مواضيع سيكولوجية: (6) الاعتمادية – ترجمة علي الجشي

Codependency1
(موقع علم النفس اليوم الإلكتروني – Psychology Today)

سبعة مواضيع سيكولوجية سيتم ترجمتها من موقع علم النفس اليوم وهي: التعلق – القلق – الخوف – الوحدة – الغيرة – الاعتمادية – تنمية الطفل ، وسيتم نشرها تباعا. موقع علم النفس اليوم موقع الكتروني يهتم بأحدث ما في عالم علم النفس من البحث السلوكي إلى التوجيه العملي لكل ما يتعلق بالعلاقات بين الناس والصحة العقلية والإدمان وغيرها.

(6) الاعتمادية

العلاقة الاعتمادية

العلاقة الاعتمادية هي نوع من العلاقة المختلة يكون فيها أحد الأشخاص راعيًا والآخر مستفيد، وهي شائعة للغاية بين الأشخاص الذين يعانون من مشاكل نفسية أو عقلية.

في العلاقة الاعتمادية، عادة ما، يعتني أحد الطرفين بالآخر إلى حد التعود، ويعتبر الطرف الآخر حسن المعاملة كحق مشروع وواجب على الآخر.

يبدأ هذا السلوك نشأته في المنزل، حيث يسعى أحد الأبوين بالتهدئة على حساب حقوقه لتسهيل الحياة الأسرية. ومع الوقت يكتسب الأولاد نوعًا من هذا الأسلوب التصالحي، والذي يؤدي الى الميل بقبول “استغلال غير متوازن” من الآخرين.

ظهر هذا المفهوم المثير للجدل في الثمانينيات وتم تطبيقه بشكل عام على أنواع أخرى من مشاكل الصحة العقلية والسلوكية، بما في ذلك العنف المنزلي والاعتداء العاطفي. غالبًا ما يستخدم المصطلح أيضًا بالعامية، لوصف العلاقات الوثيقة دون أن يحمل أي معنى نفسي صارم.

من هو الاعتمادي؟

الاعتمادي هو شخص لا يستطيع العمل بمفرده، ويقوم بدلاً من ذلك بتنظيم تفكيره وسلوكه حول شخص آخر أو عمل ما أو مادة معينة. الأشخاص الاعتماديين يضعون أولوية أقل لاحتياجاتهم الخاصة، بينما ينشغلون بشكل مفرط باحتياجات الآخرين.

تم تصور مفهوم الاعتمادية كطريقة لفهم السلوكيات غير الصحية للناس. كل شيء من تقديم الأعذار والإفراط في العمل من أجلهم إلى دعمهم ماليًا يعتبر بمثابة تمكين لتزايد اتكاليتهم.

هذا النمط من السلوك ربما يُنظر إليه كنوع من ضعف الشخصية، فيُنعت من يضحي بأولوياته بأنه شخص ضعيف، يعتمد ارضاء الآخرين على حساب نفسه.

ما الذي يسبب الاعتمادية؟

في كثير من الأحيان، الأشخاص الذين يعانون من الاعتماد على الآخرين نشأوا وسط ديناميات أسرية مختلة. ربما كان لديهم أحد أفراد الأسرة أو صديق مقرب غير سوي.

أو قد يكونون قد عانوا أيضًا من صدمة الطفولة التي دفعتهم إلى الشعور بالقلق أو عدم الأمان بشأن العلاقات، وربما الشعور بتدني احترام الذات والحاجة المفرطة لإرضاء الآخرين إلى الحدود الشخصية الضعيفة التي تجعله يشعر بالمسؤولية لمشاكل الآخرين.

ومع ذلك، من المهم أن تتذكر أن أي شخص يمكن أن يقع في علاقة غير صحية.

الفرق بين العلاقة الصحية والعلاقة الاعتمادية

في العلاقة الصحية، يعطي كلا الطرفين ويستقبلان على قدم المساواة ويمكنهما الاحتفاظ بهويتهما منفصلة عن الشخص الآخر. في مقابل العلاقات الصحية المفيدة، والتي توفر الحب والدعم لكلا الطرفين، هناك علاقات اعتمادية، أحادية الجانب تضع شخصًا واحدًا في دور مقدم الرعاية المستمر.

