Mapping how the 100 billion cells in the brain all fit together is the brave new world of neuroscience
(بقلم: يونغسو كيم، استاذ مشارك للعلوم العصبية والسلوكية، جامعة ولاية بنسلفانيا – Yongsoo Kim)
يلعب الدماغ دورًا أساسيًا في كيف يفهم الناس المواقف الصعبة في الحياة ويتعامل معها، وذلك بخلق أفكار وسلوكيات. على الرغم من كونه أحد أكثر أعضاء الحياة حيوية، إلّا أنه يشغل 2٪ فقط من حجم جسم الإنسان (1). كيف يمكن لشيء [لعضو] صغير جدًا بهذا الحجم أن يؤدي مثل هذه المهام المعقدة [المتقدمة]؟
لحسن الحظ ، الأدوات الحديثة كرسم خرائط الدماغ (2، 3) ساعدت باحثي علم الأعصاب مثلي (4) على الإجابة على هذا السؤال بالضبط. بتتبع كيف نُظمت / رُتبت جميع أنواع الخلايا في الدماغ ودراسة كيف تتواصل مع بعضها البعض ، يمكن لباحثي علم الأعصاب أن يفهموا بشكل أفضل كيف تعمل الأدمغة في العادة، وماذا يحدث عندما تختفي أو تُفقد جوانب معينة من هذه الخلايا العصبية أو تتعطل.
تاريخ رسم خرائط الدماغ
مهمة فهم عمليات الدماغ الداخلية (5) حيرت كلاً من الفلاسفة والباحثين لعدة قرون. اقترح أرسطو (6) أن الدماغ سكن الروح. ورسم ليوناردو دافنشي (7) صورًا تشريحية للدماغ مع اسجاء (تضمين) (embedding) الشمع. سانتياغو رامون كاجال (Santiago Ramón y Cajal) الحائز على جائزة نوبل عام 1906 بعمله على التركيب الخلوي للجهاز العصبي ، حقق أحد الإنجازات الأولى التي أدت إلى طرح علم الأعصاب الحديث كما نعرفه.
باستخدام طريقة جديدة لرؤية الخلايا الفردية (خلية خلية) تسمى تلطيخ (تلوين) جولجي (Golgi staining) (انظر 8)، وهي طريقة ابتكرها الحائز على جائزة نوبل بالشراكة كاميلو جولجي (Camillo Golgi)، والفحص المجهري لأنسجة الدماغ ، أسس كاجال مذهب الخلايا العصبية (العصبونات) المؤثر (9). ينص هذا المبدأ على أن الخلايا العصبية، من بين الأنواع الرئيسة لخلايا الدماغ ، تتواصل مع بعضها البعض عبر الفجوات الموجودة بينها، والتي تسمى المشابك العصبية. أطلقت هذه النتائج سباقًا لفهم التركيب الخلوي للدماغ وكيف ترتبط خلايا الدماغ ببعضها البعض.
شاهد فيديو: تقنية “كلارتي” (CLARITY) تجعل الدماغ بأكمله شفافًا بحيث يمكن فحصه / دراسته على المستوى الجزيئي (10) واكتشاف بعض الاضطرابات الدماغية:
شهد علم الأعصاب منذ ذلك الحين تقدمًا سريعًا في تطوير أدوات تجريبية عديدة. بعد مرور 100 عام ، الأدوات الحديثة التي تسمى التقنيات العصبية، والتي تشمل رسم خرائط الدماغ ، أتاحت لباحثي علم الأعصاب طريقة لدراسة كل مكون من مكونات الدماغ عن كثب. المختبر الذي تحت ادارتي يستخدم أدوات رسم خرائط الدماغ هذه لفهم أنواع الخلايا التي يتكون منها الدماغ وكيف تساهم في انتاج المعرفة / الادراك (cognition) (انظر 11).
علم رسم خرائط الدماغ
إذن كيف تعمل خرائط الدماغ؟
يحتاج الباحثون أولاً إلى وضع علامة (وسم label) أو رؤية نوع معين من الخلايا العصبية. هذه العملية تشبه البحث عن إبرة في كومة قش – سيكون العثور على هذه الإبرة أو نوع الخلية العصبية، أسهل بكثير لو كانت متوهجة. يمكن عمل ذلك إما بالطرق الجينية (12) أو بتقنية البحث عن بروتين معين (تسمي هذه الطريقة immunostaining، انظر 10). الطريقة الجينية تستفيد من حيوانات، مثل الفئران، التي يمكن تعديلها وراثيًا بحيث لا يظهر إلا نوع الخلية المستهدفة تحت موجات الفلورسنت الضوئية المعينة. من ناحية أخرى ، طرق البحث عن بروتين معين (Immunostaining) تجعل عينات الدماغ شفافة بعد معالجة كيميائية خاصة واستخدام أجسام مضادة لوسم نوع الخلية المستهدفة بوسمة (tag) الفلورسنت (13).
