحديثة.
ولكن نعرف السبب: المعادلات التي تصف الطقس هي معادلات فوضوية في جوهرها، لذلك نتمكن من عمل تنبؤات دقيقة على المدى القصير (على مدى فترة زمنية مقدارها 24 ساعة)، لكن تصبح هذه المعادلات غير موثوقة باضطراد في حالة التنبؤ بالطقس على مدى أيام.
وبالمثل، تزودنا ميكانيكا الكم بنظرية نعرف منها بدقة ما لا يمكن التنبؤ به بدقة. يمكن للمرء حساب خصائص الإلكترون بدقة عالية، لكن لا يمكننا التنبؤ بما سيتصرف به أحدها15.
من الواضح أن الأعاصير هي أحداث متفرقة، ولا يمكننا التنبؤ بموعد حدوثها مسبقًا. لكن مجرد حقيقة أننا لا نستطيع التنبؤ بحدث ما بدقة لا يعني أننا لا نستطيع وصفه عند حدوثه. يمكننا حتى التعامل مع الأحداث التي تقع مرة واحدة: من المقبول عمومًا فكرة أن الكون قد نشأ في الانفجار العظيم ولدينا نظرية دقيقة بشكل لافت عن ذلك16.
تصميم نظم اجتماعية17
ظواهر اجتماعية، تتراوح من سوق الأوراق المالية18 إلى الثورات19، تفتقر إلى الرياضيات التنبؤية المناسبة، لكن يمكننا وصف ما حدث وإلى حد ما بناء أنظمة تنبؤية نموذجية.
إذن ماذا عن العلاقات الشخصية؟ قد يكون الحب أعمى، لكن العلاقات يمكن التنبؤ بها بالتأكيد. غالبيتنا يختار شركاء حياة من داخل نفس الطبقة الاجتماعية والجماعة اللسانية (اللغوية)، لذلك ليس هناك شك على الإطلاق في أن هذا صحيح بالمعنى الإحصائي. لكنه صحيح أيضًا بالمعنى المحلي. العديد من مواقع المواعدة على الانترنت تربح أموالًا طائلة باستخدام خوارزميات تتظاهر على الأقل بمطابقة شخص مع شريك حياة مثالي.
الكون الذي لا يمكن وصفه رياضيًا لا بد أن يكون جوهريًا غير عقلاني لا مجرد أنه لا يمكن التنبؤ به. فقط لأن النظرية غير محتملة لا يعني أننا لا نستطيع وصفها رياضيًا.
لكنني لا أعتقد أننا نعيش في ذلك الكون، وأظن أننا لا نستطيع أن نتصور كونًا غير رياضي.
مصادر من داخل وخارج النص:
1- https://web.stanford.edu/%7Ejsabol/certainty/readings/Galileo-Assayer.pdf
2- https://www.wiley.com/en-ca/A+History+of+Mathematics%2C+3rd+Edition-p-9780470630563
3- https://plato.stanford.edu/entries/newton-principia/
4- https://www.maths.ed.ac.uk/%7Ev1ranick/papers/wigner.pdf
5- https://www.scientificamerican.com/article/is-the-universe-made-of-math-excerpt/
6- https://www.sciencedirect.com/topics/psychology/sapir-whorf-hypothesis
7- 6- “فرضية النسبية اللغوية (Linguistic relativity) هي جزء من النسبوية، المعروفة أيضًا بفرضية سابير وورف أو الوورفانية، كلها تشير لمبدأ تأثير بنية اللغة على رؤية العالم الخاصة بالمتحدث أو على إدراكه، لذا فإن تصورات الناس نسبية تخضع للغتهم المنطوقة” ، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/نسبية_لغوية
8- https://www.sciencedirect.com/topics/physics-and-astronomy/dirac-equation
9- https://arxiv.org/pdf/1704.06996.pdf
10- “الشفق القطبي (aurora) هو مزيج من الألوان التي تتشكل على القطبين الشمالي والجنوبي للكرة الأرضية ويعرف أيضاً بأسماء الفجر القطبي أو الأنوار القطبية وهو من الظواهر الجميلة” ، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/شفق_قطبي
11 – الميكانيكا المدارية أو الديناميكا الفلكية هي تطبيق حركة المقذوفات والميكانيكا السماوية على المشاكل العملية المتعلقة بحركة الصواريخ وغيرها من المركبات الفضائية الأخرى. فعادة ما يتم حساب حركة هذه الأشياء من قوانين نيوتن للحركة وقانون الجاذبية العام لنيوتن. فهو انضباط أساسي داخل تصميم وضوابط البعثة الفضائية. وتعالج الميكانيكا السماوية الديناميكا المدارية للأنظمة بشكل أوسع نطاقًا تحت تأثيرالجاذبية، بما في ذلك المركبات الفضائية والأجرام الفلكية الطبيعية مثل أنظمة النجوم والكواكبوالأقمار والمذنبات. وتركز الميكانيكا المدارية على مسارات المركبات الفضائية، والتي تشمل المناورات المدارية وتغيرات المستوى المداري والتحولات بين الكواكب، ويتم استخدامها من قبل مخططي البعثة للتنبؤ بنتائج المناورات الدافعة. وتكون النسبية العامة نظرية أكثر دقة من قوانين نيوتن لحساب المدارات وهي ضرورية في بعض الأحيان لتحقيق المزيد من الدقة أو في حالات الجاذبية العالية (مثل المدارات القريبة من الشمس)” ، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/ميكانيكا_مدارية
12- “في اللغة المتداولة، كلمة “فوضى” تشير إلى وجود سلوك عشوائي أو غير متوقع. عادة ما تحمل الكلمة دلالة سلبية تتضمن تشويشًا أو اضطرابًا غير مرغوب فيه. ولكن هذا السلوك غير المتوقع في المجال العلمي ليس بالضرورة غير مرغوب فيه” ، ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان: https://www.stsci.edu/%7Elbradley/seminar/chaos.html
13- https://ar.wikipedia.org/wiki/نظرية_شواش
14- “مسارات الأعاصير هي مناطق ضيقة في البحار والمحيطات حيث تنتقل العواصف عبرها مدفوعة بالرياح السائدة” ، ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان: https://en.wikipedia.org/wiki/Storm_track
15- https://www.nature.com/articles/d41586-018-05892-6
16- https://www.nationalgeographic.com/science/article/origins-of-the-universe
17- “في علم الاجتماع، النظام الاجتماعي هو شبكة من العلاقات النمطية تشكل رابطة قوية مابين الأفراد والجماعات والمؤسسات. يشير هذا المصطلح إلى الهيكل الرسمي للدور والمركز الذي يمكن تشكيله في الجماعات الصغيرة المستقرة. ومن الممكن أن ينتمي الفرد لعدة نظم اجتماعية في وقت واحد. من الأمثلة على النظم الاجتماعية: أفراد الأسرة، والمجتمعات، والمدن، والشعوب، والجامعات، والشركات والمصانع. يعتمد تعريف المجموعات ضمن النظام الاجتماعي على عدة خصائص مشتركة كالمكان، والوضع الاقتصادي والاجتماعي، والعرق، والدين، والوظائف الاجتماعية وغير ذلك من الصفات المشتركة” ، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/نظام_اجتماعي
18- https://www.science.org/content/article/stock-market-using-mathematics-finance
19- https://uwspace.uwaterloo.ca/handle/10012/10627
المصدر الرئيس:
https://theconversation.com/a-universe-without-mathematics-is-beyond-the-scope-of-our-imagination-175813