تعد العلاقات الاعتمادية تحالفًا غير صحي حيث يتورط أحد الأفراد بدور مقدم الرعاية، والآخر يأخذ دون أن يعطي. يتوق المانح إلى أن يكون مفيدًا و “ينقذ” أحبائه، ولكن قد ينتهي به الأمر إلى تمكين السلوكيات الضارة بدلاً من ذلك. في نهاية المطاف، ينتهي الأمر بالمانح منهكًا ومحبطًا ومرهقًا، مما يؤدي إلى زيادة الخلافات وعدم الرضا عن العلاقة.

السلوكيات غير الصحية

في العلاقات الاعتمادية غير الصحية، يميل “المانح” إلى الإفراط في المسؤولية، ويختلق الأعذار لـ “المتلقي” ويتولى التزاماته بدلًا منه. المانحون ينتقدون الذات وغالباً ما يتسمون بالكمال؛ إصلاح أو إنقاذ الآخرين يجعلهم يشعرون بالحاجة. يركزون كثيرًا على إرضاء الآخرين لدرجة أنهم يتجاهلون رغباتهم واحتياجاتهم.

عادة ما يكون لدى المانحين ثقة منخفضة في الذات، ويجدون صعوبة في وضع حدود وأن يكونوا حازمين، ويواجهون صعوبة في طلب المساعدة عندما يحتاجون إليها. غالبًا ما يعاني البعض من مشاكل خطيرة، مثل عدم النضج العاطفي، ومشاكل الصحة العقلية، وحتى الإدمان.

سلبيات الاعتمادية

الاعتمادية ليست جيده لأنها تجعل طرفًا يتخلى عن رغباته واحتياجاته من أجل رعاية الآخر، والذي بدوره يغرق بشكل عميق وينتهي به الأمر الى فقد ذاته ليصبح في نهاية المطاف اتكاليًا غير نافع لنفسه ولا لغيره.

وعندما يكون في الأسرة شخصًا مهتمًا وعمليًا للغاية ومفيدًا، ربما يؤدي هذا الدور الى انتاج سلوك غير سوي من أحد أفراد الأسرة، يكون فيه غير مسؤول أو هدَّام. على سبيل المثال، مساعدة الزوج المدمن على اجتياز مواقف محرجة، أو توفير أماكن معيشية لطفل بالغ يتعاطى المخدرات تؤدي إلى نتائج عكسية، وهي طريقة لإحباط التعافي وإدامة المشكلة فعليًا.

التعافي من الاعتمادية

الشعور بالأمان في نفسك وفي علاقتك هو مفتاح الشفاء من الاعتماد على الآخرين. تقبل نفسك – الجيد والسيئ وما بينهما – واعمل على تنمية احترامك لذاتك. تعلم كيفية تحديد رغباتك واحتياجاتك والتعبير عن مشاعرك. لا تخف من تأكيد نفسك وتطوير حدود صحية والحفاظ عليها. حل النزاع والتسوية من منظور “نحن” بدلاً من وضع رغبات الشخص الآخر على رغباتك.

وفقًا لطريقة التفكير هذه، فإن خلق مسافة عاطفية من الشخص المحبوب المضطرب أمر ضروري ومفيد للشريك الذي يعتمد على الآخرين: إنها طريقة لتعريضهم للعواقب السلبية لسلوكهم.

الجدل حول “الاعتماد المتبادل

لا يوجد بحث علمي يدعم مفهوم الاعتماد المتبادل. على الرغم من الجهود التي يبذلها البعض لتصنيف الاعتماد على أنه اضطراب في الشخصية، إلا أنه لم يتم قبول هذا الرأي مطلقًا لإدراجه في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية. يعتقد العديد من خبراء الصحة العقلية والعلاقات أن المصطلح معيب بطبيعته ويرفضون استخدامه لأسباب عديدة.

في المقام الأول، يؤدي “الاعتماد المشترك” إلى مرض ووصم السلوك البشري السليم، لا سيما السلوك المحب والاهتمام. هناك أدلة علمية وفيرة على أن البشر مرتبطون بتشكيل روابط عاطفية دائمة، ولا يتم إلغاء هذه الروابط تلقائيًا ببدء السلوك الإشكالي. في الواقع، فإن الحاجة إلى التواصل والرغبة في التواصل على الاتصال أمران أساسيان – متجذران بعمق مثل الحاجة إلى الغذاء والماء – وقد ثبت بشكل متكرر أن العزلة مدمرة للصحة الجسدية والعقلية.

علاوة على ذلك، من الطبيعي أن تؤدي عثرات أو معاناة أحد أفراد الأسرة إلى إثارة التعاطف والرحمة والرغبة في المساعدة، حتى إلى درجة وضع احتياجات الآخر قبل احتياجاته. علاوة على ذلك، لا يعترف الاعتماد المشترك بالمسؤولية التي يتحملها الأفراد عن سلوكهم وعن السعي للتغيير.

الاستقلالية

يتم وصف الرغبة في المساعدة بأنها مرضية ووصمة في العلاقات. عادة ما يتم حث الأشخاص الذين لديهم شخص محبوب يعاني من سلوك غير مقبول على الابتعاد عن العلاقة معه والتوقف عن تمكينه.

لسوء الحظ، تتعارض هذه النصيحة مع رغبة البشر الفطرية في المجتمع والانتماء وهي في كثير من الأحيان غير مفيدة. ينصح بعض الخبراء بأن نتجاوز الاعتماد المتبادل ونتبنى طرقًا بديلة لإدارة العلاقة مع شخص لديه سلوك غير مقبول، بما في ذلك الاعتماد على الذات.

تسمح هذه الإستراتيجية لتقديم الرعاية بالحب دون قيد أو شرط ومتابعة التواصل العاطفي مع تطوير الحدود الصحية والحفاظ عليها في نفس الوقت. في هذه الحالة يمكن تقديم المساعدة عندما يحتاجها أحد أفراد أسرته ولكن لا يقوم بالمهام التي يجب أن يديرها الشخص بنفسه.

مظاهر وعلامات العلاقة الاعتمادية

1- ارضاء الناس

من الطبيعي أن ترغب في أن يحبك الناس ونريد جميعًا أن يكون أحباؤنا سعداء، ولكن هناك فرق بين هذه الميول العادية وبين الاضطرار إلى إرضاء الناس طوال الوقت. غالبًا ما يشعر الأشخاص الذين يسعون لإسعاد الآخرين أنه ليس لديهم خيار سوى إبقاء الآخرين سعداء. لا يحبون قول لا، حتى عندما يتعارض إرضاء الآخرين بشكل كبير مع رغباتهم واحتياجاتهم.

2- عدم وجود حدود

وجود حدود يعني ببساطة أنك تحترم حق الشخص الآخر في مشاعره واستقلاليته. في العلاقة الاعتمادية، يواجه كلا الطرفين مشاكل في التعرف على الحدود واحترامها وتعزيزها. هذا يعني أيضًا إدراك أنك لست مسؤولاً عن سعادة الشخص الآخر. وبالتالي، فإن شخصًا ما يتحكم ويتلاعب، والآخر ممتثل ويفشل في تأكيد إرادته. يعد العمل على وضع الحدود والحفاظ عليها من أهم المهارات التي يجب على العائلات تعلمها في العلاج الأسري.

3- ضعف احترام الذات

لا يتمتع أي من الأشخاص في علاقة الاعتماد المتبادل بتقدير جيد للذات. عادة ما يحتاج احدهما إلى موافقة الآخر أو على الأقل تقديم خدمة إليه ليتكون عنده إحساس بقيمته، فهو يشتري قيمته من الطرف الآخر. بينما يعاني الشخص الآخر من تدني احترام الذات بسبب اضطراره إلى الاعتماد على الشخص الآخر لتلبية احتياجاته المادية وحاجته المستمرة إلى التحقق من مصداقية ذلك الشخص. غالبًا ما يكون الشخص الذي يأخذ ميال الى السيطرة بسبب عدم الأمان الذي قد يتركه الشخص الآخر في تفكيره.

4- رعاية الجميع

إحدى العلامات الرئيسية للعلاقة الاعتمادية هي الشعور بأن عليك رعاية الجميع طوال الوقت. يأتي هذا عادةً من الطفولة، عندما يوحي الذي يقوم برعاية الطفل أن هناك عواقب وخيمة من عدم الاهتمام باحتياجات الكبار. نتيجة لذلك، قد يشعر الشخص بأنه مضطر إلى الاعتناء بالآخرين، خاصةً الشريك، ليس بسبب المودة كثيرًا، ولكن من الخوف من حدوث شيء سيء إذا لم يفعل ذلك.

