الأستاذ عادل عبد الله البشراوي

الطبيعة الحضارية لشبه الجزيرة ورمزية دلمون – عادل البشراوي*

أقام مجلس الزهراء بالدمام محاضرة بعنوان: الطبيعة الحضارية لشبه الجزيرة ورمزية دلمون للأستاذ عادل عبد الله البشراوي ، ولتسليط الضوء أكثر على ما جاء في المحاضرة وتبيان المقاصد الذي أرادها المحاضر ، أتحفنا الأستاذ عادل بهذه المقالة تحت عنوان:

ما الذي وددت قوله في المحاضرة قبل ليلتين؟

هناك مجموعة من الأسئلة التي تقصدتُ الإجابة عليها من خلال المحاضرة. وهي أسئلة أخال الغالبية تشاركني في أهمية التنويه بها ومحاولة وضع تصورات للإجابة عليها.

وهذه بعض العناوين التي حاولت التعاطي معها:
• ماهية دلمون، دورها التاريخي، مكانتها، ومستواها الحضاري.
• وكذلك باقي الكيانات الإستيطانية في شبه الجزيرة التي تزامنت معها.
• قيمة شبه الجزيرة حضاريا بدء من تاريخ قيام الحضارات الإنسانية قبل أقل من 6000 سنة انطلاقا من قراءتنا لمقومات وفرة الماء والكلأ اللازمين لدعم مستوى استيطاني راق.
• المساحات الزمنية التي يرجح أن شبه الجزيرة كانت تتوفر على أعلى مستوى من الرفاه الداعم لمقومات الحياة مقارنة بجغرافيا الجوار وبما فيها المناطق التي شهدت ولادة الحضارة وتحديدا مناطق الوديان النهرية.
• أسباب متغيرات المناخ التي أذنت بحلول حالة مناخية طاردة للإستيطان في شبه الجزيرة بحيث اكتفت حواضرها القليلة بعد هذا المتغير على مستوى وظيفي لتبادل تجارة البؤر الحضارية.

مدلولية دلمون وطبيعتها الحضارية

في المحاولة للتعريف بدلمون، وبعيدا عن الخوض في الحيثيات، حيث الغرض من هذا التعريف هو فقط توضيح دورها الحضاري، وليس في معالم الهوية والثقافة. وهذا يفيدني أيضا في توضيح رأيي الذي لطالما امتعظ مني البعض عند رفضي وصف دلمون بالحضارة. فما رأيته فيها سوى الدور الوظيفي لدلمون في التبادل التجاري بين وديان الأنهار الثلاثة، وهي وديان السند والنهرين والنيل. ونحن نتحدث الآن عن دلمون الموصوفة في الكتب، والتي تناولتها الأقلام منذ قراءة اسمها كمفردة مبهمة في الألواح والرقم المعثور عليها منتصف القرن التاسع عشر في أنقاض مكتبة آشور بانيبال التي حرقت في القرن السابع قبل الميلاد، وكذلك في مواقع أخرى متفرقة في الجزيرة الفراتية.

وحتى بعد قراءة المفردة “دلمون”، وذلك بالطبع بعد فك شفرة الكتابة المسمارية، لم يتم التنبه لكينونتها إلا بعد ملاحظة وجود إشارات حولها بأنها تشير إلى منطقة جغرافية. أي أن تعرفنا لمسمى دلمون هو حديث نسبيا، فلن نجد لها ذكر في كتب التاريخ العتيدة كابن الأثير والمسعودي وغيرها. وهو اسم تعلمناه فقط من خلال البعثات الإستكشافية التي تقاطرت على المنطقة منذ عقود القرن الماضي الأولى، ولاحقا في نتاجهم التوثيقي.

كما أن الوصف “دلمون” المعبر عنه وثائقيا، هو إشارة لحركة استيطان تضمنت مجموعة من الكيانات السياسية التي حكمت المنطقة في فترة لاحقة لقيام حضارات وادي النهرين وفي فترة استطالت لتغطي أغلب عصر البرونز، أي منذ 5000 سنة، وحتى ما قبل 3200 سنة، أي 1200 قبل الميلاد. مع وجود فترات ازدهار وتراجع بحسب الاستقرار السياسي والإقتصادي الذي عاشته حضارات الوديان النهرية التي هي قطعا تتأثر بها.

ما أقوله هو أن دلمون الموثقة والموصوفة هنا لم تتوفر على طبيعة استيطان تستحق بها مصطلح الحضارة، وذلك لأن هذا المصطلح يتطلب أن يكون الكيان الموصوف به يشتمل على نظام دولة وقوانين حرب واقتصاد وزراعة وري ومعارف وفنون ولغة وروحانية، وهذه كلها يجب أن تكون ذاتية النشأة والإنبعاث، وليس مستمدا من احتكاكها بكيانات حضارية استعارت منها المعارف والثقافات والروحانية.

“أي أنني أجادل في القول بأن الكيان الحضاري يجب أن يكون منبعا للوهج الحضاري الذي تكتسي مناطق الجوار من شعاعه أبجديات المعرفة والثقافة”،

وهذا التوصيف هو ما كان بارزا في حضارات الوديان النهرية، وخصوصا سومر التي لا نزال لليوم نراكم على أساس أنظمة العلوم والرياضيات والفلك والإقتصاد على أبجديات تناولتها عقول مفكري سومر قبل أكثر من 5000 سنة. يكفينا النظام الستيني الذي نعتمده في قياسات الزمن والهندسة مثالا واضحا لقيمة مصطلح الحضارة الذي أظهرته سومر.

أنا هنا أحاول فرض تصور يعتني بمبدأ السببية المتحكمة في بروز عناصر التمدن، والمعتمد على تظافر ظروف بيئية ومناخية واستقرار سياسي وتوافر دواعم لوجستية تسهم في بروز هذه العناصر. وهذا التصور يجب أن يجنبنا محاولة إعطاء أفضلية إثنية لشعب أو شعوب معينة على أخرى فقط لأنها حظيت بظروف ملائمة استغلتها لتخطو خطوات متقدمة عن باقي الشعوب. ففهمي لهذا الجانب يجعلني أرجح بأنه لو خير لشعوب انسان بوشمان، وهم الذين يعتبرون اليوم آخر شعوب العالم احتفاظا بطبيعة حياة الجمع والصيد القديمة جدا، ويقطنون مناطق متوزعة في جنوب إفريقيا. أقول إنه لو خير لهؤلاء أن يكونوا مكان السومريون في لحظة بنائهم للحضارة قبل أقل من 6000 سنة، لقاموا بها وأنجزوها بذات الأدوات المعرفية، ولأصبحنا اليوم نتذكرهم ونعزو لهم الفضل في الريادة والأسبقية.

والسببية كمبدأ هي التي أنطلق منها لأضع وصفا ملائما لحالة دلمون الحضارية والثقافية، من حيث إنني أراقب استفادتها من موقعها الجغرافي الذي جعل منها رابطا للتبادل التجاري بين البؤر الحضارية آنذاك. وكذلك فهو وسيلتي لتبرير تأثيرات التراجع الذي واجهته في الشطر الأخير من عصر البرونز. وذلك لحدوث متغيرين رئيسيين، الأول هو الزوال الغير مبرر لحضارة وادي السند. وهو الأمر الذي لا يزال لغزا يحاول العلماء إيجاد تفسيرات لحدوثه. أما المتغير الثاني، فهو تبدل نمط الاقتصاد من الاقتصاد النهري الزراعي نحو الإقتصاد البحري التجاري، الذي أذن بحركة انزياح في الثقل الحضاري من واديي النهرين والنيل، نحو شواطئ شرق المتوسط.

هذين المتغيرين في رأيي هما الذين أفقدا دلمون موقعها المحوري في حركة التجارة البينية، وجعلها تتوارى حضاريا، وإن مرحليا. والأمر ذاته بالنسبة لماجان في عمان التي لطالما تمتعت بذات الإمتيازات التي حظيت بها دلمون وفي نفس المرحلة الزمنية.

السببية أيضا هي التي سوف توجد لنا تبريرات لصعود القيمة الوظيفية لمواقع أخرى في شبه الجزيرة، وتحديدا في جنوبها وشرقها ابتداء من انطلاقة عصر الحديد قرابة الـ 1000 سنة قبل الميلاد. حيث إنها لعبت دورا حاسما في تزويد كيانات شرق المتوسط بتجارة المحيط الهندي. وهو نتيجة لما تحدثنا عنه من انتقال الثقل الحضاري من أراضي الوديان النهرية نحو شرق المتوسط. ولذلك فإننا سوف نرى قيام ممالك سبأ وحضرموت وقتبان وحمير، في الجنوب. وممالك لحيان ودادان والأنباط في الشمال، وكذلك معين وكندة فيما بينهما. وهي ممالك تعاقبت على حكم هذه المناطق ابتداء من انطلاق عصر الحديد، ولكنها واجهت هي أيضا التراجع مع انتهاء الفترة الهلنستية في القرن الثاني الميلادي، وذلك بعد فرض الرومان سيطرتهم على شرق المتوسط واستحداثهم طريقا بحريا لتبادل التجارة عبر البحر الأحمر، وهو ما قلل من أهمية أراضي غرب شبه الجزيرة.

أين تكمن قيمة شبه الجزيرة تاريخيا

أحاول القول بأنه مع موجة التصحر الأخيرة التي انطلقت منذ قرابة الستة آلاف سنة – كما سوف أبين – بدأت شبه الجزيرة في فقدان عناصر الوفرة بالمياه والأراضي الخصبة وحيوانات الصيد، ولذلك فقد اكتفت مساحاتها بعد هذا التاريخ بمستوى محدود من ظواهر الإستيطان، وجعل مناطق منها تقتصر على الطابع الوظيفي في كونها مساحات تتبادل من خلالها مناطق الوهج الحضاري بضائعها التجارية. ولكنه، وكما يبدو، وباستغلال مبدأ السببية الأنف الذكر، فإننا نلاحظ أن الأمور قبل حاجز الستة آلاف سنة كانت مختلفة. وأستخدم كلمة “حاجز” لأنها معبرة للمتغير المناخي والإجتماعي بكل ما تعني الكلمة.

فقبل هذا الحاجز الزمني كانت شبه الجزيرة تتمتع بمناخ مطير ناتج عن تمدد النطاق التي تشمله رياح المونسون الحاملة لأبخرة المحيط الهندي التي تقف في مداها الأقصى اليوم عند مناطق أقصى الجنوب من شبه الجزيرة، وهو واقعا ما يجعل من محافظة ظفار العمانية وبعض مناطق اليمن تتمتع بطابع صيفي مطير ومخضر. أما فيما قبل هذا الحاجز، فكان نطاق هذه الرياح ممتدا حتى شمال شبه الجزيرة كما أسلفنا.

ونحن هنا أبعد ما نكون عن التنظير، فالآثار التي يجري العثور عليها، ويتم توثيقها في متاحف دول الخليج والعراق، وفي الدوريات العلمية، تشير إلى ثراء ثقافي – لكي أبتعد عن الوصف بـ “حضاري” – بارز. فمناطق الساحل على الخليج وجنوب العراق تكشفت عن مواقع متعددة لما بات يعرف بثقافة العبيد. والإسم “عبيد” بضم العين منسوب لأول مواقع هذه الثقافة اكتشافا، وهو منطقة العبيد جنوب العراق. على أننا لا نستطيع اعتبار موقع جنوب العراق هو أقدمها، فقد يمثل امتدادها الشمالي الأعلى. وهذا رغم الآراء التي تقول بأن ثقافة العبيد قد تكون تمددت في فترات بقائها حتى وصلت رأس الجزيرة الفراتية وجنوب الأناضول.

المهم في هذه الآثار هو زمنها التي يعود في بعض المواقع الأثرية إلى ما قبل 9000 سنة. أي أننا نتحدث عن أكثر من 3000 آلاف سنة قبل قيام سومر. تميزت ثقافة العبيد بتطوير في تقنيات الزراعة والري، وبناء المستوطنات، والأهم في صناعة الفخار. وهو حقيقة المستوى الإستيطاني التي بلغته مناطق عديدة من الشرق الأدنى، ومناطق الشرق من شمال إفريقيا.

ولكننا سوف نلاحظ أن بعض هذه المواقع المنسوبة للعبيد، وتحديدا في موقع الصبية شمال دولة الكويت والموثق آركيولوجيا باسم (Bahra1) ضمن ورقة علمية نشرت حديثا في 2018، أن مستوى الآثار قد تميز بملامح تمدنية عالية القيمة من حيث تمثلها بإقامة صرح يرجح أنه بني لأغراض طقوسية روحية. وهذا يجعل منه أول معبد يقام في المنطقة من حيث إن عمره يصل إلى 7500 سنة. وهذا تاريخ يسبق أول معابد حضارة وادي النهرين بما لا يقل عن ألفي سنة. والنقاش المطروح هنا، هو كيف توفرت لبناة هذا المعبد القدرة على إقامته في فترات يتم إدراجها ضمن فترات النيوليثيك أو العصر الحجري الحديث. فهكذا بناء يتطلب قدرا من التخطيط المكاني (Spatial planning) لا تتوفر لنا بيانات أنه كان متاحا تلك الفترة. وذلك لأن صروحا معمارية بهذا الحجم تتطلب حشدا عمالي وتقنيات سبك للمعادن ومعارف هندسية تمكن البناة من إنجازها. فكيف تم ذلك والنحاس حينها وإن كان مكتشفا، ولكن البشر لم يتمكنوا إلا من طرقه وليس سبكه ليطوعوه ويعتمدوه في تقنيات صناعتهم لأدوات للبناء. وكذلك الأمر في الحشد العمالي الذي يتطلب هيكليات اجتماعية متطورة قد تصل إلى مستوى الكيان السياسي المشتمل على نظام الدولة. وهذا على أقل تقدير.

هذا الكشف الأخير الذي تمثل في الصبية شمال الكويت، يدعونا للتفكر في تلك الآثار العديدة والمغمورة تحت كثبان الرمال التي اجتاحت تضاريس المنطقة خلال الستة آلاف سنة السابقة. وكذلك تحت مياه حوض الخليج التي تتوفر لدينا بيانات مسطرة في أوراق علمية عديدة تقول بأنه طارئ حديث لا يزيد عمره عن الثمانية آلاف سنة. فهل تتكشف لنا في المستقبل القريب آثارا إما تحت كثبان الرمال، أو في قاع حوض الخليج، توفر لنا بيانات من شأنها فرض رواية تاريخية حديثة وبتصور جديد يسهل علينا فهم الظروف التي مهدت لبناة سومر من حيازة معارف وتقنيات كافية لإنجاز الحضارة التي تبدو لنا اليوم وكأنها طرأت فجأة ودون مقدمات.

وفي هذا المضمار، لا ننسى ذكر بعض العناصر الثقافية التي تم اكتشافها مؤخرا في المنطقة. كالتشكيلات الصخرية في منطقة العلا وحائل من شمال شرق الجزيرة. وخصوصا تلك التشكيلات التي باتت تسمى المستطيلات. أما عمر هذه الآثار فيفوق السبعة آلاف سنة. وكذلك ثقافة المقر في جنوب هضبة نجد التي تعود لعمر يفوق العشرة آلاف سنة، وتحتوي على آثار تشير بشكل لافت على تمكن أصحاب هذه الثقافة من ركوب الخيل، وهو أمر لا يزال التوثيق العالمي يعزو أول محاولاته لشعوب هضاب آسيا وتحديدا قبل خمسة آلاف سنة. أي أن الكشوف الأثرية التي أظهرتها ثقافة المقر ترجع ترويض الخيل إلى تاريخ أبكر مما هو موثق بخمسة آلاف أخرى.

رمزية دلمون

نقرأ في المحتوى الأسطوري السومري والأكدي إشارات متعلقة بدلمون في أنها الأرض الطاهرة والمضيئة حيث لا تفترس فيها الأسود ولا الذئاب ولا يعرف أحدا رمد العين وأوجاع الرأس والشيخوخة كما جاء في أسطورة إنكي وننخرساج. وكذلك تخبرنا ملحمة قلقامش مضامين قدسية لدلمون وأنها أرض الخلود. والأدبيات الرافدينية تتحدث عن تاريخ سابق مجيد لدلمون فما هي هذه الأصول الثقافية والتاريخ المجيد التي قد تتضمنها دلمون؟ وما هو هذا التعبير الضمني الساكن في المخيال الجمعي لشعوب وادي النهرين لحظة ارتقائهم لسدة تسيد العالم وانبثاق شعلة الوهج الحضاري الذي يفترض أن يكون كافيا لهم بالإعتزاز بكينونتهم الثقافية، دون أن يعيروا تمجيدهم وتقديسهم لأرض أخرى.

واسمحوا لي أن أخرج عن دائرة البيانات والتوثيق العلمي لأغوص معكم هنا في التنظير. فهذا الكم من الإشارات الأدبية التي أظهرتها أهم الأساطير والملاحم الرافدينية لابد وأن يكون لها خلفياتها الإعتبارية. فهل هو ناتج عن كون أراضي دلمون هي المنشأ وجهة الصدور لمجموعة من الشعوب التي تقاطرت بعد حدوث ظاهرة التصحر للنزوح نحو أراضي الشمال؟ أقول الشعوب وليس الشعب لأني أعي الخلفية التي تشكلت خلالها ديموغرافيا المنطقة التي شهدت حركات انتقال وهجرة مستمرة ومتدافعة من جغرافيات عديدة كالقوقاز وسهول آسيا وجبال زاغاروس، وتبادل تنقلي بين الشرق الأدنى وشمال إفريقيا وهضبة الأناضول، وغيرها من مناطق الجوار. وعلم الجينات الذي توسعت معارفه وأصبحت متاحة للجميع تشير إلى وجود تنوع جيني غزير في مكونات ديموغرافيا المنطقة. وأن هذه التحورات يعود أغلبها لمناطق الشمال.

“وأنا لا أنوي الغوص في هذا الجانب لكي أبقى في رمزية دلمون. فأقول أليس هذه الإشارات التي تزخر بها الأدبيات الرافدينية توحي بقيمة عالية لدلمون؟”

وأن هذه القيمة هي سابقة تاريخيا لتبقى كحالة أسطورية تتردد في وجدان شعوب حضارة وادي الرافدين، ليس لقرنين أو ثلاثة، بل لفترة تستمر منذ قيام سومر قبل أقل قليلا من ستة آلاف سنة، وحتى حادثة احتراق مكتبة آشور بانيبال قبل الميلاد بسبعة قرون. ونحن هنا نتحدث عن قرابة الثلاثة آلاف سنة من حكايا التمجيد والقداسة.

هذه الظاهرة الأسطورية لدلمون هي التي دعتني لاعتماد اسم “دلمون القديمة” كتعبير مجازي في وصف شبه الجزيرة قبل حاجز الستة آلاف سنة، وفي الفترة التي تحلت بها هذه الجغرافيا العتيدة بأهم دعائم الحياة الرغدة من توفر المسطحات المائية والحياة الفطرية الجاذبة للهجرات. وهي واقعا السبب في توفر هذه التحورات الجينية المتنوعة لديموغرافيا شعوب شبه الجزيرة.

والأهم، أنها دليل على أن جغرافيا شبه الجزيرة، وعلى عكس ما يحاول فرضه بعض المختصون من أنها ظلت تعاني التصحر خلال عشرات الآلاف من السنين. بل أن مساحاتها قد تحوي جذورا أولية لأهم بذور الثقافات التي انبثقت منها معارف الزراعة وبناء الحضارات.

من يظن أني أطلت في هذا التقرير، أقول إنني اختصرت الكثير والكثير لكي أجعله بهذا الإيجاز.

*باحث في علم الإنسان القديم ، له اهتمامات بدراسة الأحياء التطورية ومناخ الأرض القديم وتغير تشكيل القارات وحركات صفائح الأرض التكتونية والمتغيرات الكونية.

تعليق واحد

  1. السلام عليكم.. استكمال او دعم لما ذهب إليه باحثنا العزيز استاذ عادل. لدي بعض الصور التي تصب و تدعم ما أشرت له في محاضرتك. الصور لأماكن اوقفت عليها بنفسي. وهي من محيط مدينة حائل.في نطاق جغرافي لا يتجاوز قطره (150)كم. غرباً و جنوب شرق. هناك مواقع أخرى لم أستطع تصويرها. و اماكن لا يمكن تصويرها بشكل سهل. رغم أهميتها. لو كان هذا الموقع يدعم تنزيل الصور لعرضتها لكم. شبه الجزيرة او المملكة العربية السعودية. تزخر بالآثار . وربما تتفوق على غيرها مما هو مشهور. فقط بحاجة إلى اهتمام و بحث جاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *