اسم الكتاب: الشيخوخة الناجحة: عالم أعصاب يستكشف قوة وإمكانات حياتنا
Successful Aging: A Neuroscientist Explores the Power and Potential of Our Lives
مؤلف الكتاب:
السيد دانيال ج. ليفيتين (Daniel J. Levitin)، هو عالم نفس معرفي أمريكي كندي وعالم أعصاب وكاتب وموسيقي ومنتج تسجيلات. هو العميد المؤسس للفنون والعلوم الإنسانية في مدارس مينيرفا في معهد كيك للدراسات العليا (KGI) في كاليفورنيا (Minerva Schools at Keck Graduate Institute). وهو أيضا أستاذ جيمس ماكجيل الفخري لعلم النفس والموسيقى في جامعة ماكجيل، في مدينة مونتريال بكندا (McGill University, Montreal).
بالاضافة الى هذا الكتاب، هو مؤلف لأربعة كتب أخرى مشهورة وهي: “هذا هو دماغك على الموسيقى” و “العالم في ست أغنيات” و “العقل المنظم” و “دليل ميداني للأكاذيب” (أعيد نشره باسم “أكاذيب مسلحة“)، وجميعها من أكثر الكتب مبيعا. وتمت ترجمة بعض أعماله إلى ٢٢ لغة.
منصة الوميض** (Blinkist) قامت بتلخيص الكتاب في عشر ومضات معرفية، وهي كالتالي:
ومضة رقم ١ – ماذا يوجد بداخل هذا الكتاب لأجلي؟ تعلم كيف تعيش لفترة أطول بسعادة وبصحة أكثر:
نحاول قدر الإمكان، ولكن لا يمكن لأي منا الهروب من التقدم في السن. تتغير القدرات المعرفية والبدنية، والشيخوخة تجلب عقبات جديدة. قد لا نتمكن من القيام بممارسة رياضتنا المفضلة بعد الآن، أو قد يصبح إكمال الكلمات المتقاطعة مرهقا للغاية.
على الرغم من وجود تحديات لا يمكن إنكارها في الشيخوخة، إلا أنه أيضا قد تؤدي هذه التحولات العصبية إلى بعض التغييرات الإيجابية. من المرجح أن نشعر بالسلام، وأن نكون قادرين على تنظيم عواطفنا، والتركيز على الأشياء المهمة. والأهم من ذلك، أن هناك عددًا من العوامل الخاضعة لسيطرتنا والتي يمكن أن يكون لها تأثير كبير في شعورنا بالشيخوخة كوقت للتراجع، أو وقت للازدهار بطرق جديدة ومختلفة.
تشرح هذه الومضات المعرفية كيف أن تغيير عقلك مع تقدمك في العمر يوفر فرصا جديدة، وهناك عدد من الأفكار حول الشيخوخة هي في الواقع اعتقادات خاطئة (خرافات)، وكيف يمكنك تطبيق مبدأ بسيطا من خمسة أجزاء لجعل حياتك أطول وسعادة وصحة أكثر.
في هذه الومضات المعرفية، سوف تجد الجواب للأمور التالية:
- ما هي سمات الشخصية المرتبطة بطول العمر؟
- كيف يؤدي احتضان أطفالك إلى إطالة فترات حياتهم المتوقعة؛ و
- لماذا ينام السيد الدالاي لاما (Dalai Lama) تسع ساعات كل ليلة؟
ومضة رقم ٢ – على الرغم من أننا غالبا ما نفكر في الشيخوخة على أنها فترة التدهور العقلي، إلا أنها تجلب أيضا تحسينات في وظائف المخ:
عندما تسمع عبارة “التقدم في السن والشيخوخة“، ما رأيك؟ ربما تتخيل دارا لرعاية المسنين، أو مواعيدا لا تنتهي لمراجعة الطبيب. على الأرجح، انما تتصوره هو في الواقع له ارتباطات سلبية. ولكن في حين أن هناك تحديات تصاحب الشيخوخة، هناك أيضا الكثير من الجوانب الإيجابية لفترة التقدم في السن.
لا يمكن إنكار أنه مع تقدمنا في العمر، تنخفض جوانب قدراتنا العقلية. بسبب تراكم الترسبات في الدماغ وانخفاض المواد الكيميائية العصبية والدوبامين، فإننا نعاني تباطؤًا في الوظيفة الإدراكية. لهذا السبب قد يستغرق الأمر وقتا أطول لتذكر اسما ما، أو لماذا قد نترك مفاتيحنا في الثلاجة.
ولكن اتضح أن التحولات العصبية الأخرى في الدماغ تفتح الباب لأشياء جديدة وإيجابية أيضا. على سبيل المثال، مع تقدمنا في العمر، يحدث تغيير كيميائي يجعل من السهل علينا قبول الموت. في الواقع، بسبب تعطيل اللوزة الدماغية – وهي منطقة من الدماغ مسؤولة عن الذاكرة وصنع القرار والاستجابات العاطفية – نشعر بخوف أقل بشكل عام، ونحن أكثر توازنا في عاطفتنا. تظهر الأبحاث أيضا اتجاهات متزايدة نحو الفهم والمغفرة والتسامح والرحمة.
هناك قوة أخرى تأتي مع الشيخوخة تتعلق بفئتين مهمتين من الذكاء: الذكاء العملي والكمال الإدراكي. تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن ٥٠ عاما يسجلون أعلى الدرجات في كلتا الفئتين.
عند طرح أسئلة مثل، “تخيل أنك تقطعت بك السبل على جانب الطريق السريع في عاصفة ثلجية. ماذا ستفعل؟”، تشير الدراسات إلى أنه كلما تقدمت في السن، كلما كان من الأفضل التوصل إلى حلول. هذا مثال على الذكاء العملي، والمستنير بالخبرة مدى الحياة.
وبالمثل، فإن الكمال الإدراكي هو مهارة حاسمة للبقاء على قيد الحياة، والتي تتعزز فقط مع تقدمنا في العمر. بسبب الطريقة التي يعمل بها الإدراك، غالبا ما يكون لدينا بقعا عمياء يحتاج دماغنا إلى ملئها، أو ”إكمالها”.
تخيل أنك تقود سيارتك إلى مجمع سكني مسور، ومررت بلافتة. بسبب موقعك وسرعتك، ترى كلمة ق.س.م.ل على البوابة. يحول عقلك هذه الكلمة تلقائيا إلى قفل، بناء على السياق. تحقق أدمغتنا هذه القفزات باستمرار، وتسجل أدمغة كبار السن درجات أعلى في ملء هذه التفاصيل حسب الاحصائيات.
كل مرحلة من مراحل حياتنا لها إيجابيات وسلبيات. التقدم بالعمر بنجاح يعني قبول القيود والتحديات القادمة، ولكن أيضا الاستمتاع بالأجزاء الإيجابية.
ومضة رقم ٣ – تعتمد الشيخوخة الناجحة على فضح العديد من الأساطير والخرافات حول التقدم في السن:
في الومضة السابقة، بدأنا في استكشاف كيف أن الدماغ المتقدم في السن لا يتراجع ببساطة، ولكنه يتمتع في الواقع ببعض الفوائد الكيميائية العصبية. الآن سنلقي نظرة على خرافتين أخريتين حول الشيخوخة تحتاجان إلى فضحهما.
الخرافة الأولى تدور حول فقدان الذاكرة. كم مرة تسمع ان التقدم في السن يصنف بأنه وقت مرحلة النسيان؟ في الواقع، تعتبر وظيفة الذاكرة أكثر تعقيدا مما نعتقده. لسبب واحد، تظهر الأبحاث أن الناس من جميع الأعمار يعانون من هفوات الذاكرة على المدى القصير. كل ما في الأمر أنه عندما كنا صغارا، نميل إلى تجاهل الأمر، قائلين إننا متعبون أو مرهقون، أو ربما يكون لدينا يوم عطلة فقط. على العكس من ذلك، عندما يعاني كبار السن من فقدان الذاكرة على المدى القصير، يكونون على استعداد للاعتقاد بأنه نتيجة للتدهور المعرفي.
كما أن هناك جانبًا من جوانب الذاكرة يعمل فيه الأدمغة الأكبر سناً بشكل أفضل. يتعلق هذا بقدرتنا على إصدار الأحكام والقرارات بناء على التعرف على الأنماط. عند مواجهة المواقف المعقدة، تكون العقول الأكبر سنا أكثر قدرة على تذكر التجارب السابقة والروابط العصبية التي وضعتها أدمغتها في تلك التجارب.
تعمل وظيفة الذاكرة المحسّنة هذه على تحسين العقول الأكبر سنًا في التصغير والتقاط الأشياء من منظور شامل. وبالتالي، يتمتع كبار السن بميزة عندما يتعلق الأمر بالتصارع مع اتخاذ القرار، خاصةً فيما يتعلق بالمسائل الإنسانية الصعبة مثل البقاء في علاقة أم لا، أو ما إذا كانت مواجهة رئيسك هي الشيء الأخلاقي الذي يجب القيام به. إذا كان لديك سؤال يتطلب الموضوعية والحكمة، فاطلب المشورة من كبار السن – فإن أدمغتهم بالحرف الواحد موصلة ومترابطة بشكل أفضل!
وهناك خرافة أخرى مفادها أن كبار السن قد تجاوزوا فترة ريعانهم – أنهم إذا بدأوا هواية أو مهارة جديدة ، فلن يكونوا قادرين على تحقيق الكثير كما كانوا عندما كانوا أصغر سنا. هذا ببساطة غير صحيح. خذ على سبيل المثال السيدة آنا ماري روبرتسون (Anna Mary Robertson)، التي تُعرض لوحاتها في متحف سميثسونيان (Smithsonian) ومتحف متروبوليتان (Metropolitan) للفنون في نيويورك. حيث لم تبدأ السيدة روبرتسون الرسم الا عندما بلغت الخامسة والسبعين من عمرها!
مثال رائع آخر هو مؤسس شركة مطاعم دجاج كنتاكي (KFC)، السيد هارلاند ساندرز (Harland Sanders). تنقل بين الوظائف طوال حياته، وانتهى به الأمر إلى تأسيس مطاعم دجاج كنتاكي في عمر ٦٢عاما. وبعد أربعة عشر عاما، باع شركته بما يعادل ٣٢ مليون دولار.
الآن بعد أن تخلصنا من بعض المفاهيم الخاطئة السلبية حول الشيخوخة، دعونا نستكشف العوامل التي تؤثر على كيفية تقدمنا في العمر.
ومضة رقم ٤ – عندما تحضن طفلك وتعطيه عناقًا إضافيًا، فإنك تطيل عمره:
يتقدم الجميع في العمر بشكل مختلف. تتأثر كيفية تقدمنا في العمر بعلم الوراثة لأصولنا وفرصنا وبيئتنا. ومع ذلك، فإن أحد أكبر العوامل التي تؤثر على كيفية تجربتنا في سنواتنا الأخيرة هو طفولتنا.
هذا يقودنا إلى سؤالنا التالي: ما علاقة الحضن بالعمر الافتراضي؟
الكثير، كما اتضح. في إحدى التجارب، حيث نمت صغار الفئران الذين لعقتهم أمهاتهم أكثر في الأيام الستة الأولى من الحياة ليصبحوا فئران بالغة بشكل أكثر أمانا من الاخرين. أظهرت الدراسة أن هذه الفئران أنتجت عددًا أقل بكثير من هرمونات التوتر، وأن هذا الاتجاه استمر في مرحلة البلوغ.
تؤثر رعايتنا على المستوى الكيميائي، مما يؤثر على مستقبلات القشرية السكرية في الحصين – المكونات الأساسية للاستجابة للإجهاد والجهاز المناعي. ما يعنيه هذا هو أنه عندما لا تحصل على ما يكفي من الرعاية، فإن نظام المناعة لديك يتعرض للخطر على المدى الطويل.
على العكس من ذلك، فإن الكثير من الحب والاهتمام، وخاصة في السنوات الأولى من الطفولة، سيقلل من هرمونات التوتر ويقوي جهاز مناعتك طوال حياتك.
توضح التجربة الشهيرة التي أجريت في الستينيات عن مدى عمق رغبتنا في الاتصال والراحة. أجرى السيد هاري هارلو (Harry Harlow)، عالم النفس الأمريكي، سلسلة من التجارب المثيرة للجدل على قرود الريسوس الصغيرة. حيث قام بعزل كل رضيع في قفص مع قردين من الاسلاك يمثلان والدة الطفل الغائبة. كانت إحدى الأمهات السلكية ملفوفة بقطعة قماش محبوك بينما كانت الأخرى تحتوي على زجاجة حليب.
