فهم العلم – ترجمة المهندس صادق علي القطري

Understanding Science
(جامعة مينوسوتا  – University of Minnesota)

(ما هو العلم – ميزات العلم – العلوم الزائفة)

ما هو العلم؟

يتفاجأ بعض الناس عندما يعلمون أن علم النفس هو علم. يتفقون عمومًا على أن علم الفلك وعلم الأحياء والكيمياء علوم لكنهم يتساءلون عما يشترك فيه علم النفس مع هذه المجالات الأخرى. قبل الإجابة على هذا السؤال، يجدر التفكير فيما هو مشترك بين علم الفلك وعلم الأحياء والكيمياء.

يدرس علماء الفلك الأجرام السماوية، وعلماء الأحياء يدرسون الكائنات الحية، والكيميائيون يدرسون المادة وخصائصها. كما أنها ليست المعدات والتقنيات التي يستخدمونها. قلة من علماء الأحياء يعرفون ما يجب عليهم فعله باستخدام التلسكوب الراديوي، على سبيل المثال، وقليل من الكيميائيين يعرفون كيفية تتبع مجموعة موس في البرية. لهذه الأسباب وغيرها، استنتج الفلاسفة والعلماء الذين فكروا بعمق في هذا السؤال أن ما تشترك فيه العلوم هو:

نهج عام لفهم العالم الطبيعي. علم النفس هو علم لأنه يأخذ نفس النهج العام لفهم جانب واحد من العالم الطبيعي: السلوك البشري.

مصدر الصورة: parachutedigitalmarketing.com.au

ميزات العلم

المنهج العلمي العام له ثلاث سمات (ميزات) أساسية (ستانوفيتش، 2010):

  • الميزة الأولى للنهج العلمي:

هو التجريبية المنهجية حيث تشير التجريبية إلى التعلم القائم على الملاحظة، ويتعرف العلماء على العالم الطبيعي بشكل منهجي، من خلال التخطيط الدقيق، والقيام، والتسجيل، وتحليل الملاحظات الخاصة به حيث يلعب التفكير المنطقي وحتى الإبداع أدوارًا مهمة في العلم أيضًا، لكن العلماء فريدون في إصرارهم على التحقق من أفكارهم حول الطريقة التي يتعارض بها العالم مع ملاحظاتهم المنهجية.

على سبيل المثال، أن ميهل وزملائه لم يثقوا في الصور النمطية للآخرين أو حتى في ملاحظاتهم غير الرسمية. وبدلاً من ذلك، قاموا بشكل منهجي بتسجيل وحساب ومقارنة عدد الكلمات التي يتحدث بها عينة كبيرة من النساء والرجال. علاوة على ذلك، عندما تبين أن ملاحظاتهم المنهجية تتعارض مع الصور النمطية للناس، فقد وثقوا في ملاحظاتهم المنهجية.

  • الميزة الثانية للنهج العلمي:

والتي تتبع بطريقة مباشرة من الأولى وهي أنه يهتم بالأسئلة التجريبية وهذه أسئلة حول الطريقة التي يكون عليها العالم في الواقع، وبالتالي، يمكن الإجابة عليها من خلال مراقبته بشكل منهجي. إن مسألة ما إذا كانت النساء تتحدث أكثر من الرجال هي مسألة تجريبية بهذه الطريقة. إما أن النساء يتحدثن أكثر من الرجال أو لا يتحدثن، ويمكن تحديد ذلك من خلال المراقبة المنهجية لمقدار حديث النساء والرجال في الواقع.

هناك العديد من الأسئلة المهمة والمثيرة للاهتمام التي لا يمكن اختبارها تجريبياً والتي لا يستطيع العلم الإجابة عليها. من بينها أسئلة حول القيم – هل الأشياء جيدة أم سيئة، عادلة أم غير عادلة، أم جميلة أم قبيحة، وكيف يجب أن يكون العالم. لذا، على الرغم من أن السؤال عما إذا كانت الصورة النمطية دقيقة أو غير دقيقة هو سؤال قابل للاختبار تجريبيًا يمكن للعلم الإجابة عليه، فإن السؤال عما إذا كان من الخطأ أن يحمل الناس صورًا نمطية غير دقيقة ليس كذلك. وبالمثل، فإن مسألة ما إذا كان السلوك الإجرامي له مكون وراثي هو سؤال تجريبي، لكن السؤال عما يجب فعله مع الأشخاص الذين يرتكبون جرائم ليس كذلك. من المهم بشكل خاص للباحثين في علم النفس أن يكونوا على دراية بهذا التمييز.

  • الميزة الثالثة للنهج العلمي:

العلم يخلق المعرفة العامة فبعد طرح الأسئلة التجريبية، وإجراء الملاحظات المنهجية، واستخلاص الاستنتاجات، ينشر العلماء أعمالهم وهذا يعني انه عادةً لكتابة مقال للنشر في مجلة مهنية، حيث يطرحون سؤالهم البحثي في ​​سياق بحث سابق، ويصفون بالتفصيل الأساليب التي استخدموها للإجابة على سؤالهم، ويقدمون نتائجهم واستنتاجاتهم بوضوح.

مصدر الصورة: bscholarly.com

النشر هو سمة أساسية للعلم لسببين:

  • أحدهما أن العلم هو عملية اجتماعية وتعاون واسع النطاق بين العديد من الباحثين الموزعين عبر الزمان والمكان. تستند معرفتنا العلمية الحالية بمعظم الموضوعات إلى العديد من الدراسات المختلفة التي أجراها العديد من الباحثين المختلفين الذين شاركوا عملهم مع بعضهم البعض على مر السنين.
  • والثاني هو أن النشر يسمح للعلم بأن يصحح نفسه بنفسه. يفهم العلماء الأفراد أنه على الرغم من بذل قصارى جهدهم، يمكن أن تكون أساليبهم معيبة واستنتاجاتهم غير صحيحة. يسمح النشر للآخرين في المجتمع العلمي باكتشاف هذه الأخطاء وتصحيحها بحيث، بمرور الوقت، تعكس المعرفة العلمية بشكل متزايد الطريقة التي يكون عليها العالم في الواقع.

 العلم مقابل العلوم الزائفة

يشير العلم الزائف إلى الأنشطة والمعتقدات التي يزعم مؤيدوها أنها علمية – وقد تبدو علمية للوهلة الأولى – ولكنها ليست كذلك. ضع في اعتبارك نظرية الإيقاع الحيوي (يجب عدم الخلط بينه وبين دورات النوم أو الدورات البيولوجية الأخرى التي لها أساس علمي).

الفكرة هي أن القدرات الجسدية والفكرية والعاطفية للناس تعمل في دورات تبدأ عند ولادتهم وتستمر حتى وفاتهم ومدة الدورة الجسدية 23 يومًا، والدورة الفكرية 33 يومًا، والدورة العاطفية 28 يومًا. لذلك، على سبيل المثال، إذا كان لديك خيار تحديد موعد لامتحان، فقد ترغب في تحديد موعد له في وقت تكون فيه الدورة الفكرية الخاصة بك في نقطة عالية.

كانت نظرية الإيقاع الحيوي موجودة منذ أكثر من 100 عام، ويمكنك العثور على العديد من الكتب والمواقع الشهيرة حول الإيقاع الحيوي، وغالبًا ما تحتوي على مصطلحات مثيرة للإعجاب وتبدو علمية مثل الموجة الجيبية والكهرباء الحيوية. ومع ذلك، فإن مشكلة النظم الحيوية هي أنه لا يوجد سبب وجيه للاعتقاد بوجودها (هاينز، 1998).

يمكن القول بأن مجموعة من المعتقدات أو الأنشطة العلمية زائفة إذا (أ) ادعى أتباعها أو أشاروا إلى أنها علمية ولكن (ب) تفتقر إلى واحدة أو أكثر من السمات الثلاثة للعلم.

قد تفتقر إلى التجريبية المنهجية. إما أنه لا يوجد بحث علمي ذي صلة أو كما في حالة الإيقاع الحيوي، هناك بحث علمي ذي صلة ولكن يتم تجاهله. قد تفتقر أيضًا إلى المعرفة العامة. قد يزعم الأشخاص الذين يروجون للمعتقدات أو الأنشطة أنهم أجروا بحثًا علميًا ولكنهم لا ينشرون هذا البحث أبدًا بطريقة تسمح للآخرين بتقييمه.

مصدر الصورة: arts.unimelb.edu.au

قد تكون مجموعة المعتقدات والأنشطة أيضًا علمية زائفة لأنها لا تتناول الأسئلة التجريبية وقد كان الفيلسوف كارل بوبر مهتمًا بشكل خاص بهذه الفكرة (بوبر، 2002).

لقد جادل بشكل أكثر تحديدًا أنه يجب التعبير عن أي ادعاء علمي بطريقة تكون هناك ملاحظات من شأنها إذا تم إجراؤها واعتبارها دليلاً ضد الادعاء. بعبارة أخرى، يجب أن تكون الادعاءات العلمية قابلة للدحض. الادعاء بأن النساء يتحدثن أكثر من الرجال هو ادعاء قابل للدحض لأن الملاحظات المنهجية يمكن أن تكشف إما أنهن يتحدثن أكثر من الرجال أو أنهن لا يتحدثن.

كمثال على ادعاء غير قابل للدحض، ضع في اعتبارك أن العديد من الأشخاص الذين يدرسون الإدراك خارج الحواس (ESP) وقوى نفسية أخرى يزعمون أن هذه القوى يمكن أن تختفي عندما يتم ملاحظتها عن كثب. هذا يجعله بحيث لا يمكن اعتبار أي ملاحظة محتملة كدليل ضد (ESP). إذا أظهر اختبار دقيق للطبيب النفسي المزعوم أنها تنبأت بالمستقبل بمستويات أفضل من الفرص، فسيكون هذا متسقًا مع الادعاء بأنها تتمتع بقدرات نفسية. ولكن إذا فشلت في التنبؤ بالمستقبل بمستويات أفضل من الفرص، فسيكون هذا أيضًا متسقًا مع الادعاء لأنه من المفترض أن تختفي قوتها عندما يتم مراقبتها عن كثب.

لماذا يجب أن نهتم بالعلوم الزائفة؟ هناك ثلاثة أسباب على الأقل:

  • أحدهما أن التعلم عن العلوم الزائفة يساعد على إبراز السمات الأساسية للعلم – وأهميتها – في تركيز أكثر حدة.
  • والثاني هو أن الإيقاعات الحيوية والقوى النفسية وعلم التنجيم والعديد من المعتقدات العلمية الزائفة الأخرى منتشرة على نطاق واسع ويتم الترويج لها على الإنترنت والتلفزيون والكتب والمجلات. يمكن أن يساعدنا تعلم ما يجعلها علمية زائفة في تحديد وتقييم هذه المعتقدات والممارسات عندما نواجهها.
  • والسبب الثالث هو أن العديد من العلوم الزائفة تهدف إلى شرح بعض جوانب السلوك البشري والعمليات العقلية، بما في ذلك النظم الحيوية، وعلم التنجيم، وعلم الخطوط (تحليل خط اليد)، والعلاج بالمغناطيس للتحكم في الألم. من المهم لطلاب علم النفس أن يميزوا مجالهم بوضوح عن هذا “علم النفس الزائف”.

قاموس المشككين

  • مصدر ممتاز للمعلومات عن العلوم الزائفة هو قاموس المتشككين (http://www.skepdic.com): من بين المعتقدات والممارسات العلمية الزائفة التي يمكنك التعرف عليها ما يلي:
  • علم الحيوانات الخفية: دراسة المخلوقات “الخفية” مثل Bigfoot وLoch Ness monster وchupacabra.
  • العلاجات النفسية الزائفة: الانحدار في الحياة السابقة، وعلاج إعادة الولادة، والعلاج بالكريم الحيوي، من بين أمور أخرى.
  • علاج بالمواد الطبيعية: علاج الحالات الطبية باستخدام مواد طبيعية تم تخفيفها في بعض الأحيان لدرجة لم تعد موجودة.
  • علم الهرم: نظريات غريبة حول أصل ووظيفة الأهرامات المصرية (على سبيل المثال، أنها بنيت من قبل كائنات فضائية) وفكرة أن الأهرامات بشكل عام لها قوى شفاء وقوى خاصة أخرى.

 المآخذ الرئيسية:

العلم طريقة عامة لفهم العالم الطبيعي وميزاته الأساسية الثلاث هي التجريبية المنهجية والأسئلة التجريبية والمعرفة العامة.

علم النفس هو علم لأنه يأخذ النهج العلمي لفهم السلوك البشري.

يشير العلم الزائف إلى المعتقدات والأنشطة التي يُزعم أنها علمية ولكنها تفتقر إلى واحد أو أكثر من سمات العلم الثلاثة. من المهم التمييز بين النهج العلمي لفهم السلوك البشري من العديد من مناهج العلوم الزائفة.

المصدر:

https://open.lib.umn.edu/psychologyresearchmethods/chapter/1-1-understanding-science/

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *