مصدر الصورة: technopixel.org

دخان السجائر يقتل خلايا العين – ترجمة عدنان أحمد الحاجي

Cigarette Smoke Kills Eye Cells
(بقلم: نيك أوجاسا – Nikk Ogasa)

كشفت دراسة جديدة كيف أن تبغ السجائر التقليدية أو التبغ المسخن يقتل خلايا القرنية

في معظم الدول ، عبوات (باكيتات) السجائر عليها صور أو نصوص تحذر المدخنين من المخاطر المرتفعة للإصابة بنوبات قلبية وسرطان (1) ومضاعفات حمل مصاحبة للتدخين (2). العديد من هذه المخاطر لها علاقة بإدخال (باستنشاق) دخان التبغ (السجائر) عن طريق الفم. ولكن ما لم يُسلط عليه الضوء كثيرًا هو تأثير التدخين على سطح العين.

قُرن تدخين التبغ بالتنكس البقعي المرتبط بالتقدم في العمر والغلوكوما / الماء الأزرق (3) وإعتام عدسة العين / الماء الأبيض (4) – وهي بعض الأسباب الرئيسة للعمى وفقدان البصر الحاد (5) في جميع أنحاء العالم (6). لكن هذه المصائب تحدث في المناطق الداخلية للعين: الشبكية والعصب البصري والعدسة على التوالي. اكتشف الباحثون الآن كيف أن دخان السجائر والهباء الجوي (الأيروسول aerosols، انظر 7) من أجهزة تسخين التبغ – التي تسخن أوراق التبغ على درجة حرارة منخفضة بدلاً من أن تحرقها (8) أو تبخر منتجات التبغ السائلة – يقتل أيضًا الخلايا في طبقة العين الأكثر بروزًا: وهي القرنية.

جهاز تسخين التبغ
التباكو السائل

“تعتبر القرنية السطح الخارجي الأبرز للعين الذي يتعرض لعوامل بيئية كالمواد الكيميائية والضوء والعدوى” ، كما يقول واتارو أوتسو (Wataru Otsu) ، الباحث في الطب الحيوي من جامعة غيفو للمستحضرات الصيدلانية (Gifu Pharmaceutical) في اليابان. يتضاعف احتمال إصابة مدخني التبغ بمتلازمة جفاف العين مقارنة بغير المدخنين ، والتي تبدو في صورة سطح عين أحمر جاف ومثير للحكة والذي يمكن أن يؤدي إلى ضعف البصر أو التهاب أو تقرحات القرنية. ويضيف أوتسو إن فهم كيف تؤثر السجائر وأجهزة تسخين التبغ ، التي تحرق أو تبعث الهباء الجوي (الأيرسول) على مسافة لا تتعدى بضع سنتيمترات فقط، في أنسجة العين الأكثر بروزًا يمكن أن تساعد الباحثين على تطوير حماية أفضل ضد تلف العين.

تقرحات القرنية

في عام 2006 ، أظهر مسح سريري تردِّي الطبقة (الغشاء) المسيِّلة للدموع التي تغطي وتحمي سطح القرنية لدى المدخنين (9). وأثبتت التجارب التي أجريت على الفئران أن التعرض لدخان السجائر يضر بقرنيات هذه الفئران والغدد المسيلة للدموع.

في الدراسة الجديدة، التي نُشرت على الإنترنت في سبتمبر 2021 في مجلة التقارير العلمية (10) ، أفاد أوتسو وزملاؤه أن المركبات الموجودة في دخان السجائر تسبب تراكم الحديد الذي يقتل الخلايا في الطبقة الخارجية الحساسة من أنسجة القرنية التي تسمى ظهارة القرنية. علاوة على ذلك، وجد الباحثون أنه حتى بدون اندفاع الدخان على وجه التحديد إلى داخل العين، فقد تتعرض القرنية إلى ضرر: موت الخلايا الناجم عن الحديد يحدث حتى عندما تتعرض الخلايا لأنواع أخرى من منتجات التبغ (11).

عرَّض الباحثون مستنبتات المختبر (lab-grown cultures) من خلايا ظهارة القرنية البشرية لمستخلص دخان السجائر – وهو محلول يحتوي على معظم المكونات التي يستنشقها مدخنو السجائر.

طريقة استخلاص دخان السجائر

أُنتج هذا المستخلص عن طريق بقبقة (bubbling) دخان السجائر (تمريره) من خلال المحلول، وهي الطريقة التي غالبًا ما تستخدم في الدراسات قبل السريرية كمقياس للدخان نفسه (12). اختبر الباحثون أيضًا ما إذا كانت أجهزة تسخين التبغ ، والمعروفة باسم السجائر غير المحترقة أو أجهزة الحرارة غير المحرقة ، قد أثرت في خلايا القرنية بطريقة مماثلة.  هذه الأجهزة تسخن أوراق التبغ وتنتج رذاذًا دون أن تحرقها.

“يستخدم الكثير من الناس أجهزة تسخين التبغ الجديدة هذه كبديل للسجائر، لكننا لا نعرف الكثير عن كيف تؤثر هذه الأجهزة الجديدة في صحة الإنسان”، كما يقول أوتسو: . اتضح الآن أن تدخين التبغ أو تسخينه لا يزال بإمكانه أن يتلف خلايا العين الخارجية حتى عندما لا يحتوي المنتج المستخدم على القطران أو النيكوتين. وقال أيضًا أن قرنيات غير المدخنين قد تتأثر أيضًا بالتدخين السلبي إذا تعرضت له باستمرار. لم يختبر الباحثون بعد تأثير السجائر الاكترونية (vaping) في الخلايا.

وجد أوتسو وزملاؤه أنه بعد 24 ساعة من التعرض للدخان ، مات عدد أكبر من الخلايا في المستنبتات المخبرية التي تعرضت لمستخلص دخان السجائر وأيروسولات التبغ المسخن – بما فيها تلك التي لا تحتوي على النيكوتين – مقارنة بالخلايا التي لم تتعرض للدخان أو التبغ المسخن.

نظرة فاحصة كشفت عن دليل يدل على تلف أغشية الخلايا وعن تكتلات حديد وكمية وافرة من الفيريتين التالف: وهو مركب بروتيني يخزن الحديد اللازم للعملية الخلوية، مثل تخليق وانقسام الحمض النووي. لو أخذت هذه العلامات مجتمعة ، فهي تفيد بأن تعريض خلايا القرنية لمنتجات التبغ قد تتسبب في شكل من أشكال موت الخلايا المبرمج الناجم عن الحديد يسمى الاستماتة الحديدية (ferroptosis) (انظر 13).

“العملية تبدأ عندما تتلامس مركبات منتجات التبغ مع خلايا القرنية، مما يؤدي إلى تحلل مادة الفيريتين داخل الخلايا وإطلاق الحديد المخزن” ، كما يشرح أوتسو.  يتكتل بعض هذا الحديد معًا ويتفاعل مع بيروكسيد الهيدروجين الموجود بشكل طبيعي لإنتاج جذور الهيدروكسيل (·OH) – وهي جزيئات شديدة التفاعل تستطيع أن تلحق الضرر بالخلايا. عادةً ما تستطيع أنظمة إصلاح الخلايا التعامل مع هذه الجذور الكيميائية، ولكن عندما يتراكم الكثير منها، فإنها تتلف الدهون في أغشية الخلايا، مما يؤدي إلى موت الخلايا.

وجد أوتسو وزملاؤه أنه عندما أضافوا مواد كيميائية تربط (bind) الحديد بمركبات التبغ والمعروفة بأنها تمنع الاستماتة الحديدية (ferroptosis) في استنباتاتهم في المختبر، نجى (لم يتأثر) الكثير من الخلايا بعد تعرضها لمنتجات التبغ المختلفة، مما يوحي بتورط الاستماتة الحديدية باعتبارها القاتل للخلايا. تشير النتائج إلى أن علاجات الاستماتة الحديدية يمكن أن تساعد المدخنين الذين يعانون من تلف القرنية.