أراد السيد هارلو (Harlow) اختبار ما إذا كان الأطفال سيختارون الراحة التي يوفرها القماش، أو سيتغلبون عليها من خلال دافعهم للبقاء على قيد الحياة، واختيار الأم السلكية مع الحليب. أظهرت التجربة أنهم اختاروا بأغلبية ساحقة الأم المصنوعة من القماش المحبوك.
من الواضح أننا نتوق ونستفيد بشكل كاف من رعايتنا. وعلى الرغم من أننا لا نستطيع تغيير الطريقة التي نشأنا بها، إلا أنه يمكننا معالجة تأثير تجارب طفولتنا عمدا على أدمغتنا، على سبيل المثال من خلال العلاج. والسبب في امكانية ذلك هو شيء يسمى بالمرونة العصبية، والذي سنستكشفه في الومضة التالية.
ومضة رقم ٥ – من الممكن تغيير أدمغتنا بطرق تزيد من طول أعمارنا صحيا:
في أوائل القرن العشرين، جادل مفكرون مثل السيد سيغموند فرويد (Sigmund Freud) والسيد ويليام جيمس (William James) بأن شخصيتنا نشأت متحجرة في سن مبكرة. سواء كان هذا صحيحا أم لا، فانه أمر بالغ الأهمية، حيث تظهر الأبحاث أن العامل الوحيد الأكثر أهمية للسعادة مدى الحياة هو شخصيتك أنت. إذن، على المستوى الكيميائي العصبي، هل نحن عالقون مع من نحن، أم أن التغيير ممكن؟
أولا، من المهم ملاحظة أن شخصيتنا لا تتشكل فقط من كيمياء الأعصاب لدينا، ولكن أيضا من خلال بيئتنا والفرص التي نحصل عليها. ومع ذلك، فإن الطريقة التي تعمل بها أدمغتنا على المستوى الكيميائي لها تأثير كبير على كيفية تفسيرنا ورد فعلنا والتفاعل مع العالم من حولنا، وكلها تلعب دورا كبيرا في تحديد شخصياتنا.
لنأخذ مثالا متطرفا. السيدة سارة (Sarah) شخصية هادئة وساكنة وصاحبة ضمير حي بطبيعتها. في المقابل، السيد ديريك (Derrick) شخصية منفتحة ومعرضة لتحمل مخاطر كبيرة، بغض النظر عن الخطر المحتمل على نفسه أو على الآخرين. هذه السمات الشخصية لها تأثير كبير على كل فترات الحياة المتوقعة لهما. الأهم من ذلك، أنه يؤثر على فترة صحتهما المتوقعة، وهي الفترة التي سيستمتعون خلالها بوظائف بدنية وعقلية جيدة نسبيًا.
استنادا إلى سمات شخصية السيد ديريك، فمن المرجح أن يعاني من مرض او تلف في الرئة أو الكبد حسب الاحصاءات. في الواقع، تشير الدراسات إلى أن انخفاض ضمير الطفولة يرتبط بالسمنة، وعدم التنظيم الفسيولوجي، وسوء معالم الدهون في مرحلة البلوغ. على العكس من ذلك، من المرجح أن تتمتع السيدة سارة، التي تسجل درجات عالية في الضمير الحي، بعمر صحي مديد.
ربما بدأت حياتك بسمات شخصية ترتبط بزيادة فترة عمرك الصحية. ولكن إذا لم تفعل ذلك، فإن الخبر السار هو أنه لا زال الوقت ممكنا من اجل تحسين هذه السمات. في الواقع، أثبت عمل السيدة نانسي بايلي (Nancy Bayley) والسيد بول بالتيس (Paul Baltes) في السبعينيات أنه لا توجد فترة حياة واحدة تحدد شخصياتنا. ذهبت المزيد من الدراسات في أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا إلى حد إظهار أن تغيير الشخصية ممكن أن يحصل حتى خلال سن الثمانينيات من العمر.
ويرجع ذلك إلى إحدى السمات الأكثر بروزًا للدماغ، وهي المرونة العصبية. يتيح لنا ذلك وضع اتصالات عصبية جديدة، وإنتاج خلايا جديدة، وإعادة توجيه استخدام الخلايا نحو نهايات مختلفة. على سبيل المثال، يمكن لشخص أعمى في حادث ما أن يعيد توجيه وظيفة الخلايا في جزء الدماغ الذي اعتاد معالجة الرؤية لتعزيز طرق أخرى للتنقل في العالم، مثل الحساسية المتزايدة للصوت واللمس.
لذلك، إذا علمنا أنه من الممكن تغيير أدمغتنا، فماذا يجب أن نفعل من أجل تمديد فترة صحتنا؟ هذا هو المكان الذي يأتي فيه مبدأ حروف كلمة (COACH) الانجليزية، ويمكن قرائتها بالتفصيل في الومضة التالية.
ومضة رقم ٦ – لإدارة فترة الشيخوخة بنجاح، استخدم مبدأ حروف كلمة (COACH) الانجليزية، والمكون من خمسة أجزاء ترمز الى حروف الكلمة وهي: الفضول والانفتاح والارتباط والضمير والممارسات الصحية:
من المرجح أن تعيش شخصية السيدة سارة الهادئة والساكنة لفترة أطول من شخصية السيد ديريك المحبة للمخاطر لأنها واعية. لكن هذا مجرد سبب واحد مما صاغه المؤلف على أنها الجوانب الخمسة الحاسمة للشيخوخة الصحية. تشكل هذه الجوانب الخمسة مبدأ حروف كلمة (COACH) الانجليزية وهي: الفضول والانفتاح والارتباط والضمير والممارسات الصحية. دعونا نغوص أكثر في ثلاثة منهم.
تخيل أن شخصين يتم قبولهما في دار لرعاية المسنين في نفس اليوم. سقط السيد لوكا (Luca) مؤخرا وعليه الآن المشي بعصا، وهو الشئ الذي يكرهه. بعد حياة من الإنجازات في عالم الأعمال والبراعة والابداع في ملعب التنس، يخجل السيد لوكا من تضاؤل قدراته. نتيجة لذلك، يقضي معظم وقته بمفرده منعزلا، ولا يخاطر بتجربة أي شيء جديد.
في المقابل، تدخل السيدة فاطمة (Fatima) دار رعاية المسنين وهي حريصة على التواصل مع بقية الساكنين في الدار. ومن ثم تحضر دروس الحرف والتمارين الرياضية الاختيارية، وتنضم إلى نادي الكتاب، على الرغم من أنها لم تقرأ الكثير من الأدب من قبل.
تظهر الدراسات أنه نظرًا لأن شخصية السيدة فاطمة والتي تسجل درجات عالية في الانفتاح والفضول والارتباطات – وهي كلمة أخرى للتفاعل الاجتماعي – فإن خطر إصابتها بأمراض القلب والزهايمر والسكري ينخفض كثيرا. في الواقع، ان الشخصيات مثل السيدة فاطمة، والذين لديهم فضول ومنفتحون على التجارب الجديدة، يؤدون بنتائج أفضل في جميع معتركات الحياة وذلك حسب الاحصائيات.
على النقيض من ذلك، فإن أشخاصا مثل شخصية السيد لوكا، والذين يهتمون أكثر بالحصول على اعتراف بإنجازاتهم أو إخفاء إخفاقاتهم، هم أقل عرضة للبحث عن تجارب تعليمية جديدة. مع تقدمنا في العمر، يصبح البحث عن تجارب تعليمية جديدة أكثر أهمية. من خلال رفضه لتمديد وتوسيع عقله، يزيد السيد لوكا من خطر الاصابة بالتدهور المعرفي والجسدي.
تتمثل إحدى طرق التفكير في الاختلاف بين شخصية السيد لوكا وشخصية السيدة فاطمة هي في نظام التصنيف الذي أنشأته السيدة كارول دويك (Carol Dweck). تدعي أنه يمكن تصنيف جميع الناس على أن لديهم عقلية ثابتة أو عقلية متنامية. يظهر بحث السيدة دويك أن الأشخاص الذين لديهم عقلية متنامية يتفوقون باستمرار على أولئك الذين لديهم عقلية ثابتة. تدعم هذه النتيجة أبحاث أخرى تظهر أن محصلة الفضول جيدة تماما بنفس القدر، إن لم تكن أفضل لمؤشر نجاح الحياة، مثل معدل الذكاء (IQ).
إن فرص شخصية فاطمة في عيش حياة أطول وأكثر صحة لها علاقة كبيرة بعقليتها المتنامية. من خلال تجربة أشياء جديدة ، والبقاء فضولية، والتواصل مع الآخرين، تتقدم شخصية فاطمة في ادارة فترة شيخوختها بنجاح!
ومضة رقم ٧ – إذا كنت ترغب في تناول الطعام بشكل جيد مع تقدمك في العمر، فتوقف عن الاستماع إلى كل بدع النظام الغذائي:
نأتي الآن إلى آخر جوانب مبدأ حروف كلمة (COACH) الانجليزية الخمسة: وهي الممارسات الصحية. وتبدأ الممارسات الصحية بالأكل الصحي.
اعتمادا على متى وأين نشأت، ربما تكون قد تعرضت لعدد من الوجبات الغذائية المختلفة التي يتناولها المشاهير أو الأصدقاء أو زملاء العمل والذين يحلفون بها. المشكلة، كما يقول عالم التغذية في جامعة ستانفورد (Stanford University) السيد كريستوفر غاردنر (Christopher Gardner)، هي أنه بغض النظر عن مدى فعالية النظام الغذائي أو عدم صحته، فانه إذا حصلت على ما يكفي من الناس لتجربته، فانه حتما سيعمل لصالح شخص ما على أي حال. ولذلك يتم الترويج للوجبات الغذائية التي ليس لها أي دعم علمي على الإطلاق، وهي كثيرة جدا تبدأ من نظام غذائي للدودة الشريطية إلى حمية المشيمة، ويروج لها من قبل عدد قليل من الأصوات المؤثرة التي شهدت النجاح.
لسوء الحظ، نادرا ما يمتد هذا النجاح إلى العديد من الأشخاص الذين يجربونه، ويمكن أن يضر أحيانا بصحتهم. على سبيل المثال، في حين أن زيادة تناول مضادات الأكسدة وفيتامين سي حسب الموضة حاليا، تشير بعض الدراسات إلى أنه يمكن أن يمنع بالفعل بعض الفوائد المعززة للصحة من ممارسة الرياضة.
ومع ذلك، فإن اتباع نظام غذائي معين في معظم الوقت يؤدي إلى بعض النتائج الإيجابية. إذن لماذا هذا يا ترى؟ بعبارات بسيطة، تعمل الحمية الغذائية لأنها تزيد من وعيك بما تأكله، وتمنعك من تناول الأكل بكثيرة.
يرتبط الإفراط في تناول الطعام بجميع أنواع المشاكل الصحية، خاصة مع تقدمنا في العمر. في الواقع، ان إحدى الطرق التي ثبتت علميا أنها تطيل العمر هي تقييد وتحديد السعرات الحرارية. لا نعرف بعد ما إذا كان من الأفضل الحد من السعرات الحرارية يوميا، أو ممارسة الصيام المتقطع في دورات نصف يوم، أو ليوم كامل مرة واحدة في الأسبوع، أو لمدة أسبوعين من السنة، لكننا نعلم أن نوعا من تقييد وتحديد السعرات الحرارية يؤثر ايجابا على طول العمر. هناك بعض الممارسات الصحية الأخرى حول تناول الطعام والتي يدعمها العلم مرارًا وتكرارًا، خاصة مع تقدمنا في العمر. ومنها تناول الأسماك الدهنية وفيتامين ب١٢ (B12) لتعزيز صحتك العصبية. ثبت أن ثلاث ملاعق كبيرة من زيت الزيتون البكر يوميًا تخفف الإجهاد التأكسدي للخلايا وتنظم الكوليسترول.
تساعد زيادة استهلاك الخضروات الصليبية، مثل اللفت (kale) والبوك تشوي (bok choy)، على حمايتك من السرطان. تأكد من حصولك على ما يكفي من البروتين لصحة العظام والمحافضة على البقاء مرتويا، حيث تتعطل أجهزة الكشف عن العطش مع تقدم العمر. تناول الطعام عندما تكون جائعًا، وتوقف عندما تكون ممتلئًا، وكافئ نفسك بالاستمتاع ببعض الحلوى من حين لآخر. لا يبدو الأمر مثيرا، ولكن أفضل دليل لنظامك الغذائي هي فطرتك السليمة.
ومضة رقم ٨ – الحركة الجسدية لها التأثير الأكبر على طول أعمارنا صحيا:
تخيل أنك تمشي على طريق ترابي غير مألوف في الطبيعة. هناك فروع وصخور، ومناظر طبيعية متنوعة من حولك. في كل خطوة تخطوها، يحتاج عقلك وجسمك إلى العمل سويا لإجراء مئات التعديلات الجزئية للقيام بالضغط على قدميك مثلا بزاوية وبسرعة معينة. للقيام بكل ذلك، يتم تنشيط الحصين (الحواف الطويلة على أرضية كل بطين جانبي للدماغ، يُعتقد أنها مركز العاطفة والذاكرة والجهاز العصبي اللاإرادي)، ويبدأ دماغك في التوقد بالطريقة الدقيقة التي تطور بها لاستخدامه. من خلال المشي، فأنت تفعل أفضل شيء من أجل صحتك العقلية والجسدية!
مع تقدمنا في العمر، من الشائع عند الكثير هو التخلي عن ممارسة الرياضة البدنية. حيث لم نعد قادرين على المشاركة في ذلك السباق الخيري لمسافة ١٠ كيلومترات أو لعب كرة القدم. مع انخفاض مهاراتنا، ينخفض دافعنا أيضا. بعد كل شيء، لا يوجد شيء ساحر يضاهي المشي ولو حول المبنى أو قضاء عشر دقائق على دراجة ثابتة. لماذا تهتم؟
حسنا، تظهر الأبحاث أنه من بين جميع الممارسات الصحية التي يجب أن نعطيها الأولوية مع تقدمنا في العمر: هو التمرين البدني لأن له التأثير الاكبر حتى ولو كان بجرعات صغيرة جدا. عندما يتعلق الأمر باختيار نوع التمرين الذي يجب الانخراط فيه، اتضح أن المشي ببساطة، وخاصة في الهواء الطلق وفي البيئات الجديدة، هو الأكثر فائدة.
على سبيل المثال، أخذت إحدى الدراسات مجموعتين من كبار السن وجعلتهم يمشون في نفس المنطقة لفترة زمنية محددة. اتبعت إحدى المجموعات مسارا مستطيلا، بينما تم تشجيع المجموعة الأخرى على التجول خارج المسار واستكشاف الفضاء.
بعد ذلك، تم اختبار المجموعات على شكل نشاط إدراكي إبداعي. طلب منهم سرد أكبر عدد ممكن من الاستخدامات البديلة ل عيدان تناول الطعام كما يخطر ببالهم – على سبيل المثال، أعواد الطبل أو دبوس الشعر أو سارية العلم. المجموعة التي خرجت عن المسار تفوقت بكثير على المجموعة الأخرى. وذلك لأن المشي في بيئات جديدة يعزز الإبداع ويحفز الدماغ.
في الواقع، تظهر العديد من الدراسات أدلة على الفوائد الجسدية والعقلية للمشي التي بدأ بعض الأطباء في اعطائها كوصفات طبية! بدأ الأطباء الاسكتلنديون في كتابة وصفات “التجول ومراقبة الطيور” لمرضاهم المسنين، وكذلك يفعل الأطباء في مقاطعة كيبوبيك (Quebec) الكندية باعطاء وصفات طبية للقيام بزيارات مجانية إلى متحف مدينة مونتريال للفنون الجميلة كوسيلة لتحسين الصحة البدنية والعقلية لمرضاهم.
ومضة رقم ٩ – إذا كنت ترغب في تحقيق أقصى استفادة من حياتك، فاستمتع بنوم أكثر!:
في الوقت الذي يتم فيه تقييم الإنتاجية فوق كل شيء آخر، من الشائع أن يتفاخر الناس بمدى قلة النوم الذي يحصلون عليه. لكن الحقيقة هي أن النوم هو أحد أهم العوامل في الحفاظ على فترة صحية طويلة من أعمارنا. قد تشعر أنك أقل إنتاجية عندما تحتاج إلى التخلي عن ذلك الحدث أو تلك الساعة الإضافية في العمل. ولكن، على المدى الطويل، أنت تضيف وقتا إلى حياتك!
لسوء الحظ، هناك خرافة مفادها أنه مع تقدمنا في العمر، نحتاج إلى نوم أقل. في الواقع، ليس الأمر أن كبار السن يحتاجون إلى نوم أقل، ولكنهم يواجهون صعوبة في الحصول عليه. ذلك لأنه مع تقدمنا في العمر، تتحلل الإشارات من جزء من الدماغ والذي يسمى بالنواة فوق العضدية. فكر في هذه النواة على أنها ساعتك الرئيسية. إنها تنظم إيقاع الساعة البيولوجية، وهي في الأساس كيفية عمل عقلك في دورة مدتها أربع وعشرين ساعة، مما يشير إلى أشياء مثل متى تشعر بالنعاس أو متى تستيقظ.
ما يعنيه هذا هو أنه مع تقدمنا في العمر، يصبح من الصعب الحفاظ على دورة نوم منتظمة، وهذا يؤدي إلى عواقب جسدية وعقلية سلبية. تشير الدراسات إلى أن ٩٩ في المائة من الناس يحتاجون إلى سبع ساعات على الأقل من النوم كل ليلة. يظهر الأشخاص المحرومون من النوم نشاطا أكبر بنسبة ٦٠ في المائة في اللوزة الدماغية، مما يؤدي إلى الخوف والقلق والتوتر. يرتبط الحرمان من النوم أيضا بارتفاع ضغط الدم ومرض الزهايمر ومرض السكري.
إذن كيف يمكنك التأكد من حصولك على قسط كاف من النوم؟ إحدى الطرق هي إعادة صياغة طريقة تفكيرك في النوم. بدلا من التفكير في الأمر على أنه وقت ضائع، فكر في الأمر على أنه الوقت الذي تقضيه في النوم هو عملا مهما للغاية. النوم له فوائد كثيرة. أثناء نومك، تبدأ آليات الإصلاح والتنظيف لجميع خلايا جسمك. وعندها تلتئم الجروح، وتتم محاربة العدوى البكتيرية والفيروسية. وفي وقت النوم أيضا يتم تجميع الذكريات، بالاضافة الى معالجة العواطف والمشاكل. إذا كنت تتعلم مهارة حركية جديدة، فسيتم ترميز هذا التعلم في ذاكرتك أثناء نومك ليلا.
تشمل العادات الأخرى التي يمكنك تبنيها لتعزيز مقدار النوم المناسب هو تجنب الشاشات لمدة ساعتين قبل النوم، والنوم في مكان مظلم تماما، والأهم من ذلك، الذهاب إلى الفراش والاستيقاظ في نفس الوقت كل يوم.
النوم مهم. بعد كل شيء ، عندما سُئل السيد الدالاي لاما (Dalai Lama) عن أهم مساهم في حياته الصحية والسعيدة، أجاب بكل بساطة، هي: “تسع ساعات من النوم، كل ليلة“.
ومضة رقم ١٠ – الملخص النهائي:
الرسالة الرئيسية في هذا الكتاب: عندما يتعلق الأمر بالشيخوخة، يوضح لنا علم الأعصاب أن حفنة من العادات التي يمكن التحكم فيها سوف تحسن حياتنا بشكل جذري وتطيل حياتنا. إذا جلست وأنت تشعر بالعزلة وعدم الفائدة، فسوف تنهار صحتك البدنية والعقلية. ولكن في المقابل، إذا دفعت نفسك للبقاء نشيطا، والحفاظ على علاقاتك الحالية وبناء علاقات جديدة، والقيام بتجربة أشياء جديدة. كل ذلك أثناء تناول الطعام بشكل جيد والحصول على قسط كاف من النوم، فانك بذلك سوف تستمتع بالفعل بالشيخوخة كوقت يزداد فيه الاستقرار والسلام والمتعة. الشيخوخة تأتي مع تحديات، ولكن يمكنك ادارة هذه الفترة بنجاح!
نصيحة عملية: مرر مهاراتك ومعرفتك إلى العالم. وفقًا للعديد من الأشخاص الأكبر سنًا والأكثر نجاحًا على قيد الحياة، فإن مفتاح الشيخوخة هو مقاومة التباطؤ والبقاء منشغلا. لذلك ابحث عن طريقة لنقل مهاراتك ومعرفتك إلى العالم. تطوع أو انضم إلى نادٍ أو ارشد شخصًا أصغر سنًا، وسترى ان صحتك وسعادتك تزداد تلقائيا!
*تمت الترجمة بتصرف.
**المصدر: منصة الوميض (Blinkist) وهي منصة تقوم بتلخيص الكتب ، ومكتبتها تحتوي على آلاف الكتب ويشترك في هذه المنصة الملايين من القراء.