تقريباً ٥٠٪ منا قد يستيقظ من النوم ويكون منتبهاً وهو لا زال حالماً . وقد يكون بمقدورنا حتى نتصرف فيه عن إرادة. الحلم الواعي (lucid – انظر التعريف في ١) ليس فقط تجربة حية لا تنسى للحالم، فهو أيضاً ذو أهمية كبيرة لعلماء الأعصاب وعلماء النفس. هذا لأنه يمثل شيئاً عظيماً وحالة هجينة (مختلطة) من الإستيقاظ الواعي والنوم والذي يمكن أن يقول لنا أشياء جديدة تماماً عن حياتنا الداخلية واللاوعي فينا.
العديد من الصدمات التي نعاني منها في حياتنا ونحن مستيقظون نعالجها في أحلامنا. وقد أدى ذلك ببعض الباحثين لأن يطرح سؤالاً جريئاً: هل يمكن أن يكون الحلم الواعي في يوم ما أن يقدم لنا وسيلة لعلاج الإضطرابات النفسية – مما يمكننا من مواجهة الخوف وتغيير السلوك في محيط آمن نسبي لأحلامنا؟ وحتى الآن، مثل هكذا تطبيق كعلاج نفسي لم يختبر نسبيا – ولكن قد أْستخدم لعلاج الكوابيس المتكررة، والتي غالبا ما ترتبط بالصدمة.
النوم و الحلم الواعي (lucid) يقوما بأداء عدد من الوظائف والتي تعتبر مهمة لصحتنا العاطفية . على سبيل المثال، خلال النوم الذي تجري فيه دورات متعاقبة لحركة العين السريعة (REM) (وهي المرحلة التي تحدث خلالها معظم الأحلام)، يُنظم المزاج خلال الليل وهذا “يعيد” مراكز الدماغ العاطفية إلى وضعها السابق (٢). على سبيل المثال، أظهرت الأبحاث أننا نميل إلى أن نصبح أكثر حساسية للوجوه التي تظهر تعبيرات غاضبة أو مخيفة كلما تقدم النهار ولكن فترة نوم ال REM يمكن ان تجعل هذا الاتجاه معكوساً (٣). ويعرف هذا النوع من النوم انه يساعدنا ايضاً على التوصل الى حلول خلاقة جديدة لقضايا الحياة أثناء الإستيقاظ (٤).
ومع ذلك، يمكن لهذه العمليات أن تصبح متعطلة أو منتقصة، على سبيل المثال : بعد أحداث مؤلمة في الحياة .عموماً، أكثر من ثلثي السكان يمرون بأحداث صادمة في حياتهم تؤدي في بعض الحالات إلى اضطرابات نفسية (ما بعد الصدمة). الكوابيس هي من بين تلك الأعراض الموهنة والأكثر شيوعا لهذه الحالة.
لكن الدراسات الحالية المنشورة تشير إلى أن الحلم الواعي (lucid) يمكن أن يوفر راحة فعالة من الكوابيس المزمنة (٥). واقترحت المزيد من التحريات المسيطر عليها (controlled) أيضا أن الحلم الواعي (lucid) ، إما كتقنية قائمة بذاتها أو كإضافة إلى مناهج نفسية أخرى ، يمكن تطبيقه بنجاح للحد من تواتر وشدة الكوابيس.
الحلم الواعي (lucid) كعلاج سلوكي؟
الصدمات والكوابيس الناتجة عنها هي سمة من سمات عدد من الإضطرابات النفسية الأخرى، بما في ذلك الإكتئاب والقلق أو الإضطرابات الشخصية، وحتى قصور الإنتباه وفَرَّط الحركة ADHD. في حين أننا كثيراً ما نفكر في الصدمات المؤلمة ككونها وفاة بعض الأحباء او حادث أو كارثة، فإن كثيراً من علماء النفس يقرون بأن أي تجربة تفوق قدرتنا على التعامل مع الأشياء يمكن أن تنتج أعراضاً تشبه أعراض اضطراب ما بعد الصدمة (٦). ونحن نميل إلى إبعاد هذه التجارب عنا. ومع ذلك، فقد أظهرت الأبحاث الأخيرة أن تجنبها أو كبتها لا يبدد المشاعر والأفكار غير المرغوب فيها. ولكنها تظهر على السطح مرة أخرى في وعينا (٧) – بما في ذلك في أحلامنا (٨). وعلى ذلك يمكن أن تخبرنا أحلامنا شيئا عن الصدمات التي كبتناها.
كما نعلم أن هناك علاقة تزامنية متبادلة بين أفكارنا وسلوكنا في حياة اليقظة وأولئك التي في أحلامنا – المعروفة باسم “فرضية الاستمرارية” “continuity hypothesis “(٩). لذا ، إذا كان الشخص يعاني من الخوف أو يميل إلى التصرف بلا حيلة في حياة اليقظة ، فمن الأرجح أن يفعل ذلك في أحلامه أيضًا.
وبهذه الطريقة ، يمكن للأحلام أن تؤدي إلى نظرة ثاقبة في كيف يمكن للمعتقدات أن تؤثر على ردود الفعل ، أو أن توفر معلومات قيمة للأطباء. وبالتالي كإستقراء ، إذا كان يمكن للشخص أن يصبح واعياً (lucid) ضمن المجال الآمن لأحلامه ، فإن هذه الأفكار يمكن أن تحصل مع وقوع الحلم. الجانب الأكثر أهمية في هذا هو أن الشخص يمكن أن يستجيب بالفعل في الحلم – ربما عن طريق معالجة مخاوفه من خلال تجربة سلوكيات جديدة. قد يكون هذا أصعب بكثير في الحياة الحقيقية ، لذلك يمكن للحلم الواعي أن يكون نقطة انطلاق قوية. السلوكيات المفصلة في الأحلام قد تبدأ بالترشح إلى حياة اليقظة من تلقاء نفسها.
التبصر في – والقدرة على التراجع عن الواقع الحالي – الواقع الإدراكي الحالي لشخص ما يُعرّف على أنه وعي ما وراء الإدراك – الميتا إدراكي (meta-cognitive) ، هذا الوعي الذي يساعد بعض الأشخاص الذين يعانون من الإكتئاب المتكرر على التحسن من خلال العلاج كالعلاج السلوكي المعرفي والتأمل الذهني (١٠) . تعتبر مناطق الدماغ التي تشارك في الإدراك الماورائي (الميتا إدراكي) من بين أكثر المناطق نشاطًا (١١) في الحلم الواعي (lucid) . وقد أظهرت دراسة (١٢) أن الأشخاص الذين لديهم حلم واعي (lucid) في كثير من الأحيان لديهم رؤىً أفضل خلال النهار. هذا يشير إلى أن مثل هذه الأحلام يمكن أن تساعدنا على رعاية الوعي الذاتي.
من حيث المبدأ ، قد يكون الحلم الواعي أداة قوية لتعزيز الرؤى (الأفكار) والتغير العاطفي ، حيث أن المرء يكتسب مدخلاً لوعي اللحظة بعد اللحظة إلى عمل العقل – بما في ذلك المشاعر المكبوتة. هذا قد يقدم طريقة للعمل مع مشاكل مثل الإدمان ، تماماً كما يمكن للتنويم المغناطيسي مقاربة إدمان النيكوتين عن طريق إيحاء قصد واع للعقل الباطن. هذا يمكن أن يساعد أيضا الناس على الخروج من العوائق النفسية والتنافر المعرفي ، وبالتالي الوصول إلى مستويات جديدة من الإنفتاح والنضج النفسي. على سبيل المثال ، غالباً ما يفيد حالمو الوعي عن حل رهاب حياة اليقظة، مثل الخوف من الطيران ، والحشرات ، والإرتفاعات ، والخطابة العامة وما إلى ذلك من خلال العمل ضمن السلامة النسبية للحلم.
مصادر من داخل وخارج النص:
١-https://ar.m.wikipedia.org/wiki/حلم_صاف
٢-https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC2890316/
٣-https://www.ncbi.nlm.nih.gov/m/pubmed/20421251/
٤-https://www.ncbi.nlm.nih.gov/m/pubmed/19506253/
٥-https://www.ncbi.nlm.nih.gov/m/pubmed/7558759/
٦-https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4316402/
٨-https://theconversation.com/could-we-one-day-heal-the-mind-by-taking-control-of-our-dreams-60886
٩-https://journals.ub.uni-heidelberg.de/index.php/IJoDR/article/view/9087
١٠- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/m/pubmed/11952186/
١١-https://www.ncbi.nlm.nih.gov/m/pubmed/25609624/
١٢- http://psycnet.apa.org/record/2014-25747-007
المصدر الرئيسي:
Could we one day heal the mind by taking control of our dream July 15, 2016 https://theconversation.com/could-we-one-day-heal-the-mind-by-taking-control-of-our-dreams-60886