آفاق الإنتقال الى الطاقة النظيفة والبعد الإنساني – ترجمة حسن المرهون

القى “المهندس سعيد المبارك*“ محاضرة قيمة في المؤتمر التقني السنوي لجمعية مهندسي البترول والذي أقيم بين 21 و 23 من سبتمبر الماضي 2021م ، وقد حضره رئيس جمعية البترول الجديد ، وكان الإجتماع عبر الفضاء الإفتراضي.

إختار “المهندس سعيد المبارك” في نقاشه موضوعا يتطرق الى التحولات الجديدة خاصة في مجال الطاقة وكيف للجيل الجديد أن يتهيأ للقادم ، كان على المحاضرين في هذا النوع من الطرح أن يتحدثوا عن رحلتهم الخاصة وينتقلوا من خلالها الى مواضيع مختلفة… “المهندس المبارك” تطرق الى رحلته العلمية من بعد تخرجه من الجامعة وحتى الآن مع مرور سريع على الإنجازات التي حققها…. ثم تطرق الى طرق الإنتقال الى الطاقة النظيفة مركزا على البعد الإنساني لتطوير الكفاءات…

ملخص لما جاء في المحاضرة:

1. بدأ المهندس المبارك محاضرته بعرض تطور المجتمع الإنساني من الصيد قبل آلاف السنين الى الزراعة ثم الصناعة بعدها الى بناء المعرفة وصولا الى عصرنا الحاضر عصر الذكاء الإصطناعي.
2. أما في وقتنا الحاضر وباستخدام التقنيات الذكية تمكن الإنسان من التواصل والوصول الى كل بقعة في العالم بسهولة ، وهذا ساعد على تنامي التفكير الجمعي.
3. وقال أن مفاهيم التطور والتحول والإنتقال التي مرت بها الإنسانية خاصة الحديثة منها تم التعبير عنها أحيانا بالثورات الصناعية وأحيانا بالتطور الطبيعي لتراكم الخبرات ، ومهما كانت المسميات فهناك حاجة ماسة الى تنظيم هذا التطور لخدمة المجتمعات الإنسانية.
4. تحدث المهندس المبارك عن رحلته الخاصة ، والذي بدأها من تخرجه من الثانوية عام 1987م حيث كان يرغب أن يكون طبيب أسنان لكنه التحق بجامعة البترول والمعادن وتخرج مهندسا كيميائيا في عام 1992م ، وعمل بعد تخرجه كمهندس بترول في مختلف مجالاتها ، بعدها قرر أن يواصل دراسته العليا وهو على رأس العمل في مجال هندسة البترول وحصل على شهادة الماجستير في هندسة البترول عام 2010م. ولكنه في الأخير استهواه مجال الذكاء الإصطناعي خاصة بعد أن عمل في مشروع حقول النفط الذكية من بداية إنشائه في شركة ارامكو السعودية.
5. كما تحدث عن إنجازاته خلال حياته العملية بأنها ليست خارقة والكثير من الحضور قد حقق مثل هذه الإنجازات وربما أكثر ، وكلها في مجال هندسة البترول بصفة عامة والطاقة بصفة خاصة والذكاء الإصطناعي بصفة أخص ، لكن هناك إنجاز يفتخر به المهندس المبارك خارج عن سياق الهندسة ومجال العمل وهو كتابه المعنون بعنوان: “أي نسخة من التاريخ ليست إلاّ رواية” – هذا الكتاب يدعو الى التفكير و التأمل.

   

6. من الحياة نتعلم الدروس وأهمها أننا نعمل ونواصل العمل ولو كان قليلا ، أن لا نعمل تكون النتيجة صفر ، لكن أن نعمل نستطيع أن نقدم شيئا ولو مشاركة الآخرين بالأفكار.
7. ينبغي علينا أن لا نترك الدنيا بمعلومة لم نشارك بها أحد ، واستشهد بالمثل العربي المشهور:  زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكلون.
8. كل شيء في الحياة يحتاج الى تطور وانتقال من حال الى حال مع مرور الزمن فهندسة البترول يجب أن تتطور وتسابق الزمن ، شأنها شأن كل المجالات الأخرى في هذه الحياة.  الحركة والتغيير عاملان مهمان لتغيير المستقبل ، فحتى طريقة السؤال اذا ما تغيرت صياغته تغيرت الإجابة عليه وقد تتغير النتائج وتنقلب بإضافة بسيطة ، واستشهد المحاضر بمثال قريب الى “البطن” قائلا بأن استخدام نفس مواد الطبخ في طبخة معينة لا يعطي نفس المذاق في كل مرة.
9. وذكر المهندس المبارك بعض النصائح كي نستطيع تحقيق التطور والتحول الى الأفضل: مثل معرفة الأهداف – تحديد الخطط – معرفة القدرات والحدود – عمل خطة قصيرة المدى وأخرى مستقبلية قابلة للتعديل – وأخيرا علينا أن نفهم أنه لا يوجد مقاس يصلح للجميع.
10. وتطرق الى مقومات التمكين للإنتقال من حال الى حال أفضل وأي من هذه المقومات أكثر تأثيرا: فقال أن الإهتمام بالإنسان تأتي في المقام الأول – ثم التفكير بآليات وطرق عمليات التحسين – ثم خلق بيئة عمل مريحة – وأخيرا استخدام التقنية.
11. وقال العالم في وقتنا الحاضر أصبح بدون حدود ولا توجد حواجز ، الفضاء السيبراني مفتوح على مصراعيه وقراصنة الشبكة العنكبوتية يصلون اليك اين ما كنت من حيث تعلم ومن حيث لا تعلم – التعليم أصبح في متناول اليد على الشاشة وفي أي وقت – كذلك المناخ والصحة – الإقتصاد والطاقة ، كل مفاصل الحياة متشابكة مع بعضها البعض وإذا ما تأثر إحداها تأثر الباقي تباعا.
12. بعدها عرض المهندس المبارك عدة خرائط كالتالي: الأولى خارطة العالم في الليل وكيف أن بعض الدول مضيئة كاليابان وأوروبا وأمريكا والهند والشرق الأوسط ، أما باقي العالم فهو مظلم ، وهذا يدل على أن توزيع الطاقة في العالم تعتمد على القوة والقدرة على بناء البنى التحتية. الخارطة الثانية: خارطة توزيع الثروات الطبيعية في العالم ، ويلاحظ كيف أن الدول الأكثر ثروات طبيعية هي الأقل إضائة ليلا على الخريطة الأولى، وهذا أمر يجب أن لا يحدث. الخارطة الثالثة: خارطة توزيع الثراء لكل فرد على مستوى دول العالم، وايضا نلاحظ هنا أن الدول الأكثر رخاء هي هذه الدول الأقل ثروات طبيعية وهي الأكثر إضاءة على الخارطة الأولى.
13. مؤكدا على أن كل تغيير لا يتحقق الا بدفع الثمن.
14.  وتطرق الى كيف أن الدول الفقيرة وذات الثروات الطبيعية يبيعون قطعة من الحديد بقيمة 5 دولارات ، واذا تم تصنيع حذوة فرس منها تكون قيمة الحذوة 12 دولارا ، لكن اذا تم تصنيع إبر خياطة منها يرتفع سعرها الى 3500 دولار ، أما اذا تم تصنيع زنبرك منها واستخدم في الساعات غالية الثمن فسعر نفس الحديدة يرتفع الى 300 ألف دولار. وقد أتى الفارق في هذه القيم من القدرة على تحويل المادة الخام الى اشياء أخرى بذكاء.
15. واخيرا تم عرض الخارطة الرابعة وفيها توزيع الإستثمار في التعليم وتطوير الإنسان في دول العالم ، مجددا نلاحظ أن الدول التي استثمرت في التعليم وتطوير الإنسان هي نفسها الدول المضيئة ليلا في الخارطة الأولى ، هذه الدول ليس من الضروري أن تمتلك ثروات طبيعية ، لكنها تمتلك البنية التحتية والأهم قرار بناء الإنسان.
16. وتحدث المحاضر عن أهمية تبادل المعرفة ، وأنها تُفضي الى مضاعفة المعرفة بين البشر وهي أهم من التبادل التجاري.
17. كما أكد على أن العالم بحاجة الى المزيد من الطاقة ، وهذه الطاقة يمكن الحصول عليها من مصادرها بطبيعة الحال ومن توظيف التقنية ومن المعرفة والخبرة والتعاون بين الدول والشعوب ، وهذا لا يحقق توفر الطاقة فحسب بل يوفر طاقة رخيصة ونظيفة ومستدامة ويضمن أن لا تتعدى البعد الإنساني في استخداماتها ،  وكي نصل الى هذا الهدف المنشود علينا أن نتوافق جميعا كبشر بأن الحاجة للطاقة تختلف من منطقة لأخرى وعلى الجميع أن يتفهم إحتياجات الاخر بعيدا عن الهيمنة والجشع.
18. واضاف أن الأساسيات لا يمكن الإستغناء عنها ، والعالم بحاجة للتواصل كي يتخذ القرار السليم من خلال جمع البيانات والتخطيط وعمل الدراسات واستخدام النظم الحديثة ومن بينها الذكاء الإصطناعي.
19. وقام المهندس المبارك بعرض فلم كرتوني قصير يتحدث عن خصال وصفات الأفراد المختلفة ، وأكد فيه أننا إذا أردنا التغيير فإننا بحاجة الى أفراد أصحاب رؤية وقوة يستطيعون التنسيق والتخطيط والإنجاز بعيدا عن المتشائمين , والمعطلين أصحاب الأعذار والذرائع. وهؤلاء المبدعين هم من يساعدون المجتمع للعبور من الحاضر الى المستقبل. ومن خلال هذا الفلم القصير يمكن أن نستلهم رسالة مفادها أن القيادة الشجاعة والذكية هي الأهم للتغيير يليها الثقافة والموهبة بعدها طرق وكيفية العمل وأخيرا استخدام التقنيات المتاحة.
20.  واختتم المهندس المبارك محاضرته بعرض صورة لفيل و 6 عميان يحاولون معرفة هذا الفيل وكل أعمى وصف الجزء من الفيل الذي تحسسه فالذي أمسك بذيل الفيل قال أنه حبل ومن أمسك بخرطومه قال أنه ثعبان وهكذا… ، وكانت هذه رسالته الأخيرة: “علينا فهم القصة كاملة ، وحتى نخدم نظام كوني نحتاج الى عين كونية”.

شاهد المحاضرة كاملة “للمهندس سعيد المبارك” (المدة= 34:49 دقيقة):

*المهندس سعيد المبارك – مهندس بترول ومستشار في الحقول الذكية و التحول الرقمي ورئيس قسم الطاقة الرقمية بجمعية مهندسي البترول العالمية ، فاز بجائزة جمعية مهندسي البترول للخدمة المتميزة. ألقى محاضرات كثيرة في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وجامعة الملك سعود بالرياض وفي محافل كثيرة أخرى. مؤلف كتاب “أي نسخة من التاريخ ليست إلاّ رواية”.