اسم الكتاب: الطب العميق: (كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يجعل الرعاية الصحية إنسانية مرة أخرى)
Deep Medicine: How Artificial Intelligence: Can Make Healthcare Human Again
مؤلف الكتاب:
الدكتور إريك جيفري توبول (Dr. Eric Jeffrey Topol)، حصل المؤلف على بكالوريوس الآداب بأعلى درجات الامتياز من جامعة فيرجينيا (University of Virginia) في عام ١٩٧٥م، ودكتوراه في الطب بامتياز مع مرتبة الشرف من كلية الطب بجامعة روتشستر (University of Rochester School of Medicine) في عام ١٩٧٩م، وأكمل الإقامة في الطب الباطني في جامعة كاليفورنيا بمدينة سان فرانسيسكو (University of California, San Francisco) وزمالة طب القلب من جامعة جونز هوبكنز (Johns Hopkins University).
الدكتور توبول (من مواليد ٢٦ يونيو ١٩٥٤م) طبيب قلب وعالم ومؤلف أمريكي. وهو مؤسس ومدير معهد سكريبس للبحوث الانتقالية (Scripps Research Translational Institute)، وأستاذ الطب الجزيئي في نفس معهد البحوث، ومستشار أول في قسم أمراض القلب والأوعية الدموية في عيادة سكريبس (Scripps) بمدينة لا جولا (La Jolla)، في ولاية كاليفورنيا (California).
وهو رئيس تحرير لمنصتين طبيتين باسمي (Medscape) و (theheart.org). نشر ثلاثة كتب من أكثر الكتب مبيعًا عن مستقبل الطب، باسم التدمير الإبداعي للطب (The Creative Destruction of Medicine)، والمريض سَيراك الآن (The Patient Will See You Now)، والطب العميق: كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يجعل الرعاية الصحية إنسانية مرة أخرى (Deep Medicine: How Artificial Intelligence Can Make Healthcare Human Again). تم تكليفه أيضًا من قبل المملكة المتحدة في عامي ٢٠١٨-٢٠١٩ لقيادة التخطيط للقوى العاملة المستقبلية في الخدمة الصحية الوطنية، ودمج علم الجينوم، والطب الرقمي، والذكاء الاصطناعي.
منصة الوميض** (Blinkist) قامت بتلخيص الكتاب في عشر ومضات معرفية، وهي كالتالي:
ومضة رقم ١ – ماذا في هذا الكتاب لأجلي؟ نظرة واقعية على الكيفية التي سيغير بها الذكاء الاصطناعي الطب والرعاية الصحية:
اليوم، نجد أنفسنا على شفا ثورة تكنولوجية. في السنوات القادمة، لا بد أن يؤثر الذكاء الاصطناعي على كل صناعة ومحاولة تقريبًا، مما يغير إلى الأبد الطريقة التي نعيش ونعمل بها. ومجال الطب ليس استثناء.
هل هذا يعني أننا نتجه نحو عالم يرى فيه الأطباء والممرضون الآليون (الروبوتيون) أمراضنا؟ حسنا، لا، ليس بالضبط. قد نتمكن في نهاية المطاف من التنازل عن السيطرة الكاملة لأنواع أخرى من تقنيات الذكاء الاصطناعي – على سبيل المثال، السيارات ذاتية القيادة – ولكن الطب سوف يتطلب دائما شكلا من أشكال الرقابة البشرية.
أفضل مستقبل ممكن للطب هو المستقبل الذي يستطيع فيه كل من البشر والخوارزميات استخدام نقاط القوة الفريدة لكم منهما والعمل معا لتحسين رعاية المرضى والأنظمة الصحية. في يوم من الأيام، قد تتمكن تقنيات الذكاء الاصطناعي من إجراء تقييمات طبية دقيقة وكاملة. لكننا سنحتاج إلى البشر لتطبيق تلك التقييمات وإقامة روابط عميقة وموثوقة مع المرضى والتي غالبًا ما تكون مفقودة هذه الأيام.
ستتعلم في هذه الومضات المعرفية التالي:
- كيف أنقذ التعلم الآلي حياة المولود الجديد؛
- كيف يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بالاكتئاب باستخدام هاتفك الذكي؛ و
- كيف يمكن أن يكون لدينا مستشفيات بها أطباء ولكن لا يوجد بها مرضى.
ومضة رقم ٢ – تتطلب الرعاية الصحية التحول من الطب الضحل إلى الطب العميق:
كان السيد روبرت (Robert) يبلغ من العمر ٥٦ عاما بصحة جيدة إلى حد ما. ولكن في ظهيرة أحد الأيام، عانى مما يسميه الأطباء ” السكتة الدماغية الصغيرة ” – أصبح وجهه مخدرا، وبدأ يواجه مشكلة في الرؤية. أخبره طبيبه بالاستمرار في تناول الأسبرين كل يوم، بنفس الطريقة التي كان يقوم بها من قبل. ولكنه لم يكن راضيا عن هذه الوصفة الطبية، فذهب السيد روبرت لرؤية طبيب أعصاب، والذي أحاله بعد ذلك إلى طبيب للقلب. وذلك عندما اكتشف أن لديه ثقبًا صغيرًا في الجدار الذي يفصل بين دفتي قلبه.
ادعى طبيب القلب أن هذه الحالة كانت سبب السكتة الدماغية الصغيرة للسيد روبرت، وأنه بحاجة لعملية جراحية لسد الفجوة في قلبه. لكن السيد روبرت لم يكن متأكدًا.
بعد رؤية طبيب القلب الأول، جاء السيد روبرت لرؤية المؤلف، الدكتور إريك توبول (Eric Topol) – وهو طبيب قلب أيضًا – للحصول على رأي ثانٍ. صُدم الدكتور توبول بالتقييم الأصلي؛ حيث يعاني واحد من كل خمسة بالغين نفس حالة قلبه، والحالة ليست مرتبطة بالسكتات الدماغية. لذلك عمل الطبيب الدكتور توبول والمريض السيد روبرت معًا لتحديد المشكلة الحقيقية ووجدوا أنه رجفان أذيني، والذي يمكن علاجه بوصفة بسيطة لسيلان الدم.
يجسد وضع السيد روبرت ما يسميه مؤلف الكتاب الدكتور توبول (Topol) بالطب الضحل، حيث لا يأخذ الأطباء المنهكون في أعمالهم والمكتئبون نفسيا الوقت الكافي لتطوير علاقات حقيقية مع مرضاهم وإجراء تقييمات شاملة.
على سبيل المثال، يستغرق متوسط الزيارات للعيادات الطبية في الولايات المتحدة سبع دقائق فقط. وربما نتيجة لذلك، هناك حوالي ١٢ مليون تشخيص خاطئ بشكل كبير سنويا في جميع أنحاء البلاد، وما يصل إلى ثلث العمليات الطبية التي يتم إجراؤها غير ضرورية.
المرضى يعانون، وكذلك الطاقم الطبي الذين يعالجونهم. يعاني واحد من كل أربعة أطباء شباب من الاكتئاب، ويعاني اليوم ما يقرب من نصف الأطباء الأمريكيين من أعراض الإرهاق. تزيد هذه الحالة بشكل كبير من مخاطر الأخطاء الطبية – بل وتؤدي إلى انتحار الأطباء.
لمعالجة هذه القضايا، يجب أن نبدأ بالتحول من الطب الضحل إلى الطب العميق. يحدث هذا التحول بثلاث طرق أساسية:
- أولا، سيتطلب من الأطباء تحديد وتعريف كل فرد بشكل عميق وبأكبر قدر ممكن من تاريخه الشخصي والصحي ذي الصلة.
- ثانيا، سيتطلب الأمر تعلما عميقا من جانب تقنيات الذكاء الاصطناعي، لزيادة القدرات التشخيصية للأطباء وأتمتة المهام المتكررة.
- وثالثا وأخيرا، سيتطلب من الأطباء ممارسة التعاطف العميق – مما يعني رؤية المرضى كأشخاص حقيقيين، وليس فقط كمشاكل يتم تشخيصها.
ومضة رقم ٣ – يمكن للذكاء الاصطناعي أن يفيد بشكل كبير الرعاية الصحية، ولكن له قدراته المحدودة:
قد تبدو تقنيات الذكاء الاصطناعي في الطب جزءا من المستقبل البعيد. ولكنه في الواقع، يتم استخدامها بالفعل لإنقاذ الأرواح.
في إحدى الحالات، عاد طفل سليم إلى المنزل بعد ثلاثة أيام من الولادة. وبعد خمسة أيام، هرعت والدته إلى غرفة الطوارئ في مستشفى رادي للأطفال في مدينة سان دييغو (Rady Children’s Hospital in San Diego). كان المولود الجديد يعاني من نوبات مستمرة تزداد سوءا.
بينما كانت الأمور تبدو قاتمة، تم نقل عينة من دم الصبي إلى المختبر لمعرفة تسلسل الجينوم الكامل بشكل سريع. في غضون ٢٠ ثانية فقط، عالجت تقنيات الذكاء الاصطناعي السجل الطبي الكامل للصبي. بعد ذلك، غربلت خوارزميات التعلم الآلي البيانات، وفي نهاية المطاف عثرت الخوارزميات على متحور جيني نادر وهو الذي تسبب في نوبات الصبي. ويمكن علاجه بتناول فيتامين ب٦ (B6) بالإضافة الى مكملات الأرجينين (arginine) للتغلب على تأثيرات هذا الجين.
بفضل هذا العلاج – والعمل السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي – انتهت نوبات حديثي الولادة. إنه الآن بصحة جيدة تماما. تظهر هذه الحالة أن تقنيات الذكاء الاصطناعي، والتي تعمل مع الأطباء البشريين، لديها إمكانيات منقذة للحياة. ولكن قبل أن نتحدث بحماسة شديدة عن قدرات الذكاء الاصطناعي، من الضروري مراعاة امكانياته المحدودة.
أولاً وقبل كل شيء، يعتمد الذكاء الاصطناعي كليًا على جودة بياناته؛ هذا هو كل ما يمكن استخدامه للتعلم والتنبؤ. تعمل معظم تقنيات الذكاء الاصطناعي مع البيانات المنظمة التي تتبع المعايير الموحدة والقابلة للبحث. ومع ذلك، غالبًا ما تكون البيانات الطبية غير منظمة وذات طبيعة سردية. يمكن للتسميات غير الدقيقة أو غير الصحيحة أن تعبث بسهولة بمخرجات التقنيات الخوارزمية.
أيضا، الذكاء الاصطناعي ليس مبدعا؛ ولا يمكنه أن يحلم بحلول جديدة للمشاكل. ذات مرة، كان الدكتور توبول يعالج رجلا يبلغ من العمر ٧٠ عاما ويعاني من التعب الشديد. كشف فحص التصوير المقطعي المحوسب (CT scan) أن شريانه التاجي الأيمن قد ضاق بنسبة ٨٠ في المائة. كان الدكتور توبول مرتبكا لأن هذه المشكلة لا تسبب عادة مثل هذا التعب الشديد.
شرح الدكتور كامل الحالة للمريض وعرض عليه أن يضع دعامة في الشريان المسدود وهو ما وافق عليه المريض. في مساء اليوم نفسه من العملية، كان المريض يستطيع المشي بالفعل مسافات عديدة دون الشعور بالتعب. وقال أنه يشعر بأنه أقوى وأفضل من أي وقت مضى. لم يكن من الممكن أبدا أن توصي التقنيات الخوارزمية بهذا الإجراء، حيث لم تكن هناك سوابق للوضع المحدد لهذا الرجل.
تحتوي تقنيات الذكاء الاصطناعي الحالي على بعض القيود المهمة التي لن تسمح له أبدًا باستبدال الأطباء البشريين بشكل كامل. ولكن لا تزال هذه التقنيات بإمكانها الاستفادة بشكل كبير من العلوم الطبية.
ومضة رقم ٤ – يمكن للأطباء استخدام الذكاء الاصطناعي للمساعدة في تحسين تشخيصاتهم:
يعتقد الكثير من الناس أن الأطباء معصومون عن الخطأ – وانهم خارقون تقريبا. ولكن تماما مثل أي شخص آخر، يمكن أن يكون لدى الأطباء تحيزات ضمنية تسبب أخطاء في كل من التشخيص والعلاج.
خذ الاستدلال التمثيلي، وهو تحيز يدفع الناس إلى اتخاذ قرارات بناءً على تجاربهم السابقة. قد يقود الطبيب إلى التشخيص الخاطئ من مرض الى مرض لآخر – خاصةً إذا لم يفحص بعناية جميع أعراض المريض. ربما يكون التحيز المفرط للثقة أكبر خديعة، مما يجعل الأطباء يعتقدون أن تشخيصاتهم صحيحة في كثير من الأحيان أكثر مما هي عليه في الواقع.
تلعب كل هذه التحيزات دورًا خطيرا، خاصة عندما يستخدم الناس الحدس لإصدار أحكام خاطفة ومفاجئة، كما يفعل الأطباء غالبًا عند تشخيص المرضى. قد يستغرق الأمر سنوات من الخبرة لتقليل تأثير هذه التحيزات – أو ربما يمكن تقليص المدة عند المساعدة بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
ماذا تفعل عادة عندما تعاني من أعراض ولكنك لا تعرف السبب؟ على الأرجح، سوف تلجأ إلى محرك البحث جوجل (Google) أو على أي أدوات أخرى بفحص الأعراض عبر الإنترنت. ستجد هناك الكثير منها، ولكنها في نفس الوقت ليست دقيقة بشكل خاص حتى الآن. وجدت دراسة أجريت عام ٢٠١٥ على ٢٣ أداة فحص للأعراض عبر الإنترنت أن ٣٤ في المائة منهم فقط يمكنها التوصل إلى تشخيص صحيح.
في الوقت الحالي، من الصعب على الآلات إجراء تشخيصات شاملة وكلية. لكنها تقوم بعمل جيد عند تشخيص أنواع معينة من الأمراض. خذ مثلا تطبيق فيس تو جين (Face2Gene)، الذي يمكنه أن يساعد في تشخيص أكثر من ٤٠٠٠ حالة وراثية مختلفة من خلال التعرف على ملامح وسمات معينة للوجه مرتبطة بعضها بالبعض. ٦٠٪ من علماء الوراثة ومستشاري الجينات يستخدمون هذا التطبيق بالفعل في ممارساتهم.
للاستفادة على نطاق واسع من تقنيات الذكاء الاصطناعي للتشخيصات الطبية، يجب علينا تحويل هذه الممارسة إلى علم يعتمد على البيانات. سيتطلب ذلك جمع كمية هائلة من المعلومات عن كل فرد – وبالطريقة المثالية، علينا تجميع معلومات بدءا من مرحلة ما قبل الولادة وتستمر طوال حياتنا بأكملها.
بطبيعة الحال، فإن جمع البيانات على نطاق واسع يثير مخاوف مشروعة. إذا كان لديهم إمكانية الوصول إلى البيانات التفصيلية عن المرضى، فيمكن لشركات التأمين استخدام تحليلات الذكاء الاصطناعي لتقسيم الأشخاص بناءً على مخاطرهم الصحية وخلق فروقات حادة في معدلات أسعار تكلفة التغطية للمرضى الأكثر عرضة للخطر.
مما لا شك فيه أن اللوائح التنظيمية الحكومية ستكون ضرورية لمنع هذه الانتهاكات لبيانات المرضى. لكن لا ينبغي لنا أن ندع المخاوف تفوق المساهمات المحتملة لتقنيات الذكاء الاصطناعي. في بعض الومضات المعرفية القادمة، سنلقي نظرة على كيفية تمكن تقنيات الذكاء الاصطناعي في مساعدة أنواع معينة من العلوم الطبية.
ومضة رقم ٥ – يمكن لعمليات التشخيص القائمة على التعرف على الأنماط أن تستفيد بشكل كبير من تقنيات الذكاء الاصطناعي:
هل سبق لك أن ذهبت إلى طبيب بالكاد ينظر إليك أثناء زيارتك؟ حيث قضى معظم وقته في كتابة الملاحظات في جهاز الكمبيوتر بدلا من النظر اليك؟ إذا كان الأمر كذلك، فمن المحتمل أنه كان يقوم بتحديث سجلك الصحي الإلكتروني. تم تطوير السجلات الصحية الإلكترونية لجعل حياة الأطباء أسهل. وبدلا من ذلك، فقد أصبحت هذه السجلات الطبية عائقًا أمام التواصل بين الطبيب والمريض.
تعتبر معالجة كميات هائلة من البيانات هي الموهبة المطلقة لتقنيات الذكاء الاصطناعي. وهناك عدة أنواع من الأطباء المتخصصين الذين يمكنهم الاستفادة منه حقًا.
كل عام، يتم إجراء ملياري أشعة سينية للصدر في جميع أنحاء العالم. قد يكون من الصعب قراءة هذه الفحوصات، نظرًا لأن مرض التندب (أنسجة الرئة المنهارة) يمكن أن تحجب مشكلات أخرى. لكن تقنيات الذكاء الاصطناعي وقدرتها على معالجة وتفسير تيرابايت من بيانات الصور بسرعة، يمكن أن تقرأ عمليات الفحص هذه بدرجة عالية من الدقة.
قامت إحدى الدراسات بتدريب آلات التعلم الخوارزمي لتصنيف أكثر من ٥٠٠٠ صورة شعاعية (سينية) للصدر على أنها طبيعية أو غير طبيعية. عند استخدامها على نطاق واسع، يمكن أن تساعد هذه الخوارزميات وحدها أطباء وأخصائي الأشعة في تحديد عمليات الفحص التي تستحق نظرة فاحصة وأيها لا تستحق. مع توفير بافي كل الوقت، يمكن لأخصائيي وأطباء الأشعة أداء أعمال قيّمة أخرى، مثل التحدث مباشرة إلى المرضى – وهو أمر نادر جدًا في الممارسة الحالية.
التزاوج في العمل بين الخوارزميات وأطباء وأخصائي الأشعة، يمكن أن تساعد هذه الخوارزميات في تحقيق دقة تشخيصية أكبر من أن يعمل كل منهما بمفرده. ينطبق هذا أيضا على علم الأمراض والأمراض الجلدية.
يمكن لعلماء الأمراض، الذين يفسرون عينات من الأنسجة البشرية لتشخيص المرض، الاستفادة من تقنيات باث آي (PathAI)، وهي أداة لتحليل الشرائح. تتميز هذه الأداة بمعدل خطأ يبلغ ٢،٩ في المائة في استخدامها بمفردها، ولكن عند العمل مع أخصائي علم الأمراض البشر، ينخفض هذا المعدل إلى ٠،٥ في المائة فقط!
في طب الأمراض الجلدية، هناك مشكلة مختلفة قليلا. يوجد في الولايات المتحدة الامريكية عدد قليل نسبيا من أطباء الأمراض الجلدية الممارسين، لذلك يتم تشخيص حوالي ثلثي جميع الأمراض الجلدية من قبل أطباء الرعاية الأولية بدلا من ذلك. ونتيجة لذلك، فإن معدلات الخطأ مرتفعة بشكل مذهل. هنا، يمكن للآلات التدخل لتشخيص حالات جلدية محددة. في الواقع، أثبتت إحدى الأوراق البحثية لعام ٢٠١٧م بالفعل أن الخوارزميات يمكن أن تتفوق على أطباء الأمراض الجلدية في تصنيف السرطان وتحديد سرطان الجلد.
ومضة رقم ٦ – يمكن للأطباء الذين لا يعملون بشكل أساسي مع الأنماط والنماذج تفويض بعض المهام الروتينية للذكاء الاصطناعي:
تزدهر قدرة الخوارزميات على حجم البيانات – فكلما كانت أكثر ثراء، كان ذلك أفضل. بعد كل شيء، من هذه البيانات يستطيعون تحديد الأنماط ويتعرفون على الإجابات.
ومع ذلك، فإن الكثير مما يحدث في البيئة الإكلينيكية (السريرية) لا يتضمن أنماطًا ونماذجا. يقوم الأطباء باستمرار بإجراء التقييمات ووضع الخطط والتواصل مع المرضى وعائلاتهم. إذن ما هو موقع تقنيات الذكاء الاصطناعي؟
حسنًا، نحن نعلم أن الذكاء الاصطناعي الحالي يعمل بشكل أفضل عندما يتم تطبيقه على الوظائف الضيقة (على نطاق محدود) بدلاً من الوظائف العامة (بشكل واسع). وهناك بالتأكيد الكثير من الوظائف الضيقة التي تدخل في الحياة اليومية لمعظم الأطباء.
هناك العديد من مختلف الأطباء المتخصصين الذين سيستفيدون من تقنيات الذكاء الاصطناعي. ولكن في الوقت الحالي، دعونا ننظر فقط إلى الأطباء المتخصصين في أمراض القلب.
تم إثبات قدرة تقنية لشبكة عصبية حديثة للتعلم العميق في تشخيص النوبات القلبية بدقة تصل إلى ٩٠٪. تعتبر التقنيات الأخرى مفيدة أيضًا عندما يتعلق الأمر بقياس إيقاع القلب. أحد الأجهزة، باسم (iRhythm Zio)، وهو عبارة عن جهاز يشبه رقعة قماشية من الإسعافات الأولية يتم وضعها على الصدر. ويوجد بداخلها شريحة تلتقط معلومات عن كل النبضات حول قلب مرتديها لمدة ١٠ إلى ١٤ يومًا. باستخدام هذه المعلومات، يمكن لأطباء القلب بسهولة تقييم عدم انتظام ضربات القلب وغيرها من المشكلات.
تحويل معدل ضربات القلب والإيقاع إلى معلومات رقمية هو شيء واحد؛ في المقابل من الصعب جدا فعل الشيء نفسه بالنسبة للحالة العقلية للشخص. ومع ذلك، يمكن أيضا استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لمساعدة أخصائيي الصحة العقلية والأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الصحة العقلية.
تمنع العديد من العوامل، بما في ذلك تكلفة وتوافر الأطباء النفسيين في منطقة معينة، الناس من التماس رعاية الصحة العقلية. ومع ذلك، يمكن أن توفر روبوتات الدردشة (chatbots) للصحة العقلية بديلا عمليا للعلاج في مثل هذه الحالات. غالبا ما تستخدم روبوتات الدردشة هذه العلاج السلوكي المعرفي (Cognitive Behavioral Therapy)، الذي يعتمد تقليديا على المحادثات الشخصية ولكن يمكن بدلا من ذلك دمجه أو تحميله إلى أجهزتنا. وجدت بعض الدراسات أن الناس يفضلون التحدث عن القضايا الحساسة والشخصية مع روبوتات الدردشة بدلا من البشر الفعليين!
بالإضافة إلى روبوتات الدردشة، يمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي للمساعدة في تشخيص حالات الصحة العقلية مثل الاكتئاب، والتي يعاني منها أكثر من ١٠ في المائة من الناس على مستوى العالم. على سبيل المثال، تمكنت خوارزمية واحدة تسمى ديب مود (DeepMood) من التنبؤ بالاكتئاب بدقة عالية، وذلك من خلال فقط دراسة أنماط لوحة مفاتيح الهاتف الذكي للشخص.
لقد تعرفنا حتى الآن كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في أنواع معينة من العلوم الطبية. الآن، دعونا نلقي نظرة على كيفية تأثيره على الأنظمة الصحية بأكملها.
ومضة رقم ٧ – يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في إصلاح النظم الصحية وتحسين البحث العلمي:
هل سيحتاج البشر دائمًا إلى المستشفيات؟ قد تبدو الإجابة واضحة. ولكن في حين أنه من الصحيح أننا سنحتاج دائمًا إلى وحدات العناية المركزة وغرف الطوارئ، فقد تصبح غرف المستشفيات العادية عفا عليها الزمن قريبًا.
يوجد بالفعل “مستشفى افتراضي” واحد في الولايات المتحدة الامريكية، وهو: مركز الرعاية الافتراضية في مدينة سانت. لويس (the Virtual Care Center in St. Louis). يعمل الممرضون والأطباء هناك ولديهم تفاعلات بأشكال فردية مباشرة وموسعة أيضا مع المرضى – ولكن لا يوجد مرضى في هذا المستشفى يمكن العثور عليهم. تتم مراقبة جميع مرضى المستشفى عن بُعد، حيث يقيم المرضى إما في منازلهم أو في وحدات العناية المركزة في بعض الستشفيات. يمكن لخوارزميات مراقبة الذكاء الاصطناعي في غرفهم اكتشاف قصور القلب أو الإنتان المحتمل وإرسال تحذيرات إلى الأطباء السريريين.
هذا المستشفى الافتراضي هو حالة شاذة اليوم، ولكن قد لا يكون هذا هو الحال لفترة طويلة. من المرجح أن يحول الذكاء الاصطناعي ليس فقط المستشفيات، ولكن سوف يحول النظم الصحية الأخرى أيضا.
ستصبح المراقبة عن بُعد ذات أهمية متزايدة مع تحول المزيد من المستشفيات إلى مواقع افتراضية، ويمكن استخدام تقنية مماثلة لدعم كبار السن. على سبيل المثال، يمكن لأجهزة الاستشعار المثبتة في أرضيات غرف المرضى تنبيه الموظفين في حالة سقوطهم.
بالنظر إلى أن تكلفة البقاء في مستشفيات أمريكا تقدر بمتوسط ٤٧٠٠ دولار عن كل ليلة، فإن أي شيء يساعد على تخفيف العبء المالي هو أمر مرحب به. اليوم، تضيف تكلفة الفواتير الطبية الدقيقة ٢٥ في المائة إلى سعر زيارة غرفة الطوارئ. من الواضح أن تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تتدخل لخفض هذه التكاليف.
قد تعمل الأتمتة على تحسين الكفاءة وسير العمل في المستشفيات في المستقبل، ولكنها حاليا لها تأثيرا فعليا في المختبرات.
ساعدت تقنيات الذكاء الاصطناعي العلماء في فتح أسرار الجينوم البشري. نجحت الخوارزميات في تحديد ٢٥٠٠ جين تساهم في أو تسبب الأعراض المرتبطة بالتوحد، على سبيل المثال. ولا تتوقف فائدته بمجرد تحديد الهوية – يمكن أيضا استخدام الذكاء الاصطناعي لتعديل الجينوم البشري والقضاء على أمراض مثل الهيموفيليا وفقر الدم المنجلي.
