The Dyslexia Paradox
(جامعة بوسطن – Boston University)
الاختلافات في كيف يتكيف الدماغ مع المشاهد والأصوات يمكن أن تكون السبب الجذري لاضطراب القراءة
اللحظة التي يأخذها دماغك للتكيف مع صوت غير مألوف عند بداية أي حوار لحظة موجودة في الواقع. تدوم فقط لفترة ثانية أو ثانيتين ، ولكن في تلك الفترة الزمنية القصيرة، يقوم دماغك بتحريك قرص الراديو الخاص به ويضبط نغمة الصوت الفريدة والإيقاع واللهجة والصوائت (vowel sounds) [المترجم: وهي i,e,o,u,a وتقابلها بالعربي؛ الحركات الثلات: الفتحة والضمة والكسرة وحروف المد الثلاثة الألف والواو والياء] الخاصة بصوت جديد. بمجرد أن تكون متمكنًا ومستعدًا لذلك، يمكن أن يبدأ الحوار.
تسمى هذه العملية بالتكيف العصبي (1) السريع، وهي عملية تحدث باستمرار. الأصوات (sound) الجديدة والأصوات المنبعثة من حنجرة الانسان (voice) (الصوت البشري، انظر 2) والمشاهد والمشاعر والأذواق والروائح كل هذه تثير استجابة من قبل الدماغ. إنه أمر لا يحتاج الى بذل جهد لدرجة أننا نادرًا ما ندرك أنه يحدث.
ولكن وفقًا للدراسة الجديدة التي أجراها تايلر بيراتشيوني (Tyler Perrachione)، الأستاذ المساعد في كلية علوم الصحة وإعادة التأهيل بجامعة بوسطن: كلية سارجنت (Sargent)، وزملاؤه في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) ومستشفى ماساتشوستس العام ، فإن مشاكل التكيف العصبي (1) قد تكون السبب الأساس لعسر القراءة، عسر القراءة هو ضعف في القراءة يؤثر في ملايين الأمريكيين، بما في ذلك ما يقدر بواحد من كل خمسة إلى واحد من كل عشرين طالبًا من أطفال المدارس.
تجاربهم ، التي نُشرت في 21 ديسمبر 2016 ، في مجلة نيرون (Neuron) (انظر 3)، كانت أول من استخدم تصوير الدماغ لمقارنة التكيف العصبي في أدمغة الذين يعانون من عسر قراءة وأولئك الذين يقرؤون بشكل طبيعي. البحث مدعوم من قبل مؤسسة لورانس إليسون والمعاهد الوطنية للصحة والمؤسسة الوطنية للعلوم.
في التجربة الأولى للفريق، طُلب من المتطوعين الذين لا يعانون من عسر القراءة إقران كلمات منطوقة بصور معروضة على شاشة حين كان الباحثون يستخدمون التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) لتتبع نشاط أدمغتهم. جرب المتطوعون هذا الفحص بطريقتين مختلفتين. في إحدى الطرق، استمعوا إلى كلمات منطوقة بأصوات متنوعة. في الطريقة الثانية، سمعوا كل الكلمات كلها منطوقة بنفس الصوت. كما توقع الباحثون ، كشف التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي عن ارتفاع أولي في النشاط في شبكة اللغة في الدماغ في بداية كلا الفحصين. لكن خلال الفحص الأول ، استمر الدماغ في التسارع مع كل كلمة وصوت جديد. عندما بقي الصوت كما هو في الاختبار (الفحص) الثاني ، لم يكن على الدماغ أن يبذل ذلك الجهد. مما يعني أنه تكيف.
ولكن عندما خضع من يعانون من عُسر القراءة لنفس الفحوصات، لم يتوقف نشاطهم الدماغي أبدًا. كالراديو الذي لا يمكن أن يثبت عند تردد معين، هكذا هي حالة الدماغ الذي لا يتكيف مع الصوت المتسق وعليه أن يعالج الصوت في كل مرة كما لو كان يسمع صوتًا جديدًا للتو. الاختلاف كان أكثر وضوحًا في الأطفال الذين لديهم عسر قراءة بين سن السادسة والتاسعة، والذين كانوا يتعلمون القراءة فقط ؛ في تجربة مماثلة، لم تتكيف أدمغتهم على الإطلاق مع الكلمات المكررة.
تساءل بيراتشيوني (Perrachione) وزملاؤه عما إذا كان الخلل في التكيف خاصًا (فريدًا) بالكلمات المنطوقة، أو ما إذا كان من لديهم عُسر قراءة سيواجهون مشكلة في التكيف مع أنواع أخرى من المنبهات / المثيرات (stimuli) أيضًا. لذا فقد حاولوا أن يقوموا بإجراء مجموعة ثانية من التجارب، حيث عرضوا على المشاركين في التجربة سلسلة متكررة من كلمات أو صور أو وجوه، مرة أخرى باستخدام الرنين المغناطيسي الوظيفي للبحث عن انخفاض في نشاط الدماغ، وهو قرينة على التكيف العصبي. مرة أخرى ، وجدوا أن أدمغة الذين لديهم عسر قراءة لا تتكيف – أو لم تتكيف كذلك – كما في حالة أولئك الذين لا يعانون من عسر القراءة. يقول بيراتشيوني: “وجدنا أن بصمة [النشاط] هذه منتشرة أينما نظرنا”.
تشير النتائج إلى أن أدمغة من يعانون من عسر القراءة لابد أن تبذل جهدًا أكبر من أدمغة اولائك “الطبيعيين” لمعالجة المشاهد والأصوات الواردة اليهم، مما يتطلب جهدًا ذهنيًا إضافيًا حتى لأبسط المهام. “ما كان مفاجئًا بالنسبة لي هو حجم هذا الاختلاف، هذه ليست اختلافات طفيفة” ، كما يقول بيراتشيوني. يتوافق هذا الاكتشاف مع أبحاثه الأخرى (4) على دماغ من لديهم عسر قراءة، والذي وجد أن الذين لديهم عُسر القراءة يعانون أيضًا من الذاكرة العاملة الفونولوجبة (5، 6، 7). الجهد الذهني الإضافي قد لا يكون ملحوظًا في معظم الأوقات ، ولكن يبدو أن له تأثيرًا بارزًا بشكل فريد في القراءة.
النتائج يمكن أن تحل مفارقة حيرت باحثي عسر القراءة على مدى عقود. يقول جون غابرييلي (John Gabrieli) باحث في علم الأعصاب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، والمؤلف المشارك في الورقة التي تشرت في مجلة نيرون (Neuron) ، والمشرف على مشروع الدكتوراه لبيراتشيوني الذي ضمّن نتائج أبحاثه في الورقة. الإصابات التي تعرضت لها أجزاء معينة من الدماغ قد تؤدي إلى فقدان الأشخاص لمهارات معينة متمركزة في مناطق الدماغ تلك، مثل مهارات القدرة على الكلام. ولكن نظرًا لأن الدماغ لا يحتوي على مركز قراءة منفصل / متميز (discrete)، فمن الصعب أن نفهم كيف يمكن لاضطراب عسر القراءة أن يعيق القراءة وفقط يعيق القراءة.
هذا العمل البحثي الجديد يحل جزئيًا هذه المفارقة لأن التكيف العصبي السريع هو وظيفة “منخفضة المستوى” للدماغ ، والتي تعمل كوحدة بناء للوظائف المجردة “ذات المستويات العليا”. لكن هذا يفتح أحجية أخرى ، كما يقول غبرائيلي. “لماذا توجد مجالات أخرى يجيدها من يعانون من صعوبة القراءة؟”.
يعتقد الباحثون أن الإجابة تتعلق بالطريقة التي نتعلم بها القراءة. “تقريبًا ، لا يوجد شيء نتعلمه معقد كتعقيد القراءة”. ذلك لأن تعلم القراءة مرهق ذهنيًا. دماغ الإنسان لم ينشأ (يتطور evolve) ليقرأ – فقد أصبحت القراءة والكتابة (literacy) شائعة فقط في القرنين الماضيين – لذلك يجب على الدماغ أن يكيف المناطق التي تطورت لغايات [أخرى] مختلفة تمامًا. والحداثة التطورية (evolutionary newness) للقراءة قد تترك الدماغ بدون خطة احتياطية [خطة ب]. “القراءة عملية مرهقة بحيث لا يوجد مسار بديل ناجح يقوم بذلك”.