نظرًا لأن الدراسة تضمنت استنبات الخلايا بدلاً من مقل العيون البشرية الحية، فإن الباحثين غير قادرين بعد على تحديد مدى سرعة تلف قرنية العين الناجم عن تدخين السجائر أو منتجات التبغ المسخنة أو مدى فعالية مثبطات الاستماتة الحديدية في علاج أمراض القرنية المرتبطة بالتدخين. يقول أوتسو إن الخطوات التالية ستشمل إجراء تجارب على الحيوانات واختبار تأثير منتجات السجائر الإلكترونية في خلايا القرنية.

“النتائج كانت مؤثرة بالفعل”، كما قالت ديليك ألتينورز (Dilek Altinörs)، طبيبة العيون في جامعة باشكنت (Başkent) في تركيا، والتي لم تشارك في الدراسة. إذا أدى التعرض للدخان إلى تحلل الدهون في خلايا ظهارة القرنية، فإن الطبقة / الغشاء المسيلة للدموع التي تغطي القرنية قد تعاني بشكل مشابه من هذه المشكلة، كما تتكهن. الدهون في هذا الغشاء تمنع جفاف العين، والمدخنون معروفون بالفعل أنهم أكثر عرضة لتلف الأغشية المسيلة للدموع ومتلازمة العين الجافة. لكن الباحثين لم يحققوا بعد في الإصابة بالاستماتة الحديدية كسبب محتمل.

أعراض جفاف العين

هذه الدراسة تحفز البحث في فاعلية استخدام القطرات المسيلة للدموع التي تحتوي على مركبات مثبطة للإستماتة الحديدية لمساعدة المدخنين على الراحة من الألم على المدى الطويل وحماية من أمراض العين الجافة، وهي حالة مزعجة علي الدوام – وخطيرة في بعض الأحيان – كما تقول ألتينورز. ربما يمكننا وضع هذه المواد في مسيل دموع اصطناعي. فهي تفتح طريقًا جديدًا تمامًا لايجاد علاج مرض جفاف العين”.

مصادر من داخل وخارج النص: 
1- https://blogs.scientificamerican.com/observations/third-hand-smoke-contains-carcinogens-too-study-says/
2- https://www.scientificamerican.com/article/effects-of-smoking-may-be/
3-  https://www.hindawi.com/journals/joph/2013/895147/#results-and-discussion
4- https://jamanetwork.com/journals/jamaophthalmology/fullarticle/1795194
5- “”فقدان البصر الحاد ( Acute visual loss)، هو فقدان سريع للمقدرة على الإبصار. عادة يتسبب بهذا أربع حالات: انفصال الشبكية، ارتفاع ضغط العين، تنكس بقعي و التهاب الشريان ذو الخلايا العملاقة“، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/فقدان_البصر_الحاد
6- https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/25104599/
7- https://ar.wikipedia.org/wiki/هباء_جوي
8- https://en.wikipedia.org/wiki/Heated_tobacco_product
9- https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/16765668/
10- https://www.nature.com/articles/s41598-021-97956-3
11- https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S0891584911006009?via%3Dihub
12- https://www.scientificamerican.com/article/treating-a-deadly-lung-disease-with-a-little-help-from-amoebas/
13- “تعتبر الاستماتة الحديدية نوعًا من أنواع موت الخلية المبرمج الذي يعتمد على الحديد ويتميز بتراكم بيروكسيدات الدهون، وهو متميز جينيًا وبيوكيميائيًا عن الأشكال الأخرى لموت الخلايا المبرمج مثل الاستماتة الاعتيادية.  تبدأ الاستماتة الحديدية نتيجة لفشل الدفاعات المضادة للأكسدة المعتمدة على الجلوتاثيون، ما يؤدي إلى أكسدة الدهون دون توقف وموت الخلايا في نهاية المطاف. يمكن أن تمنع مضادات الأكسدة الدهنية والمخالب الحديدية من الاستماتة الحديدية للخلايا”، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/استماتة_حديدية

المصدر الرئيس:
https://www.scientificamerican.com/article/cigarette-smoke-kills-eye-cells/

الأستاذ عدنان أحمد الحاجي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *