إن جميع الفيروسات تتغير بمرور الوقت، بما فيها فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد الوخيم (فيروس كورونا-سارس-2: SARS-CoV-2، المسبب لمرض كوفيد-19). ورغم أن معظم التغييرات قد لا يكون لها أي تأثير على خصائص الفيروس، أو فقط تأثير طفيف، فقد يؤثر بعضها على مدى سهولة انتشاره، أو درجة وخامة المرض المرتبط به، أو أداء اللقاحات أو الأدوية العلاجية أو أدوات التشخيص أو غيرها من تدابير الصحة العامة والتدابير الاجتماعية.
وبعد عام على جائحة كورونا، أي في نهاية عام 2020م بدأ ظهور متحورات للفيروس التي تشكل خطرا متزايدا على الصحة العامة العالمية مما دفع العلماء والمنظمات المختصة إلى تحديد خصائص مجموعة محددة لتصنيف هذه المتحورات حسب خطورتها من أجل إعطاء الأولوية للرصد والبحث العالميين، ومن ثم الاسترشاد بها في الاستجابة القائمة لجائحة كوفيد-19[1]. وللأغراض المرجعية، أصدرت منظمة الصحة العالمية تعاريف أولية لكلٍ من متحورات فيروس كورونا-سارس-2: “المثيرة للاهتمام” و “المثيرة للقلق”[2].
هذا التصنيف هو التصنيف الثنائي للمتحورات، لكن بعض الدول قد تضيف فئة أو أكثر وتعيد ترتيب الأوليات والتصنيف العام. على سبيل المثال، “المتحور المثير للاهتمام” هو الثالث والأخير في سلم التصانيف الخاصة بتحورات كورونا في الولايات المتحدة، والثاني وما قبل الأخير في ذات السلم في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، يعلوه درجة تصنيف “المتحورات المثيرة للقلق” ثم تصنيف “المتحورات الوخيمة العواقب” (في الولايات المتحدة)، ويعقبه “تصنيف المتحورات قيد المراقبة” في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، والتصنيف الأخير غير مستخدم في الولايات المتحدة.
لذا سأذكر التصنيفات الأربعة، كالتالي: المثير للاهتمام والمثير للقلق كما وصفتهم صفحة منظمة الصحة العالمية على الرابط المذكور في هامش[2]، ثم المتغيرين الآخرين. والجذير بالذكر أن لكل فئة في هذا التصنيف متطلبات معينة للتعامل معها (من قبل الدول: مسؤولين، وعلماء ومؤسسات) تنظر في مصادرها:
الأول: “متحور مثير للاهتمام”
المتحور المثير للاهتمام (Variant of interest)، اختصارًا: (VOI)، أو “المتحور قيد التحقيق” (Variant under investigation)، اختصارًا: (VOI)، هو متحور:
• ينطوي على تغيرات جينية يُتوقع أو يُعرف تأثيرها على خصائص الفيروس مثل قابلية الانتقال، ووخامة المرض، والإفلات المناعي، والإفلات التشخيصي أو العلاجي؛
• تبين أنه يسبب انتقالاً مجتمعياً واسعاً للعدوى أو بؤر تفشٍ متعددة لعدوى كوفيد-19، في بلدان متعددة مع تزايد معدل الانتشار النسبي وارتفاع عدد حالات الإصابة بمرور الوقت، أو حدوث تأثيرات وبائية أخرى ظاهرة تشير إلى خطر ناشئ يهدد الصحة العامة العالمية.
الثاني: “متحور مثير للقلق”
المتحور المثير للقلق (Variant of Concern)، اختصارًا: (VOC)، هو متحور يستوفي تعريف المتحور المثير للاهتمام (انظر أعلاه) وإضافة إلى ذلك أثبت، من خلال تقييم مقارن، أنه يرتبط بواحد أو أكثر من التغيرات التالية التي تتصف بدرجة من الأهمية للصحة العامة العالمية:
• زيادة قدرة الفيروس على الانتقال أو تغيير سلبي في وبائيات كوفيد-19؛
• أو زيادة في فوعة الفيروس أو تغيير في المظاهر السريرية للمرض؛
• أو انخفاض فعالية تدابير الصحة العامة والتدابير الاجتماعية أو وسائل التشخيص واللقاحات والعلاجات المتاحة.