تُبين نتائج التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي أي أجزاء الدماغ تتعرض للإجهاد ولكنها لا تخبر الباحثين بالضبط لماذا لدى من يعانون من عُسر القراءة استجابة تكيفية مختلفة. في المستقبل، يأمل بيراتشيوني وزملاؤه في دراسة كيف تتغير الخلايا العصبية والناقلات العصبية أثناء التكيف العصبي. “العثور على شيء أساسي وصحيح في الدماغ كله يمنحنا فرصة أفضل للبدء بالبحث عن الروابط بين النماذج البيولوجية والنماذج النفسية”. قد تؤدي هذه الروابط في يوم من الأيام إلى طرق أفضل للتعرف على الأطفال الذين لديهم عُسر قراءة وعلاجهم.
مصادر من داخل وخارج النص:
1- “التكيف العصبي أو التلاؤم الحسي هو انخفاض تدريجي في قابلية استجابة الجهاز الحسي لمنبه مستمر بمرور الزمن. عادةً ما يُدرك هذا الانخفاض كتغير في المنبه. على سبيل المثال، عندما تستند اليد على طاولة، ينتقل الشعور بسطح الطاولة إلى الجلد على الفور. ومع ذلك، يتضاءل الإحساس بسطح الطاولة على الجلد لاحقًا وبشكل تدريجي حتى يصبح غير ملحوظ فعليًا. إذ تتوقف العصبونات الحسية التي تستجيب في البداية عن تحفيز استجابة؛ يُعد هذا مثالًا على التكيف العصبي..” ، مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:
https://ar.wikipedia.org/wiki/تكيف_عصبي
2- “الصوت كما نعرفه = صوت الصادر من الحبال الصوتية + رنين + نطق / تلفظ
تنتج “الكلمة المنطوقة” من ثلاثة مكونات لإصدار الصوت: الصوت الصادر من الحبال الصوتية والرنين والنطق / التلفظ. الصوت الصادر من الحبال الصوتية: يُطلق على الصوت الأساس الصادر عن اهتزاز الحبال الصوتية. يوصف هذا عادةً بأنه صوت “صاخب”. الرنين: يتم تضخيم الصوت الصادر من الحبال الصوتية وتعديله بواسطة رنانات المجرى الصوتي (الحلق وفضاء الفم والمسارب الأنفية). الرنانات تصدر صوت شخص مفهوم. النطق / التلفظ: تقوم أعضاء النطق (articulators) للمجرى الصوتي (اللسان والحنك الرخو والشفاه) بتعديل الصوت الصادر من الحبال الصوتية. تصدر اعضاء النطق كلمات مفهومة”، ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:
https://voicefoundation.org/health-science/voice-disorders/anatomy-physiology-of-voice-production/understanding-voice-production/
3- https://www.cell.com/neuron/fulltext/S0896-6273(16)30858-3
4- https://www.bu.edu/articles/2017/dyslexic-brain/
5- “الذاكرة العاملة الفونولوجية (phonological working memory) تشمل تخزين معلومات الصوت في مخزن ذاكرة مؤقت قصير الأمد. هذه المعلومات الصوتية متاحة بسهولة للتأثير فيها أثناء مهام الوعي الفونولوجي (4)”، ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:
https://www.asha.org/practice-portal/clinical-topics/written-language-disorders/phonological-processing/
6- “الوعي الفونولوجي المعروف أيضا بالقدرات الميتافونولوجية أي الكفاءات التي تسمح بإدراك وإنتاج وتمثيل اللغة الشفوية كوحدات متسلسلة مثل المقاطع والقوافي والفونيمات تعتبر كعامل أساسي في التقدم الأولي الذي يحرزه الطفل في القراءة وفي نفس الوقت وسيلة للوقاية من الإخفاق في تعلمها، كما يرى ستانوفيتش (6)، نقلناه من نص ورد على هذا العنوان: https://democraticac.de/?p=61551
7-https://journals.sagepub.com/doi/abs/10.1177/002221948802100404
8- https://ar.wikipedia.org/wiki/كلب_دلماسي
المصدر الرئس:
https://www.bu.edu/articles/2017/tyler-perrachione-dyslexia-paradox/