تتمثل الخطوة التالية في تصوير الدماغ بالكامل باستخدام تقنيات الفحص المجهري التي تسمح للباحثين بمشاهدة الأجزاء الصغيرة جدًا التي لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة. يمكن لأدوات الفحص المجهري المتخصصة (14) التقاط صور، أو شرائح، للدماغ بأكمله. يمكن أن يؤدي صف شرائح الصور هذه معًا إلى إعادة بناء حجم ثلاثي الأبعاد من فيسفاء من الصور. الأمر يشبه انشاء خريطة غوغل (Google) للدماغ: بجمع هذه الخارطة ملايين من صور كل الشوارع معًا، يمكنك أن تكبر الصورة لرؤية كل ركن من أركان شارع ما وكذلك يمكنك أن تصغر الصورة لترى المدينة بأكملها.
مما لا يثير الدهشة، أن هذا النوع من التصوير ثلاثي الأبعاد يُنتج منه مجموعات بيانات كبيرة جدًا. على الرغم من أن دماغ الفأر أصغر من أنملة إصبع إنسان (15) ، فإن حجم مجموعات البيانات هذه يمكن أن يصل بسهولة إلى ما بين بضع مئات من الجيجابايت إلى تيرابايت من ذاكرة الحاسوب. لحسن الحظ، التطورات الملحوظة في أجهزة وبرامج الكمبيوتر جعلت تحليل البيانات الضخمة أمرًا ممكنًا. خوارزميات الذكاء الاصطناعي على وجه الخصوص مكنت الباحثين من اكتشاف العديد من خصائص الخلية المختلفة في الدماغ ، كشكل الخلية وحجمها، بالإضافة إلى العمليات التي تخضع لها.
بمجرد أن يتمكن الباحثون من اكتشاف نوع الخلية المستهدفة في مجموعة بيانات الصور العصبية، فإن الخطوة الأخيرة هي تحديد منطقة خصائص خلايا معينة في دماغ مرجعي (reference). هذا الدماغ المرجعي هو بمثابة خريطة موحدة تبين موقع كل منطقة في الدماغ. يتمكن الباحثون بعد ذلك من استخدام هذه الخريطة للمقارنة مع أدمغة فردية وتسجيل التباينات بينها.
هذه الخطوات تُكرر لكل نوع من أنواع الخلايا، مما يؤدي إلى إنشاء خريطة أكثر ثراءً واكتمالاً للدماغ مع كل عملية مسح (تصوير).
العمل معا لوضع خريطة للدماغ
لدى الباحثين في الوقت الحالي الأدوات اللازمة لدراسة الدماغ بأكمله بتفاصيل دقيقة للغاية. كان هناك جهود كبيرة لتنسيق وتجميع البيانات من مختبرات أبحاث رسم خرائط الدماغ لوضع خرائط شاملة للدماغ. على سبيل المثال، مبادرة الدماغ الأمريكية (S. BRAIN Initiative) أنشأت مبادرة شبكة تعداد الخلايا في الدماغ (BRAIN Initiative Cell Census Network) (واختصارها BICCN) التي يشارك فيها المختبر الذي أديره. أصدرت مجموعات البحث المتعاونة في الشبكة مؤخرًا الخريطة الأكثر شمولاً لأنواع الخلايا في القشرة الحركية في الدماغ في البشر والقرود والفئران.
لكن هل هذا كافٍ لفهم كيف يعمل الدماغ؟
ساعد التقدم التقني في وسم الخلايا (cell staining) والفحص المجهري سانتياغو رامون كاجال (Santiago Ramón) على اكتشافه المحوري للخلايا العصبية. ومع ذلك، فقد كان ذلك بفضل قدرته على التوصل إلى نظرية لشرح ملاحظاته التي طورت جعلت فهم باحثي الأعصاب للدماغ متقدمًا.
بينما كان الباحثون منشغلين بجمع معلومات مفصلة جدًا عن الدماغ، فإن استخدام هذه البيانات لطرح نظريات جديدة حول كيف يعمل الدماغ لا زالت عملية متأخرة. خريطة الخلايا لا تخبر الباحثين بالضرورة عن كيف تعمل الخلايا العصبية وتتفاعل مع بعضها البعض ككل. على سبيل المثال، كيف تعمل هذه الشبكات المعقدة من أنواع خلايا الدماغ معًا لتوليد الإدراك / المعرفة (cognition) (انظر 11)؟ هل هناك وحدة أساسية (بسيطة) في الدماغ تدير طريقة تكوِّنه ووظائفه؟ ستساعد الإجابة على أسئلة مثل هذه الباحثين على فهم كيف ترتبط تغيرات معينة في الدماغ باضطرابات الدماغ المختلفة، مثل الخرف، والتوصل إلى استراتيجيات جديدة لعلاجها.
تعتبر هذه الفترة من الزمن فترة مثيرة للغاية لأبحاث علم الأعصاب. خرائط الدماغ الغنية وذات الدقة العالية بشكل لا يصدق تعتبر فرصة عظيمة لعلماء الأعصاب للتفكير بعمق في ما تقوله هذه البيانات الجديدة بشأن كيف يعمل الدماغ.
على الرغم من أن هناك الكثير من المعلومات لا زالت مجهولةً عن الدماغ ، إلا أن هذه الأدوات والتقنيات الجديدة يمكن أن تساعد في تسليط الضوء عليها.