هذه أهم السمات، ولكن هناك تعداد أكثر للسمات في أماكن أخرى[3][4].
هذا التصنيف هو ثاني أعلى التصانيف الموجودة حتى منتصف عام 2021م، يعلوه تصنيف المتحورات الوخيمة العواقب. توجد حاليًا مجموعة من المتحورات الموسومة بمثيرة للقلق، منها: متحور ألفا، وB.1.351، وP.1.، ومؤخرًا B.1.1.529، وهو “أوميكرون” (Omicron)[5].
الثالث: “متحور قيد المراقبة” (أو المتابعة)
المتحور قيد المتابعة (Variant of Monitoring)، اختصارًا: (VOM)، أو “المتحور قيد المراقبة” (Variant under Surveillance)، اختصارًا: (VOS)، مصطلح تُصنّف تحتهِ مجموعة من متحورات فيروس كورونا المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة الشديدة النوع 2.
هذا التصنيف، كما سبق أن ذكرنا، هو الأخير في سلم التصانيف الخاصة بتحورات كورونا في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، وهو غير مستخدم في الولايات المتحدة. يعلوه درجة تصنيف المتحورات المثيرة للاهتمام ثم المتحورات المثيرة للقلق ثم تصنيف المتحورات الوخيمة العواقب، والتصنيف الأخير مستخدم فقط في الولايات المتحدة. توجد حاليًا مجموعة من المتحورات الموضوعة تحت المراقبة والمتابعة في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي[4].
الرابع: “متحور وخيم العاقبة”
المتحور الوخيم العاقبة (Variant of High Consequence)، اختصارًا: (VOHC)، مصطلح وضعه “مركز السيطرة على الأمراض” (Center for Disease Control)، الأمريكي، ويعرف بمختصره (CDC)، ليتصنّف تحتهِ مجموعة من متحورات فيروس كورونا. هذا التصنيف هو أعلى التصانيف الموجودة حتى الآن (قرب نهاية عام 2021م).
المتحور الذي يُصنّف بالوخيم العاقبة سيُؤدي إلى تفشٍ وبائي آخر أو يدخل جائحة فيروس كورونا إلى مرحلة تفش جديد. لا يوجد حاليًّا أي متحور من «متحورات سارس-كوف-2» رُفِع إلى مستوى متحور وخيم العاقبة[3].
بالإضافة إلى السمات الموجودة في “تحور المثير للقلق”، فإن السمات (المحتملة) للتحورات الوخيمة العواقب، هي شدة تأثيرها على الإجراءات الطبية المضادة، على سبيل المثال فشل تشخيص الإصابة، انخفاض كبير في قابلية علاجات الاستخدام الطارئ أو العلاجات المعتمدة، ومرض سريري أكثر شدة وزيادة حالات الاستشفاء[3][4].
وفي الختام، حتى يتضح هذا الترتيب الْمُرْبِك للمتحورات أعيد ترتيبها حسب درجة خطرها:
ابتداءً: متحور قيد المراقبة (أو المتابعة)،
ثم: متحور مثير للاهتمام،
ثم: متحور مثير للقلق،
ثم: متحور ذو عواقب وخيمة.
____
الهوامش:
[1] https://www.who.int/ar/activities/tracking-SARS-CoV-2-variants)
[2] https://www.who.int/ar/news/item/21-04-1443-classification-of-omicron-(b.1.1.529)-sars-cov-2-variant-of-concern
[3] https://www.cdc.gov/coronavirus/2019-ncov/variants/variant-classifications.html?CDC_AA_refVal=https%3A%2F%2Fwww.cdc.gov%2Fcoronavirus%2F2019-ncov%2Fvariants%2Fvariant-info.html
[4] SARS-CoV-2 variants of concern as of 3 December 2021 – ECDC
https://www.ecdc.europa.eu/en/covid-19/variants-concern
[5] انظر مقال الكاتب: “أوميكرون: حيوانيّ؟ على الرابط التالي: https://juhaina.in/?act=artc&id=87108