Everything we see is a mash-up of the brain’s last 15 seconds of visual information
(بقلم: ماورو ماناسي أستاذ مساعد في علم النفس ، جامعة أبردين، وديفيد ويتني أستاذ علم النفس، جامعة كاليفورنيا – Mauro Manassi & David Whitney)
أعيننا تتلقى باستمرار سيلًا هائلًِا من المعلومات البصرية [مدخلات الحاسة البصرية] – ملايين الأشكال والألوان والحركة الدؤوبة من حولنا. بالنسبة للدماغ، هذا ليس بالأمر السهل. ومن ناحية أخرى، يتغير عالم المرئيات باستمرار بسبب التغيرات في الضوء ونقطة الرؤية (النقطة التي يرى منها شخص مشهدًا ما] وعوامل أخرى. من ناحية أخرى، تتغير مدخلاتنا البصرية باستمرار بسبب رمش العيون (طرْف العيون) وحقيقة أن أعيننا ورأسنا وجسمنا في حركة دائبة.
لأخذ فكرة عن مقدار “التشويش” لهذه المدخلات البصرية، ضع هاتف أمام عينيك وقم بتسجيل مقطع فيديو مباشر أثناء تجولك وأنت تنظر إلى أشياء مختلفة. مقطع الفيديو المصور غير الثابت والمضطرب هو بالضبط يماثل ما يتعامل معه دماغك في كل لحظة من تجربتك البصرية [المترجم: التجربة البصرية تتكون من ثلاث عناصر: الاحساس والادراك والاستقرار / الثبات، بحسب 1]. يمكن رؤية هذا أيضًا في الفيديو أدناه. الدائرة البيضاء الموجودة على اليمين تُظهر حركات العين المتوقعة، وتكشف النقطة الضبابية الموجودة على اليسار عن المدخلات البصرية غير المستقرة في كل لحظة.
ومع ذلك، فالرؤية لا تبدو أبدًا وكأنها عمل تقوم به. ولكن الاحساس بالتذبذبات والتشويشات (الضوضاء) البصرية (2) التي قد يسجلها مقطع الفيديو، فإننا نرى محيطًا مستقرًا وثابتًا ومنتظمًا.
إذن كيف يختلق دماغنا (وهم الاستقرار – illusion of stability) هذا (3)؟ هذه العملية قد أبهرت الباحثين لعدة قرون [4, هذا المصدر هو عبارة عن ورقة بعنوان ابن الهيثم أبو علوم البصريات الحديثة] وهي واحدة من المسائل الأساسية في علوم الرؤية / البصريات (5).
الدماغ آلة الزمن
في بحثنا المنشور مؤخرًا (6)، اكتشفنا آلية جديدة يمكنها تفسير “وهم الاستقرار” هذا، من بين أمور أخرى أيضًا [الأمور الأخرى المعنية هنا هي الآلية العصبية للاستقرار / الثبات البصري، 7]. يقوم الدماغ بالتركيز على النقاط المهمة فقط تاركًا تفاصيل مدخلاتنا البصرية ومزيلًًا التشويش تلقائيًا بمرور الوقت (6).
بدلاً من تحليل كل المشاهدة البصرية، فإننا ندرك حسيًا في لحظة معينة متوسط ما رأيناه في الـ 15 ثانية الماضية. لذلك، بوضع الأشياء معًا حتى تبدو أكثر تشابهًا مع بعضها البعض، يوهمنا دماغنا لندرك حسيًا (نرى) مشاهد مستقرة / ثابتة. العيش في “الماضي” هذا قد يفسر لماذا لا نلاحظ التغييرات الطفيفة / اللطيفة [غيز الملاحظة] هذه التي تحدث بمرور الزمن.
بعبارة أخرى، الدماغ كآلة زمنية يعيدنا باستمرار إلى الوراء زمانيًا. فهو يشبه تطبيق [على التلفون الجوال الذكي] يدمج مدخلاتنا المرئية كل 15 ثانية في صورة ذهنية واحدة (انطباع واحد) حتى نتمكن من التصرف في حياتنا اليومية. إذا كانت أدمغتنا تقوم بتحديث مدخلاتها الحسية دائمًا في الوقت الفعلي، فسيبدو المحيط وكأنه مكان فوضوي متذبذب باستمرار في النور والظل والحركة. وسنشعر وكأننا نهلوس طوال الوقت..
قمنا باختلاق وهمٍ لتوضيح كيف تعمل آلية التثبيت (ثبات الرؤية) هذه. بالنظر إلى الفيديو أدناه، الوجه على الجانب الأيسر يتقدم في العمر ببطء على فترة 30 ثانية، ومع ذلك، من الصعب جدًا ملاحظة المدى الكامل لهذا لتغير في العمر. في الواقع ، المراقبون يرون أن الوجه يتقدم في العمر بشكل أبطأ مما عليه الحال في الواقع.
لاختبار هذا الوهم ، قمنا بحشد المئات من المشاركين وطلبنا منهم مشاهدة لقطات مقرّبة لمشاهد وجوه تتحوّل زمنياً في العمر في مقاطع فيديو بفاصل زمني مدته 30 ثانية. عندما طلبنا منهم أن يخبرونا عن عمر الوجه في نهاية مقاطع الفيديو ، أبلغ المشاركون بشكل متسق تقريبًا عن نفس عمر الوجه الذي عُرض عليهم قبل 15 ثانية.
ونحن نشاهد مقاطع الفيديو ، نصبح منحازين باستمرار اتجاه الماضي ولذا فإن دماغنا يرسلنا باستمرار إلى الثواني العشر إلى الثواني الخمسة عشرة الماضية (حيث كان الوجه أقل عمرًا). وبدلاً من أن يرى الناس أحدث صورة في الوقت الفعلي ، يرون في الواقع النسخ السابقة منه لأن فترات التحديث التي يقوم بها دماغنا هي مرة كل حوالي 15 ثانية.
لذلك يوضح هذا الوهم أن التركيز البصري على النقاط المهمة وترك التفاصيل وازالة التشويش بمرور الزمن يمكن أن يساعد في استقرار الإدراك الحسي للمشهد (6).
ما يقوم به الدماغ أساسًا هو التأجيل. تعامل الدماغ باستمرار مع كل لقطة مشاهدة [مدخل رؤية] يتلقاها يحتاج إلى أن يبذل حهد كبير، لذلك يتشبث الدماغ بالماضي لأن الماضي هو مؤشر جيد للتنبؤ بالحاضر. نحن في الأساس نقوم بإعادة تدوير المعلومات من الماضي لأنها أكثر كفاءة وأسرع ولا تحتاج للكثير من الجهد.
فكرة الآليات داخل الدماغ التي تعمل باستمرار على تحييز إدراكنا البصري تجاه تجربتنا البصرية السابقة تُعرف باسم الاستمرارية البصرية [المترجم: التحيز في جهازنا البصري يخطيء في تصوره لمشهد أو صورة حالية بسبب تحيزه لمشهد أو صورة شاهدها سابقًا، 8) – هذه الفكرة مدعومة أيضًا بنتائج أخرى (9).
جهازنا البصري يضحي أحيانًا بالدقة من أجل تجربة بصرية سلسة للمحيط حولنا. قد تفسر هذه الأليات لماذا، على سبيل المثال ، عندما نشاهد فيلمًا، لا نلاحظ التغيرات الطفيفة التي تحدث بمرور الزمن مثل الاختلاف بين الممثل والممثل البديل [الممثل البديل هو الذي يقوم بحركات فيها مجازفة، 10].
التداعيات
هناك آثار إيجابية وسلبية على أدمغتنا التي تعمل بهذا التأخير الطفيف عند معالجة عالمنا البصري. يُعد التاجيل هذا شيئًا رائعًا لمنعنا من الشعور بأننا نتلقى سيلًا هائلًا من المدخلات المرئية / البصرية كل يوم، ولكنه قد يؤدي أيضًا إلى عواقب تنطوي على حياة أو موت عندما تكون هناك حاجة إلى الدقة المتناهية.
على سبيل المثال، يقوم أخصائيو الأشعة بفحص مئات الصور على دفعات، مشاهدين العديد من الصور المتشابهة واحدة تلو الأخرى (11).
إن تباطؤ جهازنا البصري في تحديث المعلومات البصرية يمكن أن يجعلنا عميان عن التغييرات المباشرة لأنه يتشبث بالصوة الأولى (الانطباع الأول) ويدفعنا نحو الماضي. في نهاية المطاف ، على الرغم من ذلك، مجالات الاستمرارية تعزز شعورنا بمحيط مستقر / ثابت. في الوقت نفسه ، من المهم أن نتذكر أن الأحكام التي نصدرها كل يوم لا تستند بالكامل على الحاضر ، ولكنها تعتمد بشدة على ما رأيناه في الماضي.
مصادر من داخل وخارج النص:
1-ttps://oxford.universitypressscholarship.com/view/10.1093/acprof:oso/9780199597277.001.0001/acprof-9780199597277
2- “الضوضاء (التشويشات) البصرية هي “أي منبه بصري عشوائي”. تمامًا مثلما ترسل الأذن إشارات كهربائية إلى الدماغ عندما تسمع صوتًا، ترسل العين باستمرار إشارات كهربائية إلى الدماغ عند وجود منبهات / مثيرات بصرية”. ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان: https://www.becomingminimalist.com/visual-noise/
3- “الاستقرار عمومًا حالة مرغوبة على الرغم من أن الأحداث الماضية والحالية تشير بشكل قاطع إلى أنه لا يوجد شيء مستقر بالفعل في الحياة. ومع ذلك، فإننا نتشبث بفكرة الاستقرار، وذلك جزئيًا ، لأنه يعكس الفوضى المصاحبة للقيام بفعل شيء جديد أو خوف من فقدان بعض أو كل ما أسسناه. بمرور الزمن، أوجدنا “وهمَ الاستقرار” من خلال كوننا ماهرين في استحداثنا للهيكلية” ، ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:
https://www.linkedin.com/pulse/you-living-illusion-stability-creating-steady-reality-kelly
4- https://www.annsaudimed.net/doi/full/10.5144/0256-4947.2007.464
5- “علوم البصريات (الرؤية) يشمل جميع دراسات الرؤية، مثل طريقة معالجة البشر والكائنات الحية الأخرى للمعلومات المرئية، وكيف يعمل الادراك البصري الواعي عند البشر ، وكيف يُستغل الإدراك البصري للتواصل الفعال، وكيف يمكن للأنظمة الاصطناعية أن تقوم بنفس المهام”، ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:
https://en.wikipedia.org/wiki/Vision_science
6- https://www.science.org/doi/10.1126/sciadv.abk2480
7- https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0042698908001727
8- https://www.pnas.org/content/pnas/111/21/7867.full.pdf
9- https://www.nature.com/articles/nn.3689
10- https://ar.wikipedia.org/wiki/مؤدي_المشاهد_الخطيرة
11- “في الفحص الطبي، يبحث اخصائيو الأشعة بشكل متكرر عن علامات متعلقة بالأورام الخبيثة في صور الأشعة، ويصنفونها، ويقدِّرون حجمها وفئتها وموضعها وما إلى ذلك. الافتراض الأساس الكامن وراء هذا البحث البصري (بالعين) في هذا صور الأشعة هذه هو أن الرؤية الحالية مستقلة عن الرؤية السابقة. هنا، أثبتنا أن التقدير البصري لأخصائيي الأشعة متحيز وذلك بسبب التقدير المتسلسل الذي يعتمد على الرؤية السابقة [تقدير/ تقييم الصورة او المشهد الحالي يعتمد / يرتكز على المشاهدة / الرؤية السابقة وهكذا دواليك]. وجدنا أن تمييز أطباء الأشعة للآفات المصطنعة / المحاكاة كان متحيزًا بشدة بتجربتهم البصرية السابقة” ، ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:
https://link.springer.com/article/10.1186/s41235-021-00331-z
المصدر الرئيس:
https://theconversation.com/everything-we-see-is-a-mash-up-of-the-brains-last-15-seconds-of-visual-information-175577