تعد عمليات جراحة السمنة بأنواعها المتعددة من الطرق الفعالة للتخلص من الوزن الزائد وتقليل مخاطر السمنة خصوصاً للأوزان العالية جداً وأن التخلص من الوزن الزائد يساعد على الوقوع في فخ الأمراض المرتبطة بالسمنة كإرتفاع ضغط الدم والسكري ومشاكل القلب والكوليسترول وآلام المفاصل والعظام.
كما يعاني بعض أصحاب الوزن الزائد من آلام الظهر على وجه الخصوص بشكل شبه دائم وذلك يعود لتراكم الدهون حول منطقة البطن والخاصرة مما يجعل عضلات جدار البطن الأمامية ضعيفة وبالتالي فإن عضلات الظهر تبذل بمفردها المزيد من الجهد المضاعف لتثبيت العمود الفقري وجعل الجسم في وضعية مستقرة مما يؤدي لضغط مضاعف على الفقرات القطنية وزيادة تقوس العمود الفقري، كما أن الدهون المتراكمة تضع حملاً زائداً على المفاصل الحاملة للوزن خصوصاً المفاصل الفقرية والحوض والركب.
وعلى الرغم من أن العديد من الأشخاص الذين كانوا يعانون من آلام الظهر قد اختفت لديهم بعد عمليات جراحة السمنة إلا أنه من غير المألوف ارتفاع معدل انتشار آلام الظهر لدى فئة معينة من الأشخاص ممن لم يكونوا يعانوا من أي آلام في الظهر قبل الجراحة أو قد تدهورت آلام الظهر لديهم بعد إجرائها.
فإلى ماذا يُعزى تفسير آلام الظهر بعد جراحة السمنة؟
قام الباحثون بدراسة هذا الأمر على مدى عدة سنوات وتوصلت الأبحاث العلمية الحديثة لوضع عدة نظريات قد تكون السبب الخفي وراء ظهور آلام الظهر أو تدهور حدتها بعد العملية على الرغم من تخلص الجسم من الوزن الزائد الذي كان يشكل عبئاً ثقيلاً على مفاصل الجسم:
1- تلعب عضلات الظهر والبطن والدهون في البطن دوراً مهماً في استقرار العمود الفقري وبالتالي فإن فقدان دهون البطن بشكل مفاجئ وسريع قد يضع جهد مضاعف على عضلات الظهر والبطن مما يعكر من صفو استقرار العمود الفقري.
٢- تدعم وسادة الدهون في الظهر الأربطة والعضلات والأقراص الفقرية في تثبيت العمود الفقري ومع فقدان الوزن الكبير بعد الجراحة قد تصبح الوسادة الدهنية هشة وتفقد قدرتها على دعم ثبات العمود الفقري مما يسبب زيادة الحركة حول العمود الفقري ومع تقدم العمر قد تبدأ النتوءات العظيمة بالظهور وقد تتعرض الأقراص الفقرية للجفاف وتصبح حوافها الخارجية الليفية ضعيفة بسبب ضعف الوسادة الدهنية حول المنطقة.
٣- يساهم فقدان الوزن بعد عمليات الجراحة من تخفيف العبء عن عضلات الظهر إلا أن عضلات الظهر كانت تتعرض لضغط شديد لفترة طويلة من الزمن قبل فقدان الوزن فإنها تظل تحت تأثير التوتر والشد حتى بعد العملية.
٤- يؤدي انخفاض وزن الجسم إلى انخفاض الضغط الداخلي للبطن تباعاً مما يخلق حاله من عدم التوازن في العمود الفقري فيضع حمل غير متناسب على الفقرات والأقراص الفقرية فيساهم في ظهور التحدب والإنحناء الأمامي لأعلى الظهر وبالتالي فإن الخلل في تحميل الوزن على العمود الفقري بشكل متوازن قد يؤدي لآلام أسفل الظهر وحدوث مشاكل الإنزلاق الغضروفي واعتلالات الجذور العصبية بنهاية الأمر.
٥- يشعر الأشخاص بعد انخفاض الوزن بالخفة فتبدأ تختلف طبيعة الحياة اليومية لديهم لتصبح أكثر نشاطاً وهذا المستوى من النشاط والحركة المفاجئة قد يضع عبئاً على الجسم لأنه يحتاج لفترة للتكيف مع هذه الفترة الإنتقالية مع مستويات النشاط الجديدة.
٦- يساهم نقص مستوى ڤيتامين د والكالسيوم في الدم إلى محاولة الجسم لتعويض نقص الكالسيوم عن طريق إعادة تعبئته من العظام لإرجاع توازنه في الجسم ولكن نقص مستويات الكالسيوم في العظام قد تؤدي إلى الهشاشة مع ظهور الآلام العضلية الهيكلية المصاحبه لها مثل آلام الظهر.
٧- يلعب فقدان الوزن بعد الجراحة في تغيير مركز ثقل الجسم فتبدأ ميكانيكية العمود الفقري بالتغير وفقدان بعض خواصها المتكيفة عليها مما يسبب آلام الظهر.
ووفقاً لكل الأسباب المحتملة لآلام الظهر بعد جراحة انقاص الوزن التي ذكرناها سابقاً سيتبادر للذهن عدة أسئلة، كيف يمكننا التغلب على هذه الآلام وهل من الممكن التخلص من هذه المشاكل أم لا؟!
فمن الأمور المهمة التي يجب وضعها بعين الإعتبار عند إتخاذ قرار الجراحة بأنه لابد من التأهيل المسبق للجهاز العضلي الهيكلي بإتباع برنامج تمارين تأهيلي ينقسم إلى جزئين: متابعة ماقبل الجراحة ومتابعة مابعد الجراحة تحت إشراف أحد المختصين.
؛؛فمن المهم معرفة أن أغلب مايفقده الأشخاص بعد جراحة إنقاص الوزن هي الدهون الزائدة والأنسجة الدهنية والعضلية؛؛
علاوة على ذلك إن الوزن الزائد يساهم في بناء عضلات ضعيفة وعند البدأ بفقدان الوزن تبدأ بفقدان الكتلة العضلية تباعاً وقد تظل العضلات بشكلها الهزيل وظائفياً ، وبالتالي فإن البدأ بممارسة الرياضة وزيادة مستوى النشاط البدني بالتدريج بعد الجراحة بفترة بعد مناقشة الطبيب في ذلك هو أحد الخيارات المهمة تضمينها في المراحل الأولى من رحلة الإستشفاء.
وإستناداً لدراسة الباحث “تلوي” من قبل المعهد الوطني للصحة فإن الأشخاص الذين خضعوا لبرنامج تمارين تأهيلي بعد جراحة السمنة قد انخفضت لديهم كتلة الجسم بمعدل ٤.٢ ٪ أكثر من الأشخاص اللذين لم يخضعوا لذلك.
وعلى هذا الضوء فإن مشاكل وآلام العمود الفقري بعد عمليات إنقاص الوزن هي حقيقة وأمر وارد لدى البعض فعند الشعور بذلك فلابد من مراجعة الطبيب المختص أو أخصائي العلاج الطبيعي وعدم إهمال تلك الأعراض.
*أخصائي أول عظام في العلاج الفيزيائي