يعد اكتشاف الأدوية استخدامًا مهمًا آخر لتقنيات الذكاء الاصطناعي. بعد كل شيء، هناك تركيبات كيميائية ممكنة أكثر بكثير من عدد الذرات في النظام الشمسي بأكمله! استخدم أحد مشاريع اكتشاف مسكنات الألم خوارزمية لتضييق قائمة من ثلاثة ملايين مركب محتمل لتسكين الألم إلى ٢٣ مركبًا فقط.
لذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في الكثير من الأعمال التي تتم خلف الكواليس في مجال الرعاية الصحية والبحوث. يمكن أن يفيد أيضا المرضى بشكل مباشر.
ومضة رقم ٨ – يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تخصيص أدويتنا وأنظمتنا الغذائية:
بغض النظر عن العمر، يجب على جميع البشر تناول نوع معين من الأدوية من أجل البقاء على قيد الحياة. هذا الدواء هو الطعام.
منذ أيام الطبيب اليوناني القديم أبقراط (Hippocrates)، اعتقد الناس أن الصحة والغذاء يسيران جنبًا إلى جنب. في حين أن الوكالات الحكومية والأشخاص العاملين في صناعة الاغذية قد يجادلون بأنهم يمتلكون مفتاحا لنظام غذائي صحي، فهل من الممكن أن يكون اتباع نهج واحد يناسب الجميع؟ بالنظر إلى مدى الاختلاف البيولوجي والفسيولوجي بيننا جميعًا، ألا ينبغي أن تعكس أنظمتنا الغذائية ذلك؟
بمساعدة تقنيات الذكاء الاصطناعي، قد يأتي يوم نتلقى فيه توصيات التغذية الفردية وغيرها من أشكال الطب الشخصي.
تكشف الأبحاث التي أجريت في معهد وايزمان للعلوم (Weizmann Institute of Science) عن طريقة واحدة يستجيب بها الأفراد بشكل مختلف للأطعمة المختلفة. تمكن نموذج التعلم الآلي من تحديد ١٣٧ عاملا يمكن أن تتنبأ باستجابة نسبة السكر في الدم لدى الناس، وذلك من خلال تحليل ملايين من نقاط البيانات – بما في ذلك العادات الغذائية للمشاركين والنشاط البدني وميكروبيوم الأمعاء (gut microbiome). هذا يعتبر مقياس لمدى ارتفاع نسبة السكر في دم الشخص بعد تناول طعام معين.
بعد أن قامت التقنيات الخوارزمية بعملها، تم إعطاء ٢٦ شخصا خطط حمية شخصية مصممة وفقًا لاستجابة نسبة السكر المتوقعة لديهم في الدم. والنتيجة انهم أظهروا تحسنا كبيرا في استجابات الجلوكوز بعد تناول الطعام مقارنة بالمجموعة المنضبطة. هذا مهم لأن طفرات نسبة السكر الكبيرة في الدم ارتبطت بظهور مرض السكري والسمنة وأمراض القلب.
يمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل التي استخدمت في دراسة معهد وايزمان على نطاق أوسع لتقديم خطط فردية للنظام الغذائي. يمكن تخصيص جوانب أخرى من صحتنا بالمثل من خلال تطوير المساعدين الطبيين الافتراضيين الذين نحملهم في جيوبنا (الهواتف الذكية).
بعض التقنيات مثل هذه موجودة بالفعل، لكنها تركز على مجالات محددة. على سبيل المثال، يستخدم أحد التطبيقات المسمى بتنبيه الصداع النصفي (Migraine Alert) خوارزميات التعلم الآلي للتنبؤ بالصداع النصفي القادم للمستخدم بدقة تصل الى ٨٥ في المائة. هذا يسمح للشخص باتخاذ تدابير وقائية بدلا من علاج الصداع النصفي بمجرد أن يبدأ.
في الوقت الحالي، تعد كمية البيانات المطلوبة لإنشاء مساعد طبي افتراضي شامل أمرًا باهظًا. لا يزال أمامنا طريق طويل حتى نتمكن من طرح السؤال على محتويات ثلاجتنا، “ماذا يجب أن آكل اليوم؟” في هذه اللحظة، قد يكون من الأفضل التركيز على المخاوف الضيقة. في الومضة المعرفية التالية، سنلقي نظرة على ما يمكن للأطباء القيام به في مواجهة ثورة الذكاء الاصطناعي.
ومضة رقم ٩ – ستسمح أتمتة الوظائف السريرية (الاكلينيكية) للأطباء بالتركيز على رعاية المرضى:
عندما التحق المؤلف بكلية الطب في عام ١٩٧٥م، بدت مرافق الرعاية الصحية والممارسات الطبية مختلفة تمامًا عما هي عليه اليوم. يتم جدولة مواعيد العيادة لمدة ساعة واحدة على الأقل للمرضى الجدد و٣٠ دقيقة للمرضى العائدين (المراجعين). غالبًا ما كانت الملاحظات من الزيارة مكتوبة بخط اليد في ملف الشخص. لا توجد وقتها حتى تقارير الإنتاجية الشهرية للأطباء.
في ذلك الوقت، كان هناك أقل من أربعة ملايين وظيفة في مجال الرعاية الصحية في جميع أنحاء الولايات المتحدة الامريكية، وبلغ إجمالي الإنفاق السنوي على الرعاية الصحية أقل من ٨٠٠ دولار لكل مريض سنويا. على النقيض من ذلك، يوجد اليوم أكثر من ١٦ مليون وظيفة في مجال الرعاية الصحية، ويتجاوز الإنفاق مبلغ ١١،٠٠٠ دولار للشخص الواحد سنويا.
نظرًا لأن الرعاية الصحية أصبحت مسلكا اقتصاديًا أكثر فأكثر، فقد بدأ الجانب الإنساني من الرعاية يتلاشى. لحسن الحظ، يمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على إحيائه.
بفضل قدرة تقنيات الذكاء الاصطناعي على أتمتة أعمال وظيفية معينة، يمكن أن تساعد في توفير ما يقدر بنحو ٢٥ في المائة من وقت الأطباء والممرضات. وهذا من شأنه أن يسمح لهم بتوازن أفضل بين العمل والحياة وزيارات أطول مع مرضاهم.
تابعت إحدى الدراسات في آثار طول الزيارات الصحية المنزلية لأكثر من ٦٠ ألف مريض. ووجدت أنه مقابل كل دقيقة إضافية استمرت فيها الزيارة، انخفض خطر إعادة ادخال المرضى بنسبة ٨ في المائة.
يمكن أن يساعد الوقت الإضافي الأطباء على أن يصبحوا أكثر “إنسانية”، ولكنه ليس هو العامل الوحيد. التعاطف يعتبر عاملا آخر. وجدت دراسة لمراجعة ٩٦٤ حالة بوجود صلة نهائية بين قدرة الطبيب على التعاطف والنتائج السريرية (الاكلينيكية) الإيجابية. ومع ذلك، فإن متوسط عدد المهنيين اليوم في المجال الطبي يحصلون على درجات منخفضة في اختبارات حاصل التعاطف. لحسن الحظ، تظهر الدراسات أن التدريب السلوكي يمكن أن يساعد في تعزيز التعاطف.
بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون ذهن الأطباء حاضرا. يجب أن يستمعوا عن قصد وبعناية إلى المرضى، مما يمنحهم اهتمامهم الكامل. في المتوسط، يقاطع الأطباء مرضاهم بعد ١٨ ثانية فقط من بدء الزيارة. وبذلك، فإنهم يحرمون المرضى من فرصة الاستماع إليهم وفهمهم.
ستكون تقنيات الذكاء الاصطناعي قادرة على تولي الكثير من المهام بالاعتماد على الذكاء الخام أو التعرف على الأنماط أو توليف البيانات الضخمة. لكنها لن تكون قادرة أبدا على استبدال الصفات الإنسانية الفريدة المتمثلة في التعاطف أو الثقة أو الرحمة. حان الوقت لكي يبدأ لأطباء بزراعتها وبفعالية.
ومضة رقم ١٠ – الملخص النهائي:
الرسالة الرئيسية في هذه الومضات المعرفية: الصناعة الطبية بطيئة تقليديا في تبني تقنيات جديدة، ولكن في السنوات المقبلة، لا بد أن نرى زيادة في وجود تقنيات الذكاء الاصطناعي في النظم الصحية والممارسات السريرية والبحث العلمي والطب الشخصي. مع توفير الوقت والتكلفة التي يمكن أن يوفرها الذكاء الاصطناعي، سيتمكن الأطباء – بل يجب عليهم – البدء في تركيز جهودهم من أجل رعاية علاقات عميقة ومتعاطفة مع مرضاهم. حان الوقت لإعادة الجانب الإنساني إلى الطب.
*تمت الترجمة بتصرف.
**المصدر: منصة الوميض (Blinkist) وهي منصة تقوم بتلخيص الكتب ، ومكتبتها تحتوي على آلاف الكتب ويشترك في هذه المنصة الملايين من القراء.