People Who Jump to Conclusions Show Other Kinds of Thinking Errors
(بقلم: كارمن سانشيز* ووديفيد دانينغ** – Carmen Sanchez and David Dunning)
الاعتقاد في نظريات المؤامرة والثقة المفرطة نزعتان مرتبطتان بالتسرع في التفكير
كم من الوقت تأخذ في الاستقصاء والاستفسار وجمع الحقائق والمعلومات قبل أن تتخذ قرارًا مهمًا؟ الإجابة على هذا السؤال بالنسبة للكثيرين منا، كما يبدو، لا يكاد يذكر، على سبيل المثال ، يكتفي معظم الناس بزيارة واحدة أو اثنتين لأحد معارض السيارات عندما يريدون أن يشتروا سيارة (1).
وعندما يقررون زيارة طبيب للعلاج، يتكل الكثير من الناس ببساطة على توصيات أصدقائهم وأفراد عائلاتهم ولا يعتمدون على استشارة المهنيين الطبيين أو مصادر موثوقة، مثل مواقع الرعاية الصحية على الانترنت أو المقالات المكتوبة بشأن الأطباء الماهرين، وفقًا لتحليل نُشر في مجلة بحوث الخدمات الصحية (Health Services Research) (انظر 2).
نحن لا نبقي بالضرورة مواردنا العقلية / الذهنية محفوظةً حتى نصرفها على قرارات أكثر أهمية. واحد من كل خمسة أمريكيين يقضي وقتًا في التخطيط لإجازته القادمة أكثر مما يقضيه على مستقبل شؤونه المالية (3). هناك أشخاص يراجعون كل التفاصيل ويدققون فيها بشكل شامل قبل أن يتخذوا أي قرار، ومن الممكن بالتأكيد الإفراط في التفكير (4) في الأشياء.
لكن هناك عدد لا بأس به من الناس يتسرعون في الاستنتاج، يبدون آراءهم في الأشياء، أو يصدرون أحكامهم عليها وقد يتخذون قرارًا بشأنها [ما يعرف اختصارًا بالتسرع في الاستنتاج، 5].
يسمي علماء النفس طريقة التفكير هذه بالتحيز المعرفي، أي الميل نحو ارتكاب أخطاء عقلية معينة [راجع ، مثلًا 6 لمعرفة بعض الأخطاء العقلية]. في هذه الحالة ، يتمثل الخطأ في اتخاذ قرار بناءً على أهش / أضعف الأدلة.
في بحثنا الذي أجريناه، وجدنا أن الأحكام المتسرعة غالبًا ما تكون مجرد جانب واحد من جوانب نمط سلوك وتفكير أكبر معرض لارتكاب أخطاء. هذه الأنماط لها تكاليف. الذين يتسرعون في استنتاجاتهم (5) غالبًا ما يختارون رهانًا تكون فيه فرص الفوز منخفضة بدل أن يختاروا رهانًا تكون فرص الفوز فيه أفضل بكثير.
لدراسة التسرع في الاستنتاج (5)، قمنا بدراسة أنماط اتخاذ القرار بين أكثر من 600 شخص من عامة السكان. نظرًا لأن الكثير من الدراسات على هذا النوع من التحيز يأتي من دراسات أجريت على مرضى الفصام (التسرع في الاستنتاج أمر شائع بين المصابين بهذه الحالة) ، فقد استعرنا لعبة تفكير مستخدمة في ذلك المجال من الدراسات.
في هذه اللعبة، تعامل اللاعبون مع شخص كان يصطاد من واحدة من بحيرتين: في إحدى البحيرتين، معظم الأسماك كانت حمراء اللون؛ في البحيرة الأخرى ، معظم الأسماك كانت رمادية اللون. الصياد كان يصطاد سمكة واحدة في كل مرة ويتوقف فقط عندما يعتقد اللاعبون أنه يمكنهم تحديد البحيرة التي أُصطيد منها.
بعض اللاعبين لابد أن يتأكد من رؤية العديد من الأسماك قبل أن يتخذوا أي قرار ويحددوا أي بحيرة كان الصياد يصطاد منها. أما بالنسبة للآخرين – المتسرعين في الاستنتاج – توقف الصياد عن الصيد بعد صيده واحدة أو سمكتين فقط [قرينة على أنهم تسرعوا في الاستنتاج].
وسألنا المشاركين في التجربة، لنعرف أكثر عن أنماط تفكيرهم. وجدنا أنه كلما قل عدد الأسماك التي انتظر اللاعب ليراها [قبل أن يتخذ قرارًا]، كلما زاد عدد الأخطاء التي ارتكبها الشخص في أنواع أخرى من المعتقدات والاستنتاجات والقرارات التي يتخذها.
على سبيل المثال ، كلما كان تسرع الناس في اتخاذ قراراتهم أبكر، كلما زاد احتمال تأييدهم لنظريات المؤامرة ، مثل فكرة أن هبوط أبولو على سطح القمر كان هبوطًا مزيفًا. هكذا أشخاص كانوا أيضًا أكثر احتمالًا للإعتقاد بالظواهر الخارقة للطبيعة والأساطير / الخرافات الطبية (7)، مثل فكرة أن مسؤولي الصحة يخفون تعمدًا (عن قصد) العلاقة بين الهواتف النقالة والسرطان.
ارتكب المتسرعون في الاستنتاج أخطاءً أكثر مما ارتكب الذين لا يتسرعون في الاستنتاج في المشكلات التي تتطلب تحليلًا متأنيًا ورويّة. فكر مليًا في هذا اللغز: “يكلف مضرب وكرة البيسبول معًا دولارًا وعشر سنتات (1.10 دولار). ويكلف المضرب وحده دولارًا واحدًا أكثر مما تكلف الكرة. كم تكلف الكرة؟” العديد من الذي اجابوا على الأحجية تسرع في الاستنتاج وأجاب عشر سنتات ، لكن القليل من التفكير يكشف أن الإجابة الصحيحة هي خمس سنتات. (هذه الاجابة هي الاجابة الصحيحة ؛ فكر في المسألة مليًا).
في ألعاب القمار، غالبًا ما يُستدرج الذين ينزعون إلى التسرع في الاستنتاج لاختيار رهانات متدنية من تلك التي تكون لديهم فرصة أفضل للفوز بها. على وجه التحديد، يقع المتسرعون في الاستنتاج في فخ التركيز على عدد المرات التي يمكن أن تقع فيها نتائج فائزة ولا يركزون على كل النتائج المحتملة.
يواجه المتسرعون في الاستنتاج أيضًا مشاكل الثقة المفرطة [المترجم: الثقة المبالغة (أو الثقة المفرطة) هي انحياز راسخ حيث تكون ثقة الفرد واعتماده على أحكامه الشخصية (أرائه الشخصية) أكبر من دقة وموضوعية تلك الأحكام / الأراء، خاصًة عندما تكون الثقة كبيرة نسبيًا، 8]: في اختبار في علوم حقوق وواحبات (CIVICS) المواطنيين الامريكيين، بالغوا في تقدير فرصة أن إجاباتهم كانت صحيحة أكثر من المشاركين الآخرين – حتى عندما كانت إجاباتهم خاطئة.
الفروق في جودة القرارات بين أولئك المتسرعين (5) وغير المتسرعين بقيت قائمة حتى بعد أن أخذنا الذكاء – بناءً على اختبار الذكاء اللفظي – والاختلافات الشخصية في الاعتبار. أشارت بياناتنا أيضًا إلى أن الاختلاف لم يكن مجرد نتيجة اندفاع المتسرعين في الاستنتاج (5) في انهاء المهام المناطة بهم.
إذن ماذا وراء سلوك التسرع في الاستنتاج هذا؟ يميز الباحثون النفسيون بشكل عام بين مسارين للفكر: المسار التلقائي ، يُعرف بنظام رقم واحد، والذي يعكس الأفكار التي تتبادر إلى الذهن بسهولة وتلقائية وبدون جهد؛ ولا يمكن التحكم فيها، أو بنظام رقم اثنين ، الذي ينطوي على التفكير الواعي والذي يتطلب جهدًا وتحليلًا وتأملًا ورويةً ودراسةً.
استخدمنا العديد من التقييمات التي كشفت عن مدى تلقائية ردود المشاركين ومدى مشاركتهم في التحليل المتروي. وجدنا أن المتسرعين وغير المتسرعين في الاستنتاج يتأثرون بشكل متساوٍ بالأفكار التلقائية (نظام رقم 1). ولكن المتسرعين في الاستنتاج لم ينخرطوا في التفكير المسيطر عليه (نظام رقم 2) بنفس الدرجة التي انخرط فيه غير المتسرعين في الاستنتاج.
إنه تفكير بنظام رقم 2 الذي يساعد الناس على موازنة الملوثات (اللوثات) العقلية (9) وغيرها من التحيزات التي الناجمة عن التفكير بنظام رقم 1 الأكثر تلقائية. بعبارة أخرى، المتسرعون في الاستنتاج أكثر احتمالًا ليقبلوا الاستنتاجات التي توصلوا إليها في البداية دون فحص متأنٍ أو استفهام / استقصاء للحقائق. عدم التفكير بنظام رقم 2 كان مرتبطًا بشكل عام بمعتقداتهم المتسرعين الإشكالية وتفكيرهم الخاطئ.
لحسن الحظ، قد يكون هناك بعض الأمل للمتسرعين في الاستنتاج: دراستنا تقترح أن التدريب الذي يستهدف تحيزاتهم يمكن أن يساعدهم على التفكير بشكل أكثر رويّة. على وجه التحديد، قمنا باستخدام طريقة تسمى التدريب ما وراء المعرفي (10) من أبحاث الفصام وقمنا بوضع نسخة من التدخل العلاجي الذاتي على الإنترنت.
في هذا التدريب، يُواجَه المشاركون بتحيزاتهم. على سبيل المثال، كجزء من مقاربتنا، نطلب من الأشخاص حل ألغاز ، وبعد ارتكابهم أخطاء تتعلق بتحيزات معينة، نبرز هذه الأخطاء للعيان حتى يتمكن المشاركون من التعرف على الأخطاء وطرق أخرى للتفكير في المسألة المطروحة. يساعد هذا التدخل في التخلص من تأثير الثقة المفرطة (8) لدى المشاركين.
نحن نخطط لمواصلة هذا العمل لتتبع المشاكل الأخرى التي يسببها التسرع في الاستنتاج. ونتساءل أيضًا عما إذا كان هذا التحيز المعرفي يمنحنا أي فوائد ممكنة يمكن أن تفسر مدى شيوعه بين الناس. في هذه العملية، نهدف إلى أن نساعد أبحاث الفصام.
في بعض الدراسات، ما يصل إلى ثلثي المصابين بالفصام والذين تظهر عليهم أعراض الوهام (12) يُبدون أيضًا تحيزًا للتسرع في الاستنتاجات عند حل مسائل احتمالية بسيطة ومجردة ، مقارنةً بما يصل إلى خُمس عامة السكان.
الفصام هو حالة نادرة نسبيًا، والكثير من العلاقة بين التسرع في الاستنتاج وقضايا اصدار الأحكام والآراء ليست مفهومة جيدًا. يمكن أن تسد دراستنا مع عامة السكان هذه الفجوة بطرق تساعد المصابين بالفصام.
في الحياة اليومية ، السؤال عما إذا كان يجب علينا التفكير في الأمور بروية أو المضي قدمًا بما يمليه علينا حدسنا هو سؤال متكرر وذو أهمية. تظهر الدراسات الأخيرة أنه حتى جمع القليل من الأدلة الاضافية قد يساعدنا في تجنب خطأ فادح. في بعض الأحيان قد يكون اتخاذنا القرار الأكثر أهمية هو أن نتمهل ولا نتسرع قبل اتخاذه.
*كارمن سانشيز، أستاذة مساعدة في كلية غيس للأعمال في جامعة إلينوي أوربانا شامبين. باحثة في تطور المعتقدات الخاطئة واتخاذ القرار والثقة الزائدة.
**ديفيد دانينغ برفسور علم نفس اجتماعي في جامعة ميشيغان. أبحاثه تتركز على سيكولوجية اعتقادات البشر الخاطئة ، وخاصة المعتقدات الخاطئة التي يعتقدها الناس عن أنفسهم.