يمكن لمعظم الناس أن يعيشوا بشكل جيد بجهودهم، والشعور بأن الأمور ستسير بشكل خاطئ إذا لم يعتنى بهم غالبًا ما يكون علامة على العلاقة الاعتمادية.

5- التفاعلية

عندما يعتمد تشكيلُ هُوِيَّتك إلى إرضاء الآخرين وتشعر بالمسؤولية عن رفاهية الجميع، فقد تجد نفسك تتفاعل مع المواقف بدلاً من التصرف بمحض إرادتك. ربما تجد نفسك دفاعيًا أو تتقبل النقد بسهولة. ينتج عن هذا فقدان الاهتمام برغباتك واحتياجاتك، مما يجعل من الصعب أن تكون استباقيًا. كما أنه ناتج جزئيًا عن عدم قدرتك على وضع حدود بحيث تشعر بالمسؤولية تجاه مشاعر شخص آخر.

6- ضعف التواصل   

العقلية الاعتمادية تجعل التواصل الفعال مع الآخر صعب. غالبًا ما يكون الشخص الذي يهتم بالآخر غير مدرك لرغباته واحتياجاته، وعندما يكون على دراية بها، فقد يحجم عن التعبير عنها. قد يشعر أن الاهتمام بالشخص الآخر هو أهم شيء، أو قد يخشى إغضاب الشخص الآخر بتأكيد نفسه. التواصل هو مهارة أخرى مهمة يجب تعلمها في العلاج الأسري. يجب أن يتعلم كلا الشخصين التواصل بصدق وفعالية.

7- عدم وجود صورة ذاتية 

قد يكون لدى مقدم الرعاية تدني احترام الذات، أو قد لا يكون لديه الكثير من الثقة الذاتية على الرغم من أنه هو الذي يهتم بالأمور العملية ويمكن أن تعيش بشكل جيد بدون الشخص الآخر.

8- التبعية

بالطبع، تلعب التبعية دورًا رئيسيًا في الاعتماد على الآخرين. كل شخص يحتاج الآخر لشيء ما. يحتاج شخص واحد إلى تلبية احتياجاته المادية لأن شيء ما من القضايا أعاق استقلاليته. يحتاج الشخص الآخر إلى التحقق من الصحة والشعور بالهدف من الاهتمام بشخص ما. بطريقة ما، إنها مقايضة، تحدد مشاركة الطرفين.

مصدر الصورة: centralminds.hk

ضغوط العلاقة

كما قد تتوقع، يمكن لأي من هذه العوامل أن تضع الكثير من الضغط على العلاقة. عندما لا تتمكن من التواصل أو احترام الحدود، فلا بد أنك تواجه مشاكل. غالبًا ما يشعر القائم بالرعاية بالكثير من التوتر بشأن القيام بكل شيء بشكل صحيح، بينما يشعر الشخص المعال غالبًا بعدم الأمان حيال امكانية تخلي الآخر عنه.

كلاهما يخاف من أن يكون بمفرده، لكن لا أحد منهما يشعر بالسعادة بشكل خاص. قد لا يكون هناك الكثير من المشاجرات لأن أحد الشريكين ملتزم عادةً بإبقاء الآخر سعيدًا، لكن من المحتمل أن يشعر كلاهما بالتوتر بالرغم من ذلك.

1 (Codependency) مصطلح يستخدم لوصف المبالغة في تقديم المساعدة الى الآخرين على حساب النفس وبشكل مفرط ومتكرر مما يولد إحساساً لدى المتلقي للمساعدة بأنه يستحقها مجانًا، أما “المُعطي” فيرى أن من واجبه تقديم العون ولو كان ذلك على حساب حاجاته وصحته وحقوقه، وبهذا يطلق عليه (Codependent). استخدام هذا المصطلح لوصف الحالة أعلاه خطأ من الناحية اللغوية، لأن (Co) تشير عادة الى التعاون أو التبادل المشترك، وليس العطاء المفرط من طرف واحد، ولهذا أثار لغطاً وجدلًا كبيراً في أوساط علماء النفس حتى انهم رفضوا قبول هذه الحالة وتصنيفها كحالة مرضية.

المصدر:

https://www.psychologytoday.com/intl/basics/jealousy

مرجع اضافي:

https://www.fortbehavioral.com/addiction-recovery-blog/9-warning-signs-of-a-codependent-relationship/

المهندس علي الجشي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *