The fifth revolution
(بقلم: حسن بيك – Hassan Baig)
يمر العالم بعملية تطور وتحول دائمين. إن تحول عملية التصنيع الحديثة لتمكين البشر والآلات من العمل جنبًا إلى جنب هو المرحلة التالية من الثورة الصناعية – المعروفة الآن باسم الثورة الصناعية الخامسة (IR5.0، اختصارًا للعبارة (Fifth Industrial Revolution), و (Industrial Revolution number 5).
استخدم المؤرخ الاقتصادي أرنولد توينبي (Arnold Toynbee) “الثورة الصناعية” (Industrial Revolution) في القرن التاسع عشر لوصف التطور الاقتصادي لبريطانيا من عام 1760 إلى عام 1840. ومن الواضح أن مصطلح “ثورة” استخدم لوصف التحول السريع من حياة بسيطة سابقة إلى وسائل معيشية أكثر حداثة. قبل مناقشة الثورة الصناعية الخامسة، دعونا نلقي نظرة بانورامية على الثورات الصناعية السابقة في السلسلة.
بدأت الثورة الصناعية الأولى في النصف الثاني من القرن الثامن عشر واستمرت حتى أواخر القرن التاسع عشر. خلال هذه الفترة، تم إدخال الآلات في المصانع لإنتاج منتجات على نطاق واسع في المنسوجات وصناعة الحديد والعمليات الصناعية الأخرى. كان المحرك البخاري هو الاختراع الرئيس الذي أحدث ثورة [نقلة] في عملية الإنتاج، وحولها من الزراعة إلى الصناعة.
بدأت الثورة الصناعية الثانية في نهاية القرن التاسع عشر وامتدت إلى القرن العشرين، وشهدت أشكالًا جديدة من الطاقة مثل الكهرباء والغاز والنفط المنتج من خلال محركات الاحتراق الداخلي. لقد تحولت طريقة الاتصال كليًّا مع اختراع التلغراف والهاتف. كانت السيارة والطائرة من أهم منتجات هذه الفترة.
بدأت الثورة الصناعية الثالثة في النصف الثاني من القرن العشرين. شهدت هذه الفترة ظهور أجهزة الكمبيوتر والإنترنت والإلكترونيات والاتصالات. الطاقة النووية هي أيضا نتاج هذه الفترة. غالبًا ما يشار إليها ب “الثورة الرقمية” التي فتحت الأبواب لاستكشاف الفضاء في الإصدار الجديد القادم من الثورات الصناعية (الثورة الصناعية الرابعة).
إن الثورة الصناعية الرابعة، في الواقع، هي الفترة التي نعيشها الآن، والتي أدت إلى انفجار الإنترنت. صاغ مصطلح “الثورة الصناعية الرابعة” كلاوس شواب (Klaus Schwab)، مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي (World Economic Forum)، في اجتماع المنتدى في منتجع دافوس (Davos) عام 2016. “إنترنت الأشياء” (The internet of Things)، اختصارًا (IoT)، و”البيانات الضخمة” Big Data، الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence)، اختصارًا: (AI)، “الحوسبة الكمية” (quantum computing) و “سلسلة الكتل” (Blockchain) هي حقائق جديدة في هذا العصر. الشيء التكنولوجي الكبير التالي، الذي سيحدث، هو كل شيء عن أنظمة الروبوتات التعاونية (Cobots)، اختصارًا لعبارة (collaborative robots systems)، التي تدخل العالم في الثورة الصناعية الخامسة؛ دمج البشر والتكنولوجيا.
من المثير للاهتمام أن نرى الثورة الصناعية الرابعة التي خلطت بين البشر والتقدم التكنولوجي لتحقيق الربحية في مقابل التجارة والأعمال. من الواضح تقريبًا من التقدم التكنولوجي أن البشر أصبحوا خاضعين للآلات التي يسيطر عليها الذكاء الاصطناعي التشريحي (AI). إن الجاذبية الطوباوية (utopian appeal) ليقين الآلات لأداء أفضل الوظائف، مقارنة بالبشر، لها أهميتها أثناء اتخاذ القرارات. يبدو أن الثورة الصناعية الخامسة هي امتداد للثورة الرابعة (الصناعة 4.0) ، الموجهة لتحسين ظروف وأجواء مكان العمل للناس.
سيكون الاختلاف الرئيسي بين الثورتين الصناعيتين الرابعة والخامسة هو علاقة العمل بين التقنيات الذكية المتزايدة والبشر. لن يخاف البشر بعد الآن من الروبوتات من البدائل المنافسة المحتملة (كما في IR 4.0) ، بل سيكونوا سعداء باعتبارهم شركاء متعاونين. سيتم دمج (Cobots) أو الروبوتات التعاونية في عمليات الإنتاج، مما يوفر فرصًا أكبر للبشر من خلال أداء المزيد من المهام العادية والدنيوية. هذا هو مغير اللعبة بالكامل الذي تم تصوره وتوقعه في الثورة الصناعية الخامسة التي سيتبناها العالم قريبًا.
ازداد تواتر الثورات الصناعية، حيث شهد كثير منّا الثورات الصناعية الثلاث الأخيرة في حياتنا. يمكن وصف الثورة الصناعية الخامسة بأفضل مقاربة بأنها نموذج هجين من البشر والآلات يعملون معًا في جو مناسب. كانت الثورتان الثالثة والرابعة تعتمدان كليًا على الآلات، لكن الثورتان الخامسة مختلفة بطريقة تجعل البشر الآن في المقدمة والمركز. هناك قائمة غير شاملة بالتغييرات التي تشكل جزءًا من ثورة الجيل الخامس الجديدة.
خلال الثورة الصناعية الخامسة، سيكون هناك تغيير جوهري في العمل الإداري من المنزل؛ سيعمل معظم الناس عن بعد بانتظام وسيتم تنفيذ الإدارة الوضيعة بواسطة الآلات. ستؤدي التقنيات المرتبطة بالصحة إلى أعمار أطول وصحة أفضل. تغيير آخر خلال هذه الفترة هو أن تصبح روبوتات المحادثة جزءًا روتينيًا من تجربة العميل وستصبح الطباعة ثلاثية الأبعاد (3D) أكثر انتشارًا. من المحتمل جدًا أن نعمل جميعًا مع الروبوتات والآلات الذكية. هذا لا يعني أن البشر سيصبحون فوق الحاجة، لا تحتاجهم المصانع والشركات. ليس هناك شك في أن الروبوتات أكثر اتساقًا بكثير من البشر، لكنها غير مرنة وغير قادرة على التكيف والتفكير النقدي الذي يميزنا كبشر.
نظرًا لأننا مستعدون بشكل متساوٍ للقفز إلى الأمام، فإن السؤال الذي يلوح في الأفق هو كيف ستعيد الثورة الصناعية الخامسة (IR5.0) الاعتماد على الآلات إلى البشر، حيث إنه من المفهوم عمومًا أن الشمولية والتخصيص سيكونان السمة المميزة لهذه الثورة. الجزء التعاوني من هذه الثورة هو الجانب الإيجابي لجميع التغييرات التي نتوقعها منها.
ستلعب التطورات الجديدة من خدمات التجارة الإلكترونية وتكنولوجيا المعلومات والخدمات التي تدعمها وتطبيقات الوسائط الاجتماعية والتعليم عن بعد وخدمات الصحة الإلكترونية دورًا رئيسًا خلال هذه الفترة. قد تنشأ أسئلة أخلاقية في هذه العملية ولكن يعتقد أنها قد لا تصبح عقبة في مسار التغير. نحن نمر عبر الأتمتة (automation) الجماعية نحو بيئة عمل محسنة من أجل تحقيق الشخصنة (personalization) عن طريق التخصيص (customization).
لا شك أن الثورة الصناعية الخامسة ستحقق تحولاً شاملاً في قطاعي التصنيع والخدمات عن طريق السماح للبشر والآلات بالعمل بالتعاون. سيكون هذا مزيجًا فريدًا من القدرات المعرفية للقوى العاملة البشرية والخبرة الفنية للروبوتات، وبالتالي إحداث ثورة في العملية برمتها. عمومًا، يُساء الفهم أن الروبوتات ستحل محل البشر في مكان العمل بينما في الواقع سوف يكمّل الطرفان بعضها البعض من خلال إصدارات محسنة من التطبيقات الجديدة. ستكون الإصدارات الجديدة من البرامج والتطبيقات الرقمية (digital application) في هذه العملية فعالة للغاية في التحولات السريعة.